تقارير

الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030.. «حماية وأمان»

كتب في : الخميس 24 نوفمبر 2022 - 10:05 مساءً بقلم : المصرية للأخبار

 

لعقود طويلة عانت المرأة عالميًا من التهميش والاضطهاد والعنف، وتكررت الحوادث العام تلو الآخر فى مختلف البلدان، حتى بلغت نسبة السيدات المعنفات عالميًا نحو 45% أي ما يقرب من نصف نساء الكون، وبعد تلك الحوادث العنيفة قررت الأمم المتحدة اختيار يوم 25 نوفمبر من كل عام ليكون يومًا دوليًا للقضاء على العنف ضد المرأة، ودعت الحكومات لتمهيد الطريق نحو القضاء على العنف ضد النساء والفتيات فى جميع أنحاء العالم.

وفى مصر وبعد سنوات من التهميش والتجاهل بدأت المرأة المصرية في تنفس «الصعداء» بعد أن بذلت الدولة مجهودًا كبيرًا لمحاولة حمايتها من أي مظهر من مظاهر العنف، وفى هذا التحقيق تحاول الأخبار تسليط الضوء على الخدمات والقوانين والجهود المبذولة لحماية المرأة من العنف، وكذلك مناقشة الخبراء لمعرفة الجوانب التي تحتاج المزيد من العمل عليها.

لم يطلق على هذا العصر «العصر الذهبي للمرأة» من فراغ، بل كان تعبيرًا عن المكاسب وخطوات التمكين التي حصلت عليها المرأة خلال السنوات القليلة الماضية، وخاصة في مجال مناهضة العنف فقد شهدت الأعوام الماضية إقرار مجموعة من القوانين وإدخال تعديلات يكفل للمرأة المصرية حقها وكرامتها، وبعد أن ظلت تحاول جاهدة للبحث عن حائط صد يحميها من العنف التي تتعرض له بشكل شبه يومي، جاء عام 2014 ليبدأ الغيث بقطرة، كما يقال، وحينها رفعت المرأة المصرية رأسها عاليًا، لأول مرة، بعد سنوات من الصمت وسط التعرض لأشكال التحرش والإهانة في الطرقات العامة والميادين، فقد تم إصدار القرار رقم 50 لسنة 2014 الخاص بتعديل بعض الأحكام في قانون العقوبات المصري، والذى على أثره تم تجريم التحرش الجنسي في مصر لأول مرة في التاريخ، وتم وضع عقوبات صارمة له فيعاقب المتحرش بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على 20 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.

وفى عام 2020 أصدرت الحكومة المصرية القانون 177 لسنة 2020 بشأن سرية بيانات المجنى عليهن فى جرائم التحرش والاعتداء الجنسى ويؤكد هذا القانون اهتمام الدولة المصرية بكافة أجهزتها ومؤسساتها وحرصهم البالغ على مساعدة المجنى عليهن ممن يتعرضن لجرائم التحرش أو الاغتصاب.

لم يقف الأمر عند هذا الحد بل رأى البرلمان المصرى خلال عام 2021 أن هذه العقوبة وإن كانت نقلة نوعية حينها، إلا أنها لم تحقق الردع بالشكل المطلوب، لذا تم إعداد مشروع القانون مستهدفاً تشديد عقوبة التحرش الجنسى على أن تكون جناية - بدلاً من جنحة -  ليصبح السجن لمدة لا تقل عن 5 سنوات وتصل إلى 7 سنوات.

أول استراتيجية

فتح قرار تجريم التحرش المجال أمام الحكومة لأخذ خطوات جادة لحماية المرأة، فتعاون كل من وزارة العدل والمجلس القومى للمرأة ومنظمات الأمم المتحدة لوضع أول استراتيجية وطنية لمكافحة العنف ضد المرأة فى الفترة (2015-2020) والتى كانت بداية تحسين آليات حماية المرأة، وضمت الاستراتيجية 4 محاور هى الوقاية، والحماية، والتدخلات، والملاحقة القانونية.

وتوالى العمل فى مجال العنف ضد المرأة لتطلق مصر لأول مرة مشروع «مسح قياس التكلفة الاقتصادية للعنف القائم على النوع الاجتماعي» 2015-2020.

ولم يقف الأمر عند ذلك بل تم إطلاق «الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030»، والتى اعتمدها رئيس الجمهورية عام 2017، وقد خصصت الاستراتيجية محورها الرابع لقضية الحماية بهدف القضاء على الظواهر السلبية التى تهدد حياة المرأة وسلامتها وكرامتها، وهو نفس العام الذى الذى أطلق عليه الرئيس «عام المرأة المصرية» دعماً وتقديراً لها.

