أخبار مصر

مشروع قانون وصندوق يلزم رجال الأعمال بالمسئولية الاجتماعية تجاه الفقراء.. «حلول أزمة»

كتب في : الأحد 15 يناير 2023 - 6:30 مساءً بقلم : محمود العطار

 

فى ملف المسئولية الاجتماعية لرجال الأعمال في المجتمع، والمساهمة إلى جانب الحكومة في مساندة بسطاء هذا الوطن من محدودي الدخل والأسر الأكثر احتياجًا، وذلك في ظل تداعيات الأزمة الاقتصادية وارتفاع الأسعار الذي فرضته أحداث متتالية وعالمية ليست محلية منها ارتفاع سعر الدولار واشتعال الحرب الروسية الأوكرانية وجائحة كورونا.

ورغم إجراءات الحكومة التي تتخذها في هذا الشأن عبر برامج حماية غير مسبوقة لمساندة محدودي الدخل إلا أن وجود دور أكبر لرجال الأعمال بات ضروريا بل وعاجلا للخروج من هذه الأزمة .

المسئولية الاجتماعية

ويعتقد البعض خطأ أن المسئولية الاجتماعية لرجال الأعمال أو للشركات الكبرى تمثل عبئًا وتقلل من الأرباح وهو ما أثبتت الدراسات عكسه تمامًا، فبحسب عدة دراسات خاصة بهذا الشأن تبين أن قيام الشركات والمصانع والكيانات التجارية بمسئولياتها الاجتماعية تجاه أصحاب المصالح والبسطاء ممن هم في حاجة إلى التكافل الاجتماعي يسهم في تحسين صورة ومركز الشركة في أعين العملاء والجمهور مما ينعكس إيجابيًا على عائدات الشركة في الأجل المتوسط والأجل الطويل، ويؤكد أن المسئولية الاجتماعية لرجال الأعمال والكيانات التجارية تعتبر استثمارًا طويل الأجل له عائد على المدى الطويل .

الدستور

وفي هذا السياق يقول المستشار بهاء أبو شقة، المحامي بالنقض، ووكيل مجلس الشيوخ، إن الدستور ينص على التضامن والتكاتف والدعم الاجتماعي، تحت بند المقومات الاجتماعية في الفصل الأول من الباب الثاني ، حيث تقول المادة (8) :" يقوم المجتمع على التضامن الاجتماعي".

الهروب

ورغم قيام بعض رجال الأعمال بدورهم في المسئولية الاجتماعية وتخصيص جزءًا من أرباحهم لدعم بسطاء هذا الوطن، إلى جانب الدعم الذي توفره الحكومة، وهو ما يحدث في كل دول العالم إذ لا توجد دولة خالية من الفقراء ومحدودي الدخل، إلا أن النسبة الأكبر لرجال الأعمال والشركات والمصانع الكبرى لا تقوم بهذه المسئولية الاجتماعية، في تجاهل متعمّد وصارخ لدعم الفئات المتضررة من تداعيات الأزمة الاقتصادية رغم أنه في الحقيقة يعد واجبا يرتقى إلى حد حق للمجتمع لديهم فهم بدأوا فيه مشروعاتهم وحققوا فيه أرباحًا طائلة نَعِموا بها في أوقات الرخاء على أثر مميزات منحتها لهم الدولة، فلماذا لا يقفون إلى جانبها في مساندة الفقراء وقت الشدائد التي تفرض نفسها على المجتمع وتعبث باستقراره وتهدد بارتفاع معدلات الجريمة به إذا لم تُنتَشَل هذه الفئات البسيطة من قسوة العَوز؟ بل أن انتشال الفقراء من دائرة الفقر يحقق مصلحة الشركات المستثمرة في المجتمع  من خلال زيادة المبيعات بالتالي زيادة الأرباح .

كرّ و فرّ

ويتكرر نداء الغلاء في كل مرة تقع على عاتق المجتمع أزمات اقتصادية تعبث بالفقراء ومحدودي الدخل وعلى سبيل المثال دخلت الحكومة في محاولات كرّ و فرّ مع رجال الأعمال أثناء أزمة كورونا التي أثرت على اقتصاد العالم وليس مصر فحسب، ولم يبادر إلا عدد قليل من رجال الأعمال نحو الأسر الأكثر احتياجًا وتقديم العون لهم واحتواء عَوزهم القاسي، فيما تجاهل السواد الأعظم من رجال الأعمال هذا الدور الإنساني قبل أن يكون حق الدولة عليهم في أوقات الشدائد وهي التي لم تبخل عليهم وقت الرخاء!

مشروع قانون

ولعل ما يدعم هذا التجاهل الصارخ للمسئولية الاجتماعية عدم وجود التزام قانوني، وهو ما أرجعه المستشار بهاء أبو شقة إلى طبيعة الشعب المصري وأنه يتسم بالشهامة والمروءة والتعاون والمساندة في أوقات الشدائد مما يجعله يبادر لنجدة المحتاج بدون التزام قانوني وإنما لالتزام إنساني!.

ولأن الكثير من رجال الأعمال تخلّوا عن هذا الدور الإنساني ظنًا منهم أنه ليس دورهم وإنما هو دور الحكومة، وهذا صحيح ولكن الحكومة وحدها لا تكفى، بل ورجال الأعمال وحدهم لا يكفون، وعلى كل قادر ماديًا أن يقوم بدوره الإنساني تجاه غير القادرين الموجودين في محيطه، وعلى كل مسلم إخراج الزكاة حتى لا يشعر الفقراء أنهم عبئًا على كاهل أحد سواء كان رجل أعمال أو شخص قادر أو حتى الحكومة نفسها.

