عالم

صحيفة «لاروبابليكا» الإيطالية واسعة الانتشار، نشرت تقريرًا تزعم فيه تورط 3 جهات سيادية فى قتل الشاب الإيطالي

كتب في : السبت 09 إبريل 2016 بقلم : درويش سليمان

التقرير الذى حمل عنوان: «3 تفاصيل سرية تزيح الستار عن القاتل الحقيقى لـ«جوليو ريجيني»، يتحدث عما أسماه «انومينوس»، نجح فى اختراق جهاز الأمن المصرى، والحصول على معلومات تم إرسالها عبر البريد الالكترونى للصحيفة الايطالية، منوها إلى أن هذه المعلومات تكشف بوضوح الفاعل الحقيقى لجريمة اختطاف وتعذيب «ريجيني»، بحسب الرواية الإيطالية.

التقرير كذلك يؤكد بقوة تقارير الطب الشرعى الايطالى فى مشرحة روما والمناظرات التى أجريت على جثة الشاب الايطالى بعد نقله من مصر، وعلى الرغم من أن هذا الإيميل المزعوم مليء بمشاهد مستقاة من فيلمى «الكرنك» و«إحنا بتوع الاتوبيس»، إلا أن إيطاليا تتمسك به كدليل فى وجه السلطات المصرية.

ويقول تقرير الصحيفة الايطالية، إن اللواء خالد شلبى، رئيس الإدارة العامة لمباحث الجيزة، كان هو الشخص المكلف بمراقبة تحركات «ريجيني»، واتصالاته بالنقابات العمالية فى مصر، لاسيما أن ذلك يدخل فى صميم عمل وأبحاث الشاب الإيطالي.

ويذكر التقرير كذلك أنه فى يوم 25 يناير، قام «شلبي» بمداهبة منزل ريجينى والحصول على كافة متعلقاته بالتعاون مع ضباط من جهاز الأمن الوطنى، وتم القبض على ريجينى والتحفظ عليه بمقر مديرية أمن الجيزة لمدة 24 ساعة دون توجيه أية اتهامات له».

ويشير التقرير إلى أن اللغة الإيطالية منعت المحققين فى مديرية الأمن من استخلاص أية معلومات من «ريجيني» خاصة فى ظل عدم وجود مترجم أو الاستجابه لطلبه الخاص بحضور ممثل من السفارة الايطالية، ويزعم التقرير أن

 جوليو ريجينى تعرض للضرب لانتزاع اعترافات عن علاقاته مع النقابات العمالية وماهية التحركات المقبلة لتلك النقابات فى يومى 26 -27 يناير الماضى، أى فى ذكرى ثورة يناير 2011.

ويؤكد تقرير الصحيفة الإيطالية الشهيرة، أنه بعد فشل مديرية أمن الجيزة فى الحصول على ما تريد من «ريجيني»، وبأمر من اللواء مجدى عبدالغفار، وزير الداخلية، تم نقل «ريجيني» إلى مقر جهاز الأمن الوطنى فى «مدينة نصر»، ليكون تحت الإشراف المباشر للواء محمد الشعراوى، رئيس الجهاز، الذى ينقل تفاصيل التحقيقات أولا باولا إلى وزير الداخلية، أو كما ذكرت الجريدة: «تخفيف لسان ريجينى حتى ينطق».

ووفقا لتقرير الصحيفة، فإنه على مدار 48 ساعة تعرض «ريجيني» لعمليات التعذيب، ما جعله يفقد الوعى، حيث تعرض للضرب فى الوجه والقدمين وأسفل «البطن»، وتم تعليقه وكهربته فى أجزاء حساسة من جسده.

وأشار التقرير إلى أنه تم حرمان «ريجينى» من المياه والطعام والنوم مع إجباره على الوقوف عاريا فى غرفة مليئة بالمياه يتم توصيل التيار الكهربائى إليها لبضع ثوان كل نصف ساعة!

