ثقافه وفنون

مولد النور' صلي الله عليه وسلم '

كتب في : الخميس 31 مايو 2018 - 6:15 مساءً بقلم : ماجده الروبى

مولد النور" صلي الله عليه وسلم "

ذكر الشيخ أمين محمد البطاوي رضي الله عنه في كتابه النفحات البهية أن السيدة الكريمة حليمة السعدية رضي الله عنها قالت : " وبينما نحن في الطريق عائدون وإلى منازلنا قادمون ، قابلنا قوم من اليهود ذوي القلب الجحود ، ورأوا في السماء غمامة بيضاء ، تظل النبي الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم ، وكلما مر أشرقت الأنوار البهية وسلمت عليه الأشجار والأحجار الصخرية..

فذهبوا إلى كاهنهم اللعين عليه اللعنة إلى يوم الدين ، وأخبروه بما شاهدوا من الآيات الغريبة والكرامات المدهشة العجيبة ؛ وقالوا : قد ظهر الذي دلت عليه التوراة والإنجيل وأصبحنا في خطر وبيل ، فهذا الذي يظهر الدين القويم ونحن الآن في كرب عظيم ، فقال كاهنهم : اقتلوهم عن آخرهم..

فبرزوا في الحال واستعدوا للقتال ، وسلوا سيوفهم ولم يراعوا كتبهم أو يخشوا ربهم..

فبكت السيدة حليمة وانتحبت خوفاً على النبي وجزعت ، ثم نظرت إليه وقبلته بين عينيه فتبسم ضاحكاً بشفتيه وصار يشير بيديه ، وكأنه يقول : طمئني قلبك وهدئي روعك ، وإذا بنار هبت أحاطت بالكافرين وأهلكتهم أجمعين ونجونا بفضل الملك المبين وببركة من أرسل رحمة للعالمين ، وأوصاني زوجي بالمحافظة عليه وقال أنه أعز عزيز لديه "

وأورد الشيخ رضوان بن العدل بيبرس الشافعي الخلوتي رضي الله عنه في مولده : " قالت حليمة : فلم يزل الله تعالى يزيدنا خيراً ، فودعت النساء بعضهن وودعت أنا أم النبي صلى الله عليه وسلم ثم ركبت أتاني وأخذت سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم بين يدي فنظرت إلى الأتان وقد سجدت نحو الكعبة ثلاث سجدات ورفعت رأسها إلى السماء ثم مشت حتى سبقت دواب الناس الذين كانوا معي..

وصار الناس يتعجبون مني ويقلن النساء لي وهن ورائي : يا بنت أبي ذؤيب أهذه أتانك التي كنت عليها وأنت جائية معنا تخفضك طوراً وترفعك أخرى ؟! ، فأقول : تالله إنها لهي ؛ فيتعجبن منها ويقلن إن لها لشأناً عظيماً..

قالت : فكنت أسمع أتاني تنطق وتقول : والله إن لي لشأناً ثم شأناً بعثني الله بعد موتي ورد علي سمني بعد هزلي ويحكن يا نساء بني سعد إنكن لفي غفلة وهل تدرين من على ظهري ؟! على ظهري خيار النبيين وسيد المرسلين وخير الأولين والآخرين وحبيب رب العالمين..

وجعلت الأتان لا تمر بموضع إلا اخضر بإذن الله تعالى ، ولا زالت الأتان تسبق دوابهم إلى أن غابت عنهم والأرض قد كسيت خضرة والأتان لا تلحق ، فلما دخلت به صلى الله عليه وسلم إلى منزلي لم يبق منزل من منازل بني سعد إلا شممنا منه ريح المسك..

