سيارات

قانون إنشاء المجلس الأعلى لصناعة السيارات دفعة قوية لتوطين الصناعة وتقليل الاستيراد

كتب في : الأحد 27 اغسطس 2023 - 8:32 مساءً بقلم : نادر مجاهد

 

صناعة السيارات في مصر ليست صناعة وليدة فقد عرفت مصر صناعة السيارات منذ أكثر من تسعين عاماً، وبدأت أولى خطواتها بتجميع المركبات من خلال قيام شركة فيات الإيطالية بتجميع بعض الأتوبيسات بمكون محلي تمثل في مقاعد وهياكل تلك الأتوبيسات. 

‏وفي بداية الستينيات من القرن الماضي تأسست شركة النصر للسيارات بالقرار الجمهوري رقم ١٣ لسنة ١٩٦٠ حيث أسند إليها إنتاج سيارات اللوري والجرارات الزراعية كما حصلت على رخصة من شركة فيات الإيطالية لإنتاج سيارات فيات.

 

وفي حقبة التسعينيات من القرن الماضي ونتيجة التحول إلى سياسة الخصخصة وما ترتب عليها من دخول شركات عالمية كبرى إلى السوق المصرية قامت بإنشاء مصانع لها في مصر أنتجت سيارات بتصميمات متنوعة حازت على ثقة المستهلك، أدى ذلك إلى تراجع مبيعات شركة النصر للسيارات وتراكمت مديونياتها فصدر قرار تصفيتها عام ۲۰۰۹ ثم عاودت الشركة العمل والإنتاج عام ۲۰۱۳ وفي أغسطس ۲۰۲۲ تم دمج الشركة مع الشركة الهندسية لصناعة السيارات لتكوين كيان متخصص في إنتاج وتصنيع السيارات الكهربائية. 

ونظراً لأن صناعة السيارات لم تحظ بالاهتمام الكافي خلال الفترات السابقة تقدمت المكومة بمشروع قانون بإنشاء المجلس الأعلى لصناعة السيارات وصندوق تمويل صناعة السيارات صديقة البيئة لتطوير وتنمية قطاع صناعة السيارات في مصر وتنمية الموارد اللازمة لتمويل صناعة السيارات صديقة البيئة، ووافق مجلس النواب خلال دور الانعقاد الأخير عليه.

وجاء  القانون في إطار توجه الدولة إلى توطين الصناعة في مصر كأحد أهم أعمدة الاقتصاد المصري خلال الفترة الراهنة، وفي ضوء الاهتمام العالمي بقضايا تغير المناخ والتنمية المستدامة، وإذ تضمنت محادثات المناخ خلال قمته السابقة بمدينة غلاسكو دعوة غير ملزمة لجميع المركبات المباعة في جميع أنحاء العالم لتكون خالية من الانبعاثات بحلول عام ٢٠٤٠، وتمشيا مع التوجه العالمي بالتخلي عن الوقود التقليدي الأحفوري بحلول عام ،۲۰۵۰ ، ولا سيما في السيارات.

وأصبح هناك توجه اقتصادي عالمي نحو السيارات صديقة البيئة التي أصبحت أحد صناعات المستقبل الخضراء الواعدة.

وبدأت مصر في التوجه نحو تنفيذ العديد من المشروعات التي تتناسب مع الأولويات البيئية والاقتصادية حيث بلغت محفظة مصر من تلك المشروعات نحو ۱۰۹ مليار دولار عام ۲۰۲۰ ، ومن المستهدف زيادة الاستثمارات العامة عام ۲۰۲۲ بنسبة تصل إلى 15% في هذا المجال. 


وقد جاء القانون مواكباً التحولات الاقتصادية العالمية بهدف دعم وتوطين صناعة السيارات وتعزيز التوجه نحو الصناعة صديقة البيئة، وتحول مصر إلى مركز إقليمي لصناعة السيارات صديقة البيئة وزيادة نسبة المكون المحلي في هذه الصناعة بما يعزز التوجه المصري نحو القضايا البيئية لتقليل حجم الانبعاثات الكربونية، وأثرها السلبي على التنمية المستدامة.

