إقتصاد وأعمال

سيناريو التعويم.. 6 مؤشرات في سوق النقد في مواجهة خفض قيمة الجنيه.. وخبراء يقيمون حجم التدفقات الدولارية

كتب في : الأربعاء 29 نوفمبر 2023 - 7:24 مساءً بقلم : نادر مجاهد

 

اتجهت الأنظار خلال الأيام الماضية إلى ملف أسعار الصرف، وتزايدت التساؤلات حول وضع الدولار في البنوك، وهل سيتمكن القطاع المصرفي بالتعاون مع القطاعات الاقتصادية المختلفة من دعم الجنيه وزيادة قدرته أمام باقي العملات.

وبحسب التحليل الذي قامت به "بوابة الأهرام" للتحركات التي تحدث حاليًا، ووفق رؤية الخبراء، فإنه على الرغم من وصول سعر الدولار في السوق الموازية إلى نحو 50 جنيهًا وأكثر، إلا أن ما حدث في الحصيلة الدولارية بالبنوك وزيادة معدلاتها، مع تحقيق مصادر العملة الصعبة ارتفاعات في إيراداتها، فإن ذلك أصبح بمثابة رسائل طمأنة للسوق والمواطنين بأن الوضع لا يزال تحت السيطرة.

وفي الآونة الأخيرة عززت الإيرادات الدولارية المحققة من قطاعات السياحة والتصدير بالإضافة إلى قناة السويس، من الحصيلة الدولارية في البنوك، وهو ما ظهرت نتائجه في احتياطي النقد الأجنبي الذي ارتفع في أكتوبر الماضي إلى نحو 35.1 مليار دولار.

وفي القطاع السياحي، أشارت تقديرات وزارة السياحة، إلى أن الإيرادات المتوقعة لمصر من القطاع السياحي بنهاية العام الحالي ستصل إلى نحو 14 مليار دولار، بزيادة تلامس 15% عن العوائد المحققة في 2022 والتي تجاوزت 12.2 مليار دولار.

وبلغت إيرادات القطاع خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر الماضي نحو 11 مليار دولار، من خلال جذب مصر نحو 13 مليون سائح خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، وسط توقعات بتجاوز المستهدف رغم التحديات الحالية والمقدر بنحو 15 مليون سائح.

ومن ناحية أخري مثلت الاستثمارات الجديدة التي تم الإعلان عنها، من دول مثل قطر والسعودية خلال الأسابيع الأخيرة، وتجديد الوديعة الكويتية دعما للعملات الأجنبية، كلها إجراءات ستخفف الضغط على الجنيه، وستعطي مساحة أمام صانعي السياسات النقدية في مصر للتحرك بأريحية أكثر.

كما قالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا، إن الصندوق يدرس بجدية زيادة محتملة لبرنامج القرض المقدم لمصر، والذي تبلغ قيمته ثلاثة مليارات دولار، وذلك بسبب الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن التصعيد في غزة.

وفى هذا السياق قالت الدكتورة سهر الدماطي الخبيرة المصرفية، إن سبب الأزمة فى نقص الدولار بدأ منذ الحرب الروسية الأوكرانية وزيادة أسعار الحبوب المستوردة والإنتاج والشحن ومدخلات الإنتاج، وهو ما أدى لتوجيه الدولة حصيلة دولارية ضخمة للوفاء بتغطية احتياجاتها ذات الأولوية الملحة فى استيراد 14 سلعة استراتيجية وتغطية فرق الأسعار ضغط على احتياطي النقد الأجنبي لمصر.

وأضافت أن العامل الثاني الذى اثر على الاحتياطي المصري هو عدم استكمال الاتفاق مع صندوق النقد الدولي بخصوص استكمال القرض والذي كان من المقرر أن يقرضنا 3 مليارات دولار في يونيو الماضي بالإضافة إلى 14 مليار دولار أخري لسد الفجوة التمويلية، مع زيادة قيمة تكلفة الدين التى ذادت بشكل كبير مؤخرا.

ولفتت إلى أن العامل الثالث يتمثل فى الجانب الجيوسياسي والذي اسفرت عنه حرب عزة ووقف الغاز القادم المستورد والتى تقوم مصر بتسييله وتصديره، وتأثر السياحة أيضا لنفس العامل.

