كتاب وآراء

' الأبناء يتناحرون والأباء يتحيرون أبالمال يوزعون ام يمنعون'

كتب في : الجمعة 11 ديسمبر 2020 - 4:43 مساءً بقلم : محمد العمامرى

إن هناك سؤال مهم جدا يراودنى كثيرا وذلك منذ اعوام واريد الاجابه عليه لكم ناصحا أمينا مخلصا وهو هل يجوز أن يقوم الأب وفي حياته بتوزيع أمواله على أولاده كميراث ؟وإن جاز ذلك فهل سيكون توزيع  امواله بالتساوى أم بأنصبة الميراث ومما لاشك فيه أن الدافع لذلك سيكون لإعتبارات خاصة به وحده او لوجود خلافات بين ابنائه أو ورثته  فى المستقبل وان جاز ذلك فهل سيجوز وقتها تقسيم التركة على شكل بيع صوري ام بيع حقيقى من قبل الأب او صاحب الملك؟

وأوضح لكم قرائى وأحبابى الكرام أن البيع الصوري أو ما يطلق عليه في الفقه الإسلامى بيع المواضعة فإن معناه هو أن يتفق طرفا  العقد على أنهما يتكلمان بلفظ البيع فقط لإعلام الناس  دون أن تكون نيتهم البيع فعلا فلايريدانه وهو لذلك عقد فاسد فلا يترتب عليه أثر ولا ينقل الملكية ويبقى المبيع على ملك البائع ويورث عنه شرعاً عند موته ولا يجوز لأحد المتعاقدين التمسك به فتسجيل هذا العقد الصوري اوالتصرف بعده بالبيع أو الهبة أو الوقف هو تصرف غير صحيح شرعاً وذلك حيث يوجد فرقا بين البيع الصوري في المفهوم الفقهي وما تعارفه الناس في بلادنامن إطلاق البيع الصورى على البيع الحقيقى وهو( المستوفي لشروطه وأركانه المتضمن لحيازة المشتري للمبيع) ولكن مع تنازل البائع عن حقه في الثمن) فهذا تصرف صحيح يكيف على أنه هبة أما بيع الأب لأبنائه في حياته بيعاً صورياًبالمعنى الفقهي لا العرفي وذلك خشية اختلافهم وتنازعهم في الميراث بعد موته لا يترتب عليه أثر شرعي لكونه عقداً فاسداً ويبقى ملك البائع على المعقود عليه وهو المبيع  وبالتالي فإن الواجب هو توزيع التركة حسب الأصول الشرعية ولمالك المال حرية التصرف في ماله بيعاًوهبةً ووقفاً حال حياته ولكن ليس بيعاًصورياً لفساد هذاالبيع ولما سيثير هذا النزاع  والشقاق بين الورثه وبين أما المشتري وهو ( المعقود له بيعاً صورياً ) أو بين الورثة أنفسهم خاصة إذا كان ذلك البيع بقصد الإضرار ببعض الورثةالمحتملين مثل حرمان البنات أوالزوجة أوأحد الأبناء بعدموت المالك وللمالك أن يهب ماله لأبنائه في حياته بحيث ينتقل ذلك المال إليهم ولهم حرية التصرف فيه حال حياة والدهم الواهب بشرط عدم الإضراربأحدهم او محاباة بعضهم دون الآخرين لأن ذلك ظلم و محرم شرعاً لقوله صلى الله عليه وسلم في قصة النعمان بن بشير ( إني لا أشهد على جور )  وللأب تقسيم ماله بين أبنائه، ولذلك صورتان هما:- الصورةالأولى وهى :-تقسيم بعض ماله بين أبنائه وهذه عطيةأوهبةوهنا يراعى فيها التساوي لافرق بين ذكر وأنثى فلا يقع الظلم لما ورد عن النعمان بن بشير أن أباه أتى به إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم فقال: - إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي لى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: -أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال له:-  لا "فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:- فأرجعه( صحيح مسلم كتاب الهبات باب كراهية تفضيل بعض الأولاد في الهبة ) أماالصوره الثانية فهى:- أن يقسم كل ما يملك وللفقهاء رأيان فى هذا الشأن
فالرأي الأول هو :- هوأن يتم تقسيم المال على أساس الهبة اوالعطيةاو النحلة ويجب عليه العدل بين جميع أبنائه ذكوراً وإناثاً وأن يسوي بينهم في العطية ولايحابي الذكور على حساب الإناث أويعطي بعض الأبناء أكثر من الآخرين أو يحرم بعضهم من ذلك لقول الرسول صلى الله عليه  وسلم: - اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ( رواه البخاري في كتاب الهبةباب الإشهاد على الهبة) والراى الثاني هو: -أن يتم تقسيم المال على أساس الميراث الشرعي فيعطي كلاً منهم نصيبه في الميراث ومن مات منهم إنتقل نصيبه إلى ورثته  وختاما أقول ما أراه الحق مؤيدا لما يراه " مجلس الإفتاء الأعلى " وهو جواز تقسيم الوالد حال حياته"  أمواله على أولاده أوورثته في المستقبل  حال النزاع بينهما وعدم القدرة على الإصلاح بينهم مراعياً كون ذلك التقسيم حسب الأنصبة الشرعية، وألا يكون فيه إضرار بالغير  كالدائنين مثلا وأن يكون تصرفاً حقيقياً يتضمن نقل الحيازة من الوالد لأولئك الأولاد، وفي هذه الحالة، فإن تسجيل تلك الأموال بأسماء الأولاد تحت مسمى البيع يجوز، ويعد بيعاً تاماً ونافذاً طالما أعقبه ذلكه حيازة الأبناء لتلك الأموال ولايمنع لكونه بيعاً بدون ثمن ان يبطله بل يعتبر من باب الهبة بالنظر إلى المقصد من العقد ومن ثم وجب علي  أن انصح  الآباء ألا يقسموا أموالهم كلها في حياتهم فيكفى أن يوزع الجزء الأكبر الذى يحول و يمنع من وجود خلافات مستقبلية يفترض انها مؤكده الحدوث فعلا  لوجود خلافات حقيقه حال حياة الأب وقد عجز عن حلها ومن ثم وجب على الأب أن يترك جزء من ماله  دون تقسيم أو توزيع  وذلك خشية أن يتخلى عنه أبنائه أويتنكروا له ممايجعله في ضيق ويلجأ لمسألةالناس بعدما أن كان صاحب مال وملك هذا من جهه ومن جهة اخرى  فإن الأب قد  يكون فى اتم صحة وعافيه ويحتاج إلى  بعض من المال للزواج به من جديدو قد يترتب عليه الإنجاب وفي هذه الحالة سيحرم الأبناء الجدد من ميراث أبيهم مما يورث العداوة بين الاخوة "وفسداً للذريعة ودرءا للمفاسد فإننى أنصح الآباء بعدم تقسيم أموالهم كلها في حياتهم وترك جزء لمواجهة متطلبات الحياه خاصة في زماننا هذا الذي ازداد فيه الناس بعداً عن منهج الله سبحانه وتعالى)وخير الختام ذكر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.

بداية الصفحة