أخبار عاجلة

بعد قرار الرئيس السيسى فى إزالة العشوائيات الخطرة.. حلم الأثريين يتحقق بالإسكندرية

كتب في : الخميس 16 يونيو 2016 بقلم : منى مجاهد

جاء قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى بإزالة العشوائيات غير الآمنة التى تسبب خطورة داهمة على قاطنيها ونقلهم لمساكن آدمية خلال عامين وتطوير الأماكن العشوائية التى يصل عددها إلى 279 منطقة بتكلفة 14 مليار جنيه، بتهذيبها وتوصيل المرافق والخدمات إليها بمثابة إنقاذ لنحو خمسة ملايين نسمة على مستوى الجمهورية من الهلاك والأمراض الفتاكة، ولكن الوضع يختلف فى الإسكندرية، فقد ضرب القرار عصفورين بحجر واحد، الأول إزالة العشوائيات الخطرة وتوفير حياة آدمية لساكنيها، والثانى كشف ما تحت بعضها من كنوز أثرية وتحويلها لمزار سياحى عالمى ومتحف مفتوح.
 
فبعض المناطق العشوائية الخطرة، وعلى رأسها كوم الملح الملاصقة لميناء إسكندرية البحرى بمنطقة مينا البصل التابعة لحى غرب والذى يصل عدد سكانها إلى نحو 750 أسرة معدومة تقع فوق واحدة من أكبر الجبانات الأثرية فى العالم، مما دعا المحافظ المهندس محمد عبدالظاهر إلى وضع خطة بالتنسيق مع خبراء السياحة والآثار والتراث الأثرى والتخطيط العمرانى بالمدينة للاستعداد فور نقل 367 أسرة خلال هذا العام مرحلة أولى بشراء وحدات سكنية لهم بتكلفة 30.8 مليون جنيه، وتحزيم المنطقة والإسراع فى تخطيطها والعمل فى الحفريات لاكتشاف كنوزها لتحويلها لمزار سياحى عالمى، مع تطوير منطقة طابية صالح الأثرية وكذلك عمود السوارى وكوم الشقافة وكوم الناضورة، وربطها باكتشافات كوم الملح التى تكشف أسراراً اجتماعية وعقائدية ولغوية واقتصادية لمدينة إسكندرية القديمة لم نصل إليها للآن، لتتحول مناظر القبح للعشوائيات لمناطق جذب سياحة عالمية.
 
الأهرام ترصد بالكلمة والصورة تفاصيل الجبانة الأثرية الواقعة تحت المنطقة العشوائية بكوم الملح، والتى تضم مقابر وآثار بها فيلات مكيفة ووسائل راحة وترفية متعددة وحدائق واستراحات معدة لتحنيط الجثث وغيرها من الأسرار الهامة.
 
بداية يؤكد الخبير الأثرى أحمد عبدالفتاح المشرف على متاحف الإسكندرية أن قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى بإزالة العشوائيات التى بدأت فى الإسكندرية منذ عام 1960 مع تفاقم أزمة الإسكان جاء ليحقق حلم أجيال الأثريين المتتابعة منذ عام 1895 فى كشف الكنوز الأثرية تحت مبانى كوم الملح بالقبارى، والتى تعتبر أخطر منطقة عشوائية غنية بالمعالم الأثرية لأنها مبنية فوق مدينة الإسكندرية القديمة وفوق واحدة من أقدم الجبانات الأثرية الشاسعة على وجه الأرض حيث تبدأ من القبارى مروراً بالورديان وحتى المكس، وهى من أهم الجبانات التى تطل على البحر المتوسط، كما أنها أقدم من جبانة جنوة الإيطالية الشهيرة، وتتميز بصفة بالغة الحساسية لملاصقتها للميناء البحرى ولكون منطقة القبارى من أولى الأحياء الشعبية التى بها مساحات خالية بدأ الأهالى البسطاء يسكنونها ببناء عشش وأكواخ لتكون لهم مأوى للإعاشة خاصة منطقتى كوم الملح وطابية صالح الأثريتين.
 
وقد وصف هذه الجبانة المؤرخ الرحالة إسترابون خلال زيارته لها عام 24 قبل الميلاد بـمدينة الأجساد الميتة حيث يوجد بها الكثير من المقابر والحدائق والاستراحات المعدة لتحنيط الجثث، ومن الغريب أن أول مدير للمتحف الرومانى الإيطالى جيوسبى بونى قد عثر بها على أول مومياء لصبى وكانت المرة الأولى التى يعثر بها على ما يؤيد قول إسترابون غير أن الزحف العشوائى حال دون استمرار كشف أسرارها.
 
وقال الخبير الأثرى أحمد عبدالفتاح إن المجلس الأعلى للآثار والبعثة الأثرية الفرنسية فى عام 1998 اكتشفا أسراراً علمية وآثاراً تاريخية بالجبانة خلال الحفر لإنشاء كوبرى 27 لربط الميناء بالطرق الدولية، مؤكدين أن الجبانة تعتبر فجراً جديداً من المعالم الأثرية والثقافية تضيف رصيداً سياحياً للمدينة لا ينفد، ويمكن تحويل القبح العشوائى إلى جمال وروضة سياحية هامة تجذب السائحين من مختلف دول العالم لأن هذه المقابر عبارة عن فيلات يونانية رومانية منحوتة فى الطبقة الصخرية بالأرض، تتخللها مقابر أثرية لا حصر لها ومزودة بمجار مائية ووسائل تكييف صخرى وأيضاً وسائل للراحة والترفيه للزوار القدماء وعلى مقربة أمتار قليلة من المياه فأصبحت جنة دنياوية لطبقة المصريين. وأشار إلى أنه بعد إزالة عشوائيات كوم الملح سيتم كشف أسرار اجتماعية واقتصادية ولغوية وعقائدية لمدينة الإسكندرية القديمة لم نصل إليها للآن.
 