وأكدت الدماطي، أن الدولة استغلت أكثر من اتجاه لتنشيط الاقتصاد وتقديم حافز لجذب المزيد من العملة الأجنبة، من خلال إطلاق برنامج الطروحات كما شجعت الاستثمار وقدمت مزايا ضريبية والرخصة الذهبية، وتعزيز الاستثمار في منطقة قناة السويس وطرح شهادات دولارية، وتوفير السلع الأساسية بزراعة نصف مليون فدان من القمح واستصلاح الأراضي وزيادة رفع سعر توريد المحاصيل للحكومة من الفلاحين.

وأضافت أن الدولة فكرت فى سبل جديدة على المستوى الخارجي من عمل اتفاقيات لمبادلة العملات المحلية وكذلك دخول البريكس وتطبيقه يناير المقبل، واتفاقية تبادل القروض مع الصين مقابل مشروعات أصول وأسهم ومشروعات إنشائية.

وأضافت أن الدولة أطلقت مبادرات كثيرة لجذب الدولار مثل مبادرة السيارات ومبادرة تمليك العقارات مقابل الإقامة، وبيع الأراضي والعقارات بالدولار ومبادرات السياحة.

وأكدت أنه وسط هذه التحديات والمؤشرات الإيجابية، لابد من عدم التعويم قبل توافر سيولة دولارية حتى يؤتى التعويم بثماره ويضبط الفجوة بين السعر الرسمي للدولار وسعر السوق الموازية.

ولفتت إلى أن المؤشرات المحققة في قطاع السياحة، مع ارتفاع معدلات التصدير هما رسائل طمأنة للسوق بشأن وضع الدولار في مصر ومدى قدرة القطاع المصرفي على امتصاص أي تحركات تشهدها العملة الأميركية في السوق الموازي،  لافته إلى أن الأسعار التي سجلها الدولار خلال الأيام الماضية نتجت عن وجود مخاوف من حدوث تحرير جديد في أسعار الصرف، إلا أن استمرار الحكومة والبنك المركزي المصرى في تنفيذ السياسات النقدية واتخاذ الإجراءات التي تشجع على جذب المزيد من الدولارات سيهدئ كثيرا من الاضطرابات في السوق.

وتابعت أن القرارات التي أصدرها البنك المركزي والخاصة بالبطاقات الائتمانية قللت من معدلات السحب الدولاري غير المبرر بصورة كبيرة ومنعت حدوث تجاوزات، خاصة وأنها تهدف في الأساس لمنع الاستخدام غير الشرعي لتلك البطاقات في الخارج، مع وجود أصحابها داخل مصر، وهو ما تم رصده ودفع البنك المركزي المصري لاتخاذ هذا الإجراء.

ومن جانبه قال محمد بدرة الخبير المصرفي،  إن السبب الرئيسي فى أزمة الدولار هى عجز الميزان التجاري للدولة، حيث أن مصر تستورد بنحو 90 مليار دولار وتصدر بنحو 25 مليار دولار وهذا يمثل فجوة بنحو 55 مليار دولار، كان يتم تغطيتها بالأموال الساخنة، ومع توقفها ظهرت الأزمة.

وأوضح أن ما زاد الأزمة هو توقف استيراد كثير من السلع التكميلية لبعض الصناعات ما أدى إلى أن يلجأ المصنعون للسوق الموازية فى توفير العملة الأجنبية بخلاف المضاربين الذين رفعوا الفرق بين السعرين الرسمي وسعر السوق السوداء، مما زاد الطلب مع نقص العرض.

وأشار إلى تقليص بعض المصريين العاملين بالخارج من إرسال مدخراتهم وتحويلاتهم بشكل رسمي نظرا للفرق الكبير الذى يحصلون عليه من السوق الموازية، فأدى لتراجع حصيلة التحويلات من 31 مليار دولار إلى نحو 24 مليار دولار، بخلاف أعباء تكلفة اقساط الديون الخارجية.

وأوضح أن الاجراءات التى اتخذتها الدولة بدأت فى زيادة احتياطي النقد الأجنبي بداية من الصادرات واتفاقيات تبادل العملات المحلية ومقاطعة السلع الأجنبية والاعتماد على المحلية وهذا سيظهر على المدى البعيد.