المخابرات الحربية لم تكن بعيدة عن واقعة «ريجيني»، خاصة أن الصحيفة تقول إنه بعد يومين من التعذيب على يد جهاز الأمن الوطنى، قرر وزير الداخلية إحالة الأمر إلى اللواء أحمد جمال الدين، المستشار الأمنى لرئيس الجمهورية، والذى أبلغ الرئيس بدوره، ما جعل أوامر تصدر بضرورة نقل «ريجيني» إلى مقر المخابرات الحربية بمنطقة «رابعة العدوية»، وهنا تلمح الصحيفة إلى أن الجيش كان يريد أن يثبت الرئيس أنه أقدر من الشرطة على انتزاع اعتراف من «ريجيني» لذلك تم تكثيف عمليات التعذيب تحت اشراف طبى حتى لا يموت الشاب الإيطالى، إلا أنه مع استمرار الاستجواب، وتكرار فقدانه الوعى، مات «ريجيني»، وفشلت المحاولات فى إنقاذه.

وأكدت الصحيفة أنه تم وضع «جثة» جوليو ريجينى فى مشرحة مستشفى كوبرى القبة العسكرى، وخلال اجتماع لرئيس الجمهورية مع القيادات الأمنية، وبحضور فايزة أبو النجا، مستشار الرئيس للأمن القومى، تقرر طرح قضية اختفاء ريجينى على أنها مجرد قضية جنائية، يكون وراءها دوافع السرقة أو الانحرافات الجنسية؛ لاسيما أن الشاب الإيطالى كان «مثليا»، منوهة إلى أنه تم نقل الجثة بسيارة اسعاف من حدائق القبة الى طريق مصر اسكندرية للتخلص منها.

التطورات الأخيرة فى قضية ريجينى، حسب رؤية الخبراء وضعت عدة سيناريوهات أمام الرئيس السيسى والجهات الأمنية فى مصر، من بينها ضرورة كشف الوفد الأمنى المصرى الحقيقة كاملة أمام المدعى العام الإيطالى، بخصوص الحادث، ودفع التعويضات المالية أو قطع العلاقات مع إيطاليا ودول الاتحاد الأوروبى، خاصة وأن الجانب الإيطالى ربما يلجأ إلى التصعيد دوليا، وتقديم شكوى رسمية لمجلس الأمن من أجل تسليم مصر قتلة «ريجيني» للجانب الإيطالى، يسانده فى ذلك دول الإتحاد الأوروبي.

 ويرى الدكتور محمد منصور، أستاذ العلوم السياسية، أنه لو ثبتت مزاعم الجانب الإيطالى بتورط مسئولين من جهات أمنية فى مقتل الباحث الايطالى "جوليو ريجينى"، فسوف تكون القضية قد أخذت أبعادا قانونية وسياسية كبيرة، سوف تمثل عبئا كبيرًا على الحكومة المصرية، خاصة أن الحكومة الإيطالية هى الأخرى فى موقف محرج أمام شعبها، حيث يوجد حالة من الغضب الشعبى والسياسى هناك، وهو ما استدعى الحكومة الإيطالية على الفور بوقف جميع الرحلات السياحية إلى مصر.

 وأشار الخبير السياسى، إلى أن يوم 23 أبريل ستقوم السلطات الإيطالية بحملة فى الدورى الإيطالى بالدرجة الثانية بارتداء المنتخبات تيشرتات مكتوب عليها "من قتل ريجينى؟"، وبالتالى كل هذا سوف يكون عبئًا على الرئيس السيسى ووزارة الداخلية التى ورطت نفسها أمام العالم، موضحًا أن الحكومة المصرى مطالبة حاليا بالخروج للإعلان صراحة عن قتله ريجينى بتقديمهم للمحكمة المصرية، مهما كنت المناصب التى يتولاها من فعل ذلك، فى ظل نشر مزاعم إيطالية بتورط 11 مسئولا فى الجريمة، ما يؤكد النظام المصرى مثول المتهمين أمام قضاء عاجل ويسمح للمحامين والمدعى العام الإيطالى بمتابعة القضية.

