كتاب وآراء

الباحث العراقي ماهر الخليلي يصرح: نحن أمام منعرج حضاري خطير

كتب في : الثلاثاء 15 ديسمبر 2020 - 4:46 مساءً بقلم : خولة خمرى / الجزائر

بعد محاضرته في اتحاد المؤرخين العرب الباحث العراقي ماهر الخليلي يصرح: نحن أمام منعرج حضاري خطير يستوجب منا جميعا ضرورة معرفة قوانين تعاقب الحضارات.

قام الأستاذ المساعد الدكتور العراقي ماهر جبار محمد علي الخليلي يوم الأحد المصادف 6 كانون الأول 2020 الساعة 8 مساءا عبر التطبيق الالكتروني (ZOOM) بتقديم محاضرة علمية جد قيمة وقد كانت برعاية وتنظيم اتحاد المؤرخين العرب ومقره في بغداد حيث كان الحضور كبير جدا من طرف طلبة العلم المتعطشين للتعرف على عالم الأدب وخباياه، وقد استهل الباحث محاضرته بالحديث عن الدور الكبير الذي لعبه الأدب العربي في النهضة الأوروبية و الأدبية منها بشكل خاص، الموضوع الذي يطرح الكثير من التساؤلات بشأن واقع الدول العربية والإسلامية بما آلت إليه من تدهور وضياع وتراجع مقابل نهوض سريع ومتوازن في القارة الأوربية ليتطرق إلى مجموعة من المحاور وطرح عديد من الأسئلة لعل أبرزها ما هو عصر النهضة أو لماذا سمي عصر النهضة والعناصر المتحكم في فترة العصور الوسطى، ومتى بدأ عصر النهضة؟ وما هو الفرق بين عصر النهضة وعصر التنوير؟ والثاني تطرق الباحث فيه إلى أسباب تطور الأدب والفن في ايطاليا قبل غيرها من الدول الأوربية ، أما الثالث فقد ركز الباحث على العوامل التي أدت إلى نهضة أوروبا، وفي المحور الرابع كشف الباحث عن الأدباء والفنانين الذين أسهموا في عصر النهضة . وقد بين خلال محاضرته أسباب تطور الأدب والفن في ايطاليا قبل غيرها من الدول الأوربية منها مصرحا بقوله: "تعتبر ايطاليا الموطن الأصلي للحضارة الغربية لما تتمتع به هذه الدولة من امتيازات تحسب لها منها (الموقع الجغرافي / مقر البابوية / روما عاصمة الإمبراطورية/ الحاجة الاقتصادية) جميع هذه الامتيازات مكنت ايطاليا من اعتلاء الصدارة" ليتطرق إلى أبرز القضايا الإشكالية التي تدور حول أسباب نهوض "أوروبا" من سباتها في القرن الخامس عشر، وكيف تم بعث معالم الأدب والفن بطريقة محترفة ومتدرجة وكيف كان العلماء يتحدون رجال الكنيسة وكل العقوبات التي تفرضها الكنسية والإقطاعية على كل من يخالف تعاليمهم، ليبرز إلى الوجود ذلك المسرح الكلاسيكي وكسرت بالتدريج قيود العصور الوسطى وأغلالها. كما بين الباحث ماهر الخليلي الأثر الكبير الذي لعبه الاحتكاك التجاري والاقتصادي بين الأوربيين والعرب المسلمين في الشام والأندلس ومصر في فترات السلم مصرحا بقوله "لقد أسهمت الحركة التجارية والاحتكاكات الثقافية والحضارية بين الشرق والغرب بشكل كبير في نمو الحركة الفنية والأدبية في ايطاليا منذ وقت مبكر نتيجة تراكم رؤوس الأموال الكبيرة عند التجار والصناعيين الايطاليين وأصبحوا البديل المناسب والمنافس القوي للإقطاعيين وبمرور الزمن أخذوا مكانهم الريادي في أوروبا وهو الدرس الذي يجب أن نتعلمه من الإيطاليين لإعادة الريادة للعالم الإسلامي". وقد بين الباحث العراقي ماهر الخليلي أن ذلك لا يتم إلا من خلال تكاتف جميع الأطراف كمنظمات المجتمع المدني