ويؤكد الدكتور محمد عوض رئيس لجنة الحفاظ على التراث وأستاذ التخطيط والهندسة المعمارية، أنه يجب بعد نقل وإزالة عشوائيات كوم الملح وغيرها من العشوائيات التى بها آثار، أن يتم عمل مخطط عام للمنطقة كلها ثم ينفذ على مراحل حتى لا تعود عشوائية من جديدة دون أن نستفيد من الكنوز الأثرية بها مع استثمار هذه الأراضى بالتنسيق مع وزارة الآثار فى حدود الإمكانات المتاحة حتى يتم البدء فى أعمال الحفائر.
 
أما نائب البرلمان أشرف رشاد عثمان عن دائرة ميناء البصل واللبان التى تضم معظم الأحياء الأثرية القديمة والعشوائيات المقامة فوق كنوز أثرية وعلى رأسها مناطق كوم الملح وطابية صالح والغلبونى وكوم الناضورة وكوم الشقافة وعمود السوارى، فيؤكد أنه عند تحديد تنفيذ المرحلة الأولى لنقل سكان كوم الملح سيكون هناك تنسيق مع وزارة الآثار والمحافظة لحماية آثار هذه المناطق وإجراء الحفريات بسرعة لتحويل المنطقة لمزار سياحى عالمى توفر الآلاف فرص العمالة لشباب المنطقة، موضحاً أن المحافظ المهندس محمد عبدالظاهر يولى اهتماماً خاصاً بالسياحة والآثار، وقال إن الفترة المقبلة ستشهد تنفيذ مشروع لإحياء منطقة مينا البصل تراثياً وتاريخياً وذلك بالتعاون مع الوكالة الفرنسية للتنمية الدولية، وقد تقرر البدء فى منطقة كفر عشرى إحدى المناطق القديمة والتراثية بتطوير ألف وحدة سكنية ومساحة 140 فداناً مرحلة أولى للحفاظ على التراث والهوية التاريخية والحضرية للمنطقة، وأيضاً مسار التنمية لمستقبلها.
 
وقال النائب أشرف رشاد إن الوكالة الفرنسية ستقوم بإعادة استخدام ثمانية من مبانى المنطقة القديمة لبدء المشروع الذى يحافظ على هوية وتاريخ مينا البصل وضواحيها وسيوفر نحو 15 ألف فرصة عمل للشباب، وجذب استثمارات جديدة لملاصقة المشروع والمنطقة للميناء البحرى، حيث سيتم فتح ممر تجارى سياحى إلى امتداد المدينة غرباً، وتمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر عن طريق المنح الخارجية والقروض.
 
وأشار إلى أن المنطقة مليئة بالكنوز الأثرية الهامة ولكنها مهملة، ولكننا سنحث وزارة الآثار على إجراء الحفريات بالمنطقة خاصةً أنه منذ فترة قريبة تم العثور على مقبرة أثرية منحوتة فى الصخر بجبل مهران بطابية صالح يرجع عمرها إلى أكثر من 2300 عام.
 
وأوضحت الدكتورة سعاد الخولى نائبة المحافظ أن المهندس محمد عبدالظاهر عقد عدة اجتماعات مع المسئولين المعنيين وخبراء السياحة والآثار للارتقاء بالأماكن الأثرية وتسهيل وصول السائحين الذين يأتون من الميناء البحرى وتأمين الأفواج وإحياء متحف الآثار الغارقة المزمع إنشاؤه تحت الماء بمنطقة الميناء الشرقى التى توجد بها قلعة قايتباى، كما أننا بصدد إنهاء واستكمال ترميم وصيانة المتاحف الأثرية المتوقفة حيث أن وزير الآثار وعد بتدبير الموارد المالية المطلوبة لهذه المتاحف وعلى رأسها متحف الموزاييك الذى يعتبر الأول من نوعه على مستوى مصر والذى يحتاج إلى نحو 60 مليون جنيه لاستكمال منشآته لفتحه أمام الجمهور والسائحين.
 
وأكد المهندس محمد عبدالظاهر محافظ الإسكندرية أنه يضع المناطق الأثرية والسياحية فى مقدمة الأولويات ولذلك قام بتشكيل لجنة من خبراء فى الآثار والسياحة والطيران والملاحة والمالية لتطوير وتأهيل المناطق الأثرية والسياحية القديمة وعلى رأسها كوم الشقافة وعمود السوارى وطابية صالح وكوم الناضورة للنهوض بها وجعلها مزارات سياحية عالمية والاشتراك فى المعارض وبورصات السياحة الدولية، موضحاً أنه تتم حالياً دراسة المقترح المقدم من الخبير الأثرى أحمد عبدالفتاح الخاص بمنطقة كوم الشقافة وعمود السوارى بكرموز الشعبيتين بإنشاء بنسيونات تناسب شرائح مختلفة من السائحين لزيادة عدد الساعات السياحية وغيرها من العوامل التى تنهض بالإسكندرية لكى تعود عروساً وعاصمة السياحة لمدن البحر المتوسط.
 

بداية الصفحة