كتاب وآراء

... ' العشوائيات الفنية ' ...

كتب في : الخميس 07 مارس 2024 - 6:01 مساءً بقلم : غادة المنوفى

 

دائماً ما كنا نسمع عن العشوائيات السكنية التي تكون خارج المدن أو تبعد عنها قليلا.

 هذه العشوائيات دائماً كانت خطر على الدولة لأنها   تؤثر على البنية التحتية ونقص الخدمات.

 هذه العشوائيات التي كانت تؤثر سلبا على الدولة والتي تصدت لها الدولة بكل قوة، وكثير من أهل

 

 هذه العشوائيات كانت خطر واضح على الدولة إلا أن الدولة المصرية تصدت لها بكل حزم لحل هذه المشكلة، وقامت ببناء مدن خدمية راقية وصالحة للمواطن، وأعطت له حق الحياة والمشاركة والتنمية

وبعد أن تخلصنا من العشوائيات السكنية،

 حتى ظهرت لنا (العشوائيات الفنية) التي من وجهة نظري أنها أكثر خطرا من العشوائيات السكنية

لأن العشوائيات السكنية من الممكن أن تحصرها وأيضا من الممكن معالجتها مثلما فعلت الدولة المصرية، ولكن العشوائيات الفنية وهذا أمر مخزي أن تظهر عشوائيات فنية، وأنا اخترت لفظ (عشوائيات) لأنها لا قيمة ولا هدف ولأنها لا تمت للفن بأي صلة وأيضا خطر واضح وصريح   على الذوق العام،

وأنها خارج نطاق العمل الفني والإبداع، ولقد ذكرت أنها أشد خطرا

لأن العشوائيات السكنية في أي دولة أنت قادر علي حصرها ومداهمتها،

ولكن الفن السيئ والمبتذل الذي يحس على العنف والعري حينما ينتشر كيف تقدر على مداهمته؟!

 

ونحن نعلم أن الفن وخاصة الأفلام والمسلسلات أنها سريعة الانتشار والمشاهدة كيف تحتويه أو تحد من مشاهدته

 

منذ أن حلت علينا ما يسمى بالأفلام الواقعية والمسلسلات الواقعية التي تتكلم عن الطبقة العشوائية أو الكادحة، وظهر بعض المنتجين والمخرجين الذين انعدم عندهم الذوق العام، وبعد أن استعانوا بممثلين لا يجيدون من التمثيل والفن إلا البلطجة والانحطاط

 

وأصبحنا نشاهد ونرى أعمال لا تمثل الفن علي الاطلاق بل استعراض  للبلطجة وانحطاط  للذوق العام والغريب أو العجيب في الأمر أن هذه الأعمال أصبحت

 يروج لها بشكل غريب وكأن هناك من   يريد أن يجعل هذه الاعمال هي المتداولة،

 

الفن الذي كنا نشاهده، وكان وجبة دسمة من الفن والإبداع على شاشات التلفاز أصبح وجبة مضرة مخلة مليئة بكل أنواع الانحطاط والرجعية.

 الفن الذي كان   ومازال يبنى العقول أصبح أشد خطرا على المشاهد من المواقع الإباحية،

ولكن من الممكن أن تتجنب المواقع الإباحية فأنت قادر علي منعها، وتعلم مدى خطورتها على أولادك.

ولكن من الصعب أن تتجنب المسلسلات والأفلام التي تقدم لك بحجة الفن، وأنت لا تعلم ما مدى المحتوى الذي بداخله.

وتفرض على شاشات التلفاز وتشاهده أنت وأولادك   هم هنا يقدمون لنا وجبة مخلة مضرة ليس لها علاقة بالفن ولا التمثيل  وتغير في سلوكنا دون أن ندرى وتثير الغرائز،

وتحتوي على   بعض الألفاظ الخارجة التي لم نعتاد عليها ولم نتربى عليها بحجة السينما الواقعية

أو الدراما الواقعية وهذا هو السم في العسل لنا ولأولادنا !

أين الفن الذي يبني حضارات و دول؟! ويبني العقول

أنا تربيت على الفن الراقي الذي كان يعلم الاحترام  في المعاملة وفن الاتيكيت

 وطريقة الحوار الفن الذي يبني العقول ويؤثر في القلوب.

الفن المحترم الذي يمثل عادتنا وتقاليدنا بكل حب واحترام.

الفن الذي كان يتصدى   للأزمات ويحلها لا ينشئها ويروج لها

الفن دائما كان سبيل من سبل التنمية والمعالجة

وعلي سبيل المثال نذكر فيلم

(المدمن) للفنان الكبير أحمد زكي والجميلة نجوى إبراهيم   عام ١٩٨٣م

 الذي كان يتحدث عن أضرار المخدرات وتأثيرها على الشباب وجسد أحمد زكي دور المتعاطي الذي

 أدمن المخدرات وكيف لهذا السم أن يودي بحياة الكثير وكان لهذا الفيلم وأفلام كثرة في الثمانينات نجحت في بعد الشباب عن تعاطي المحذرات حينما كان الفن رسالة

وأيضا حينما كان للفن رسالة في حل المشاكل

الاجتماعية مثل فيلم جعلوني مجرماً

للفنان القدير (فريد شوقي) الفيلم الذي تسبب في تغير القانون المصري بعد عرضه مباشرة   الفيلم كان يتكلم عن قصة حقيقية

 وبعد عرض الفيلم ومشاهدته قرر المسئولون في الدولة المصرية  إصدار قانون ينص على إعفاء السابقة الاولي في الصحيفة الجنائية الأولي   لكي يقدر المخطئ علي

بدء حياة جيدة.

