كتاب وآراء

ماهى حدود رقابة القضاء على القرارات الادارية التي لها قوة القانون

كتب في : السبت 15 اكتوبر 2022 - 10:51 مساءً بقلم : أيمن عبد اللطبف

 

ان وجود رقابة قضائية على مشروعية تصرفات الإدارة يمثل ضمانه مهمة من ضمانات حقوق الافراد فى عملهم لما في ذلك من تبني لشرعية دولة القانون ، والقاضي هو مفتاح الالتزام بسيادة القانون ويتوقف عليه احترامه بمعناه الواسع الذي يتجاوز التقيد المجرد بالنصوص الى احترام مضمون القانون من حيث وجوب حمايته لحقوق الانسان . فاذا عجز القانون عن توفير الحماية لم يصبح جديرا بان تكون له السيادة . لذلك يجب ان يكفل النظام القضائي في الدولة سيادة القانون القائمة على احترام حقوق الانسان فيما يوفره من عناصر تتمثل في تكوين جهات التقاضي واختيار القضاة وضمان استقلالهم وحيادهم . وقد اقتضت وظيفة النظام القضائي تلك ايجاد قضاء يعمل على ضمان احترام الحقوق والحريات في التشريعات الداخلية من خلال الرقابة على اعمال الادارة وضمان مشروعية تصرفاتها ، اذ ان وجود الادارة طرفا في علاقة قانونية مع الافراد ، بما تتمتع به سلطة وامتيازات كثيرة ، يؤدي في كثير من الاحيان الى ارتكاب الادارة بعض الاخطاء عندما تصدر قراراتها دون رويه او على عجل ، كما قد يحدث ان تتجاهل الادارة بعض القواعد القانونية التي سنها المشرع حفاظا على مصلحة الافراد . ولما كانت الادارة في اتصال مستمر مع الافراد فقد تؤدي هذه الاخطاء الى الضرار بهم والاعتداء على حقوقهم ، ومن مقتضيات العدالة ومقوماتها ان تخضع الادارة لحكم القانون وان تكون كلمة القانون هي العليا ، ولابد لذلك من تنظيم رقابة قضائية على اعمال الادارة تضمن سيادة حكم القانون . يقول الاستاذ عبد الرزاق السنهوري في هذا المعنى ( ان من كان مظلوما وكان خصمه قويا كالاداره فلابد له من ملاذ يلوذ به ويتقدم اليه بشكواه ولاشيء اكرم للادارة واحفظ لمكانتها من ان تنزل مع خصمها الى ساحة القضاء تنصفه او تنتصف منه وذلك ادنى الى الحق والعدل وابقى للهيبة والاحترام ) . القضاء والرقابة على اعمال الادارة حتى تكتمل عناصر الدولة القانونية لابد من وجود تنظيم للرقابة القضائية على مختلف السلطات فيها . وتعد رقابة القضاء على اعمال الادارة اهم واجدى صور الرقابة واكثرها ضمانا لحقوق الافراد وحرياتهم لما تتميز به الرقابة القضائية من استقلال وحياد . ففي ظل القضاء العادل تحترم الحريات وتصان الحقوق وبغياب القضاء العادل المستقل النزيه تهدر الحقوق وتنتهك الحرمات . ومن مقتضيات العدل ان تخضع الدولة بهيئاتها وافرادها جميعهم لاحكام القانون ولاتخرج عن حدوده اولا : صور الرقابة القضائية على اعمال الادارة استقر التنظيم القضائي في اغلب الدول على وجود نوعين من الرقابة القضائية على اعمال الادارة لايميز النوع الاول بين الافراد والادارة في مراقبة تصرفاتهم ويخضعهم الى نظام قضائي واحد هو القضاء العادي، ويسمى نظام القضاء الموحد .اما الثاني فيسمى نظام القضاء المزدوج . ويتم فية التمييزبين منازعات الافراد ويختص بها القضاء العادي والمنازعات الادارية وتخضع لقضاء متخصص هو القضاء الاداري. اولاً : نظام القضاء الموحد . يسود هذا النظام في انكلترا والولايات المتحده الامريكية وبعض الدول الاخرى , ومقتضاه ان تختص جهة قضائية واحده بالنظر في جميع المنازعات التي تنشأ بين الافراد أنفسهم أو بينهم وبين الادارة أو بين الهيئات الادارية ذاتها . وهذا النظام يتميز بانه اكثر اتفاقاً مع مبدأ المشروعية اذ يخضع الافراد والادارة الى قانون واحد مما لايسمح بمنح الادارة أي امتيازات في مواجهة الافراد . بالإضافة الى اليسر في إجراءات التقاضي اذا ما قورنت باسلوب توزيع الاختصاصات القضائية بين القضاء العادي والإداري في نظام القضاء المزدوج . ومع ذالك فقد وجه النقد الى هذا النظام من حيث انه يقضي على الاستقلال الواجب توفره للادارة بتوجية الاوامر اليها مما يعيق أدائها لاعمالها , مما يدفع الإدارة الى استصدار التشريعات التي تمنع الطعن في قراراتها ,ولايخفى مالهذا من اضرار بحقوق الافراد وحرياتهم . ومن جانب اخر فأن نظام القضاء الموحد يؤدي الى تقرير مبدأ المسؤولية الشخصية للموظفين مما يدفع الى الخشية من اداء عملهم بالوجه المطلوب خوفاً من المساءله, واذا ماقرر القضاء تضمين الموظفين بناء على هذا المبدا فانه يحرم المضرورين من اقتضاء التعويض المناسب لضعف امكانية الموظف المالية غالباً .

