حوادث

القصة الكاملة لحكم محكمة النقض حول إيصال أمانة «زواج القاصر»

كتب في : الجمعة 07 اكتوبر 2022 - 11:00 مساءً بقلم : المصرية للأخبار

 

أصدرت الدائرة المدنية «د» بمحكمة النقض حكماً مهمًا؛ حين تصدت فيه لأزمة زوج حرر إيصال أمانة عند زواجه من قاصر عرفيا قبل بلوغها السن القانونية للزواج الرسمي لأسرة زوجته، لكنه فوجئ بالمطالبة به بعد سنوات عديدة مرت وصار الزواج رسميًا على يد مأذون، لكن محكمة النقض أنقذته ومع حكمها المهم هذا أرست مبدأ قانونيًا قالت فيه؛ «إيصال الأمانة الصادر كمقابل لضمان إتمام الآثار المترتبة على عقد الزواج لا يصلح سندًا للمديونية»، والى التفاصيل.

صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 5689 لسنة 91 قضائية، برئاسة المستشار محمد عبد الراضى عياد، وعضوية المستشارين ناصر السعيد، وخالد طنطاوى، وعمر الفاروق منصور، ومحمد إبراهيم سمهان، وبحضور كل من رئيس النيابة عمرو عماد، وأمانة سر إبراهيم محمد عبد المجيد.

حيث قضت محكمة أول درجة بإلزام الزوج بدفع 830 ألف جنيه قيمة الايصال الامانه الذي حرره، ثم استأنف الزوج على هذا الحكم، وأحالت المحكمة الاستئناف للتحقيق، وبعد أن استمعت لشهود الطرفين، قضت بتاريخ 27 يناير 2021 بتأييد الحكم المستأنف، ثم طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض من خلال محاميه أحمد أبو المعاطى جمعة، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه.  

مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت؛ إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، حيث ان الزوج لم يتسلم المبلغ المدون بإيصال الأمانة سند الدعوى، وأن هذا الإيصال قد حرر ووقع منه على بياض، كما تمسك بصورية سبب الالتزام الوراد به، وبأن الطرف المودع لديه هذا الإيصال قد خان الأمانة، وسلمه إلى المطعون ضده، الذى قام بملء البيانات الواردة به.  

وتابعت «مذكرة الطعن»: إلا أن الحكم المطعون فيه قد التفت عن تمحيص هذا الدفاع، وقضى بتأييد الحكم الابتدائى، تأسيسا على أنه قام بتسليم ذلك الإيصال تسليما اختياريا، وأنه لم يثبت براءة ذمته من المبلغ المدون به بدليل كتابى، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

المحكمة في حيثيات الحكم قالت: أن هذا النعى في محله وأنه وإن كان التوقيع على بياض هو توقيع صحيح، من شأنه أن يكسب البيانات التي ستكتب بعد ذلك فوق هذا التوقيع حجية الورقة العرفية، المستمدة من التوقيع لا من الكتابة، إلا أن شرط ذلك أن يكون الموقع قد قصد أن يرتبط بالبيانات التي سترد في الورقة، وأن يسلمها اختيارا، فإذا كان من استولى على الورقة قد حصل عليها خلسة أو نتيجة غش أو طرق احتيالية أو بأية طريقة أخرى خلاف التسليم الاختيارى، فعندئذ تغيير الحقيقة فيها تزويرا، يجوز اثباته بطرق الإثبات كافة.  

وقالت المحكمة: أنه من المقرر أن إنشاء محرر كاذب فوق توقيع صحيح أو تغيير البيانات التي انصب عليها يتساوى في أثره مع عدم صحة التوقيع ذاته، ففي الحالتين يُعد تزويرا، يترتب على ثبوته نفى صدور المحرر المصطنع أو البيانات الكاذبة المدونة فيه ممن نسب إليه، لأن التوقيع على الورقة في هذه الحالة لا ينفصل عن صلبها وبيانتها، ولا يحتملان غير حل واحد، إذ أن المحرر يستمد حجيته في الإثبات من ارتباط التوقيع بما ورد بصلب المحرر ومن بيانات تتصل به وتتعلق بالعمل القانوني موضوع المحرر.

أمام النقض


لكن امام محكمة النقض الذي ذهب إليها الزوج طاعنا تغير الوضع شكلا وموضوعًا، فبعد نقض الحكم وإنقاذ الزوج من دفع قيم إيصال الأمانة، أرست المحكمة مبدأ قانونيًا مهمًا، قالت فيه: كان من المقرر أيضاً أنه على محكمة الموضوع التحقق من استيفاء الشروط والاعتبارات المتفق عليها بين الدائن والمدين والأمين في حالة ثبوت تسليم سند الدين إلى شخص أخر مؤتمن، فإذا تبين أن المحرر إنما سلم للأخير لحين استيفاء أمور وتحقق شروط معينة، فإن حجية السند تقف إلى حين تحقق ذلك أو تسليم الورقة المثبتة للدين إلى الدائن باختيار المدين، فإذا تحققت هذه الشروط وتم تسليم الورقة إلى الدائن اختيارا، استردت الورقة حجيتها في الإثبات، أما إذا لم تتحقق هذه الشروط والاعتبارات المتفق عليها، وتمكن الدائن من الحصول على الورقة دون إرادة المدين أو موافقته، انتفت عنها الحجية، ولم يكن من الجائز الاحتجاج بها على من وقعها.  

