إقتصاد وأعمال

بعد اعتراف الوزارة بعجزها عن تنفيذ 'المليون ونص فدان'.. من أقنع الرئيس بالمشروع ؟

كتب في : الأحد 22 يناير 2017 - 12:57 صباحاً بقلم : منى البغدادى

أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي عن برنامجه الرئاسي قبل أن يترشح لرئاسة الجمهورية، وكان ضمن هذا البرنامج مشروع قومي لاستصلاح الأراضي، أعلن الرئيس من خلاله عن استصلاح مليون ونصف المليون فدان بمناطق مختلفة على مستوى الجمهورية أغلبها كان في الفرافرة ومنخفض القطارة وغرب المنيا، الرئيس ليس عالمًا في الجيولوجيا وليس خبيرًا في طبقات المياه الجوفية، لكنه كان يستمد دائمًا معلوماته من مستشاريه ووزرائه وخبرائه، بعضهم أخفى حقيقة أن المشروع لن يكتمل والبعض الآخر تعمد تضليل الرئيس.

ومرت الأيام والشهور والسنوات، حتى اعترفت وزارة الموارد المائية والري (الجهة المنوط بها توفير المياه للمشروع)، بأن المياه الجوفية المتوفرة لايمُكنها ري أكثر من 26 % من أراضي المليون ونصف فدان، وهو تصريح في حقيقة الأمر «صادم جدًا» خصوصًا للحكومة المصرية التي كانت قد طرحت بالفعل كراسات الشروط الخاصة بالمرحلة الأولى للمشروع.

 

◄ تصريحات رسمية تؤكد فشل المليون ونص فدان بعد 3 سنوات من الإعلان عنه

ومن الناحية الجيولوجية، اتفق أغلب الخبراء والمتخصصين على أن مشروع الاستصلاح صعب للغاية، حيثُ لا توجد مياه كافية لري أراضي المشروع، كما أن الطبقة الجوفية الناقلة للمياه لا يُمكن تحديد على وجه الدقة عدد السنوات التي يُمكن للمياه الجوفية إمداد المساحات المزروعة بالمياه بها.

 

وقال الدكتور سامح صقر، رئيس قطاع المياه الجوفية بوزارة الري، إنه يجب مصارحة الشعب بأن المياه الموجودة لا تكفي أكثر من 27 % من الأراضي المطروحة للاستصلاح، وبذلك يُعتبر أول تصريح رسمي لمسؤول حكومي يؤكد فيه فشل المشروع.

 

ويظل هناك سؤالاً هامًا عن المتسبب في المشروع أو الشخص الذي أقنع الرئيس به.. من يكون؟، ومن الذي وضع الرئيس في ورطة المليون ونص فدان؟، البعض يُشير إلى وزير الري السابق الدكتور حسام مغازي، وآخرون يؤكدون أن وزير الزراعة المسجون حاليًا على خلفية قضية رشوة الدكتور صلاح هلال، ولكن الاثنين تم تعيينهم في مناصبهم بواسطة الرئيس، بمعنى أن الرئيس طرح المشروع قبل أن يظهرا من الأساس.

 

◄ صلاح هلال.. كيف ورط الرئيس في المليون ونصف فدان؟

يقول متخصصون في ملف المياه، إن المتسبب الحقيقي في مشروع المليون ونص فدان، هو أحد مستشاري الرئيس السيسي وهو ما أقنعه بالمشروع، مؤكدين أن البداية الحقيقية للمشروع كانت «مليون فدان»، ثم أقنع المستشارون الرئيس بزيادة المساحة إلى مليون ونصف.

 

ويذهب الخبير الزراعي «سعيد خليل» إلى التأكيد على أن بعض الشخصيات حاولت إقناع الرئاسة بأن مشروع الاستصلاح الضخم ليس له مثيل، وأن تنفيذه سيكون سهلاً دون النظر إلى عواقب ذلك، مضيفًا: صلاح هلال، وزير الزراعة المحبوس على ذمة قضية الرشوة الشهيرة، كان يردد دائمًا أن المشروع يعتبر الأكبر على الإطلاق بعد تنمية محور قناة السويس.