اولا : نظام القضاء المزدوج . يقوم هذا النظام على اساس وجود جهتين قضائيتين مستقلتين , جهة القضاء العادي وتختص بالفصل في المنازعات التي تنشأ بين الافراد أو بينهم وبين الادارة عندما تتصرف كشخص من أشخاص القانون الخاص , ويطبق القضاء على هذا النزاع احكام القانون الخاص . وجهة القضاء الاداري تختص بالفصل في المنازعات التي تنشاء بين الافراد والادارة عندما تظهر الاخيرة بصفتها صاحبة السلطة وتتمتع بامتيازات لا يتمتع بها الافراد ويطبق القضاء الاداري على المنازعة قواعد القانون العام . وتعد فرنسا مهد القضاء الاداري ومنها انتشر هذا النظام في الكثير من الدول كاليونان ومصر والعراق , لما يتمتع به من خصائص مهمة , فالقضاء الاداري قضاء انشائي يسهم في خلق قواعد القانون العام المتميزة عن القواعد العادية في ظل القانون الخاص والتي يمكن من خلالها تحقيق المصلحة العامة وحماية حقوق الافراد وحرياتهم . ثانيا : اهمية وجود القضاء الاداري من المهم تقرير خضوع قرارات الادارة وتصرفاتها كافة لرقابة القضاء ضماناً لاحترام حريات الافراد بصرف النظر عن كون هذا القضاء عاديا ام اداريا , لكن القضاء الاداري يتمتع بخصوصية تجعله اكثر كفاية في هذا المجال . خصوصية القضاء الاداري ان وجود قضاء متخصص يمارس الرقابة على اعمال الادارة يمثل ضمانة حقيقية لحقوق وحريات الافراد في مواجهة تعسف الادارة ويؤدي بالادارة الى التأني والحذر في تصرفاتها لتتأكد من مطابقتها للقانون , وقد حمل القضاء الاداري على كاهله هذه المه تملك الإدارة امتيازات السلطة العامة، ومن أهم مظاهر هذه الامتيازات، إقدام الإدارة على استخدام سلطتها في أن تفرض بإرادتها المنفردة قرارات تُرتب لهل حقوقاً والتزامات في مواجهة الغير، دون حاجةٍ إلى الحصول على رضائهم أو موافقتهم، فهذه السلطة في التصرف الإداري من جانبٍ واحد، تُعتبر من أهم مظاهر السلطة العامة للإدارة، وتُعدُّ أحد الفوارق الجوهرية بيت أساليب النشاط أو التصرفات القانونية في مجال القانونين العام والخاص. فالأصل العام أن الإرادة المنفردة لا ترتب آثاراً إلا في حق من أصدرها، ومن ثم يُعد العقد هو الصورة الأساسية التصرفات القانونية الإرادية في مجال القانون الخاص. أما في مجال القانون العام فإن المظهر الجلي والواضح من مظاهر امتيازات السلطة العامة هو منح الإدارة إصدار القرارات الإدارية التي لها قوة مُلزمة قانوناً، بإرادتها المنفردة، لدرجة أن مجلس الدولة الفرنسي اعتبرها القاعدة الرئيسية للقانون العام. وتُشكل دراسة القرار الإداري أهمية مميزة، من جهتين، من حيث أن القرارات الإدارية تُشكل أحد أركان ودعائم القانون الإداري، وتُعد من أنجح الوسائل في ممارسة الإدارة لنشاطها. كما انه من جهةٍ أخرى تُشكل القرارات الإدارية مجالاً رحباً لممارسة الرقابة القضائية على أعمل الإدارة، بل كانت وما تزال القرارات الإدارية تُشكل محوراً لمعظم المنازعات والقضايا المعروضة على القضاء الإداري، وتُعتبر مصدراً ثرياً وغنياً لاجتهادات القضاء الإداري.والإشكال :ما فحوى القرار الإداري؟ وما هي أنواعه؟وما مدى تأثير أركانه على مشروعية القرار؟ ونقوم باستفاضه ماتم ذكره ...