كما ضمن القانون للمرأة عددًا من الحقوق التى تحميها من الاستغلال وأشكال العنف المختلفة ومن بينها إصدار قانون بتجريم الحرمان من الميراث، وكذلك قانون لمواجهة المتهربين من دفع النفقة، وقانون حماية البيانات الشخصية، وتعديل قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضى فى مسائل الأحوال الشخصية المتعلقة بالولاية على المال، وقانون بتجريم وتوصيف التنمر لأول مرة.

كما كان حماية المرأة المعنفة وحصولها على الدعم النفسى والقانونى فى أولوية الحكومية المصرية لذا أصدر الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، قراراً ينص على إنشاء «الوحدة المجمعة لحماية المرأة من العنف» التى تتبع مجلس الوزراء، وتعمل على تلقى الشكاوى والبلاغات المتعلقة بقضايا العنف ضد المرأة، وذلك عن طريق ممثلى الوزارات والجهات المعنية بالوحدة، لاتخاذ الإجراءات اللازمة لفحصها والتصرف فيها،  لتمكين الضحايا من تقديم شكاواهن وبلاغاتهن ومتابعتها عن طريق مكان واحد تيسيرًا للإجراءات، وبما يضمن حماية حقوقهن والحفاظ عليها.

من جانب آخر بدأت الدولة فى افتتاح وحدات الاستجابة الطبية للتعامل مع السيدات المعنفات، كخطوة ضرورية لمكافحة العنف ضد المرأة، وهى عبارة عن عيادة تقدم خدمة متكاملة ترعى الصحة النفسية والبدنية لهؤلاء السيدات.

ولحماية المرأة من العنف فى الطريق أطلق المجلس القومى للمرأة بالتعاون مع الهيئة القومية لسكك حديد مصر، حملة (السكة أمان) للتوعية بقضايا النقل الآمن للمرأة ومناهضة العنف القائم على النوع، إضافة إلى حمايتها من العنف الإلكترونى حيث تم إطلاق الحملة التوعوية (حاسبوا_على_كلامكم) والرامية إلى تسليط الضوء على مشكلة التنمر على الانترنت على مستوى مصر، ورفع مستوى الوعى المجتمعى بشأن الآثار النفسية والعاطفية للتنمر وأهمية الحفاظ على بيئة إيجابية على المنصة وذلك بالتعاون مع موقع التواصل الاجتماعى Instagram ، والمجلس القومى للطفولة والأمومة، ويونيسف مصر، كما أنه بالتعاون مع فيسبوك تم إطلاق حملة (موارد سلامة المرأة)، وإصدار كتيب إرشاد أونلاين حول سبل حماية المرأة من الجرائم الإلكترونية من خلال أدوات الحماية التى توفرها المنصة، وغيرها من الحملات.

ختان الإناث

أما من جانب حماية الفتيات من العنف الممارس فى حقهن وعلى رأسه « الختان»، أصدرت الدولة الاستراتيجية القومية لمناهضة ختان الإناث 2016-2020، والتى تهدف إلى خفض معدلات الختان وتفعيل التشريعات التى تجرمه، وتوعية المجتمع بأضراره، وتشديد الرقابة والعقوبة على الأطباء لوقف إجرائه، كما تم  تشكيل «اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث» فى مايو 2019 برئاسة مشتركة بين المجلس القومى للمرأة والمجلس القومى للطفولة والأمومة، بهدف توحيد جهود مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى المعنية، للقضاء على ختان الإناث.

وانتصرت الفتاة المصرية مرة أخرى حينما تم تعديل قانون العقوبات لينص على تشديد العقوبات الخاصة بختان الإناث ورفعها من جنحة إلى جناية، كما تم تشديد عقوبة واستحداث عقوبات مستقلة للأطباء ومزاولى مهنة التمريض تتعلق بالحرمان من ممارسة المهنة، وعلى المنشأة التى ترتكب فيها الجريمة، كما غلظ القانون العقوبة على طالب الختان.

العصر الذهبي للمرأة

وحول المكتسبات والحقوق التى حصلت عليها المرأة خلال السنوات الماضية والتى لم تكن موجودة من قبل والجهود المبذولة من الجهات جميعا فى هذا الإطار تقول الدكتورة سناء السعيد عضو المجلس القومى للمرأة إن المزايا التى حصلت عليها المرأة خلال العشر سنوات الماضية على وجه التحديد تعد من أكبر المكاسب لها، فكثيرًا ما نادت المرأة بحقوقها وطالبت بضرورة الحفاظ عليها إلا أنه لم يكن صوتها مسموعاً من قبل، ولكن فى عهد سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى عاشت المرأة العصر الذهبى لها واستطاعت أن تحقق حلمها على جميع المستويات السياسية والاجتماعية والقضائية.