واشارت المحكمة في حيثياتها: كما أن الحكم أغفل بحث أبداه دفاع الخصم يترتب عليه بطلان الحكم؛ إذا كان هذا الدفاع جوهريا، ومؤثرا في النتيجة التي انتهى إليها، وأن أسباب الحكم تكون مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التي تثبت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر.

لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص من أوراق الدعوى إلى أن إيصال الأمانة سندها قد وقعه الطاعن على بياض، وسلمه إلى «ي. م»، لحين عقد قرانه رسميا على إبنة الأخير، حيث كان قد تزوجها عرفيا قبل بلوغها السن القانونية للزواج الرسمي، وأن المؤتمن «المودع لديه» سالف الذكر قد سلم هذا الإيصال إلى المطعون ضده – الذى أقام الدعوى الراهنة بطلب إلزام الطاعن بأن يؤدى إليه المبلغ الذى دون في الأيصال – وانتهى الحكم إلى أن الطاعن قد سلم الإيصال للمودع لديه طواعية واختيارا، فتكون ذمته مشغولة بالمبلغ المدون.  

وأكدت المحكمة: وإذ كان هذا الذى ذهب إليه الحكم لا يدل بذاته على أن الطاعن قصد الارتباط بالبيانات التي كتبت على ذلك الإيصال، وأنه قبض المبلغ المدون به، ولا يدل على صحة وجدية سبب الالتزام، ولا يصلح دليلا على نفى صوريته، ومن ثم فإنه لا يتضمن الرد على الدفاع الجوهرى الذى تمسك به الطاعن أمام محكمة الاستئناف من أن الطرف المودع لديه ذلك الإيصال قد خان الأمانة، وسلمه إلى المطعون ضده الذى قام بملء بياناته، مما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال، والقصور في التسبيب، بما يوجب نقضه؛ وقضت محكمة النقض باحالة القضية الي محكمة استئناف طنطا لتحديد دائرة أخرى لنظر القضية من جديد.

الزوج: القضاء أنصفني وأنفذني من السجن

دون شك القانون يجرم زواج القاصرات بهدف حماية حقوقهن الجسدية والنفسية والمعنوية، ولكن للأسف  مازالت بعض الاسر تعتبر زواج الصغيرة ليس إلا وسيلة للستر وحماية الفتاة من العنوسة وذلك بأن تكون بعصمة رجل، وهذا ما حدث في القضية التي نحن بصددها وأنصفه القضاء فيها؛ عندما حرر الزوج إيصال أمانة ضمانًا عندما تصل القاصر إلى سن الزواج الرسمي يتم تحرير العقد عند مأذون، ولكن ما دار بعد ذلك كان مثيرًا.

سعد شاب في العقد الثالث من العمر، يعمل سائقا بمحافظة كفر الشيخ، مسقط رأسه،ومثل معظم الشباب أراد أن يتزوج، لذلك ادخر مالا لهذا اليوم، ليكمل نصف دينه كما يقولون، وعندما شعر انه جاهز ماديًا، طلب من اسرته أن يرشحوا له فتاة، وهذا ما حدث؛ كانت صغيرة في السن 16 سنة، ظل يرقبها من بعيد حتى قرر أن يتقدم لخطبتها وفي اليوم التالي ذهبت عائله سعد لطلب يد العروس رسميًا، واثناء الحديث علم سعد أن العروس سبق لها الزواج، اندهشت عائلة سعد وترددوا أن يكلموا الخطبة، وعندما سأل الأب عن سبب انفصالها، رغم انها في الاساس قاصر ولم تكمل 16 سنة، ردت عائلة العروس بأن الزوج الاول كان قاسي القلب وشكاك الى اقصى درجة، امتهن كرامة ابنتهما كثيرا، لذا حدث الطلاق في النهاية، تردد اهل سعد ما بين يكملوا الخطبة ام لا، فالعريس سيتزوج لأول مرة، ولكن سعد فكر بشكل مختلف خاصة وأن الفتاه مهذبة رقيقة المشاعر وتمتاز بعذوبة الحديث، وكأنه لا يرى في المكان غيرها، فسقط في فخ حبها، وفي لحظة تسرع قال انه سيتزوجها حتى لو سبق لها الزواج .

