روِّحوا عن أنفسكم ساعة بعد ساعة ،فإن القلوب إذا كٰلّٰت عٰمِيٰت

هذا قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم

ولكن كيف يكون الترويح عن النفس؟

الإنسان يشعر بالملل والتعب الشديد بعد يوم عمل شاق أو بعد أدائه مهام روتينية وواجبات مفروضة عليه ويجب إتمامها على خير وجه ومن وجهة نظر علماء النفس أن الإنسان لابد أن يمارس بعض الأنشطة الترفيهية

حتى لا يصاب بالأمراض النفسية والعلل الجسدية المرضية

ومن أمثلة الأنشطة الترفيهية للروح القراءة والتمارين الرياضية وسماع الموسيقى أو ممارسة هواية الرسم أو الكتابة أو غيرها من الهوايات للترويح عن النفس بل قد يتعلم البعض الرقص بأداء حركات جسدية معينة على إيقاع موسيقي

وهناك العديد من أنواع الرقص طبقًا لعادات كل بلد وثقافتها

وإذا تحدثنا عن كلمة الرقص فمصدرها رقص يرقص رقصًا ومٰنْ يرقص يسمى الراقص

الإمام علي بن أبي طالب يقول:

(إن للقلوب إقبالاً وإدبارًا، ونشاطًا وفتورًا، فإذا أقبلت بصرتْ وفهمتْ،

وإذا أدبرت كٰلّٰت، ومٰلّٰت)

الرقص فن من الفنون وهو نشاط مفيد جسديًّا إذن فمن الناحية الطبية والنفسية كممارسة الرياضة

ماذا عن الناحية الدينية ويضاهي الرقص الغناء؟

حكم الدين أن الرقص دون الخروج عن شروط معينة لم يرد نص صريح بحرمانيته

فما هي هذه الشروط؟

الرقص أمام المحارم كالزوج مباح ،أما رقص المرأة أمام ذويها من النساء فهو مباح دون إظهار المفاتن والزينة

وإذا اشتمل الرقص على أشياء محرمة شرعًا كإظهار العورات أمام الغرباء وفي هذا حكم الرجل كالمرأة وليس فقط الحكم على المرأة وحدها فهو محرم وإذا اشتمل الرقص على بعض الإنثناءات والحركات الجسدية الملفتة والتي قد تكون فيها نوع من الإغراء والإغواء لمن يكون الرقص أمامهم فهو حرام

إذا كان الرقص أمام الغرباء فهو غير جائز شرعًا ويدعو للفساد الأخلاقي ونشر الفاحشة والرذيلة

قال تعالى(قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن)

أما عن حكم الغناء، فالغناء الذي يحتوي على كلمات الغزل الصريح وذكر المفاتن فهو محرم يستثنى من ذلك الأناشيد الدينية والوطنية والكلمات الراقية التي لا تحرض على الفساد وتحريك الغرائز الإنسانية

فللإنسان الحق في التعبير عن مشاعر السعادة والترويح عن نفسه بما لا يخالف الشرع في الأعياد والمناسبات كضرب الدُّف كما كانوا يحتفلون بعهد الرسول الكريم فعندما دخل الرسول على السيدة عائشة وكان عندها جاريتان تغنيان ونهرها أبو بكر الصديق لذلك قال صلى الله عليه وسلم "دعهما" ولذلك لم يحرم الشافعية الرقص أو الغناء بالإستدلال بحديث الرسول عن السيدة عائشة قالت:-

جاء حبشٌ يزفنون في يوم عيد في المسجد فدعاني النبي فوضعتُ رأسي على منكبه فجعلت أنظر إلى لعبهم حتى كنت أنا التي أنصرف عن النظر إليهم

معنى يزفنون أي يرقصون بالحِراب ويتغنون بالكلمات

إذن فالرقص مباح دون أداء حركات التمايل أو تشبه الرجال بالنساء أو العكس ودون إثارة الشهوات

أما الحنفية والمالكية فقد قالوا أنه مكروه وفيه من قلة العقل واللهو وقد وافقهم الرأي ابن عثيمين في كراهة الرقص والتشبه بالغرب استنادًا لقول الرسول

"مٰنْ تٰشٰبّٰه بقوم فهو منهم"

كما أن الرقص به فتنة حتى إذا كان بين النساء فإنه يُنهى عنه

إذن لقطع الشك باليقين الرقص أمام الغرباء حرام شرعًا لا جدال في ذلك وإن أردتم الترويح عن أنفسكم روحوا عن قلوبكم ساعة دون إقامة عروض الغناء والرقص أمام الغرباء هذه هي خلاصة القول

ما حُكم الأخلاق والمبادئ والأعراف والتقاليد؟

ليس من الحكمة ولا من أعرافنا وتقاليدنا كٰعرٰب رقص المرأة أمام رجل أجنبي عنها يمكنها أن تغني وترقص بمنزلها لن يمنعها أحد لها كامل الحرية ولن يعترض أحد على الحرية الشخصية بالبيوت التي هي ملكية خاصة بما يناسب قواعد الشرع والدين أمام المحارم

-الجدلية حول رقص المرأة أو الرجل بالرحلات الجماعية كزملاء بالعمل

بالطبع حرام شرعًا لا يجوز أخلاقيًّا لأن الأصل في تكريم النفس الإنسانية التي أعلى الله من شأنها هو احترام الذات وتوقيرها ولا يكون ذلك بعروض الرقص أمام الغرباء الذي يسمى بالترويح عن النفس من ضغط العمل فهذا غير لائق تمامًا التمايل للنساء أمام رجال غرباء هذا هو رأي الدين ولا يتعلق ذلك بالتخلف وعدم الحضارية ودفن الفنون والضغط النفسي والكبت وما إلى ذلك من تبريرات

-على الجانب الآخر قد يكون التفريج عن النفس بحفلات لمجموعة من الزملاء بالعمل بالرقص لايجوز إذا كان بشكل واضح وصريح مع بعضهم البعض وأعني بذلك الاختلاط مع غير المحارم وأمام الجميع من الغرباء وخاصةً ببعض الوظائف التي يعتبر من يعملون بها مُربِّي أجيال أو معلمين بالمدارس ومن المفترض أنهم قدوة حسنة لتلاميذهم

وعلى نفس الشاكلة الأستاذ الجامعي أو العالم أو الفقيه فإن احتفل أمام العامة والناس بأداء حركات الرقص الغير لائقة ستهتز صورته أمام الناس لذلك يجب درء الشبهات والمفاسد وتعلية القيم والأخلاق والشرع والدين على حساب الترويح عن النفس حتى تنشأ المجتمعات على مبادئ وأسس أخلاقية واحترام لرموزها وعلمائها وحتى يصدق القول لشاعرنا العظيم أحمد شوقي

قُم للمُعلم وفهِ التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا