إقتصاد وأعمال

يستخدمه 3.5 مليون مواطن يوميًا وحقق عجزًا نصف مليار.. لماذا يخسر 'المترو'؟

كتب في : الجمعة 24 مارس 2017 - 12:27 صباحاً بقلم : نادر مجاهد

في تصريح صادم أشار الدكتور هشام عرفات، وزير النقل، إلى أن خسائر شركة تشغيل المترو وصلت إلى ٥٠٠ مليون جنيه على مدار الثلاث سنوات الماضية، وليس ذلك فقط بل زاد من الصدمة قائلًا "خدمة المترو مهددة بالتوقف بسبب خسائر شركة تشغيل المترو"، مؤكدًا  أن "مديونية الكهرباء فقط وصلت 220 مليون جنيه للكهرباء"، وتابع أن تكلفة "تطوير المترو تتطلب 300 مليون يورو".

جاء هذا التصريح السابق، خلال مؤتمر صحفي عقده وزير النقل بمقر مجلس الوزراء، عقب اجتماع الحكومة امس، والذي عرض فيه خطة تطوير الخط الأول لمترو الأنفاق، لافتًا إلى أنه كان لابد من تطويره منذ 12 سنة سابقة.

ولكن يبدو السؤال هنا.. لماذا يخسر مترو الأنفاق كل هذه الأموال؟.. رغم أنه به مصادر تمويل خاصة به مثل الجانب الإعلاني بالتعاقد مع شركات إعلانات، وشاشات العرض في المحطات، بجانب عدد المواطنين الهائل الذين يركبون قطارات المترو يوميًا، وغيرها من الموارد، إلا أنه مع كل ذلك لم يستطع "المترو" أن يغطي  خسائره..

فعلى لسان مسئولي شركة المترو ووزارة النقل كانت الإجابة على السؤال سالف الذكر، عارضين الأسباب وطارحين الحلول أيضًا، والتي نستوفي منها بعض التصريحات التي تجعل القارئ يفهم ما يدور في الكواليس..

مشروعات بناء وتطوير محطات مترو الانفاق مكلفة جدًا

البداية مع وزير النقل السابق، الدكتور  جلال السعيد، الذي أكد من قبل خلال حواره مع الإعلامية ريهام السهلي في برنامج يوم بيوم، يونيه الماضي، أن هناك خسائر تحدث يوميًا، واعترف بالعجز عن سداد فواتير الكهرباء والحراسة والتأمين، ولكن السعيد لفت إلى أن أحد أسباب الخسائر، هو أن مشروعات تطوير محطات مترو الانفاق مكلفة جداً، وأن تكلفة حفر الأنفاق للكيلو متر الواحد يتجاوز الـ 100 مليون دولار وهو ما يعادل مليار جنيه مصري.

عدم استخدام الإعلانات داخل محطات المترو بشكل جدي

وفي تصريح آخر للسعيد، في لقاء تالٍ عبر برنامج "90 دقيقة"، المذاع على قناة المحور،  كشف وزير النقل السابق يوليو الماضي، أن خسائر مترو الأنفاق الكبيرة بسبب عدم تغطية التكاليف، ولكنه أعطى السبب والحل في نفس الوقت حينما أشار إلى أن عدم التفكير بشكل جدي بشأن استخدام الإعلانات داخل محطات مترو الأنفاق هو أهم الأسباب الرئيسية لخسارة وعدم تربح المترو، في ظل إنفاق مليارات لتشغيله، على الكهرباء، وبسبب أجور السائقين، والصيانة والتأمين.

عجز المسئولين في استغلال إمكانيات المترو

ومن ناحية أخرى أكد محمد شحاتة، رئيس الجمعية المصرية للنقل، في تصريحات سابقة، أن أسعار تذاكر المترو بريئة، من خسائر المترو، مشيرًا إلى أن الخسائر بسبب عجز المسئولين في الشركة عن إيجاد حلول بديلة، لأنهم غير قادرين على استغلال إمكانيات المترو، والتي تشمل استغلال الأرصفة والاستغلال الإعلاني للمحطات والقطارات.

إهمال الصيانة أحد أسباب خسائر المترو

وسبب آخر رصده شحاتة في تصريحاته، وهو أن إدارة المترو الحالية، ساهمت في زيادة خسائر المترو، من خلال إهمالها الصيانة، ما أدى تهالك قطارات كثيرة وتعرضها لخسائر "جمة"، مشيرا إلى أن حادث واحد تسبب فى خسائر تتخطى الـ 15 مليون جنيه.

مشكلة التهرب من التذاكر سبب رئيسي

وفي نفس السياق كان مصدر مسئول بوزارة النقل ذكر في يناير الماضي، أن مشكلة التهرب من التذاكر هي السبب الرئيسي لهذه الخسائر، موضحًا أن هناك بعض المحطات لا يوجد بها مراقبة جيدة علي الركاب،  مشيرًا إلى أن أجهزة الماكينات مفتوحة، وعدم وجود أشخاص كافيين عليها في المحطات الرئيسية كمحطة شبرا الخيمة وحلوان والمرج، مما يسهل من عملية التهرب من دفع التذكرة.