 

وأوضح خليل له، أنه يجب محاسبة ومحاكمة أي مسؤول أقنع الرئيس بإمكانية تنفيذ المشروع كاملاً، بتهمة الغش والتدليس وإهدار أموال الدولة، مؤكدًا أن وزير الزراعة الحالي عصام فايد، لا يعترف حتى الآن بأن المشروع لن يتم تنفيذه ويصر على أن يصم أذنه ولا يستمع إلا إلى حاشيته فقط.

 

◄ وزير الري السابق حسام مغازي "لماذا حجب المعلومات عن الرئيس؟"

يذهب البعض إلى توجيه اتهام لوزير الري السابق، حسام مغازي، في إقناع الرئيس السيسي بضرورة المضي قدمًا في المشروع رغم بوادر الفشل التي كانت تلوح في الأفق، مؤكدين أن مغازي كان هو الأقرب من الدائرة، خصوصًا وأن لديه أبحاث عديدة في مجال المياه الجوفية، ومع ذلك تجاهل الوزير ذلك، وظل يدلي بمعلومات إلى الرئيس ويقنعه بالاستمرار في الاستصلاح وهو ما أضاع وقتًا وجهدًا كبيرًا على الدولة.

بالفعل، مغازي له دراسات عديدة في المياه الجوفية، لديه 12 بحثًا تقريبًا عن هذا المجال تحديدًا، وظل وزيرًا للزراعة ورئيسًا أعلى لهيئة المياه الجوفية بالوزارة لمدة سنة ونصف تقريبًا، ومع ذلك لم يعلن الوزير عن صعوبة تنفيذ المشروع، بل أكد في حوار صحفي أجراه مع كاتب هذا التقرير في عام 2014، أن مشروع الاستصلاح «تاريخي» وسيتم إكماله للنهاية، مؤكدًا وجود مياه جوفية تكفي لجميع مراحل المشروع.

في السياق السابق، يقول نصر الدين علام وزير الري الأسبق: «كان الوزير السابق يقول ياريس متقلقش الميه كتير وازرع زى ما أنت عاوز، وطبعا الميه مش كتير ولا حاجة، وادّبس فيها الوزير الحالي»، لافتًا إلى أن مغازي يُسئل تمامًا عن تصريحاته عن توفير المياه لأراضي المشروع، رغم أن جميع الخرائط التي كانت موجودة في يده أشارت إلى أن المياه الجوفية لن تكون كافية.

 

◄ مصر تناقض نفسها.. تطلب زيادة حصتها المائية وتُهدر المياه !

ولكن «مصر» في حقيقة الأمر تُناقض نفسها، فهيّ وسط اجتماعات دول حوض النيل تطالب بزيادة حصتها من المياه وذلك لزيادة عدد السكان، في الوقت نفسه تُهدر مئات الآلاف من الأمتار في عدة اتجاهات أهمها مشروعات لم تأخذ دراسة كافية أو وقتًا كافيًا، زراعات تستهلك المياه بشكل شره، سلوكيات خاطئة من المواطنين، إضافة إلى ذلك إهدار مخزون المياه الجوفية !

 

وفي السياق، يُضيف نصر علام، إن الحديث عن التوسعات في أربعة مليون فدان أو مليون ونصف فدان يضر بمصر في مفاوضات حوض النيل لأنّ معنى ذلك أننا نمتلك مياه كثيرة بينما نقول في المفاوضات بأنّ مشاريع أعالى النيل سوف تموتنا عطشا، مضيفًا: "هل سوف يصدقنا أحد؟!".

 

أيضًا، يقول خبير المياه بالأمم المتحدة سابقًا، الدكتور أحمد الشناوي، إن دول حوض النيل تشعر بعدم صدق المسؤولين المصريين في المفاوضات، وهو ما جعل بعضها يُسارع مباشرة إلى التوقيع على اتفاقية عنتيبي، وهيّ الاتفاقية التي رفضت مصر التوقيع عليها لأنها تُحجم حصتها المائية وتجعلها 55.5 مليار متر مكعب سنويًا، فرغم الزيادة السكانية فإن النسبة لا تتغير.

 

يُضيف الشناوي له: مصر كان يمُكنها إقناع دول حوض النيل بموقفها لو أنها تجنبت إهدار المياه لكنها لم تفعل ذلك، وبالتالي فإن أزمة سد النهضة ليست مع إثيوبيا فقط بل مع دول حوض النيل التي لا تعترف بأحقية مصر في الحصول على نسبة أكبر من المياه.

بداية الصفحة