استحوذت البنوك الرقمية على الاهتمام الأكبر داخل القطاع المصرفي خلال السنوات الماضية، باعتبارها داعما رئيسيا لتحقيق رؤية الدولة للتحول إلى مجتمع أقل اعتمادا على النقد، إذ إن البنوك الرقمية تعمل على تعزيز الشمول المالي، وخلق مناخ داعم لصناعة التكنولوجيا المالية.

وللبدء في مرحلة جديدة من التحول الرقمي المصرفي، كان لزاما إيجاد مركز لخدمة البنوك الرقمية، لذلك يعتزم البنك المركزي إطلاق شركة "الهوية المالية الرقمية" خلال النصف الثاني من العام الحالي في خطوة تستهدف تعزيز الشمول المالي وتقديم الخدمة المصرفية عن بعد.

أول بنك رقمي

يتزامن الإعلان عن الشركة الجديدة مع موافقة مجلس إدارة البنك المركزي المصري على منح شركة مصر للابتكار الرقمي الموافقة المبدئية لإطلاق أول بنك رقمي، حيث أعلنت الشركة عن اسم البنك الرقمي onebank "وان بنك" هو أول بنك رقمي في مصر.

ما هي الهوية المالية الرقمية؟

"الهوية الرقمية" هي أي بيانات معالجة تقنياً تتعلق بشخص محدد مرتبطة ببيانات رسمية تتيح التقييم والمصادقة على المعاملات التي تتم عبر المنصات الرقمية.

يستلزم إتاحة فتح الحسابات للعملاء دون الحاجة للذهاب إلى فروع البنوك، وإقرار البنك المركزي المصري تعديلاً يسمح فيه بعدم إلزام العميل بالذهاب إلى الفروع والتوقيع على طلب بخط اليد بفتح الحساب، ما سيمثل خطوة جديدة بالتحول الرقمي في مصر.

أهمية الهوية الرقمية

تتيح الهوية المالية الرقمية فتح حساب بنكي عن بعد، ما يسهل حصول الأفراد على الخدمة المصرفية وتوفير الوقت والجهد، وتمتد تطبيقاتها في خارج القطاع المصرفي إلى التعامل مع الشهر العقارى وإصدار بطاقة هوية رقمية لكل مواطن في بعض الدول.

إجراءات أمان الهوية المالية الرقمية

وستتولى شركة الهوية المالية الرقمية وضع جميع القواعد التي تضمن مصداقية العميل الذي يتعامل مع البنوك عبر الإنترنت.

ويتطلب إنشاء الهوية الرقمية استيفاء عمليات التحديد والتحقق والمصادقة التي تنقسم لثلاث عمليات لضمان أمان الحساب.

العملية الأولى مسؤولة عن "عامل المعرفة" الذي يتطلب اسم المستخدم، وكلمة مرور، وإجابات على أسئلة شخصية.

أما العملية الثانية "إثبات الحيازة" كإثبات الشخصية، وصندوق البريد الإلكتروني، ورقم التليفون المحمول، ورقم الجهاز المستخدم أو رقم الشريحة المرتبطين برقم التليفون المحمول، وحساب دفع غير نقدي، وتوقيع إلكتروني معتمد.

يليهما العملية الثالثة "الوجود والحيوية" يتضمن بصمة الوجه، وبصمة الصوت، وبصمة الأصابع، وهندسة الكف، وبصمة العين، وحيوية رد الفعل، ومحددات الموقع الجغرافي، ومحددات الموقع السيبراني، ومحددات وقت المعاملة.

إنشاء حساب بنكي من مكانك

الشركة بالتعاون مع البنوك الرقمية تقضي على ظاهرة التواجد لساعات طويلة داخل فروع البنوك، وأيضا التكدس أمام ماكينات الصراف الآلي، بالإضافة لإمكانية إجراء كل المعاملات البنكية من المنزل، وأهمها إنشاء حساب بنكي من البيت والذي كان يتطلب إنشاؤه الذهاب إلى أحد فروع البنوك.

البنوك الرقمية

ولاستكمال حلقات الدائرة، تسعى البنوك التقليدية إنشاء بنوك رقمية وهي بنوك تقوم بتطوير وإتاحة المنتجات والخدمات المصرفية بشكل متميز عن بعد، وبجودة عالية تتناسب مع احتياجات كافة فئات المجتمع، بما فيها الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة وفئة الشباب، بهدف تيسير الحصول على هذه المنتجات والخدمات بطريقة سريعة وسهلة.

