تقارير
السقوط من أجل جنون التريند.. حكاية عبده الذي تحول لــ «ياسمين» على التيك توك

ضرب طالبًا في المرحلة الثانوية بالتعليم الفني كل الخطوط الحمراء لـ «التشبه بالنساء»؛ بعدما وسوس إليه شيطانه بأن يتحول أمام عوام الناس عبر تطبيق التواصل الاجتماعي ( تيك توك ) إلى فتاة صارخة الأنوثة، لا لشيء إلا للبحث عن المال السريع الذي قد يدفعه هؤلاء المتابعون بفعل إغراء تلك الشخصية التي يتلبسها وهي تتراقص وتتعرى أمامهم، قبل أن يبدأ بعض رواد السوشيال ميديا الذين هالهم ما يرونه في الإبلاغ عن المحتوى الخادش للحياء والهادم للقيم التي تقدمه تلك الشخصية المزعومة، وتضرب المفاجأة أرجاء المعمورة حين اكتشف رجال الأمن أن الفتاة الماجنة ما هي إلا شاب في مقتبل سنوات الشباب، وقد فعل فعلته الحمقاء هذه من أجل التريند، وإلى التفاصيل.
◄ عدة ساعات قضاها «عبده» داخل التخشيبة وسط سخرية المتهمين في قضايا أخرى
◄ التفكك الأسرى حوله إلى مجرم إلكتروني
«يا واد يا بت».. عبارة فنية نطق بها الفنان محمد سعد خلال أحداث فيلمه الشهير «كركر» الذي قدم خلاله شخصية «رضا» الذي يتحول إلى أنثى ويرتدي ملابس نسائية ويعتمد الإغراء منهجًا بعبارات توحي بالخلاعة بحثًا عن المال الذي قد تحوزه تلك الشخصية حال موافقة الشخص الساذج «كركر» على الزواج منها، في رؤية ساخرة لم يكن يتخيل أحد أن تتحول إلى واقع مرئي ومسموع يتابعه الملايين وينجذب إلى خديعته العشرات ممن جذبتهم شخصية عرفت طريقها إليها عبر حساب شهير باسم «ياسمين تخلي الحجر يلين»، والأدهى أن أولئك لم يكتفوا بسيلان لعابهم وشهواتهم على مقاطع خليعة لتلك الفتاة «المزعومة»، بل راحوا يدفعون لها مقابل ذلك أموالًا إلكترونية حتى تستمر في الرقص والتمايل وإثارة غرائزهم الذكورية.
داخل مسكن متواضع وسط بندر مدينة بلبيس في محافظة الشرقية، وبين أدواته التي لجأ إليها بحثًا عن المال الذي يعوض فشله بالحصول عليه عن طريق العمل، راح يتابع باهتمام الحسابات التي تحقق أرباحًا طائلة، ليجد أن الغلبة للتعري وخدش الحياء واللعب على حاجة الناس لمن يثير غرائزهم ويخدش القشرة التي تغطي حاجتهم للجنس، ليستقر تفكير الفتى في النهاية إلى قرار لم تتحرك معه «رجولته» قيد أنملة؛ إذ قرر أنه سيظهر بشخصية نسائية ترقص وتتمايل وتعض على إثارة الشباب وتحريك ذكورتهم!
رسم الشاب شخصيته الجديدة واختار لها اسم «ياسمين» قبل أن يتبع وصفها بأنها قادرة على أن تحرك الحجر وليس ذكورة الشباب فقط، وقبيل أن يبدأ تصوير أولى مقاطعها الراقصة استعان بأدوات ومساحيق تجميل، وترك البيت بضع ساعات قبل أن يعود حاملًا ملابس داخلية «لانچيري» لشخصيته الجديدة، ليبدأ بعدها سجال طويل من الإسفاف والتعري والرقص، وكان ما يحفزه على الاستمرار ما يعرفه متابعو التطبيق الشهير بـ «التكبيس» والضغط على إشارات الهدايا أثناء مشاهدة مقاطع تلك الفتاة المثيرة، ليتحصل على أموال لم يعرف أن يحوز مثلها طوال حياته.
ولأن الإسفاف لابُد وأن تتم محاربته، علت جنبات المجتمع طلبات وأحلام حولتها أجهزة الداخلية إلى واقع مؤكد وبدأت في مطاردة والقبض على كل من يقدم محتوى من شأنه أن يؤثر بالسلب في الآداب العامة وقيم المجتمع، وبين هؤلاء كانت صانعة المحتوى الذي يتنافى مع الآداب العامة، والتي يعرفها المتابعون بـ «ياسمين تخلي الحجر يلين»!
