لا صوت يعلو في مصر هذه الأيام فوق محاربة الإرهاب والعنف، الكتب جميعها تخضع للتنقيح، السطور تحت ميكروسكوب العلماء لتبين الخيط الأبيض من الأسود، وآخر تلك الكتب التي تخضع للتنقيح كتاب «وإسلاماه» المقرر على الصف الثاني الثانوي، وسبقه عدة اعتراضات، «فيتو» ترصدها في هذا التقرير.

"وإسلاماه"

تقدمت النائب "منى منير" عضو مجلس النواب، باقتراح بخصوص تعديل وتطوير المناهج التعليمية الخاصة بجميع مراحل التعليم الأساسي في مصر، لمواجهة حالة العنف والتطرف التي سادت بين الشباب في الآونة الأخيرة، وترسيخ الروح الوطنية في نفوس سواعد مصر رجال المستقبل.

وقالت منى منير، إن هناك بعض الفصول في المناهج الدراسية، التي يجب أن يتم استبدالها نتيجة صعوبة فهمها بالنسبة لذوي النفوس الضعيفة، لاحتوائها على بعض المفاهيم والأحداث، التي قد تحدث نتيجة عكسية تنعكس مباشرة على المجتمع في صورة تشدد وتعصب، قد تصل إلى حد الإرهاب، مستعرضةً مقطع لما جاء في قصة "وإسلاماه" المقررة على الصف الثاني الثانوي.

وأضافت منير، أن القصة تضمنت بعض الأحداث التي قد يتم تصويرها على نحو خاطئ قد يدفع بعضًا من شبابنا المغرر به إلى اعتناق بعض الأفكار المتشددة، التي يتم الترويج لها خلال الآونة الأخيرة، ومن ضمن تلك الأحداث الحوار الآتي: وأمَرَ السلطانُ بأسْرَى التتار فقُتِلوا جميعًا، وكان فيهم قائدُهُم (ابن جنكيز خان) فأمر به فأحْضِرَ إليه لِيَقْتُلَهُ بِنَفْسِهِ!! لكن محمـودًا تقدَّمَ إلى خاله قائلًا: "ياخال إنك لا تقتل إلا جنكيز خان نفسه، أما ابنه هذا فدعْهُ لِسَيْفي فإنه غيْر أهْلٍ لسيْفِك، فضحِك جلال الدين ومن معه وقال: صَدَقْتَ يا محمــود، عليك به فاقتُلْه على ألا تزيد عن ثلاث ضربات!!، فتقدَّم محمــود حتى دنا من ابن جنكيز خان فهزَّ سيْفه هزَّتين في الهواء، ثم ضرب به عُنُقَ الأسير ضرْبَةً أطارت رأسه، فكبَّر الحاضرون فَرحين مُعْجَبين بِقُوَّةِ الأمير الصغير، والْتفَتَ إلى خاله: "لم أزدْ على ضَرْبَةٍ، فقام خاله وعانقه قائلًا: بارك الله فيك يا بطل".

وتابعت النائبة في بيانها: "هذا ليس مقطعًا من مذابح داعش، لكنه قصة مقررة على أطفال الصف الثاني الثانوي في جمهورية مصر العربية، التي لها وزير تعليم دولة تصدر نفسها للعالم على أنها تواجه الإرهاب إنها قصة وإسلاماه".

وأضافت منى منير، أنه بدلًا من أن نبعد تلك الصورة المتشددة عن الإسلام للأطفال التي قد تدفعهم لارتكاب ما لا يحمد عقباه على حد قولها، يجب أن نقوم برفع الحس الوطني بداخلهم وزرع روح الوطنية والفداء والتضحية من أجل الوطن، عن طريق استبدال تلك القصص بغيرها من قصص أبطال القوات المسلحة الذين يدفعون كل ما هو نفيس وغالٍ في سبيل رفعة الوطن واستقلاله وسلامة أراضيه.

