كتاب وآراء

فلسفة ' المعاناة '

كتب في : الجمعة 23 اكتوبر 2020 - 2:51 مساءً بقلم : أحمد فتح الله الشيخ

يظن البعض منا أننا كبشر خُلقنا جميعا وبلا أي استثناء لنعاني ونئن من الألام، فتراهم يعترضون علي قدر الله وقضائه بعباده، ويقولون: -تري الثري يصير أثري.. -تري الفقير يصير أفقر.. -تري الفقير يعاني من وطأة الجوع، وكثيرا من المعاناة، فلا تخلوا خزانته ببيته من أدوية الإكتئاب، وربما يقدم علي الإنتحار، والنتيجة واحدة، وهي"الموت"، والسبب واحد وهي" المعاناة" فهل يسلم لهم هذا الكلام أو لا؟ مع أنك ربما كشخص عاقل واعٍ تظن فعلا أن هذا الكلام صحيح..! أقول لك: لو أن هذا الكلام قيل بين تعانلاتنا نحن البشر، لكان سلم لك هذا الكلام، أما مع مدبر الأرزاق وخالق الخلق وملك الملوك، فلا يسلم لك هذا الكلام بأي حال من الأحوال.

فالكل في اختبار، أخره نهايته إعلان النتيجة، الكل!! سواء الجاني، أو الضحية، وكما قال الله(كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتۡمࣰا مَّقۡضِیࣰّا) باختصار يا غالي..كلنا نعاني..وكلما علت المعاناة علي معها الأجر والثواب، ورفعة المكان أو الجائزة..

نعم، إنها الحتمية في هذا العالم، حتمية المعاناة، لله في ذلك الحكمة البالغة، فليست الدنيا نهاية المطاف، بل هي مرحلة إعداد وتقديم لحياة أرقي(الآخرة) تتطلب شيئا من المعاناة والتمارين الشاقة المؤقتة، فحتي العضلات لا تظهر إلا بالتمارين الشاقة..

والتعذيب المذكور في كلمات الوحي الإلهي هو نفسه المعاناة التي نتحدث عنها الآن، والمؤمن وغير المؤمن كلاهما يعذبان، فالمؤمن يعذب في الدنيا وغير المؤمن سيعذب في الآخرة ((وَإِن مِّنكُمۡ إِلَّا وَارِدُهَاۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتۡمࣰا مَّقۡضِیࣰّا)).. وفي القول السائر المعروف "مفيش حلاوة من غير نار"، فالحلاوة هي النتيجة المرجوة أيا كانت (نجاح في دراسة أو ترقية في عمل أو انتقال إلى العالم الآخر) والنار هي العذاب والمعاناة.. ويبدو أن الشاعر الشاب أبا القاسم الشابي أدرك هذه الفلسفة العميقة للمعاناة، فعبر عنها في قصيدته المفضلة لدي "حديث المقبرة"، حيث قال: ولولا شقاء الحياة الأليم لما أدرك الناس معنى السعود ومن لم يرعه قطوب الدياجير لم يغتبط بالصباح الجديد.

أحمد فتح الله الشيخ الطالب بكلية أصول الدين والدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف

بداية الصفحة