أخبار عاجلة

ردًا على بيان الخارجية.. لــ 'سفير الكرامة'.. تنشر استقالة السفير يحيى نجم منذ 10 سنوات

كتب في : الأحد 01 مايو 2016 بقلم : منى مجاهد

أشار السفير السابق: لم نعد نستطيع مصافحة أعداءنا لدواع العمل وهم يذبحون إخواننا ويستبيحون بلادنا.. وأرفض أن أتحول لمنافق.
 
ونشرت صفحة "سفير الكرامة يحيى نجم" نص استقالته من منصب قائم بأعمال سفارة مصر في كاراكاس، والتي قال فيها إن "سياسة مصر ابتعدت عن ثوابتنا التاريخية والقومية والدينية والتقليدية بل وقد تتنافي او تتخاصم معها احيانا، وتقترب من مشاريع وسياسات غريبة عنا، حتي اصابنا اليأس والاحباط واحيانا الصدمة والذهول من بعض هذه المواقف، واصبح فهمها او استيعابها فضلا عن التعبير والدفاع عنها عبئا ضميريا ثقيلا ننوء بحمله، فمن ناحية لانريد التقصير في عملنا ومن ناحية اخري لانريد ان نخالف ايضا ضمائرنا ومعتقداتنا".
وكانت وزارة الخارجية، قد أصدرت بيانًا طالبت فيه وسائل الإعلام بتحري الدقة عند تداول وظائف أعضاء السلك الدبلوماسي المصري، ونفت أي علاقة تربطها بيحيى نجم، الذي قالت إنه ألقي القبض عليه، وتم توصيفه بأنه سفير بوزارة الخارجية، مشيرة إلى أنه استقال من العمل بوزارة الخارجية منذ عشر سنوات، وكان يشغل وقتها درجة سكرتير ثان، وليس له أي صلة أو علاقة بوزارة الخارجية منذ ذلك الوقت.
وإلى نص الاستقالة:
 