تشكيل لجنة لمراجعة القصص

وأعلن الدكتور "أحمد شلبي" مستشار اللغة العربية بوزارة التربية والتعليم، أن الوزارة شكلت لجنة لمراجعة القصص التي تدرس للطلاب، من بينها قصة "وا إسلاماه".

وأضاف مستشار اللغة العربية بوزارة التربية والتعليم، أن اللجنة قررت حذف كل المشاهد التي يمكن إساءة الفهم فيها وتتضمن مشاهد عنف، موضحًا أنه سيتم تنقيح القصة مع الفصل الدراسي الثاني.

وتابع شلبي، أن القصة سيتم تنقيح كل مشاهد العنف فيها وتصبح خالية من أي مشاهد متعلقة بالعنف في قصة وإسلاماه مع العام الدراسي الثاني، موضحًا أن تلك التعديلات يتم اعتمادها من قبل الوزارة.

صلاح الدين وعقبة

ولا تعد هذه المرة هى الأولى الذي يتم فيها تنقيح بعض القصص المقررة على الصفوف الدراسية، فقد قام الدكتور محب الرافعي وزير التربية والتعليم السابق، العام الماضي، تنقيح بعض الدروس وحذف عدد من الفصول من قصتي صلاح الدين الأيوبي وعقبة بن نافع.

حذف درس "ثورة العصافير ونهاية الصقور"

وقد أكدت الوزارة في بيان سابق لها، أنه تم حذف الموضوعات التي يمكن أن تحث على العنف أو التطرف، أو تشير إلى أي توجهات سياسية أو دينية أو أي مفاهيم يمكن أن تستغل بشكل سيئ".

وقد حذفت الوزارة وقت تولي وزير التعليم السابق "محمود أبو النصر" دروسًا عن "ثورة العصافير ونهاية الصقور"، التي تتحدث عن حرق العصافير لأعدائها، مما وجه انتقادات لمؤلفي المناهج، وما اسموه بالترويج لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش".

تنقيح فتوحات الأيوبي

"عقبة بن نافع" و"صلاح الدين الأيوبي".. هما أبرز الأبطال الذين تم حذف الدروس التي تتحدث عن سيرتهما من مناهج اللغة العربية هذه المرة من تنقيح الوزارة، حيث تم حذف درس صلاح الدين الأيوبي من الوحدة الأولى للصف الخامس الابتدائي، وحذف الدرس كله الذي يتحدث عن فتوحات القائد العسكري مؤسس الدولة الأيوبية.

حذف ستة فصول من عقبة بن نافع

تم حذف ستة فصول من قصة "عقبة بن نافع" فاتح أفريقيا، والمقررة في اللغة العربية على الصف الأول الإعدادي، وهى: الفصل الـ 11 عن “عبقرية عقبة الحربية“، والفصل الـ12 بعنوان “ماء فرس“، والفصل الـ 14 بعنوان عزل عقبة، والفصل الـ 15 بعنوان “عودة عقبة للقيادة“، والفصل الـ 17 بعنوان “يوم مشهود“، والفصل الـ21 بعنوان “عقبة على شاطئ الأطلنطي“.

وكان “محب الرافعي”، وزير التعليم السابق، قد أكد أن الوزارة حذفت فقرات من قصة عقبة بن نافع بكتب التاريخ “لتحريضها على العنف”، مؤكدًا أنه يتم مراجعة كافة المناهج بالتعاون مع الأزهر وأساتذة التاريخ، لحذف أي فقرات تحض على العنف أو القتل أو تسيء للإسلام.

وقال الوزير، إن هناك جملة في قصة عقبة بن نافع تقول: “عندما دخل عقبة وأصحابه لإحدى القرى قتلوا جميع أهلها وهم نائمون” مؤكدًا أن المستشرقين الغربيين يترجمون هذه الأعمال، ومنها الفقرات التي تحض على العنف، ليزعموا أن الإسلام انتشر بحد السيف ومن خلال العنف، وهو كلام ليس له أساس من الصحة.