الفقراء ومحدود الدخل

ولأن الزكاة حق الفقراء عند القادرين فرضه الله سبحانه وتعالى، ولأن المسئولية الاجتماعية حق الدولة عند رجال الأعمال الذين حصلوا منها على مميزات وتسهيلات لاقتصادهم فيتوجب عليهم مساندة فقراء المجتمع من المواطنين محدودي الدخل في الأوقات الاقتصادية الحرجة، يقول المستشار بهاء أبو شقة، يمكن استحداث نصّ قانوني يُلزم هؤلاء بالمسئولية الاجتماعية.

رجال الأعمال

ويقترح وكيل مجلس الشيوخ  التقدم بمشروع قانون للمسئولية الاجتماعية لرجال الأعمال والشركات الكبرى يكون مُلزمًا للتضامن الاجتماعي وقيام رجال الأعمال والشركات الكبرى بدورهم الاجتماعي في احتواء غير القادرين ماديًا أثناء الظروف الاقتصادية الطارئة قائلًا: "هذا حق الدولة عليهم لأنهم حصلوا منها على مميزات ساهمت في نجاح اقتصادهم فلماذا لا يدعموها في أوقات الشدائد".

المستشار بهاء أبوشقة

 

نصّ تشريعي

ويقول المستشار بهاء أبوشقة، ليس هناك ما يمنع أن نكون أمام نصّ قانوني يفعّل المادة (8) فقرة (1) من الدستور، أي استحداث نصّ تشريعي يلزم رجال الأعمال وكل من حصل على ميزة من الدولة أن يسهم في هذا الظرف الذي يتفق مع النصّ الدستوري ومع طبيعة المصريين بأنهم جميعًا لديهم القيم والمُثُل والمبادئ التي تحركهم للتضامن مع الآخر في أوقات الشدة.

قانون واجب التطبيق

ويقتضي ذلك، بحسب المستشار بهاء أبو شقة، أن نكون أمام مشروع قانون بشأن المسئولية الاجتماعية، ومشروعات القوانين ينظمها الدستور، وتُقدّم من رئيس الجمهورية، أو الحكومة، أو أي نائب، ويوقّع عليها عُشر أعضاء المجلس بتأييد هذا المقترح فيُبحَث في قنوات المجلس حيث لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، ثم يُعرض كمشروع قانون، وعند موافقة المجلس عليه، يُرسل إلى رئيس الجمهورية للتصديق عليه، ونكون حينها أمام قانون واجب التطبيق.

صندوق جديد

وإلى جانب ذلك يقترح وكيل مجلس الشيوخ، إنشاء صندوق للتكافل الاجتماعي، يتقدم لدعمه ليس رجال الأعمال ولا الشركات الكبرى فقط وإنما جموع الشعب وكل شخص لديه القدرة على مساعدة شخص آخر غير قادر، قائلًا: "هذا الصندوق سيكون على غرار صندوق القرش الذي تم تدشينه في مصر في فترة تاريخية سابقة حيث كان يتلقى التبرعات ممن يستطيع أن يسهم ولو بقرش يفعل ذلك كي نكون أمام مشهد وطني يؤكد أن الأصالة والمبادئ والشهامة المصرية هي الأساس قبل أن نكون أمام التزام قانوني".

الإنسانية قبل القانون

ويشيد الدكتور محرم هلال، رئيس الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين، بمقترح المستشار بهاء أبو شقة، الذي وصفه في حديثه لـ"بوابة الأهرام" بأنه جيد جدًا وممتاز للخروج بالفقراء من دائرة العَوز التي تتسع في الأوقات الاقتصادية الحرجة .

ويقترح إلى جانب مشروع القانون، زيادة الوعي بأهمية المسئولية الاجتماعية التي تعد في الأساس دورًا إنسانيًا قبل أن تكون دورًا اجتماعيًا مُستنكرًا أن يكون القانون هو المُحرّك لهذا الدور وإنما يجب أن يُحركه الوازع الديني بداخل رجال الاقتصاد وكل شخص قادر ماديًا قائلًا: "الخير لا يحتاج إلى قانون وضغط وإنما يحتاج إلى وازع ديني وأخلاقي وإنساني وهذا ما يجب تفعيله عبر خُطب الجمعة ووسائل الإعلام المختلفة".

الدكتور محرم هلال

 

اختبار أزمة

ويضيف رئيس الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين،  هناك رجال أعمال كثيرون يقومون بدورهم في المسئولية الاجتماعية ويفعلون الخير لهذا الوطن والبسطاء من المواطنين على أعلى مستوى لأن هؤلاء يعلمون جيدًا أن كلنا سنموت وكلنا سنُحاسب أمام الله وأن البلد والفقراء بحاجة إلينا في أوقات المِحَن ما دمنا قادرين على العطاء، ونحن بحاجة أن يعلم الجميع ذلك ويرتفع الوعي بأهمية المسئولية الاجتماعية قائلًا: "أخطأ من ظن أن أرباحه ستتراجع إذا ساند الفقراء وفعل الخير لأن الحسنة بعشرة أمثالها، والله يضاعف لمن يشاء"، واصفًا التزام البعض بالمسئولية الاجتماعية وتجاهل الكثير لها بأنه "اختبار أزمة" تظهر فيه معادن الرجال.

 

بداية الصفحة