 
سفارة جمهورية مصر العربية؛ في كراكاس
السيد الوزير / احمد ابو الغيط، وزير الخارجية
تحية طيبة وبعد،،
اود اولا ان اشكر سيادتكم علي اللفتة الجميلة بارسال بطاقة المعايدة الرقيقة التي وجهتموها بمناسبة عيد الاضحي المبارك اعاده الله عليكم وعلي بلادنا العزيزة باليمن والتوفيق ولبركات.
واسمحوا لي ان اشير في رسالتي هذه الي رسائل السفارة بالسيتا ارقام 41 ـ 47 في الفترة من 18 ـ 21 الجاري.
واذ اعبر عن اسفي فاني ارجو من سيادتكم قبول استقالتي من العمل بوزارة الخارجية للاسباب التالية:
لقد تحولت سياسة مصر في السنوات او العقود الاخيرة ـ ومنذ منتصف السبعينات تقريبا ـ الي سياسة غريبة عنا تبتعد عن ثوابتنا التاريخية والقومية والدينية والتقليدية بل وقد تتنافي او تتخاصم معها احيانا، وتقترب من مشاريع وسياسات غريبة عنا، حتي اصابنا اليأس والاحباط واحيانا الصدمة والذهول من بعض هذه المواقف، واصبح فهمها او استيعابها فضلا عن التعبير والدفاع عنها عبئا ضميريا ثقيلا ننوء بحمله، فمن ناحية لانريد التقصير في عملنا ومن ناحية اخري لانريد ان نخالف ايضا ضمائرنا ومعتقداتنا واسوق بعض الامثلة علي ذلك من علاقات واتفاقات ثنائية ودولية مع اطراف اقليمية ودولية لاتعبر عن مصالح مصر الاصيلة وتشكل احيانا خضوعا لضغوط غير مبررة، مثل:
التوقيع علي تجديد اتفاقية حظر انتشار الاسلحة النووية مع استثناء ترسانات اخري، واتفاق الاستثناء من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية التي رفض التوقيع علي مثله دول صغيرة فقيرة اكثر قربا واحتياجا للولايات المتحدة مثل دول الكاريبي لكنها صمدت امام الضغوط وتمسكت بالمباديء بينما وافقت مصر صاحبة اعرق الحضارات عليه، ومؤتمرات بدءا من قمة شرم الشيخ لمكافحة العنف في نهاية التسعينات والذي تم تغيير عنوانه اكثر من مرة واختطافه ليتحول الي اداة لضرب مفهوم المقاومة الوطنية والفلسطينية علي وجه الخصوص، ومؤتمر شرم الشيخ الذي حضره قائد جيوش الغزاة الرئيس الامريكي في 2003م. ولم يمض شهرين علي اجتياح العراق ومازالت دماء الشهداء علي الارض رطبة طيبة ومازالت دموع الامهات الثكلي في العيون تحت حجة الحصول علي تنازلات واعادة ترتيب الاوضاع لكن هيهات من ذلك... ، وانتقاد للهرولة ونحن نمارسها، وصمت اشبه بالموات فيما يتعلق بما يجري في السودان وفي القرن الافريقي وفي جنوب لبنان والاراضي السورية المحتلة.
وجاء غزو العراق ليقصم صدق الموقف المصري ويصيبه في مقتل، من عجز وشلل عن التحرك لصياغة موقف فاعل وتضامني، مرورا بدفن رؤوسنا بالرمال قبل واثناء وبعد الاجتياح وصولا الي ادارة الظهر للمقاومة الوطنية العراقية بما في ذلك مؤتمر شرم الشيخ الاخير حول العراق في نوفمبر 2004م، والاستسلام للامر الواقع علي صعيد محافل الشرعية الدولية، حتي صار من ينشط في الدفاع عن العراق قبل وبعد الغزو دول من الشرق والغرب.
وكانت الطامة التصريح بان خروج القوات الاجنبية من العراق سيؤدي الي حرب اهلية ، واتساءل هنا لماذا اذن عقدنا اتفاقية الجلاء اذا كان الاحتلال بردا وسلاما ولماذا خضنا الحروب للدفاع عن ارضنا، ولماذا تحررت شعوب العالم من فييتنام الي الجزائر، السيد الوزير نحن لم نعش بداية كارثة فلسطين لكننا شهدنا تفاصيل كارثة العراق وكيف كان الخذلان والسلبية ومااشبه الليلة بالبارحة. السيد الوزير لم نعد نستطيع ان نصافح اعداءنا لدواعي العمل، في الوقت الذي يذبحون فيه اخواننا ويستبيحون بلادنا، لذا ارفض ان استمر في هذا العمل لكي لا اتحول الي منافق، وكان يمكنني الاستمرار في قبض راتبي وتخدير الضمير او قتله لكنني ارفض ان اكون طبيب اجهاض يتقاضي اجرا ليقتل ثوابت واحلام الامة والوطن، كما ارفض ان اقف صامتا وانا اري الأم تحتضر والسفينة تتجه الي الهاوية.
وعلي الصعيد الداخلي يتعرض الشعب المصري منذ سنوات كثيرة الي ازمة اقتصادية طاحنة كان لها بصمات مريرة من معاناة يومية علي مواطنينا وعلي بناء المجتمع، في كل مناحي الحياة من تعليم وصحة واجتماع... ، الا ان اشد هذه النتائج هو فقدان قطاعات عريضة من الشعب للامل والرغبة في الاستمرار والمقاومة، مما ادي لبروز الفساد والظواهر الاجتماعية السلبية، بفعل غياب الفكر والمشروع الوطني وفقدان القيم والثقة والتحول للفردية والانعزالية، بسبب سياسات مدروسة في مجال الاعلام والسياسة والامن لتفتيت التلاحم والمشاركة الجمعية الفاعلة وخلق خواء رهيب في عقول المواطنين.
