أخبار عاجلة

عندما حضرت 'بحر البقر' في '25 يناير'.. الذاكرة الوطنية لا تصدأ

كتب في : الأحد 09 إبريل 2017 - 12:39 صباحاً بقلم : رضا المغازى الطنطاوى

"الإسرائيليون يشكون من أن خطوات التطبيع بين بلدينا ماتزال بطيئة جدا. وبعضهم يرى أن التطبيع جاء من جانبهم أكثر مما جاء من جانب مصر.. سافر عشرات الألوف من إسرائيل إلى أرض الكنانة، بينما سافر عشرات فقط من هنا إلى إسرائيل".

 

جاءت هذه الفقرة ضمن سؤال وجهه الصحفي والكاتب الراحل أنيس منصور، إلى الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، في حوار صحفي لمجلة "أكتوبر"، عدد 6 ديسمبر 1981.. وكان أول حوار يجريه مبارك بعد توليه الرئاسة، في أعقاب اغتيال سلفه محمد أنور السادات.

 

المهم.. بماذا أجاب الرئيس الأسبق؟

"أعتقد أنها مسألة وقت، فالمصريون لن يذهبوا بهذه السرعة إلى إسرائيل. وأرى أنهم سوف يفعلون ذلك بعد الإنسحاب الكامل من سيناء.. بعد إبريل القادم".

 

هكذا جاءت إجابة مبارك على السؤال، لكن مرت السنون ولم يتحقق منها شيء، فلا زال الشعب المصري محجما عن ممارسة أي مظهر من مظاهر التطبيع مع العدو الإسرائيلي، بل يَعتبر كل من يسافر إلى الدولة العبرية خائنا، ويطوله كل ما يطعن في ذمته الوطنية.. لماذا؟ لأن الذاكرة الوطنية تحمل كل الممارسات الهمجية للكيان الصهيوني، من احتلال العرض وانتهاك العرض، إلى قتل الأطفال عبر حوادث لا تنسى، أبرزها ما حدث في مثل هذا اليوم من عام 1970.. مجزرة بحر البقر.

 

30 تلميذا استشهدوا بعد قصف طائرات الفانتوم الإسرائيلية للمدرسة.. حادث جلل استفذ الشاعر الراحل فؤاد حداد ليكتب قصيدة "يا بلادي"، التي يحثنا فيها على حفر الحادث الإجرامي المريع في ذاكرتنا:

 

"يا كل واحد في الملايين

بنت وولد طلّوا وشوفوا

درس النهاردة يا مصريين

كتبت ع التختة حروفه

أدي الـ "ألف"  وأدي الـ "بِه"

هاتوا القلم  نتك عليه

كلمة "شهيد" جملة مفيدة

في مدرستنا الجديدة

وكل مدرسة مصرية"

 

شاء القدر أن يخلد هذه الكلمات الصادقة، فلحنها الموسيقار بليغ حمدي، ليغنيها "كورال" في مشهد عن المجزرة بفيلم "العمر لحظة"عام 1978 من بطولة ماجدة وإخراج محمد راضي، عن قصة يوسف السباعي وسيناريو وجيه نجيب وحوار عطية محمد.

وبعد سنوات طويلة، شاء القدر أن يخلد الأغنية، فوقع اختيار المطرب عزيز الشافعي عليها ليقتبس منها كلمات ولحن مطلع أغنيه "يا بلادي" التي كتبها ولحنها عزيز، ووزعها وسام عبد المنعم، وغناها الشافعي مع المطرب رامي جمال، خلال ثورة 25 يناير، وهي الأغنية التي أضحت من أيقونات الثورة المصرية.

 

ولم يتجاهل الشافعي الإشارة في تتر نهاية الأغنية المصورة، إلى اقتباس مقطع "بحبك يا بلادي" من بليغ حمدي.

 

تواصلنا مع الشافعي، وسألناه عن سر الاقتباس من هذه الأغنية تحديدا، فأجاب بأنه يرى أن بليغ حمدي بشكل عام من أفضل "صانعي المزيكا" في تاريخ مصر بعد محمد عبد الوهاب، لكن وقع اختياره على هذه الغنوة تحديدا لأنه منذ الصغر يحب فيلم "العمر لحظة" ويعشق هذه الأغنية تحديدا، ويعتبرها من أجمل الأغنيات الوطنية التي أثرت فيه.

 

وهكذا اختزن الفن الواقعة في الذاكرة الوطنية المصرية، حتى سمعنا مقطعا من أغنية عن "بحر البقر" يتردد صداه في ميدان التحرير عام 2011.

 

بداية الصفحة