تعريف القرار الادارى : اختلف الفقه الإداري في إعطاء تعريف للقرار الإداري، ولكن هذا الاختلاف لا يعدو كونه في إطار الجزئيات، أما ما يتعلق بجوهر ماهية القرار الإداري فإنه لا يبدو أن هناك اختلاف بين الفقهاء. فيُعرف العميد هوريو القرار الإداري بأنه" تصريحٌ وحيد الطرف عن الإرادة صادرٌ عن سلطة إدارية مختصة بصيغة النفاذ بقصد إحداث أثر قانوني" بينما يُعرفه الأستاذ فالين بأنه كل عمل حقوقي وحيد الطرف صادر عن رجل الإدارة المختص، وقابلٌ بحد ذاته أن يُحدث آثاراً قانونية (وفى القضاء) : التعريف القضائي استقر القضاء الإداري لفترةٍ طويلة على اعتماد تعريف القرار الإداري. بأنه إفصاح الإدارة في الشكل الذي يتطلبه القانون، عن إرادتها عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث مركز قانوني متى كان ممكناً وجائزاً قانوناً، وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة في المجتمع معينين بصفاتهم لا بدواتهم خصائص القرار الإداري ويتضح من التعريف السابق أن هناك عدة شروط يجب توافرها لنكون أمام قرار إداري وهي : * أن يصدر القرار من سلطة إدارية وطنية . * أن يصدر بالإرادة المنفردة للإدارة . * ترتيب القرار لأثار قانونية . أولاً : أن يصدر القرار من سلطة إدارية وطنية : يشترط في القرار الإداري أن يصدر من سلطة إدارية وطنية سواء أكانت داخل حدود الدولة أو خارجها من دون النظر إلى مركزية السلطة أو عدم مركزيتها ، ولنكون أمام قرار إداري ينبغي أن يصدر هذا القرار من شخص عام له الصفة الإدارية وقت إصداره ولا عبرة بتغير صفته بعد ذلك وهو ما يميز القرار الإداري عن الأعمال التشريعية والقضائية(1) . ثانياً : صدور القرار بالإدارة المنفردة للإدارة: يجب أن يصدر القرار من جانب الإدارة وحدها , وهو ما يميز القرار الإداري عن العقد الإداري الذي يصدر باتفاق أرادتين سواء أكانت هاتين الإرادتين لشخصين من أشخاص القانون العام أو كان أحدها لشخص من أشخاص القانون الخاص . والقول بضرورة أن يكون العمل الإداري صادراً من جانب الإدارة وحدها ليكتسب صفة القرار الإداري لا يعني أنه يجب أن يصدر من فرد واحد , فقد يشترك في تكوينه أكثر من فرد كل منهم يعمل في مرحلة من مراحل تكوينه لأن الجميع يعملون لحساب جهة إدارية واحدة ترتيب القرار لآثار قانونية : لكي يكون القرار إدارياً يجب أن يرتب آثاراً قانونية وذلك بإنشاء أو تعديل أو إلغاء مركز قانوني معين , فإذا لم يترتب على العمل الإداري ذلك فإنه لا يعد قراراً إدارياً . وبناءً على ذلك فإن الأعمال التمهيدية والتقارير والمذكرات التحضيرية التي تسبق اتخاذ القرار لا تعد قرارات إدارية ونجد أنه من المناسب أن نبين مضمون بعض هذه الأعمال : 1- الأعمال التمهيدية والتحضيرية : وهي مجموعة من القرارات التي تتخذها الإدارة وتتضمن رغبات واستشارات وتحقيقات تمهيدا لإصدار قرار إداري وهذه الأعمال لا تولد آثاراً قانونية ولا يجوز الطعن فيها بالإلغاء . 2- المنشورات والأوامر المصلحية : وهي الأعمال التي تتضمن تعليمات وتوجيهات صادرة من رئيس الدائرة إلى مرؤوسيه لتفسير القوانين أو اللوائح وكيفية تطبيقها وتنفيذها , ما دامت هذه المنشورات لم تتعد هذا المضمون أما إذا تضمنت أحداث آثار في مراكز الأفراد فأنها تصبح قرارات إدارية يقبل الطعن فيها بالإلغاء . 