وأوضح أن حجم الاستثمارات الجديدة التي تم الإعلان عنها، من دول مثل قطر والسعودية خلال الأسابيع الأخيرة، وتجديد الوديعة الكويتية، كلها إجراءات ستخفف الضغط على الجنيه، وستعطي مساحة أمام صانعي السياسات النقدية في مصر للتحرك بأريحية أكثر.

وأشار إلى أنه على صعيد ملف التمويلات، فإن وزارة المالية وجهت بوصلتها نحو ملف السندات عبر طرحها في عدة أسواق بعملات جديدة، مثل سندات الباندا في اليابان، وسندات الساموراي في الصين، موضحا أن الاتفاق مع البنك الأوروبي على تقديم تمويل في صورة استثمارات بقيمة تقترب من 10 مليارات دولار وكذلك بنك التنمية الإفريقي الذى سيمنح تسهيلا بقيمة 14 مليار دولار، كل هذا سيعطي دفعة كبيرة جدا نحو تأمين احتياجات البلاد من الدولار، ويقلل من احتمالية حدوث تعويم للجنيه.

كما أوضح أن حجم الاستثمارات الجديدة التي تم الإعلان عنها، من دول مثل قطر والسعودية خلال الأسابيع الأخيرة، وتجديد الوديعة الكويتية، كلها إجراءات ستخفف الضغط على الجنيه، وستعطي مساحة أمام صانعي السياسات النقدية في مصر للتحرك بأريحية أكثر.

وأشار إلى أنه على صعيد ملف التمويلات،  فإن وزارة المالية وجهت بوصلتها نحو ملف السندات عبر طرحها في عدة أسواق بعملات جديدة، مثل سندات الباندا في اليابان، وسندات الساموراي في الصين، موضحا أن الاتفاق مع البنك الأوروبي على تقديم تمويل في صورة استثمارات بقيمة تقترب من 10 مليارات دولار سيعطي دفعة كبيرة جدا نحو تأمين احتياجات البلاد من الدولار، ويقلل من احتمالية حدوث تعويم للجنيه.

وقال بدرة، إن ما تم الإعلان عنه من مبادرات وقرارات تخص التعامل بالعملات الصعبة ستفتح الباب أمام زيادة الحصيلة الدولارية، إذ أن بدء الحكومة في اتخاذ إجراءات تسمح للشركات العقارية ببيع الوحدات العقارية بالدولار للأجانب والمصريين في الخارج هي خطوة مثالية، إذ أن ذلك القطاع هو الأكثر نشاطا على الصعيد الاستثماري حاليا، ويحظى بطلب كبير في الخارج، وبحسب البيانات المعلنة فإن ما يقارب من 50% من مبيعات الشركات العقارية خلال العام الجاري، تمت لعملاء من خارج مصر، سواء للجاليات المصرية أو للأجانب أنفسهم.

وأشار إلى أن تلك الخطوة ستشجع الشركات على زيادة مبيعاتها في الخارج، وبالتالي زيادة الحصيلة الدولارية لمصر، وتأمين الاحتياجات المالية لتلك الشركات بعملات تغطي الفجوة بين أسعار البيع وتكلفة التنفيذ، إذ سيتم تسعير الوحدة وبيعها بالدولار.

وأكد أن هناك ملفًا آخر يدعم الحصيلة الدولارية والذي يتمثل في الصادرات، والتي ترتفع معدلاتها بصورة ملحوظة شهرًا بعد الآخر، خاصة مع تنفيذ الحكومة لبرنامج رد الأعباء للمصدرين، وصرف وزارة المالية للمستحقات المتأخرة لصالح الشركات عبر آلية السداد الفوري.

وأكد أن توجه مصر نحو التبادل التجاري مع عدة دول بالعملات المحلية سيخفف الضغط عن الدولار، إذ تسعى مصر لتحقيق تلك الخطوة مع كل من روسيا والصين وتركيا، سواء من خلال تبادل تجاري بالعملات المحلية، أو الاتفاق على برامج لتبادل العملات.

وأكد أن وسط هذه المعطيات سيكون مؤشر توافر العملة الأجنبية ارتفع ويؤجل عملية التعويم إلى بداية العام الجديد مع السيطرة بشكل كبير على السوق الموازية لتقليص الفجوة بين السعرين الأساسي والموازي الذى يصل لنحو 20 جنيهًا أو يزيد.

بداية الصفحة