قال مارشيلو دى سوزا، رئيس جمهورية البرتغال، فى إجابته عن سؤال، بخصوص موقف البرتغال من القرار الأمريكى باعتبار القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي،: إننا نرى ضرورة القبول بوجود دولة للفلسطينيين عاصمتها القدس، ولن نغير موقع سفارتنا، ولن ننقلها.

وأوضح أنه بالأساس أستاذ جامعى، ولذلك فإن وجوده فى جامعة الأزهر التاريخية المليئة بالحضارة والفكر والثقافة يجعله يشعر كما لو كان فى وطنه، مؤكدا أن الجامعة لا يقتصر دورها على التعليم بل يجب أن تعمل على تعزيز الحريات وتعدد الآراء.

وأضاف الرئيس البرتغالى أنه عمل، سواء خلال مسيرته الأكاديمية ثم كرئيس لجمهورية البرتغال، على نشر قيم حرية الاعتقاد والفكر، وسيظل يدافع عن هذه القيم، موضحًا أن دستور البرتغال ينص على احترام الحقوق الأساسية للمواطنين.

وأكد أنه يجب النظر لجميع المواطنين فى أى دولة على قدم المساواة بغض النظر عن أديانهم ومعتقداتهم، كما يجب أن يقوم العيش داخل المجتمعات على الاحترام المتبادل، كما أنه من حق كل إنسان أن يؤمن بأن اعتقاده هو الأسلوب الصحيح فى الدين وأن علاقته مع الله هى وفق ما حدده دينه، لكن هذا لا يعنى أنه لا يؤمن بحرية الآخرين فى اعتقادهم، فالمؤمن الحقيقى هو الذى يحترم اعتقاد الآخرين.

وبين رئيس البرتغال أن الاختلاف هو طبيعة فى كل أشكال الحياة، فالجميع لديهم آراء مختلفة فى الثقافة والاقتصاد والسياسة، وأيضًا هناك اختلاف فى الدين والمعتقدات، ولا يجب أن يضطهد أى إنسان أو يهاجم بسبب معتقداته، فالله لا يمكن أن يرضى بالتعطش للدماء، بل على العكس فهو يطلب منا احترام الآخرين، لذا يجب أن نتحدث عن السلام لا الحرب، الحب وليس الكراهية، الأخوة وليست العداوة.

وأوضح أن تاريخ الإنسانية مليء بالأمثلة على مصادرة حرية الاعتقاد، وكانت البرتغال فى الماضى نموذجَا على هذا التاريخ خلال فترة التوسع الاستعماري، حيث لم يكن يُسمح بوجود اختلاف فى الاعتقاد، وتم فرض معتقدات بعينها على الجميع.

وشدد رئيس البرتغال على أننا يجب أن نكافح من أجل عالم أفضل وأن نتغلب على المشكلات التى تواجهنا، كما يجب على الشباب أن يصر على مكافحة التمييز والمطالبة بالمساواة بين الجميع، والتغلب على العقبات التى تقف أمام حرية الاعتقاد.

وأكد أن الإسلام جزء من البرتغال، وأن آراء بعض القادة الأوروبيين الذين لا يعتبرون الإسلام جزءا من أوروبا لا شك خاطئة، مبينًا أنه ليس هناك دولة أوروبية لا يوجد بها مسلمون، فالمسلمون أصبحوا جزءًا من أوروبا، وهذا ما جعل أوروبا قوية، داعيًا إلى التصدى للإسلاموفوبيا، والعمل من أجل السلام.

وعقب المحاضرة، أجاب الرئيس البرتغالى عن عدد من أسئلة الحضور، من بينها سواء حول مستقبل التعاون بين الأزهر الشريف ودولة البرتغال، حيث خاطب الرئيس البرتغالى طلاب وأساتذة الأزهر، قائلا: "أنتم فى دولة مهمة فى المنطقة والعالم، وتواجهون المستقبل بتاريخ حضارى كبير، وقد جئت اليوم من أجل التعاون مع الأزهر الشريف، حيث تم توقيع عدد من الاتفاقيات بين الأزهر والجامعات والمؤسسات الثقافية البرتغالية، وذلك من أجل مستقبل أفضل للبلدين والشعبين المصرى والبرتغالى".

وردا على سؤال آخر، أوضح أن المسلمين كان لهم تأثير قوى فى تاريخ بلاده، والآن لديهم حضورهم الفاعل ولهم مساجدهم المنتشرة فى البرتغال، فنحن مجتمع منفتح، ولدينا ثقافة متنوعة فى الاقتصاد والأديان والسياسة.

وكشف أنه عندما تولى رئاسة البرتغال، قرر تنظيم احتفال داخل مسجد فى حضور ممثلى 18 كنيسة، رغم أنه كاثوليكى مثل معظم البرتغاليين، للتأكيد على حرية الأديان والاعتقاد.

وأكد رئيس البرتغال أن فضيلة الإمام الأكبر يجسد القادة المؤمنين بالسلام وحرية الأديان، فهو يدعو إلى المحبة وقبول الآخر، وهى قيم مهمة جدًا، ويجب أن تسود كل أنحاء العالم، فالإنسانية تعانى من انتشار الحروب التى راح ضحيتها عدد كبير من الأطفال والشباب.

ووجه الرئيس البرتغالى شكره إلى فضيلة الإمام الأكبر على جهوده فى نشر السلام وعلى زيارته المهمة إلى بلاده، مبينًا أن البرتغال سوف تمنح فضيلته وساما تقديرًا لجهوده فى نشر السلام ومواجهة التطرف الذى يتزايد فى العديد من بلدان العالم.