وتضيف أن دستور 2014 الذى نص على 25 مادة ضمن للمرأة العديد من حقوقها على رأسها المساواة فى الحقوق والواجبات، مضيفة أن التمكين من هذه المناصب فى حد ذاته هو دعم كبير نفسى لها عزز ثقتها بنفسها خاصة وأن الاستيراتيجية الوطنية 2030 التى وضعتها الدولة تضمن  للمرأة كافة الحقوق على كافة المستويات، فسيدات مصر يشعرن بتغيير حقيقى فى حصولهن على العديد من المزايا عن السنوات السابقة.

وتؤكد الدكتورة سناء السعيد أن المجلس القومى للمرأة لعب دوراً كبيراً فى مناهضة العنف ضد المرأة بشكل كبير سواء عن طريق حملات التوعية التى يقوم بها المجلس على مدار العام لتعريف المرأة  بالجهات التى يجب التوجه لها حال تعرضها لأى نوع من أنواع العنف، والوحدات التى تم دعم العديد من الأماكن والجهات بها لمناهضة العنف ضدها وكذلك الخط الساخن الذى خصصه المجلس لتلقى الشكاوى على مدار اليوم وليكون وسيلة إنقاذ وتوعية لها فى حالة تعرضها للعنف البدنى أو النفسى، فالمرأة المعنفة سابقا كانت مشتتة لا تعرف ما لها وما عليها ولا المكان الصحيح الذى يجب التوجه له من أجل مساعدتها وتقديم العون لها.

وتقول إن المركز الذى خصصه رئاسة الوزراء لمناهضة العنف ضد المرأة هو أحد أشكال محاربة والتصدى لهذه الظاهرة من أجل بناء مجتمع مستقل والحفاظ على المرأة وعلى أبنائها، فالعنف مرفوض بكافة أشكاله، والقوانين التى تم وضعها والعقوبات التى تم تنفيذها ضد بعض الأزواج الذين تجاوزوا فى حق زوجاتهن هو حماية كبيرة لها.

الوعى والقانون

وتضيف الكاتبة سكينة فؤاد أن التغييرات التى حدثت فى بعض القوانين من أجل المرأة يعد حماية كبيرة لها، فالدولة قامت بجهود كبيرة فى هذا الإطار حتى نشعر بهذا التغيير الجذرى فى العديد من الأمور التى تخص المرأة والتى لم تكن واضحة أو موجودة من قبل، ولكن المكسب الأكبر من وجهة نظرى خاصة فى ظاهرة العنف ضد المرأة هو الوعى فبقدر أهمية القانون يأتى الوعى أيضًا فى نفس المكانة والدولة استطاعت أن تجعل المرأة المعنفة واعية بقدر كبير سواء من خلال الحملات التى قدمتها فى مختلف وسائل الإعلام وكان لها مردود كبير، فبدون أى شك أن تدخل الدولة كى توقف كافة أشكال العنف ضد المرأة أو التقليل منها ليس واجبا بقدر ما هو إيمان من الدولة بقيمة المرأة فى المجتمع.

وتشير إلى أن مناهضة العنف ضد المرأة بذلت فيه الدولة جهدًا كبيرًا وملحوظًا واستطاعت أن تحقق فيه إنجازًا كبيرًا من خلال وسائلها المختلفة و التى كان بينها الخطاب الدينى الذى أبرز كيف كرمت المرأة فى جميع الأديان ودائمًا ما يتم تناول ذلك فى العديد من المناسبات والأحداث.

وتضيف د.عبير سليمان الباحثة فى شئون المرأة أن قضايا العنف ضد المرأة لا حصر لها على أرض الواقع بداية من مرحلة الطفولة وتعنيف الطفلة وزاج القاصرات الذى يعد أحد أشكال الاغتصاب بسبب تحايل الأهالى والتلاعب فى أعمار الفتيات، مرورًا بتعنيف المرأة على يد زوجها وتعرضها للإهانة والعنف الجسدى والنفسى، كل ذلك وبسبب إنصاف القانون للمرأة تغير بشكل كبير ولكن الأمر فى بعض القوانين يحتاج فى بعض الأحيان يحتاج إلى التعجيل بالأحكام خاصة فيما يخص الأطفال أو نفقاتهم التى تتراكم على شكل ديون على الأم لحين صدور الحكم.

وتشير إلى أنه لا أحد يستطيع أن ينكر ما تشهده المرأة المصرية من الحصول على مكتسبات ومزايا و لكن يجب إعادة النظر فى بعض القوانين كالولاية التعليمية والمصروفات المدرسية التى قد تظل لعامين تنظر فى المحكمة حتى تتحصل عليها الأم فهناك بعض القوانين التى تحتاج إلى الحسم.

 

بداية الصفحة