كتاب وآراء
الثقافة بتطوان 'على كفّ عفريت'

تطوان.. مدينة التاريخ والثقافة منذُ عصور.. قنطرة الحضارات،أُخت غرناطة وبِنتُ الأندلس..معالم وحصون وأبواب.. شاهدة على تاريخ عريق..
تطوان؛ مدينة مغربية الأصل والموقِع، عالمية التشكُّل والتطوّر، إنسانية الامتداد في الزمن الماضي والحاضر، ومتوجِّهة نحول المُستقبل المجهول في المجال الثقافي. و يبرز فيها ذلكم التلاقح الثقافي والحضاري، الذي راكَمَتْهُ مِن زمنِ بعيد، وتتجلَّى في معمارها وعمرانها مظاهِر وأمارات المشْتَرَك الإنساني، إذ يُطالعك عُمرانها بحضور الإرث الأندلسي والإضافات التركية واللّمسة اليهودية والخُصوصية المغربية الفريدة، مما يدلُّ على تجدُّر التَّواصل الحضاري فيها وقُدرتها الكبيرة على استيعاب كل التّشكيلات الأخرى وانفتاحها على مُختلف الأطياف والتّعبيرات المُجتمعية والثقافية والسياسية التي قبِلت بها في حدود احترام الهُوية العامة للمدينة وخصوصية سكّانها وطِباعِهم ويَلْمَحُ تأثيرات الهجرات الأندلسية إلى المغرب، وبالأخص أدوار الأندلسيين في بناء وتجديد مدينة تطوان، وتأثيراتهم في الميادين المعمارية والثقافية والهندسية والعِلمية، ومقدُراتهم العالية على طَبْعِ حياة أهل البلد بطباع قاطني غرناطة الضائعة، لا مِن حيث المأكل والمَشرب والمَعيشة وطقوس الأفراح والأتراح، ولا مِن ناحية البُعد الجمالي في الحياة الخاصّة بالدُّورِ والمنازِل؛ إلى ما غير ذلك مِن الطِباع والخصال التي أضحت مع الزمن ميزة المُجتمع التطواني الكبير. فضْلاً عن تفرُّد المدينة دون سواها مِن مدن البلد بخصائص هَمــَّت كُلاًّ مِن (مجال الطبخ واللباس والجَمال والطَّرز التقليدي واللغة والعادات والاحتياط والاقتصاد وعوائد المعاش) وأحوال أخرى للمجتمع الذي انْصَهر في بوتقة واحدة شَكَّلت كُتلة مجتمعية مغربية-أندلسية، مما يُعزّز الترابط المثير بين العمل التجاري للمدينة والإشعاع الثقافي والديني والحضاري والرّوحي. هذه المدينة العريقة تستهل رجل مُثقف ذكي حكيم في تسيير الشأن الثقافي وإعادة الاعتبار لهذه المدينة الضاربة في عُمق التاريخ في مجال الثقافة والفكر والفنون الجميلة. ففي الآونة الاخيرة تعيش تطوان حالة من التوتر والتخبط تسود الثقافة ، بعد إعفاء المدير الإقليمي لوزارة الشباب والثقافة والتواصل قطاع الثقافة من مهامه بعد تعيينه بثلاثة أشهر فقط وهذا الإعفاء جاء بعد العمل الدؤوب للفعاليات المجتمع المدني بتطوان وإرسال عريضة لوزارة الشباب والثقافة والتواصل ونشر مقالات في الجرائد والمواقع دفاعاً عن التاريخ العريق لهذه المدينة المشهود لها بالمدينة المُبدعة ومدينة المهرجانات واللقاءات الثقافية والإبداعية والفكرية. فبعد هذا النضال كانت فعاليات المجتمع المدني التطواني تنتظر من السيد وزير الثقافة أن يُعين رجل المُناسب في المكان المُناسب،رجل مُثقف له دراية عن تاريخ المدينة عامة والثقافة والفن خاصة. وخاصة هذه المديرية تُسير الشأن الثقافي في خمسة أقاليم بجهة طنجة تطوان الحسيمة. وتتمتع هذه الأقاليم بالمشاريع الثقافية التي تُعتبر من الإنجازات الملكية في عهد العاهل المغربي وقريباً سيحتفل الشعب المغربي بالذكرى الفضية(25) لاعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ورعاه عرش أسلافه الميامين. وفي عهد الملك محمد السادس تعززت مدخلات الإبداع والتنمية الثقافية، حيث يؤكد جلالته أهمية ودور الثقافة والمثقفين في التنمية الشاملة للمجتمع المغربي، ويسهم في إتاحة المُناخ المُناسب ليتفرغ المُبدع لإنجاز مشروعه الإبداعي، بعيداً عن ضغوط الحياة والتزامات الوظيفة وإلحاح متطلبات العيش وتوفير مستلزمات إخراج هذا النتاج بسوية عالية، لترك مردودة الإيجابي على تطور الآداب والفنون في المملكة المغربية.