ارتفاع أجور ومرتبات العاملين بنسبة 400%

ومن زاوية أخرى لفت المهندس على فضالي، رئيس جهاز تشغيل مترو الأنفاق، في تصريحات سابقة له في يناير الماضي، إلى أن "العجز المالي في المترو يرجع إلى ارتفاع أجور ومرتبات العاملين حاليًا بنسبة 400%، مقارنة بعام 2006".

زيادة تكلفة التشغيل والصيانة

رئيس جهاز تشغيل المترو ذكر سببًا آخر للعجز المالي، وهو زيادة تكلفة التشغيل والصيانة نتيجة دخول الخط الثالث للخدمة، مع محدودية أعداد الركاب في الخط، وعدم اكتمال وصوله إلى المناطق المكتظة سكانيًا.

عدم الانتفاع من الأماكن الفارغة في المحطات

وأعطى رئيس المترو الحلول أيضَا لتعويض الخسائر بزيادة موارد المترو ورفع حصيلة الإيرادات، مثل التعاقد المبرم مع شركة الإعلانات بقيمة 175 مليون جنيه لمدة 5 أعوام، إضافة إلى حق الانتفاع لأماكن مؤجرة فى المحطات بمعدل 5.5 مليون جنيه شهرياً، وهو ما يُسهم فى سد جزء من الخسائر الشهرية.

عدم وضع ماكينات صرف آلي وأكشاك للبيع حملات ترويجية لبعض المنتجات

وتابع أيضًا: من الممكن زيادة الإيرادات التجارية من خلال وضع ماكينات صرف آلى للبنوك وأكشاك لبيع منتجات المحلات الشهيرة، إضافة إلى حملات قصيرة ترويجية المدى لبعض المنتجات داخل المحطات.

بيع الخردة الناتجة عن التشغيل إعادة توزيع العمالة

 وواصل حلوله: عقد اتفاق مع جهاز خدمة المشروعات الوطنية التابع للقوات المسلحة لبيع الخردة الناتجة عن التشغيل بشكل مستمر لمنع تراكمها أو سرقتها، مع إعادة توزيع العمالة، بدلاً من التعيينات الجديدة داخل الشركة، لعدم وجود ميزانية للتعيين.

استخدام لمبات الليد الموفرة بالمحطات وإنشاء محطات الطاقة الشمسية

واستكمل: التوسّع في استخدام لمبات الليد الموفرة بالمحطات، بدلاً من اللمبات العادية، إنشاء محطات للطاقة الشمسية، مثل التي موجدين في (غمرة والدمرداش).

رفع قفيمة التذكر أو تعويض الدولة المترو عن الفارق أحد الحلول

أما الحل الوحيد الأخير الذي طرحه رئيس شركة المترو لتعويض الخسائر هو رفع قيمة تذكرة المترو، حينما قال الحل الوحيد لوقف نزيف الخسائر ووفاء المرفق بالتزاماته المالية، هو أحد حلّين، إما رفع قيمة التذكرة، وإما أن تعوض الدولة المترو عن الفارق بين الإيرادات والمصروفات".

بيانات إحصائية خاصة بالمترو

وبعد أن عرضنا الأسباب والحلول لخسائر شركة المترو، لابد أن نستعرض هذه البيانات حتى يقف القارئ على المشكلة كليًا..

3.5 مليون مواطن يركبون قطارات المترو بصفة يومية يوميةـ أي أن 3.5 ملايين جينه "مفترضة" تدخل خزينة المترو يوميًا ومع ذلك فإن شركة مترو الأنفاق تتعرض شهريًا لخسائر مالية من 20 إلى 25 مليون جنيه، وذلك حسب المتحدث الرسمي باسم هيئة المترو أحمد عبد الهادي.

وحسب الدكتور جلال السعيدـ وزير النقل السابق، فإن مرفق مترو الأنفاق يكلِّف الشركة التي تديره سنويًّا قرابة 780 مليون جنيه، وعائده 500 مليون جنيه من التذاكر.

تقرير تم نشره أيضًا أورد إجمالى الإيرادات والمصروفات خلال السنوات المالية من عام 2011 إلى 2016، والذي كشف أن جهاز المترو خسائره قدرها 591 مليون جنيه خلال 3 أعوام ونصف العام، بواقع 42 شهرًا، نتيجة الفارق بين الإيرادات ومصاريف التشغيل.

وتابع التقرير أن بلوغ جملة الإيرادات في عام 2014/ 2015 نحو 637.1 مليون جنيه، والمصروفات 799.3 مليون، بنسبة عجز قدرها 162.2 مليون جنيه. وفي العام التالي 2015/ 2016 بلغت الايرادات 716.5 مليون، والمصروفات 901.6 مليون جنيه، بنسبة عجز قدرها 185.1 مليون جنيه.

ومنذ أول ديسمبر الماضى حتى الآن، حسب التقرير، بلغ إجمالي الإيرادات 300.2 مليون جنيه، والمصروفات 405 ملايين، بعجز قدره 104.8 مليون جنيه.

بداية الصفحة