والمؤسسات العلمية المختلفة وحمل المشعل من طرف رجال يُحسنون عرض الفكر الإسلامي وتاريخه ويصوغونه صياغة جيدة تواكب مقتضيات العصر ومستجداته الراهنة خاصة وأن الإعلام يعتبر القوة الضاربة في عصرنا اليوم من ناحية التأثير على الجمهور وتوجيه العقول، لذلك أكد الدكتور على ضرورة تنقية الفكر من الخرافة، والعقيدة من الشرك، والعبادة من البدع والأهواء، والأخلاق من التحلل والانهيار، وبعد الروح العلمية من جديد في نفوس الشباب، كما ألح الدكتور في المحاضرة على المسارعة في وضع منهجية صحيحة في اختيار من يتقلدون المنابر الإعلامية ووضع الكفاءة معيارا لذلك باختيار رجال يتبنون فكرا نورانيا جديدا يجمع بين القديم النافع والجديد الصالح، ويدعو إلى الانفتاح على العالم دون الذوبان فيه فلتاريخنا كذلك دوره البارز في الحركة الحضارية بالعالم. وقد ركز الباحث بشكل كبير على قضية تحكم الكنيسة في العقل الغربي أثناء فترة القرون الوسطى وكيف أسهمت الكنيسة في تخلف أوروبا إلى أن بزغ شمسها من جديد ومدى إسهام العلماء المسلمون في هذه النهضة الكبيرة التي عاشتها أوروبا لعل أبرز هؤلاء العلماء دور ابن رشد في الفلسفة وابن سينا في الطب وغيرهم من العلماء وقد تطرق للحديث عن بعض المستشرقين المنصفين الذي أشادوا بالدور الكبير الذي لعبته الحضارة الإسلامية في تطور أوروبا لعل أبرزهم المفكرة الألمانية زيغريد هونكه وكتابها المعروف شمس العرب تسطع على الغرب داعيا الشباب العربي إلى الافتخار بتاريخ الحضارة الإسلامية وعدم الذوبان وحث الطلبة الذين شاركوا بالمحاضرة إلى ضرورة العمل على الحفاظ على الهوية العربية الإسلامية خاصة في ظل تحول العالم إلى قرية كونية صغيرة. هذا وقد تفاعل الجمهور الحاضر بشكل كبير مع ما قدمه الباحث وأبدوا إعجابهم الشديد بما قدمه الباحث العراقي من معلومات غزيرة فتحت عقول الشباب وبينت لهم العديد من مواطن الخلل التي تسبب في تراجع الوطن العربي الإسلامي مقابل قفزات نوعية للدول الأوروبية حيث صرح أحد الطلبة قائلا لقد كان تصوري عن الثقافة الإسلامية العربية تصور جد سيء ولكنني اليوم أحمد الله عز وجل أنني حضرت هذه الورشة وفهمت العديد من الأمور التي كان يروج لها الإعلام لتشويه تاريخ الحضارة الإسلامية التي كان لها الدور البارز في بزوغ شمس الحضارة الغربية في حين صرح طالب آخر قائلا لم أكن أعلم أن هاجس العديد من الجهات هو طمس الهوية الإسلامية للأسف لقد كنت بمثابة الأعمى واليوم الحمد لله كانت محضرة الباحث ماهر الخليلي عودتي لمعرفة تاريخ حضارتي التي سأعتز و افتخر بها من الآن فصاعدا. كما دعا الباحث ماهر الخليلي المؤسسات إلى ضرورة الاهتمام بهذا المجال المهم وجدا وصرح بأنه مستعد لقبول دعوة أي مؤسسة تود منه توضيح بعض الإشكاليات المتعلقة بفهم حيثيات تاريخ الحضارة العربية والإسلامية للتخلص من اللبس الذي يحاك حول بعض هذه القضايا خاصة في الدور الذي لعبته في انبثاق الحضارة الغربية وبزوغها وقد وعد الباحث الجمهور الذي حضر المحاضرة من الشباب أنه سيقدم المزيد من المحاضرات حول قضايا مثيرة للجدل في قادم الأيام شاكرا إياهم على حسن تفاعلهم مع المحاضرة.

 

بداية الصفحة