كتاب وآراء

التنين الصيني والشرق الاوسط .

كتب في : السبت 10 ديسمبر 2022 - 10:19 مساءً بقلم : حسين عطايا

 

في خضم ما تشهده الساحتين الدولية والاقليمية ، من تطورات مضطردة ، ومتغيرات  على مستوى التحالفات الاستراتيجية ، والتغيير الحقيقي  الذي يشهده العالم في السياسة والاقتصاد  ،

اتت زيارة الزعيم الصيني " شي جين بينغ "  لتُشكل حدثاً تاريخياً ، قد يكون مدخلاً  لتغييراتٍ وتطورات من الممكن أن  تُساهم في خلق مناخات جديدة  لولادة عالمٍ أخر مُتعدد الاقطاب .
تأتي زيارة الرئيس الصيني الثانية هذه ، بعد ست سنوات من زيارته الاولى ، وبدعوة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز ، ومن الواضح  بأنها تأتي  في ظروف إقليمية ودولية تشهد تغييرات وحِراك عالمي جديد ومتطور   ، قد تحمل معها تغييرات في خلق عالم جديد يختلف عما سبق على مدى السنوات الثمانين التي سبقت ، وهذا الامر بالتأكيد سيُشكل تغييرا في استراتيجيات العلاقات الدولية لاسيما على مستوى منطقتي الخليج والعالم العربي ، خصوصا ما تشهده العلاقات الدولية من تغيير في التحالفات والعلاقات الدولية والتي نتجت عن الحرب الروسية - الاوكرانية ، والتي هي بمثابة حرباً عالمية جديدة ، بسبب كثرة الاطراف والدول المتداخلة فيها ، بالنظر لما  نتيجة ما تلقاه وتتلقاه اوكرانيا من دعمٍ ومساعدات عسكرية واقتصادية من دول الكتلة الغربية وحلف الناتو .

هذا الامر سيترك بالطبع نتائجاً جديدة على مستوى العلاقات الدولية ونشوء تكتلاتٍ سياسية واقتصادية جديدة .

كل هذه التطورات مُجتمعةً ، وزد عليها اهمية الاجتماعات والقمم الثلاث  التي حصلت ، من القمة السعودية الصينية ، والتي حفلت بتوقيع العديد من الاتفاقات بين الدولتين ، ومن ثم القمة الخليجية الصينية  التي تلتها ، والتي جمعت الرئيس الصيني مع قادة دول الخليج والتي اتسمت ببحث أمور هامة ونقاشات صريحة تهم الطرفين ، ويُضاف اليها القمة العربية الصينية حيث  صدر عن هذه القمم بيانات هاماة ،  ابرز مافيها بند معارضة ونبذ التدخلات في شؤن الدول الاخرى ، وهنا الامر واضحٌ وجلي عما يقضي من امرٍ هام  فيما يًسبب القلق للدول العربية والخليجية من تدخلات ايرانية لاسيما في اليمن والعراق وسوريا ولبنان ، وهنا الاصابع موجهة الى ايران بالطبع ، والسؤال هنا هل بمقدور الصين الحليفة لطهران ان تلعب دوراً في وضع الامور في نصابها ؟
كما تأتي البيانات على نقطة هامة جداً بالسياسة وهي اعتراف الدول العربية بصينٍ واحدة مما يُعارض السياسة الامريكية في سياستها تجاه تايوان وما تمثله هذه القضية من اهمية بارزة للدولة الصينية 

كما ان تطابق رؤية ٢٠٣٠ والتي وضعها ولي العهد الامير محمد بن سلمان وتطابقها مع رؤية الصين المعروفة 
" بالحزام وطريق الحرير " وما تضمنه البيانات الختامية للقمم الثلاث والذي يتحدث عن التنمية المستدامة للدول المتعاونة  واتفاقيات الشراكة الاستراتيجية التي وقعت بين الصين والعربية السعودية خصوصاً إذا اخذنا بعين الاعتبار ان الاتفاق بين اكبر مُصدر للطاقة مع اكبر مستورد لهذه السلعة ، مع ما يُشكله الاقتصاد الصيني من ثاني اكبر اقتصاد عالمي ، مع ما يُرافقه من تطور علمي  وتكنولوجي مع ما يُشكله موقع الدول العربية بين القارات الثلاث اسيا ، اوروبا وافريقيا والممرات البحرية والبرية الحيوية للدول العربية مما سيُساهم بالطبع من فتح وازدياد حقيقي ومضطرد للاسواق الصينية وبالتالي وضع خطة الحزام وطريق الحرير حيز التنفيذ وما سيعود من نتائج ايجابية على الصين والدول الصديقة المتعاونة منها .

كل هذه التطورات ستنعكس ايحاباً على اطراف هذه القمم الثلاث وستدفع قُدُماً نحو عصر جديد في العلاقات فيما بين هذه الدول مما سينعكس على مستوى العلاقات الدولية وقيام تحالفات او تكتلات سياسية واقتصادية سيكون لها حتماً تأثيراً على مختلف الساحة الدولية والاقليمية ، وبالتالي سيكون عصراً مختلفاً عن ذي قبل ، فيخلق اجواءاً مختلفة ومتبدلة فسيُغير بعض السياسات التي كانت معتمدة من قِبل  دول الخليج العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ذات علاقات استراتيجية احادية مع الولايات المتحدة بل سينتج عن ذلك علاقات خليجية وعربية  متنوعة ، وشراكات استراتيجية تُحقق طموحات هذه الدول ومصالحها الاقتصادية والسياسية ، وتُساهم فعلاً بتنميةٍ مُستدامة على مستوى الدول المتعاونة .
هذا الامر حتماً سيبقى مرهوناً بما ستوضحه الايام القادمة لاسيما ردود الفعل الامريكية بشكلٍ خاص ، وهل ستقف مكتوفة الايدي عن التمدد الاقتصادي الصيني بسهولة وانسيابية ؟؟

خصوصاً أن هذا الامر حتما سيًضاعف التحديات الاقتصادية التي تُثير القلق الامركي ، حيث تعتبر الولايات المتحدة الامريكية بأن حربها الاقتصادية مع الصين وتعاظم قوتها الاقتصادية والسياسية ،  وتوسع نفوذها من خلال تمدد العلاقات الصينية مع العالم العربي والخليجي على وجه الخصوص ، ومنها الى الاسواق القريبة في باقي دول اسيا وافريقيا .
هذه الاسئلة ستأتي الاجوبة عليها في المستقبل القريب .

بداية الصفحة