وبشأن الحديث عن تسليم المتهمين فى حالة الكشف عنها إلى السلطات الإيطالية فى حالة تقدمها بطلب رسمى لمجلس الأمن ضد القاهرة، فأكد الخبير السياسى أنه ليس من السهولة على الحكومة المصرية تسليم هؤلاء المتورطين إلى السلطات الإيطالية كما يعتقد البعض، خاصة أن ذلك سيؤكد المزاعم الإخوانية بالتشكيك فى القضاء المصرى وهو ما يعتبر زريعة لبطلان محاكمة مرسى ونظام الإخوان حاليا.

من جانبه، أكد الدكتور محمد فريد، أستاذ القانون الدولى بالمركز الدولى للدراسات السياسية والقانونية، أن القانون الدولى والمحاكم الجنائية الدولية ترخص لمصر عدم تسليم مرتكبى حادثة قتل الطالب الإيطالى، على اعتبار ذلك من السيادة العامة للدولة، وتدخلا فى شئون القضاء، ولكن من حق إيطاليا الإطلاع على أدلة الاتهامات والتأكد من صحتها، وأن تشارك فى الكشف عن القتلة.

وقال إن مصر قد تعرض التقدم بدفع تعويضات مالية لأسرة ريجينى كأحد الحلول السياسية للخروج من الأزمة مع الجانب الايطالى، وقد تصل تلك التعويضات إلى ما يقرب من 12 مليون دولار، كما حدث مع السائحين المكسيك مؤخرا.

وأشار خبير القانون الدولى إلى أن وزارة الداخلية عجزت عن إقناع السلطات الإيطالية بتحقيقات ريجينى منذ البداية، خاصة أن إيطاليا تقول إن مصر رفضت تسليمها أدلة قتل التشكيل العصابى للطالب الإيطالي.

وأضاف أن إيطاليا لا تزال تصر على تسليمها بيانات شبكات الجوال فى منطقة الدقى، حيث كان يقيم ريجينى يوم 25 يناير أى يوم الاختفاء، وكان يفترض خروج الداخلية بكشف التحقيقات مهما كان المتسببون فى قتل ريجينى، اما هذا التخبط يثبت الرويات والاتهامات التى كشفتها إيطاليا مؤخرا حول القضية.

وأشار إلى أن هناك سيناريوا صعبا فى انتظار الحكومة المصرية بالخارج، حيث إن الاتحاد الأوروبى وجمعيات حقوق الإنسان العالمية، وكل من يتربص بثورة 30 يونيو يستخدم الحادث للتدليل على انتهاك مصر السافر لحقوق الإنسان، على حد وصفهم. كما أن جماعة الإخوان فى الخارج وكل القوى التى تضررت من إجراءات فتح التحقيق فى مسألة التمويل الأجنبى لجمعيات حقوق الإنسان استثمرت هذا الحادث إلى أقصى مدى فى الإساءة للحكم فى مصر.

واستبعد الخبير الدولى، قطعيا نهاية للعلاقات بين القاهرة وروما، بسبب الأزمة حيث ترتبط البلدين بمصالح مشتركة مهمة، كملف ليبيا الذى تضطلع فيه القاهرة بدور أساسى فى حال حصول تدخل مسلح، إضافة إلى عقد ضخم لاستثمار الغاز من جانب شركة إينى الإيطالية، منوها إلى أن هذا لا يمنع أن إيطاليا التى تربطها علاقات تاريخية وسياسية مع مصر قد رفعت درجة التوتر فى العلاقات حكوميًا وشعبيًا بشكل غير مسبوق منذ فبراير الماضى

بداية الصفحة