6 بنوك تقدمت للحصول على رخصة بنك رقمي

وتقدمت 6 بنوك عاملة في السوق المصرية للحصول على رخصة تأسيس بنك رقمي تشمل بنكين حكوميين وهما البنك الأهلي المصري، وبنك مصر، و3 بنوك خليجية قطر الوطني الأهلي QNB، والمؤسسة العربية المصرفية ABC، والإمارات دبي الوطني، بالإضافة إلى بنك فيصل الإسلامي المصري.

وحصل بنك مصر على الموافقة على انشاء أول بنك رقمي، حيث وافق البنك المركزي المصري على منح شركة مصر للابتكار الرقمي الموافقة المبدئية لإطلاق أول بنك رقمي في مصر.

كما تتنافس البنوك التقليدية على اقتناص رخصة إطلاق بنك رقمي، فمنذ إصدار البنك المركزي المصري قواعد واشتراطات الترخيص للبنوك الرقمية، إذ أعلنت عدة بنوك عن تقدمها للحصول على الرخصة، للاستفادة من المميزات العملاقة التي تقدمها البنوك الرقمية.

أكد مصرفيون أهمية خطوة البنك المركزي بإنشاء شركة الهوية المالية الرقمية مركزا لخدمة البنوك الرقمية الفترة المقبلة مع الموافقة على أول بنك رقمي، قالت الدكتورة سهر الدماطي الخبيرة المصرفية إن البنك المركزي المصري ينفذ مشروعا قوميا للهوية الرقمية من خلال شركة "الهوية المالية الرقمية" التي يعتزم إطلاقها، موضحة أن الهوية الرقمية تتيح تسهيل عمل البنوك الرقمية وتقديم الخدمات عن بعد، وتسهم في  توفير الوقت والجهد من خلال استخدام الموبايل من أي مكان، ومن ثم يستطيع المواطن فتح حساب بنكي دون الحاجة للذهاب إلى البنك.

ولفتت إلى أن الهوية الرقمية تتيح التعرف على المواطن عن بعد، كما أنها سوف تسهل تعامل الأفراد مع البنوك والشركات، عبر توفير الوقت والجهد، ومن ثم يستطيع المواطن فتح حساب بنكي من مكانه.

وأكدت أهمية وجود توقيع إلكتروني لدى البنك محمي بآليات حماية سيبرانية، موضحة أن تلك الحلول ستساهم في حل العديد من المشكلات في قطاعات عديدة، تحتاج إلى التعامل المباشر مع متلقي الخدمة.  

وقال علي الإدريسى الخبير الاقتصادي، إن إنشاء شركة الهوية الرقمية ضرورة خلال الفترة الحالية مع بدء تدشين أول بنك رقمي لتكون مركزا لخدمة البنوك الرقمية، موضحا أن جميع البنوك في العالم تتجه نحو الرقمنة.

وأضاف أن البنك المركزي المصري يخطو بشكل كبير نحو هذا الاتجاه، كما أن البنوك وضعت خطط الأمن السيبراني الخاصة بها، سواء في بنيتها التحتية والبيانات والتطبيقات.

 وأضاف أن إطلاق تطبيق مثل انستاباي وإقبال الجمهور عليه، يؤكد احتياج السوق للتوجه نحو التعامل عبر الموبايل بعيد عن الذهاب لفروع البنوك أو ماكينات الصراف الآلي، وإنهاء معاملاتهم عن بعد.

أنواع البنوك الرقمية

وتنقسم البنوك الرقمية إلى أربعة أنواع مختلفة أبرزها Challenger Banks وNeo Banks.

النوع الأول يعرف باسم Challenger Banks وهي شركات فينتك لديها تراخيص مصرفية خاصة بها مما يعني أنها تستطيع تقديم الخدمات المصرفية التقليدية بطريقة مرنة وتعد منافسا مباشرا للبنوك التقليدية.

أما النوع الثاني الشائع من البنوك الرقمية فهو الـ"Neobanks" وهي تختلف عن الـ"Challenger Banks" بكونها بنوكا رقمية فقط وليس لديها أي فروع قائمة.

أما النوع الثالث الأقل شيوعا فهو ما يعرف بـ"Beta banks" وهي عادة ما تكون تابعة لبنوك تجارية قائمة وتقدم خدمات مالية من خلال ترخيص الشركة الأم، وتنشأ هذه البنوك كوسيلة لدخول أسواق جديدة وتقديم خدمات محدودة لكن لقاعدة أوسع من المستهلكين.

أما النوع الرابع، البنوك الرقمية التي تعرف بـ Nonbanks أو البنوك غير المصرفية وهي مؤسسات مالية لا تعتبر بنوكًا كاملة النطاق، لأنها لا تقدم خدمات الإقراض والإيداع في الوقت ذاته.