وفي رواية : قدمنا منازل بني سعد ولا أعلم أرضاً من أرض الله اجدب منها ، فكانت غنمي تروح علي حين قدمنا به صلى الله عليه وسلم شباعاً لبناً فنحلب ونشرب وما يحلب إنسان قطرة لبن ولا يجدها في ضرع حتى كان الحاضر من قومنا يقول لرعاتهم : اسرحوا حيث يسرح راعي غنم بنت أبي ذؤيب فيسرحون في الشعب الذي يسرح فيه فتروح أغنامهم جياعاً ما بها لبن وتروح غنمي لبناً حفلاً ؛ قالت : فلم يزل الله تعالى يرينا البركة ونتعرفها ببركته صلى الله عليه وسلم وألقى الله محبته في القلوب حتى أن أحدهم إذا نزل به أذى في جسده أخذ كفه صلى الله عليه وسلم فيضعها على موضع الأذى فيبرأ بإذن الله تعالى ومن نزل به ضر في عينيه مسح بكفه صلى الله عليه وسلم عليهما فيبرأن بإذن الله سبحانه سريعاً وكذلك إذا اعتل لهم دابة فيأخذون بيده صلى الله عليه وسلم فيمرون بها على موضع الأذى منها أو على كلها فتبرأ بإذن الله عز وجل ، ولقد كان صلى الله عليه وسلم يمس ضرع الشاة للقوم فتحلب غبوقاً وصبوحاً وما على الأرض شيء تأكله دابة.. وانبت الله ببركته العشب فأعشب الوادي ، وعنها أنها قالت : إنه لفي حجري ذات يوم إذ مرت به غنيماتي فأقبلت واحدة منهن حتى سجدت له وقبلت رأسه ثم ذهبت إلى صواحبها..

وعنها أنها قالت : كان صلى الله عليه وسلم يشب شباباً لا يشبه الغلمان يشب في اليوم شباب الصبي في شهر ويشب في الشهر شباب الصبي في سنة فوالله ما بلغ سنتيه حتى كان غلاماً جفراً..

وفي شواهد النبوة : أنه صلى الله عليه وسلم لما صار ابن شهرين كان يتزحلف مع الصبيان إلى كل جانب وفي ثلاثة أشهر كان يقوم على قدميه وفي أربعة أشهر كان يمسك الجدار ويمشي وفي خمسة قوي على المشي وفي ستة كان يسرع المشي وفي سبعة كان يسعى ويعدو إلى كل جانب وفي ثمانية كان يتكلم بحيث يفهم كلامه وفي تسعة كان يتكلم بالكلام الفصيح وفي عشرة كان يرمي السهام مع الصبيان.

ولما فصلته حليمة حين بلغ سنتين قدمت به على أمه صلى الله عليه وسلم وهي مضمرة أن ترجع به فكلمت أمه في ذلك ولم تزل بها حتى ردته معها ، فكانت حليمة بعد رجوعها من مكة لا تدعه يذهب إلى مكان بعيد فغفلت عنه يوماً في الظهيرة فخرجت تطلبه فوجدته قد خرج مع أخته الشيماء إلى البهم فقالت : في هذا الحر تخرجين به ، فقالت أخته : يا أمه ما وجد أخي حراً رأيت غمامة تظلل عليه إذا وقف وقفت وإذا سار سارت..

قالت حليمة : فمكث عندنا شهرين فبينما هو وأخوه يوماً خلف البيوت إذ جاء أخوه يشتد فقال لي ولأبيه : أدركا أخي القرشي ، قد جاء رجلان فأضجعاه وشقا بطنه ؛ فخرجنا فانتهينا إليه وهو قائم منتقع لونه فاعتنقه أبوه واعتنقته وقلنا له : أي بني مالك ؟ ، قال : أتاني رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاني ثم شقا بطني فوالله ما أدري ما صنعا..

وأخرج أبو نعيم وأبو يعلى وابن عساكر أنه صلى الله عليه بد مليء ثلجاً فأخذوني من بين أصحابي وانطلق الصبيان هراباً مسرعين إلى الحي فعمد أحدهم فأضجعني على الأرض إضجاعاً لطيفاً ثم شق ما بين مفرق صدري إلى منتهى عانتي وأنا أنظر إليه لم أجد لذلك مساً ثم أخرج أحشاء بطني ثم غسلها بذلك الثلج فأنعم غسلها ثم أعادها مكانها ثم قام الثاني فقال لصاحبه تنح ثم أدخل يده في جوفي وأخرج قلبي وأنا أنظر إليه وصدعه ثم أخرج منه مضغة سوداء فرمى بها ثم قال بيده يمنة ويسرة كأنه يتناول شيئاً فإذا بخاتم في يده من نور يحار الناظر

بداية الصفحة