حوادث

بعد قتل أم لأبنائها الثلاثة.. ما هي الدوافع وراء انتشار الجرائم الأسرية؟.. خبراء يجيبون

كتب في : الخميس 02 يونيو 2022 - 3:28 مساءً بقلم : أحمد العطار

شهد المجتمع المصري خلال الآونة الأخيرة جرائم أسرية، تمثلت في قتل الأزواج لزوجاتهم أو الزوجات لأزواجهن، قتل الآباء والأمهات لأبنائهم تعددت الأسباب والنتيجة واحدة وهي القتل.

آخرها جريمة قرية ميت تمامة التابعة لمركز منية النصر في محافظة الدقهلية بكل جرأة وقلب ميت قامت الأم بذبح أبنائها الثلاثة وترك رسالة لزوجها لتبرر بها فعل هذه الجريمة البشعة التي اهتزت لها الوجدان، ولم تكتفِ بهذا قط بل قامت بمحاولة انتحار ولكنها باءت بالفشل وهي الآن ترقد بالعناية المركز تحت حراسة مشددة.

وبتحليل هذه الحادثة نجد هناك حوادث أخرى مشابهة كان آخرهم مذبحة الصف حينما أقدم الأب على قتل زوجته وابنته، وحاول قتل ابنه، وشنق نفسه بعدها، وتبين من التحقيقات الأولية، أن الابن فر من أبيه قبل أن يقتله، وحاول الاستغاثة بالجيران، إلا أنه فشل في إحضار النجدة في الوقت المناسب.

«بوابة الأهرام» تستعرض آراء الخبراء والمختصين للوقوف وراء تلك الظاهرة.

أساليب ارتكاب الجريمة

في البداية، تقول الدكتورة سوسن فايد أستاذ علم النفس السياسي بمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، لـ" بوابة الأهرام": إن ما يلفت النظر في هذه الجرائم هو الأساليب البشعة في ارتكاب الجريمة والأقدام عليها، حيث نجد تنويعا في الطريقة.

أهم أسباب ارتكاب الجريمة

وتابعت: ويلفت النظر هنا الأساليب التي يتم بها ارتكاب الجريمة، ويرجع ذلك لعدة أسباب أهمها:

 1- المرض النفسي، وذلك نتيجة لضغوط الحياة، حيث إن هناك بعض الأمراض الكامنة، وتظهر عند ارتكابها.

2- انتشار الإدمان وتنوع أساليبه وأنواعه خاصة المخدرات المُخلقة والتي تجعل الشخص في حالة عصبية غير عادية من حيث التوتر والعصبية مما يدفعه إلى ارتكاب الجريمة دون أن يشعر، فضلا عن لو صادف أن هذا الشخص يعاني في الأساس من مرض نفسي مع تناوله لتلك المخدرات المُخلقة تكون النتيجة بشعة في أسلوب ارتكابها.

أزمة القيم

وأضافت: هناك حالات كثيرة عرضتها الميديا مما يترتب عليه تراكم في الوجدان أسلوب ارتكاب الجريمة، مؤكدة أننا نعاني في الواقع من أزمة القيم، حيث هناك تراجع واضح وملحوظ بشكل كبير في الأخلاقيات عن الماضي لذا هي بالفعل تحتاج إلى مواجهة ومعالجة، وهذا يرجع إلى تدني مستوى التعليم والثقافة، بالإضافة إلى أنه ليس هناك ترشيد للسلوك.

ولفتت، عند تفاعل هذه العوامل والرغبة في الانتقام إلى ارتكاب هذه الأفعال ببشاعة ثم يردد الفاعل "أنا مش عارف عملت كده إزاي".

ثقافة العلاج الطبي النفسي

وأردفت فايد، أننا نفتقر في مجتمعنا إلى ثقافة العلاج الطبي النفسي، واستيعاب أن الشخص الذي يعاني من بعض التصرفات غير السوية أنه يحتاج إلى الذهاب إلى طبيب نفسي والخوف لتصبح "وصمة عار" لذا نحتاج بالفعل لإلى تغيير تلك الثقافة من الأساس، مشددة على ضرورة مواجهة الإدمان وأضراره لما يتسبب في الخسارة البدنية والمادية، فضلا عن أن المدخل الثقافي حاكم أساسي في المعالجة، هذا بالإضافة إلى الدور الهام للمؤسسات الدينية لما لها من دور كبير بالردع والتوجيه من حيث رفع معدلات الأخلاق والقيم، كذلك دور الإعلام فلابد من أن تكون هناك سياسة مدروسة ومرشدة حتى لا تؤثر بالسلب على العامة في تقليدها تقليد أعمى للمتدنين ثقافيا وعلميا.