فوجئ اهل سعد بقراره، ولم يكن امامهم سوى الموافقة هم أيضا فالمهم لديهم سعادة ابنهم، وعلت الزغاريد تدوي في ارجاء المنطقة، لمشاركة العروسين فرحة الخطبة، وبدأ اهل العروسين يتحدثون عن مستلزمات شقة الزوجية، وكان لسعد شرط أن يتزوج في شقة داخل بيت العائلة، أما والد العروسة لديه شرط ليضمن حق ابنته القاصر، ان يكتب العريس سعد على نفسه، شيك على بياض وايضا والده، حتى يضمن بعد أن تتم ابنته السن القانوني للزواج، يكتب عليها العريس رسميًا، وافق سعد بدون تردد، اثباتا لحسن النيه تجاه زوجة المستقبل فلن يتخلى عنها ابدا.
عاد اهل سعد، إلى بيتهم وبدأوا يعترضون على تسرع ابنهم بالموافقة على كل طلبات اهل العروسة وعلى الفتاه ذاتها، فالفتيات في القرية كثيرات، ولكن سعد وقف امامهم معترضاعلى كلامهم، فلا يوجد من سبيل لدى اهل سعد سوى المباركة حتى لو كانوا غير مقتنعين.

زواج عرفي ومشاكل
حدد اهل العروسين موعد الزواج، والذي سوف يتم عرفيًا لأنه مخالف للقانون، واعتمدوا على الاشهار، وكتب العقد احد اقارب العروس، ووقع سعد على الإيصال أمانة وايضا والده على بياض، دون تحديد أي مبالغ مالية، كما فعل ذلك ايضا احد اقارب العروس، ومرت الأيام في سعادة واكتملت سعادة سعد بعدما علم أن زوجته حامل في اول طفل لهما، لكن ومنذ بداية حملها، بدأت المشاكل تظهر بين زوجة سعد واهله، واخذت تزداد يومًا بعد الآخر، لم يهتم سعد لتلك المشاكل كل ما يهمه أن يصل ابنه الى الدنيا في سلام، لكن الأمور تزداد سوءًا، شعر سعد بالملل لكنه ظل يقنع نفسه بأنها مجرد سحابة وسوف تمر وسوف يهدأ الجميع عندما يصل الحفيد إلى الدنيا، ووضعت الزوجة الطفل الاول، شعر سعد وكأن لديه اجنحة سوف يطير بها من السعادة، وانتهى الحمل ولم تنته المشاكل بل كانت في تزايد. 

في يوم فوجئ سعد بطلب زوجته، أنها تريد أن تعيش في منزل خارج بيت العائلة، لم يوافقها على طلبها، فتركت المنزل وقالت إنها لن تعود اليه مرة اخرى، وذهبت الى منزل اهلها، ذهب اليها وحاول ارضاءها وعادت معه وبعد شهر زفت الزوجة لزوجها خبرحملها للمرة الثانية رغم دخله البسيط، لكنه رضي بالأمر الواقع، رغم أن المشكلات في سلسال ليس له نهاية سواء معه أو مع اهله، واصبحت خلال فترة الحمل تذهب وتعود الى بيت اهلها، حتى وضعت الطفل الثاني، فوافق سعد على طلبها، بالانتقال الى بيت آخر لكنه يحتاج الى وقت ليجمع المال لكن الزوجة خيرته بين البيت والعودة الى بيت أسرتها، فتركها الزوج تعود الى بيت أهلها.

في ذلك الوقت، اتمت الزوجة السن القانوني، واقامت دعوى اثبات زواج، واخذ سعد إيصال الأمانة المكتوب على والده، ورفض اهلها أن يعطوا إيصال الأمانة المكتوب على الزوج حتى تنتهي القضية ووافق سعد، وبعدما تم اثبات الزواج، ذهب طالبًا منها العودة إلى بيت الزوجية لكنها رفضت في تصرف غريب.

دعوى طلاق
فجأة اقامت دعوى طلاق، وفي ذات الوقت تقدم أحد اقاربها بدعوى ايصال امانة، فقد استغل والدها علي حسب قول سعد الايصال المكتوب على بياض الذي كتبه سعد على نفسه، حتى اتمام الزواج، ونسي أن يأخذه فقد كان كل همه أن يعيد زوجته إلى بيت الزوجية، فما كان من والد الزوجة إلا أنه دون مبلغ 830 ألف جنيه، دون علم سعد وتقدم بدعوى ضده إما الدفع او الحبس، حاول سعد أن يثبت انه لم يأخذ ذلك المبلغ وما يحدث معه مجرد نصب، لكن لم يكن لديه ما يثبت، وقررت محكمة أول درجة إما الدفع او الحبس، فاستأنف على الحكم وتأيد الحكم على سعد، فطعن على حكم الاستئناف امام محكمة النقض، لتنقذه من السجن وتنقض الحكم الصادر ضه من محكمة الاستئناف، اما الزوجة فقد تمكنت من الحصول على حكم بتطليق

بداية الصفحة