تتبعت أجهزة وزارة الداخلية ممثلة في رجال تكنولوجيا المعلومات وضباط مباحث بلبيس في مديرية أمن الشرقية خطوات ذلك الحساب الذي أثار حالة من الفسق ومباديء الفجور؛ إذ وردت عدة بلاغات تتهم «ياسمين» تلك بنشر مقاطع فيديو عبر أحد مواقع التواصل الاجتماعي أثناء قيامها بالرقص بملابس خادشة للحياء تتنافى مع قيم وتقاليد المجتمع، قبل أن يتبين أن تلك الفيديوهات يتم بثها من داخل مسكن في نطاق بندر مدينة بلبيس، وعقب تقنين الإجراءات القانونية، وبمداهمة ذاك المسكن كانت المفاجأة؛ ياسمين ما هي إلا شاب أرعن اعتاد ارتداء الملابس النسائية الخادشة للحياء وتلطيخ وجهه وجسده بمساحيق التجميل ليرسم صورة تلك الفتاة ويتلبسها أمام الكاميرا خلال مقاطعها المصورة المثيرة.
فتش رجال الشرطة مسكن المتهم، حيث تبين أنه يحوز مجموعة من الملابس النسائية بعضها داخلي «لانچيري»، وبعض من مساحيق التجميل والمكياچ، فضلًا عن بعض العباءات والأوشحة ذات الألوان الزاهية التي كان يرتديها أثناء تقديمه تلك الشخصية النسائية الخادشة للحياء والقيم.
◄ «ياسمين» في التخشيبة
قضى الشاب «عبده» ليلته الأولى في حجز الرجال داخل مركز شرطة بلبيس؛ إذ حجز له ركن بعيد بين أرباب السوء والإجرام، وكانت ساعاته داخل الحجز بمثابة الإهانة التي لم يتخيل له أنه يراها أو يسمع بها يومًا؛ بعدما تسرب نبأ اتهامه وسبب احتجازه إلى رفاقه داخل غرفة الحجز، لتسير الهمهمات بين الجميع، بينما كان الفتى يرجو أن تنشق الأرض وتبتلعه، وظل منكمشًا على نفسه يسترجع ما تمكن به ضميره من تأنيبه، وهو يتذكر كيف انفصل والديه وعاش بعدها حياةً تعسة، قبل أن يُقدم على فعلته الملعونة تلك حين تشبه بالنساء بحثًا عن المال ليس إلا، وكيف مرت سنوات دراسته الأولى في التعليم الفني بتخصص سياحة وفنادق، حتى جذبته «السوشيال ميديا» وراح يبحث عن مالها السريع بطريقته الفجة وهو يلبس ملابس وأفاعيل النساء.
◄ التحريات
التحريات الأولية توصلت إلى أن الطالب المتهم «عبده» ارتدى أكثر من حمالة صدر نسائية معًا، حيث كانت تلك الصدريات من الأنواع كبيرة الحجم لكي يبدو فيها وكأنه فتاة مكتملة الأنوثة في تلك المنطقة، وكان يُكمل الشخصية بـ «كحل» وغيره من مساحيق التجميل النسائية التي يضعها على وجهه، قبل أن يصبغ شفتاه بـ «الروچ» ويزيل الشعر عن نصفه الأعلى عدا شعره الذي يغطيه بـ «باروكة» شعر حريمي ذات لون كستنائي، ويُكمل الصورة المثيرة بألا يغطي الزي منطقة البطن، ثم يتبع ذلك بالتمايل والنطق بألفاظ من شأنها إثارة الذكور وتحريك غرائزهم، في منوال اعتاده منذ المقطع الأول له قبل عدة أشهر حتى سقط في أيدي الأمن ورجال وزارة الداخلية.
قضى «عبده» ليلته محتجزًا حتى حان وقت عرضه على النيابة العامة في مركز بلبيس خلال الفترة الصباحية، وأمام رجال التحقيق راح الفتى يسرد كل ما جرى، متعللًا بأن حاجته إلى المال السريع كانت السبب الرئيس وراء ظهوره بشخصية «ياسمين»، خاصةً وأن والديه منفصلان وهو لا يزال طالبًا بالمرحلة الثانوية في التعليم الفني بنظام الخمس سنوات تخصص سياحة وفنادق.
استمعت جهات التحقيق للمتهم، قبل أن تصدر قرارها بإخلاء سبيله بكفالة مالية قدرها خمسة آلاف جنيه على ذمة التحقيقات، فيما سددت خالة المتهم الكفالة لإنهاء إجراءات إخلاء سبيله.