العالم العربى

العاصمة' الليبية 'في قبضة الانتهازيين والمرتزقة

كتب في : الأحد 16 اكتوبر 2016 بقلم : نادر مجاهد

عمقت عملية اقتحام ميليشيات تابعة لخليفة الغويل مقر مجلس الدولة الاستشاري الأزمة في العاصمة الليبية طرابلس، التي باتت مسرحا لاقتتال الجماعات المتشددة والانتهازية التي تبدل ولاءاتها وتنقلب على تحالفاتها بهدف تحقيق مصالحها بعيدا عن المصلحة العامة.

 

واقتحم الغويل، الذي كان يوما رئيسا لسلطة غير شرعية منبثقة عن المؤتمر الوطني المنتهية ولايته، مقر مجلس الدولة الذي يترأسه عبد الرحمن السويحلي، معلنا استعادة سلطة الأمر الواقع ومنقلبا على المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج.

 

وخطوة الغويل الانقلابية تعكس النزاعات المستمرة منذ أشهر في طرابلس بين الميليشيات التي حاولت حكومة الوفاق المدعومة من الأمم المتحدة احتوائها بعد أن بدأت عملها في مايو الماضي، إلا أن نهجها الانتهازي كان الفيصل الوحيد في عملية تحديد ولاءاتها.

 

والميليشيات التي اقتحمت قصور الضيافة تدين بالولاء للغويل وأعضاء من المؤتمر الذين كانوا قد انقلبوا، عام 2014، على الشرعية بعد فشلهم في الانتخابات النيابية، ليوجهوا، الجمعة، ضربة جديدة للشرعية، هذه المرة ضد المجلس الرئاسي المنبثق عن اتفاق الصخيرات.

 

ولا بد من الإشارة إلى أن المقر المستهدف يتبع للمجلس الأعلى للدولة، وهو مجلس استشاري يقوم بتقديم الاستشارات لحكومة الوفاق التي يرأسها فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي في الوقت نفسه، حسب الاتفاق الذي توصل إليه فرقاء ليبيون برعاية الأمم المتحدة.

 

وسارع المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق إلى الرد على هذا الانقلاب بإصدار تعليمات "لوزارة الداخلية والأجهزة الأمنية بالتواصل مع مكتب النائب العام لمباشرة إجراءات القبض على من خطط ونفذ حادثة اقتحام مقر مجلس الدولة"، وحذر معرقلين تنفيذ الاتفاق السياسي.

 

ويصعب تحقيق هذه التعليمات في ظل الظروف التي تمر بها العاصمة، حيث باتت عملية نقل البندقية من كتف إلى آخر نهج ثابت للميليشيات، التي كانت تشكل "فجر ليبيا" قبل أن تعصف بها الخلافات والانشقاقات وتُدخل طرابلس في دوامة من العنف والاقتتال الدامي.

 

وخريطة تحالف الجماعات المسلحة، باتت معقدة ويصعب على المتابع للشأن الليبي تحديدها بسهولة، فبعضها يعلن الولاء للمجلس الرئاسي، وأخرى تساند "فلول" المؤتمر الوطني، وجماعات تأتمر من المفتي المعزول الصادق الغرياني، والهدف الأكبر هو تحقيق مصالحها.

 

وتقول مصادر من داخل العاصمة إن "ولاءات الميليشيات دائما ما تتغير، فمن يدفع رواتب أفرادها يتحصل على حمايتها"، أي أن هذه الجماعات ليست إلا مجموعة من العصابات المؤلفة من عناصر مرتزقة تعرض خدماتها على الجهة المستعدة لتقديم أعلى أجر.

 

والعملية الانقلابية الأخيرة تأتي حتما في هذا السياق، فمنذ انتخابات المؤتمر الوطني عام 2012 كانت قصور الضيافة المقر الرسمي للمؤتمر، ولكن السويحلي استطاع طردهم قبل عدة أشهر ليتخذها مقرا لمجلس الدولة قبل أن يخسرها الجمعة لصالح الغويل.

 

والغويل وأعضاء من المؤتمر الوطني كانوا قد نجحوا بهذه الخطوة بعد أن استغلوا إقدام الجماعات التي تتولى حماية قصور الضيافة على طرد مجلس الدولة لتأخر دفع مستحقاتهم، مما يؤكد أن الأزمة في طرابلس ليست إلا صراع مصالح بين مجموعات من المرتزقة.

 

وتؤكد المصادر أن طرابلس "تعيش حالة من الرعب، فقبل عدة أيام اغتيل رئيس مصلحة الأحوال المدنية الصديق النحايسي في مقر عمله وسط العاصمة، ناهيك عن عشرات الاختطافات التي حدثت في الآونة الأخيرة"، معظمها للابتزاز وحصول على فدية مالية.

 

وتصاعدت وتيرة الأزمة في طرابلس وبالتالي أزمة المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق بعد تفجر الخلافات بين الميليشيات، التي تخوفت من خسارة مصدر دخلها الأساسي، إثر نجاح الجيش الوطني في استعادة السيطرة على الهلال النفطي، في سبتمبر الماضي.

 

بداية الصفحة