الأدب

الشاعرة المصرية ( تهاني فؤاد ) محاصرة بين اسئلتها الافتراضية ونبضها المستفز

كتب في : الخميس 20 سبتمبر 2018 - 1:40 صباحاً بقلم : د. جبار فرحان العكيلي

كتابة / د. جبار فرحان العكيلي 
الشعر كائن حي يتكون من احلام وهواجس وتقريب ذاتي فينمو من حيث لا ندري . لكننا نصحو على هذيان ترادفي لاحجية لسانية وغيبية .. 
لذلك يتنامى حسيا مع احلام اليقظة . بطريقة الخلق الجمالي لحوار منلوجي خافت بين المتوفر من المفردات والجمل الحكائية . وبين الرغبة في لباس المزخرف من صناعة الكلام .
وهذا ما ينطبق على تجربة الشاعرة المصرية الفاعلة (تهاني فؤاد ) 
تشتغل هذه الشاعرة على مجسات نبضية في تجربة اباحية خيالية بحيث تطرح مفاتيح لعبة الجسد والذات . تاركه طريقة التخيل والتصور للقاريء كل وفق ثقافته الحياتية والعلمية ..
فهي تمارس علينا نحن القراء سلطة التمتع والاكتشاف ...
بما يتناغم وتعدد الحاجات الذهنية الجسدية .
وهذا الاسلوب لا يمكنه ان يطغ على جمالية الصورة الشعرية التي تحاول ات تضعها بين اكثر من قافية او انعطافة شعرية . تتلاعب بذائقة القاريء .
توغلت كثيرا في عمق غابة قصائدها او ومضاتها الشعرية . فاستوقفتني محطات كثيرة من محطات سفرها الشعري .. 
وهنا لابد لي ان استقرأ ما افردته ذائقتي المعرفية لا الحسية . بحيث استفزت متابعتي كثرة الاسئلة التي تحاول الشاعرة تهاني من خلالها ان تجد اجوبة بما هي تعرفها مسبقا لكنها ذكية في اشراك الاخرين في الاستنتاج الذهني لكمية الاسئلة . 
اجمل ما في الشعر هو من يخلق تضارب فهمي للتفسيرات الانية للقصائد بحيث تترك حركة ذهنية غير مخطط لها .. وهذا ما وجدته في قصائد تهاني ....
*كيف اطهر اوراقي 
من جنابة الحبر 
الذي ينزفك عشقا 
* يسألونك عن الشعر فقل 
هو محض خيال لامرأة 
* ويسألونني عن واقعي 
* كيف اسهر بلا قمر 
كيف اكتب ... وقلمي فارغ من الحبر
* ويسألونك عن العشق 
دعني ابكي 
هذه الاسئلة قد تؤطر فحوى الخطاب الشعري لتهاني .
هذه الاسئلة هي مفاتيح لاسلوب الغزل النسائي المحتشم بعض الشيء ..
فالشاعرة تهاني تطرح مشاعر ومشاكل النساء اللواتي لا يمتلكن اسلحة الدفاع عن حاجاتهن بطريقة متفردة . ربما تعتبر مجازفة لكنها ليست كما يتصور القاريء .. فهي صاحبة خطاب متزن على الرغم من اثارته العاطفية . وهذا يعتبر لون خاص بقصيدة تهاني على مدى تاريخها وتجربتها الشعرية ..
* هبني شفتيك كأسا 
وسأهبك كلي جمرا
شفتاي عناقيد توت 
مذاقها العشق 
* وان اغتسل منك 
كلما راودني في الحلم طيفك
* كنت ... اتعلم القراءة في 
خطوط يديك ... تقبيلا 
اشتغلت الساعرة على مجسات خاصة .. فهي توغلت كثيرا في استخدام (النبض) في معظم صورها الشعرية حتى انها وضعت عنوانا لديوانها ( نبضات انثى بلا وطن ) 
اعتقد ان الشاعرة ونبضاتها المتكررة في معظم قصائدها ارادت ان تؤكد جرأتها في استخدام دواخل غير مملة وغير نافرة 
حتى انها صارت تتلاعب بشكل ملفت لتركيبة الجملة الشعرية او استخدام مصطلح النبض في مواقع متنوعة ومتعددة ...
* وانت ايها المتمرد 
على نبضي 
* عاشق والحرف حرفته
يراقص نبضي بهمسة 
* تحسس بفمك الجائع 
نبضات وتيني 
* اعلم ان بين جسدينا 
سفر بعيد ... ومسافات ترهق 
النبضات 
* قالوا ...
لا تعشقين شاعرا 
يراقص خصر النبض بالحرف
* فاحذر ..
انا ان عشقتك ستذوب في 
نبضي 
* وانت يامن سرقت النبض 
ويبدو ان الشاعرة تمتلك من الطموح الشيء الكثير . بحيث انها تمارس لعبة الشعر بالوان متعددة .فلم تكتفي بالقصيدة الفصيحة فقط . انما نقرأ لها قصائد عامية هنا وهناك . ولم تستطيع ان تفلت او تغادر مفهوم النبض الشعري والانساني ...
* يا حروف الكلام حاسبي 
على نبضي ... اللي بات مبحوح 
تتمتع الشاعرة تهاني بأسلوب شعري ممتع . تؤكد حضورها الشعري من خلال الخيال التركيبي لمعان متناثرة ومتطابقة ذوقيا . وهذا سر حلاوة قصائدها ....
* كيف اكتب ..
وقلمي فارغ من الحبر
وسطوري لا وطن لها 
* فقط على ثغري 
تتفتح كل احتمالات المعصية 
* اخبرته اني ذبت شوقا في عينيه
مثل شمع ولهب 
فنظر الى عيني قائلا ..
ارتكاب الذنوبفي عينيك 
يدخلنيالجنة 
فما كان مني الا ان 
اسلمت له النبض عمد 
وهكذا نجد الشاعرة تسترسل في تصوراتها الانثوية داخل مربع كل قصيدة .. فهي شاعرة لا تخشى القراء الذين يتعاملون مع الاطر الخارجية لكل قصيدة ..
هذا مرور سريع ومختزل لتجربة شاعرة اثبتت وجودها . وحجزت لها مقعدا اثيرا في قائمة شعراء العرب 
١٨/٩/٢٠١٨

بداية الصفحة