كتاب وآراء

السحر عند المصري القديم ؟؟

كتب في : الجمعة 24 نوفمبر 2017 - 9:58 صباحاً بقلم : إيمان دياب

لا يزال السحر والغموض هو سر من أسرار الحضارة المصرية القديمة فعلى الرغم من تحقيق آلاف الاكتشافات الأثرية وفك طلاسم العديد من البرديات المصرية القديمة مازال الغموض يحيط بطبيعة وماهية السحر عند القدماء ليبقى السحر هو نفسه الغموض الذى يحيط بأسرار تلك الحضارة العظيمة

بدأ السحر في مصر القديمة منذ عصور سبقت عصر معرفة الكتابة أي قبل حوالي 5200 عام وكان يختص به طبقة معينة من الكهنة يطلق عليهم اسم الكهنة المرتلين أو "غريو حب" باللغة الهيروغليفية وهم من اختصوا بممارسة السحر والذي لم يكن مجرد طقوس وهمية للتأثير على الأشخاص فقد وصل السحرة عند المصريين القدماء إلى معرفة علوم ما بعد الطبيعة أو "الميتافيزيقا" حيث تمكن السحرة من السيطرة على القوى غير الملموسة التي توجد في الطبيعة وفي الأشياء سواء الجماد أو الحي وكان التحكم بقوى ما فوق الطبيعة علما سريا لم ينقله السحرة إلا بشروط وعهود ومواثيق ولم يتاح لأي شخص أن يكون ساحرا فقد كان ينتقى السحرة وفقا لشروط معينة ليدخلوا إلى المعابد ويتعلموا فنون السحر.

تحدثت الكثير من البرديات المصرية القديمة عن تحويل الجماد إلى كائن حي مفترس وهو ما تأكده قصة موسى وسحرة فرعون المذكورة في الكتب السماوية المتوارثة في جميع الديانات، وتحكي إحدى البرديات قصة مثيرة عن كاهن مصري يكتشف خيانة زوجته له مع شاب فتي فما كان منه إلا أن صنع تمساحا صغيرا من الشمع وانتظر حتى نزل الشاب إلى المسبح ليغتسل فألقى الكاهن بتمساح الشمع إلى المسبح وقرأ عليه تعويذته السحرية فتحول التمساح الشمعي إلى تمساح مفترس فتك بعشيق زوجته.

ومن أشهر قصص السحر ما جاء ببردية "خوفو والسحرة" عندما جاء ابن الملك خوفو بالساحر "جدي" الذي كان يعيش في مدينة "جد سنفرو" ويبلغ من العمر مائة عام وسأله عن حقيقة تمكنه من السحر وقدرته على أن يقطع رأس إنسان أو أي كائن حي ويعيده مرة أخرى وطلب منه الملك أن يفعل ذلك أمامه وبالفعل قام "جدي" بقطع رقبة أوزة وألقى بالإوزة في جهة ورقبتها في جهة أخرى ثم أشار إليها، فعادت تطير وسط دهشة الحاضرين.

هذا وقد جاء في تاريخ مانيتون السمنودي المؤرخ المصري الذي كان كاهنا في عهد الملك بطليموس الثاني قبل حوالي 280 عام ق.م أن الملوك كانوا يمارسون علم السحر حيث كان كل ملوك مصر ملمّين بعلم السحر كجزء من وظيفة الملك في مصر القديمة.

ومن أشهر الشخصيات التي ألمت بعلم السحر في مصر القديمة "إيمحوتب" والذي بلغ من الشهرة والمكانة الرفيعة أنه كان في نظر الإغريق مساويا لرب الطب عندهم "أسكليبيوس" فلم يكن إيمحوتب يقدم للناس ممارسات سحرية ساذجة وإنما كان وزيرا في بلاط الملك زوسر وهو مبتكر علم الهندسة المعمارية وتشهد على ذلك تحفته المعمارية بسقارة كما أنه كان رجل دولة من الطراز الأول وفي عصر الدولة الحديثة أصبح "إيمحوتب" شخصية مقدسة في الأوساط العلمية لدرجة أن الكتبة كانوا يسكبون من أجله قليلا من الحبر قبل البدء في تدوين أي كتاب علمي حيث كان سكب السوائل في مصر القديمة أحد أشكال القرابين.

وكان العالم النجمي عند المصريين القدماء متداخلا مع عالمنا وليس منفصلا عنه وهو العالم الذي تذهب إليه الأرواح بعد الموت والمصدر الذي تأتي منه كل الأشياء وفيه أيضا تكمن أسباب كل الأمراض وكان الكهنة في مصر القديمة يقومون بمعالجة المرضى عن طريق الاتصال بهذا العالم من خلال لغة الرمز حيث يعيد التوازن مرة أخرى إلى منظومة الطاقة لدى الإنسان.

والرموز واللوحات المنحوتة التي عثر عليها في المقابر تشير بشكل واضح إلى وجود السحر بمصر القديمة وأنه كان جزءا لا يتجزأ من حضارة المصري القديم وأنه من أشهر السحرة في مصر القديمة هو الساحر "إس – آتوم" والذي عاش في الفترة المتأخرة من حكم الملك نكتانبو الثاني حوالي 359 ق.م ويرجع إليه الفضل في الحفاظ على اللوحة الشهيرة التي تعرف باسم لوحة "مترنيتش" والتي تحوي أحد النصوص السحرية التي كانت تستخدم لأغراض العلاج من لدغات الحيات والعقارب.

وهناك أيضا "حور – ددف" أحد أبناء الملك خوفو وكان من أشهر الحكماء في تاريخ مصر القديمة وقيل إنه اكتشف العديد من كتب السحر القديمة مما مكنه من معرفة علوم السحر، كذلك "خا – إم – واست" وهو الابن الرابع لرمسيس الثاني وكان كبير كهنة "رع" بمدينة منف وقد كان مولعا بدراسة النصوص القديمة ومنها كتب علم السحر فبرع فيها واشتهر بالسحر والحكمة

ومن أبرز السحرة وأكثرهم قدرة "حارنوفيس" والذي شهد معركة موردافيا في عام 172م مع قوات ماركوس أوريليوس وكان له دور بارز في انتصار الجيش الروماني فعندما بدأ الجيش يعاني من نقص في المياه والإمدادات أدى حارنوفيس طقوسا سحرية هطلت بعدها الأمطار وأنقذت جيش ماركوس أوريليوس من الهلاك وأكمل المعركة وانتصر على أعدائه

 

بداية الصفحة