وفي ظل اجواء التمديد وسلب الشعب حقه الطبيعي في انتخاب من يقوده ويمثله وخنق حرياته، وقصر هذا الحق علي مجموعة من المواطنين ـ ايا كانت ـ نعرف كيف جاءوا (عاني الشعب كثيرا من سيد قراره والنواب المطعون في شرعيتهم ونواب الكيف ونواب القروض حتي نواب التوكيلات)، هو امر لايقره شرع ولامنطق ولايليق بشعب علم العالم الحضارة.
السيد الوزير ان وزارة الخارجية هي مراّة ايضا لما يحدث في وطننا العزيز، وانعكس عليها عدد من مظاهر الفساد المالي والاداري تمثلت في عديد من القضايا اذكر منها (سفاراتنا في برن ـ هلسنكي ـ كيجالي ـ تصرفات سفير سابق في هراري ـ ادارة بنك المعلومات...) وهي قضايا لا اذكرها لغرض العد ولكن لأبين ان هناك خللا جسيما ليس في اختيار الاشخاص فقط بل في النظام نفسه، فهو نظام قديم يعطي الرئيس (السفير في هذا الحالة) سلطات مطلقة ـ خاصة في الخارج ـ يتحكم بها في مسار العمل والعاملين، بينما يخفف عنه المسؤولية الي اقصي حد فهو يشتري ويوقع غيره ويعطي الاوامر ويدفع غيره الثمن ويتمتع ويعاني غيره، وهو بذلك نظام يشجع علي الفساد والاستبداد، ولايستطيع احد ان ينكر ان قضية بدل السكن علي سبيل المثال هي مرض خبيث ينهش في بناء وزارة الخارجية في معظم ان لم يكن كل سفاراتنا في الخارج، بل تجاوزها الي كل هيئات التمثيل الخارجي بالدولة حتي سارت مرتعا للتجاوزات والاضرار بالمال العام.
وعلي سبيل المثال فقد عانيت شخصيا من مثل هؤلاء الاشخاص، فقد عملت مع سفير (تم نقله او طلب نقله من ثلاث بعثات سابقة) وتورط في قضية سفارتنا في برن التي تم فيها استباحة واختلاس مايقرب من 500 الف فرنك سويسري = اقل قليلا من 2,5 مليون جنيه مصري، وكان وقتها المشرف علي الشؤون المالية والادارية (بدرجة مستشار او وزير مفوض)، وتعرفون سيادتكم ان كل مستند مالي يوقع عليه كل من الملحق الاداري والدبلوماسي المشرف علي الشؤون المالية، ويعلم الجميع ان شخصا بمفرده لايمكنه ان يستبيح هذا المبلغ الكبير، وانا هنا لا ادين احدا فالامر متروك للقضاء الا اني اسوق بعض الشواهد، وبالرغم من ذلك فقد تم تعيينه سفيرا مرتين ليستكمل مسيرته في الافساد، والادهي والأمر ان يرقي سفيرا ممتازا لبلدنا العزيز، السيد الوزير ان حضور دبلوماسي شاب للعمل بدون ربطة العنق او رفعه لصوته كفيل بتعريضه للعقاب ومنعه من السفر، اما التورط في اختلاس 2,5 مليون جنيه فهو مدعاة للترقية!! واسوق لسيادتكم بعض الامثلة علي تجاوزاته ـ والتي اوضحتها تفصيليا بالادلة في كتب السفارة التي ذكرتها بعاليه ـ مثل:
الاضرار بالمال العام عمدا بتجاوزات بدل السكن حيث سمح لملحقين اداريين بالسفارة بتقاضي مبالغ كبيرة لعقود سكن وهمية لم يتم فحصها ـ والاسراف والتبذير في شراء سلع واجهزة غير ضرورية من اموال الدولة ـ وقيامه بتصميم جديد لعلم الدولة جعل اتجاه رأس النسر فيه الي جانب العلم وليس باتجاه اللون الاحمر شاهده ضيوف حفل العيد القومي لعامين متتاليين ـ والاعتذار عن حضور دعوات هامة مثل دعوة المعهد الدبلوماسي الفنزويلي ـ وتراجع حجم التبادل التجاري بين البلدين اثناء فترة عمله كما هو موضح برسالة السفارة بالسيتا رقم 220 في 7/12/2004م. ـ واعفائه الملحق الاداري من استلام وتصدير الحقيبة الدبلوماسية ـ وتبديده لبعض مهمات من عهدة الامن بالسفارة ـ وهناك امثلة يأسف المرء لذكرها مثل علاجه للكلب الموجود بدار السكن علي نفقة الدولة (كنا نظن ان علاج المشاهير والاثرياء علي نفقة الدولة هو اخر المطاف)... وغيرها من الامثلة كثير. وقد نـلت جزائي بسبب اعتراضـي علي هذه التصرفات فقد اعطاني مرتبـة كفء في اول عام لعملي معه ولاول مرة في تاريخي الوظيفي الذي كان دائما بدرجة امتياز منذ التحاقي بالعمل بوزارة الخارجية منذ 14 عاما، وحينما قدمت تظلمي من التقرير تم رفعه لدرجة الامتياز الا ان مجلس السلك ذكر في الحيثيات ان قراره جاء استجابة لرأي السيد السفير!!
اقصد من سردي هذا ايضاح ان النظام المعمول به حاليا يخلق ويشجع الفساد ويمكن الفاسدين من الاستمرار في مسلكهم، بل يساعدهم علي الاطاحة بكل من يقف في طريقهم او يعترضه، السيد الوزير ان مصر تقتل ابناءها والشرفاء منهم للاسف اولاً لهذا ولكل ماسبق ارجو من سيادتكم قبول استقالتي وانا علي استعداد للتعاون مع اي تحقيق جاد يتناول كل ماذكرته.
ونستعيرها ممن سبقنا من اجل مصر دخلنا الخارجية ومن اجل مصر نخرج منها.
ونعاهد الله ان نبقي ابناء مخلصين لها دوما.
القائم باعمال سفارة مصر في كاراكاس
سكرتير ثان / يحيي زكريا نجم

بداية الصفحة