3- الأعمال اللاحقة لصدور القرار : الأصل أن هذه الأعمال لا ترتب آثراً قانونياً لأنها أما أن تكون بمثابة إجراءات تنفيذية لقرارات سابقة فلا يقبل الطعن فيها بالإلغاء لأنها تنصب على تسهيل تنفيذ القرار الإداري السابق , ولا تشير إلى قرارات مستقبلة فلا يكون الأثر المترتب عليها حالاً. 4- الإجراءات الداخلية : وتشمل إجراءات التنظيم للمرافق العامة التي تضمن حسن سيرها بانتظام واطراد , والإجراءات التي يتخذها الرؤساء الإداريون في مواجهة موظفيهم المتعلقة بتقسيم العمل في المرفق وتبصير الموظفين بالطريق الأمثل لممارسة وظائفهم . ولقد اعتمد قضاء مجلس الدولة المصري منذ إنشائه المبادئ التي استقر عليها القضاء الإداري الفرنسي تجاه القرارات التي لها قوة القانون في إخضاعها لرقابة المشروعية بوصفها مبدأً عاماً. وهذه القرارات قد تأتى تحت صفة لوائح الضرورة، واللوائح التفويضية أو في ظل نظرية الظروف الاستثنائية التي سنأتي إلى تفصيلها تباعاً . الفرع الأول : الرقابة على لوائح الضرورة واللوائح التفويضية . نشأ مجلس الدولة المصري في ظل دستور 1923 الذي كرس المادة (41) للوائح الضرورة التي أخضعها قضاء مجلس الدولة لرقابته كما يظهر ذلك جلياً في حكم لمحكمة القضاء الإداري بتاريخ 21/6/1952 الذي جاء فيه أن (المرسوم بقانون رقم 64 لسنة 1952 هو مرسوم له قوة القانون صدر من السلطة التنفيذية بمقتضى المادة (41) من الدستور ، ولاشك في أن هذا المرسوم يعتبر من ناحية مصدره ـ وهي الناحية التي يعتد بها وحدها في تحديد مدى رقابة القضاء ـ قراراً إدارياً يخضع لرقابة هذه المحكمة خضوع سائر القرارات التنظيمية منها والفردية ، فإذا كان باطلاً كان على المحكمة أن تقضي بإلغائه عند رفع الدعوى الأصلية ، وان تمتنع عن تطبيقه عند الدفع بالبطلان ) (1) . إن القرار القضائي أعلاه يؤكد أن المرسوم بقانون بالرغم من أن له قوة القانون فهو لا يخرج عن الوصف القانوني له كقرار إداري خاضع لرقابة قاضي المشروعية وبالتالي فانه يمكن الحكم بإلغائه كلياً أو جزئياً . واستمرت محكمة القضاء الإداري بتبني المعيار الشكلي وبالتالي بسط رقابتها على لوائح الضرورة حتى في ظل دساتير الجمهورية (2) . وأيدت المحكمة الإدارية العليا في مجلس الدولة هذه الرقابة وذكرت في حكم لها بتاريخ 14/4/1962 ( إن سلطة الحكومة في هذا المجال ليست ولاشك طليقة من كل قيد بل تخضع لأصول وضوابط ، فيجب أن تقوم حاله واقعية أو قانونية تدعوا إلى التدخل ،وأن يكون تصرف الحكومة لازماً لمواجهة هذه الحالة بوصفه الوسيلة الوحيدة لمواجهة الموقف ، وأن يكون رائد الحكومة في هذا التصرف ابتغاء مصلحة عامة ، وبذلك تخضع مثل هذ

وبذلك تخضع مثل هذه التصرفات لرقابة القضاء ، غير أن المناط في هذه الحالة ، لا يقوم على أساس التحقق من مشروعية القرار من حيث مطابقته أو عدم مطابقته للقانون ، وانما على أساس توافر الضوابط التي سلف ذكرها أو عدم توافرها ،……. ) (3) . إلا أن رقابة هذه اللوائح لم تدم لمجلس الدولة ، فقد صدر القانون رقم (48) لسنة 1979 الخاص بالمحكمة الدستورية العليا الذي نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 6/9/1979 . وقد جاء في المادة (25) منه ( تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بما يأتي : ـ الرقابة على دستورية القوانين واللوائح وللحديث بقيه ،،،، يتبع ،،، ايمن عبداللطيف.......

بداية الصفحة