الاهتمام بالدراسات الإنسانية

ونوّهت من الضروري الاهتمام بالدراسات الإنسانية لأنها تضع بها توصيات وحلولا للظواهر السلبية والوقاية منها.


الدكتورة سوسن فايد

أسباب انتشار الجريمة الأسرية

ومن جانبه، يرى الدكتور علاء الغندور، استشاري التحليل والتأهيل النفسي والعلاج السلوكي، أن سبب انتشار الجريمة الأسرية الأساسي هو البعد عن الدين  والاعتقاد بأن الحياة هي الباقية فلا موت ولا عذاب قبر ولا عذاب النار،  وساهم في ذلك بشكل كبير الأعمال الدرامية التلفزيونية والسينمائية التي تشجع على الجريمة فمثلا في شهر رمضان الماضي كان هناك أحد المسلسلات بطلته تفننت في قتل ضحاياها  بطرق إبداعية دون أن يكتشفها القانون وكأنها دروس للمشاهدين كيف تقتلون؟

وهناك مشاهد في مسلسلات أخرى تمثل الجشع والطمع وكيف يفوز المجرم على الضحية ويظل المجرم منتصرًا طوال المسلسل عدا آخر 10 دقائق في الحلقة الأخيرة، مضيفًا هناك غياب لتأهيل النفسي والفكري والسلوكي للأمهات للقيام بالتربية التربوية للأولاد والبنات، فضلا عن مقارنة أفراد الأسرة مع الأغنياء من الناحية المادية فقط والشعور بالإحباط والدونية لفقرهم، كذلك انتشار ظاهرة الجشع والطمع والأنانية بين عدد غير قليل من أفراد المجتمع بكافة طوائفه المادية والثقافية والاجتماعية وانخفاض روح التعاون والمحبة والتسامح، أيضا ظهرت ظاهرة غريبة على المجتمع المصري عقب ثورة 25 يناير، حيث ظهرت البلطجة واغتصاب الحقوق من البلطجية، ثم انتشرت هذه الظاهرة لبعض أفراد المجتمع الذين أخذوا يقلدون ما يفعله الأشرار وساعد على ذلك طول الإجراءات القضائية للحصول على الحق.

كلها عدة أمور ساعدت على التفكك الأسري والأنانية وحب الذات، ونشأ من بعدها أجيال جديدة تم تضليلها من جهات معادية لمصر لتشويه فكر وسلوك فكر الشباب والشابات بنشر الأغاني الهابطة وانتشار الجرائم وأصبح الشباب يتفنن في تشويه شكله وفكره ولغة حواره.

جيل جديد

وتابع: ظهر جيل جديد من البنات المقبلات على الزواج مدللات لم يتم تدريبهم على تحمل المسئولية، وبالتالي فعند مواجهة أي موقف صعب يفقدن السيطرة على أنفسهم، وتكون أسهل طريقة للتخلص من المشاكل هي قتل المتسببين فيها و بشكل بشع، مشيرًا إلى انتشار الأمراض النفسية بشكل مبالغ فيه مؤخرا أدى إلى زيادة الجرائم.

الدكتور علاء الغندور

عدة عوامل

ومن الناحية الدينية، يوضح الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقه بكلية الشريعة جامعة الأزهر، الجرائم الأسرية ليست متوقفا من الناحية الدينية فقط بل تتضافر وتتدخل عدة عوامل كثيرة، منها: "الإعلام والاكتئاب النفسي"، الذي قد يصيب كل من الزوج والزوجة ومنها وعلى رأسها ضعف الوازع الديني، فيقول المولى عزل وجل في كتابه "وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا"- صدق الله العظيم-، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف "والَّذي نفسي بيدِهِ لقَتلُ مؤمنٍ أعظمُ عندَ اللَّهِ من زوالِ الدُّنيا" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ما وراء هذه الجرائم

وأشار، قد يكون وراء هذه الجرائم زوج قاسٍ لا يعطي الزوجة وأولاده الحقوق الشرعية الملزم بها شرعا، ولعله ضيق على أسرته تضييقا جعل الموت عندهم  أهم من الحياة على خلاف ما جبلت عليه النفس البشرية، الأمر الذي يدق ناقوس الخطر للوقوف على أسباب تلك الجرائم والبدء الفوري في معالجتها.

 

بداية الصفحة