وهذا من شأنه أن يقلل الاعتماد على الاستيراد، وبالتالي خفض الطلب على العملة الأجنبية وخاصة أن مصر تستورد سنوياً بنحو ٤ مليارات دولار من السيارات تزيد هذه النسبة إذا لم يتم الاهتمام بصناعة السيارات محلياً، مما يمثل ضغطاً على الاحتياطي النقدي الأجنبي، بالإضافة إلى تقليل المخاطر البيئية والمحافظة على صحة الإنسان. 

ويأتي هذا التوجه اتساقاً ، مع المبادئ الدستورية وخاصة المادتين (۲۷) (۲۸) من الدستور واللتين تقضيان بضرورة التزام النظام الاقتصادي للدولة بتشجيع الاستثمار والنمو المتوازن جغرافياً وقطاعياً وبينياً، كما تلتزم الدولة بحماية الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية وزيادة تنافسيتها وتوفير المناخ الجاد للاستثمار، وزيادة الإنتاجية وتشجيع التصدير وتنظيم الاستيراد. 

وانتظم  القانون في اثنتى عشرة مادة بخلاف مادة النشر، تضمنت أحكاماً أهمها: تناولت المادتان (۱، ۲) إنشاء مجلس أعلى لصناعة السيارات يهدف إلى تطوير وتنمية قطاع صناعة السيارات في مصر، ويعني بتهيئة مناخ أفضل لصناعة السيارات ووضع الحلول للمعوقات التي تواجه صناعة السيارات.

 كما عنيت المادتان (٣، ٤) بإنشاء صندوق لتمويل صناعة السيارات صديقة البيئة يهدف إلى تنمية الموارد اللازمة لتمويل صناعة السيارات صديقة البيئة، ويختص بتمويل إنشاء مراكز تكنولوجية
وتطوير الابتكارات لرفع القدرة التنافسية لهذه الصناعة، ووضع برامج الحوافز لتنمية هذه الصناعة والحد من الآثار السلبية للانبعاثات الضارة. 

وقد تضمنت المواد من (٥) حتى (۱۲) تشكيل مجلس إدارة لصندوق تمويل السيارات صديقة البيئة برئاسة وزير المالية وعضوية عدد من الوزراء وبعض الهيئات الأخرى، وبعض من ذوي الخبرة في مجال هذه الصناعة، وأناطت بمجلس إدارة الصندوق اتخاذ القرارات اللازمة لتحقيق أهداف الصندوق وأخصها اعتماد نظم الحوافز لتنمية هذه الصناعة، وربط تلك الحوافز بحماية حقوق المستهلكين وحماية المنافسة في السوق المصرية، وعلى أن تكون للصندوق موارد تشمل حصيلة المنح والإعانات والتبرعات والهبات التي يقبلها مجلس إدارة الصندوق بالإضافة إلى عائد المشروعات التي يمولها الصندوق في مجال تنمية هذه الصناعة من خلال موازنة خاصة للصندوق تُعد على نمط موازنات الهيئات العامةالخدمية.

رابعا: رأي اللجنة المشتركة

 

وأكدت  لجان مجلس النواب أن القانون من شأنه أن يؤدي إلى دعم الاقتصاد الوطني بزيادة الاستثمارات الأجنبية والمحلية في هذه الصناعة الحيوية عن طريق دعوة الشركات الأم لضخ استثمارات لها في السوق المحلية، وفقاً لرؤية تقوم على تصنيع سيارة للتصدير للخارج، والاستفادة من حجم السوق المصرية الكبير في التصدير للأسواق المرتبطة مع مصر باتفاقيات تجارية والتي تتيح النفاذ لنحو 1.8 مليار مستهلك، 

كما يتيح القانون المعروض التحول إلى الاقتصاد الأخضر الذي يقلل من التلوث ويقلل من تكاليف الإنتاج، ويساعد على زيادة استغلال الموارد بشكل أفضل وأكثر استدامة.

بداية الصفحة