 وأيضاً أبدع الفنان (فريد شوقي) في فيلم كلمة شرف   هذا الفيلم الذي يتكلم على أنه ليس من حق

السجين أن يخرج من السجن، حتى لو في ظروف قهرية تضطره لذلك إلا بعد قضاء مدة وبعد خروج الفيلم وعرضه ومشاهدته تم أيضاً تغيير القانون المصري

 

  وأصبح من حق السجين الخروج من السجن في الظروف القهرية للدرجة الأولي من الأهل في حالة الوفاة أو المرض أو الزواج بضوابط معينة

 

رحم الله الفنان القدير فريد شوقي

حينما كان للفن والفنان رسالة واضحة ورسالة سامية وهدفا في نضج ووعى المجتمعات ...

 

 للأسف الآن أصبح الفن رسالة واضحة في زيادة عدد المشاهدات والترندات والإيرادات

وأخر شغلهم الشاغل بناء العقول وتقديمه رسالة جيدة

 ولا أتحدث عن الجميع

 

لأن ومازال يوجد فنانين ومخرجين ومنتجين   يحترمون أنفسهم ويحترمون المشاهد وأهم أهدافهم   تقديم فن راقي وترك بصمة للتاريخ

 

وأيضا من ضمن الحديث عن الفن ومحتواه والعشوائيات الفنية تندرج تحت محتواها الفن الكوميدي

الذي كان ومازال من أهم الأعمال الفنية من وجهة نظري

لأنه يقدم محتوى ورسالة   تعليمية أو مشكلة اجتماعية من خلال الكوميديا الضاحكة تصل أسرع وخفيفة على القلب والاذن.

 

ولكن للأسف الشديد   الإسفاف الذي طال السينما والدراما طال الكوميديا والمسرح   فأصبح العمل الكوميدي بذيئا وممل وغير مجدي على الاطلاق

 

أصبحنا نرى ونشاهد أفلام ومسرحيات كوميدية   أقل ما يقال عنها أنها تمثل العمل الفني

وكأنك تشاهد السيرك وليس المسرح

 

 وكأنك تشاهد   أرجوازات في  السيرك يخرجون الضحك منك بالعافية فبات المسرح والافلام الكوميدية مملة وليس لها رسالة واضحة وتسأل نفسك بعد مشاهدة هذه الأعمال ماذا حصلت من هذا الفيلم أو هذه المسرحية غير ضياع

 الوقت والعقل أيضا

 

هؤلاء الممثلين لم يدركوا قيمه الفن الكوميدي الراقي الذي تربينا عليه من  الفنانين الكبار في التلفزيون والمسرح مثل

 

 الفنان نجيب الريحاني والفنان على الكسار والفنان يوسف وهبي والفنان اسماعيل ياسين   والكثير من الجيل القديم

 

وأيضا الفنان فؤاد المهندس والفنان عادل إمام والفنان سمير غانم والفنان محمد صبحي والفنان محمد هنيدي

 وطبعا الكثير والكثير

  لا أقدر على حصرهم في هذه المقالة

 

الذين أرثو الفن والعمل الفني بأعمالهم الفنية والثقافية وايضا الكوميدية

 التي كانت وستظل عالقة في اذهاننا ولا نمل منها، حتى لو عرضت مئات المرات   لأنه عمل يحتوي على الكوميديا والثقافة والرسالة في أنن واحد

 

حينما كانت الكوميديا هادفة ذات مخزي ورسالة هي أيضا   تضحك ولكن أيضا تتعلم ليس بها إسفاف أو ابتذال أو ألفاظ خارجة أو إثارة للغرائز

أتمنى أن يكون للسينما النظيفة والمسرح الهادف دور مهم كما كانت محط اهتمام لجميع الأسرة من قبل أتمنى أن الرقابة الفنية   تعمل بأكمل وجه 

 

وتكون هناك عقوبات مجزية   على كل فنان أو ممثل أو مخرج يخرج خارج نطاق العمل الفني واللوائح والقوانين الفنية المتعارف عليها

 

-أتمنى أن يكون لنا أيضا دور في أي عمل غير قيم أو يحث على إثارة الغرائز أو البلطجة أو يساعد على انحطاط الذوق العام

اولا يجب علينا عدم متابعته

 وثانيا تقيمه سلبا حتى يعلم كل من يقوم بمثل هذه الأعمال

أن أعمالهم ليس لها قيمة وليست محط اهتمام عند الجمهور

 

بقلم : غادة المنوفي

بداية الصفحة