كتاب وآراء

بمناسبة اليوم العالمي للمُعلًم الدكتور حسين مبرك يوجه رسالته لكل معلم .

كتب في : الثلاثاء 08 اكتوبر 2019 - 11:37 مساءً بقلم : دكتور: حسين مبرك

*رحم الله الشًاعر أمير الشعراء " أحمد شوقي" حين رفع عقيرته صادحا ، متغنًيا بالمعلًم ودوره ، منوًها برسالته العظمى ، مشيدا بمنزلته العليًة ، ومكانته السًامقة ، وقيمته الخالدة ، التي لا تُحدُ بمقياس ، ولا تُقدًرُ بثمن ، من خلال قصيدته العصماء الشهيرة ، التي تلهج بها ألسنةُ الكبار والصغار ، في المدارس والثًانويات والمعاهد والجامعات ، وفي المقاهي والنوادي ، ومجالس العلم ودور الثقافة ، وفي كُلً مقامات العزً والمجد والفخار ، والمعالي ومكارم الأ خلاق ...والحقُ أنً هذه القصيدة ، قد طبعت اسم المعلًم في سجًل العظماء والفضلاء الخالدين الذين لا ينفد فضلُهم ، ولا يُمحى أثرُهم ، ولاينقضي صنيعُهم ، ولايتبدًدُ جميلُهم ، ولايُنسى ذكرُهم ..بل إنً بعض أبياتها ، بات نشيدا قوميا وحضاريا ، استأثر به المعلًمُ دون غيره من العاملين ، تتبذًخُ به الأجيالُ ، وتردًده وتتغنًى به ، وتؤدًيه تحيًة تبجيل وتمجيد وتشريف وتكريم للمعلًم ، وتقلًده إيًاه وسام استحقاق ، وقلادة إكبار ، وتُكرًمه به جائزة نبل ونور وتعظيم لشأنه ، ليتبوأ مقعد الأخيار ،ومنزلة الأبرار الكرام الذين حملوا رسالة السًماء ، ونهضوا بأعبائها  ، وبلًغوها للعالمين ، داعين إلى الله بالحكمة والصًبر ، والتًضحية والكلمة الطًيًبة ، والموعظة الحسنة...ولسنا نجد في الشًعر العربي من اختزل فضل المعلًم ، وبيًن قيمته وأثره وعظمته ، مثل ما جاء على لسان " أحمد شوقي" ، في قوله :قم للمعلم وفًه التًبجيلا ..كاد المعلًمُ أن يكون رسولا

فما علمنا أشرف ولا أجلً ممن يبني أنفسا ويصوغ عقولا ، وقوله:

وإذا المُعلًمُ ساء لحظ بصيرة...جاءت على يده البصائرُ حُولا

ويكفي المعلم فضلا وفخرا ، أنًه مناط بناء الأجيال ، وتأليف الرًجال  ، وصوغ العقول والنفوس ، وشحذ الهمم والعزائم ، وتعبئة الطاقات ، وتمزيق حجب الظلام والجهالة والتوحش والهمجية ،وإشاعة وهج التنوير والتحرير.

ولسنا نجد أبلغ تشبيه لدوره كقول القائل: المعلم كالشمعة تحترق في صمت لتضيىء للآخرين" ، ولعلً أشدً ما يؤذي المعلم ويؤلمه ويؤرًقه ويقلقه ، هو واقعه المزري ، والمعاناة التي يعيشها ، جرًاء ظروفه المعيشية والاجتماعية  والمهنية الصًعبة التي تحيط به، وتكبًله ، وتمس بكرامته ، وتنال من قيمته ، وتنتقص من مكانته وشأنه وأهمًيته في بناء نهضة الأمًة ، رغم عظم التًضحيات ، وحجم المتاعب ، وشدًة المكاره ، وكثرة المنغًصات ، وتجهم الأحداث والأزمان .

وما من أمًة على وجه المعمورة نالت حظها من الازدهار والتطور ، واستوفت مقدارها من النًهضة والرقي والتًقدم والتًحضر ، في شتًى مجالات الحياة ، التنموية والاقتصادية والصًحيًة والأدبية والاجتماعية والثقافية ، وفرضت نفسها كقوًة فاعلة ، أو قيمة مؤثًرة ، إلًا كان مردُ ذلك إلى احترام العلم وحامله ، والاهتمام بالمدرسة التي فيها يتخرًج الأديبُ الفذ ، والنًاقد الحصيفُ ، والصحفي الألمعي ، والقاضي النًزيه ، والمهندس الخبير ، والطبيب الماهر ، والجندي المغوار ، والعامل المخلص  ، والأستاذ القدير..وكُلُ هؤلاء وغيرُهم من فئات المجتمع ، مدينون للمعلًم الذي ينبغي أن نقرً بفضله ، لا بالشًعارات الجوفاء الكاذبة ،ولكن بتبجيله وتعزيز جانبه ، ورفع مقامه ،فنقيم له تمثال عزً وشرف في قلوبنا وعقولنا وضمائرنا ، ونُحسن إليه ، ونُثمًن جهوده ، ونجعل له السًيادة في مجالسنا ومجامعنا ومقاماتنا ومنابرنا ومحافلنا ، فما أنبلها من مَهمًة ..وما أجلًها من مهنة ، وما اعظمها من أمانة ثقيلة المحمل ، لا يقوى على النهوض بها إلًا أُولُو العزم من أصحاب القُلُوب المؤمنة ، والضًمائر الحيًة ، والعُقُول الواعية ، لأنً التًعليم  مجاهدة ومغالبة ، وفيه من اللأواء مايُفني الأبدان ، ويحرق الدًم والأعصاب ، ويأكلُ الأعمار أكلا ، ورحم الله من قال :"قُم عن مجلسك لأبيك ومُعلمًك ، وإن كنتَ أميرا" ، فإذا كان الأب سبب وجودي في الفانية ، فإنً المُعلًم ، هو سبب وجودي في الباقية..فتحيًةُ إجلال واحترام وإكبار إلى كُلً المعلًمين والأساتذة ، العاملين المجاهدين المرابطين على ثغور العلم والمعرفة والوعي والتربية.

 

بداية الصفحة