كتاب وآراء

عام من الإنجازات والتحديات في مشروع قوائم الانتظار

كتب في : الأربعاء 26 يناير 2022 - 10:32 مساءً بقلم : د. كريم سلام

 

لما كان للمبادرات الرئاسية أثرا كبيرا ودور هام في الملفات الخاصة بالصحة، حيث قامت بتحول رهيب في إدارة أغلب تلك الملفات، وهو أنه وبدلا من أن يبحث المواطن عن الخدمة، أصبح القائمين على الملف هم من يبحثون عن متلقي الخدمة. 
فمن منظور إدارة الأعمال، وبالرغم من أنها جميعها تقدم للمواطن خدمة مجانية مائة بالمائة، الا أنها قامت بتحويل الملفات التي تتولاها المبادرة أيا كان نوعها الى ما يشبه المشاريع الخاصة التي يكون فيها متلقي الخدمة ورضاؤه هدف المشروع منذ البداية، ويتم توفير الدعاية اللازمة التي تجذب المواطن وتحثه على تلقي الخدمة المقدمة من خلال المبادرة، ووضع اليات مناسبة لتحقيق الهدف في أقصر وقت، وأسهل الوسائل، وأحسن خدمة مقدمة.
ولأن الرئيس عبد الفتاح السيسي صاحب رؤيا استراتيجية عميقة وواعية، فهو يولي صحة المواطن المصري اهتماما كبيرا، لأنه الاستثمار الأول والأهم لهذا الوطن لكل صاحب رؤيا مخلصة وصحيحة، لصناعة مستقبل أفضل.
فكانت الانطلاقة الأولى للمبادرة الرئاسية لمشروع قوائم الانتظار في يوليو عام 2018.
وهي مبادرة الانتهاء من قوائم انتظار المستشفيات للعمليات الجراحية الحرجة، والتي كان الهدف منها تخفيف العبء عن المواطن المصري ومعاناة الانتظار على قوائم المستشفيات لاجراء جراحة ما يكون في حاجة ماسة لها.

وكما هي دائما الإرادة السياسية لرئيس الجمهورية، كانت المحفز الأساسي لنا حين تولينا إدارة هذا المشروع منذ ما يقرب العام، فكانت صحة المواطن هدفنا الأول، ورضاه ورفع معاناته بما نملك من إمكانيات متاحة تحت أيدينا، هي الخطوط الرئيسية التي ترسم لنا خطة العمل وحافزنا على تذليل العقبات والمعوقات التي واجهتنا حتى نصل للهدف.

ففي الوقت الذي ينشغل العالم بفيروس كورونا، وتتركز عليه جميع التوجهات والأبحاث والجهود والخطط في أغلب الأنظمة الصحية في العالم، استطاعت مصر التعامل بحرفية واتقان في التصدي لهذه الجائحة، فكان التأثير الفعلي على المجتمع المصري منها أقل بكثير من غيرها من مثيلاتها في مستوى الخدمة الصحية من دول العالم، وذلك جاء بسبب تعاون أغلب مؤسسات الدولة في التصدي لتلك الجائحة، مما أتاح فرصة التقدم بخطى جادة في غيرها من الملفات القوية والمهمة كملف قوائم الانتظار، 

ففي عام واحد استطعنا الوصول بالحالات التي تمت لها إجراءات حقيقية سواء جراحات حرجة، أو خطط علاجية، الى ما يتجاوز المليون حالة وقرار.
كما استطعنا زيادة عدد التخصصات التي يقدمها المشروع، فبعد أن كانت التخصصات 9 تخصصات جراحية فقط يقدمها المشروع، أصبحت 11 تخصص وهي (جراحات الأورام، جراحة العظام، جراحة المخ والأعصاب، جراحات العيون، جراحة القسطرة القلبية، جراحة القلب المفتوح، زراعة كلا من الكبد والكلى، زراعة القوقعة.
وتم إضافة تخصص العيوب الخلقة في الأطفال، وجراحة الأوعية الدموية، والقساطر الطرفية والمخية، كذلك، تم إضافة جراحات الصدر وزرع النخاع. 
كان الهدف الرئيسي خلف ما نسعى له من زيادة التخصصات التي يقدمها المشروع هو أولا أن يغطي البرنامج جميع احتياجات مرضى قوائم الانتظار، وأن تختفي جملة أن على المريض السفر لاجراء جراحة ما في الخارج، أو أنه لا ملجأ له سوى القطاع الخاص لاجراء نوعية معينة من الجراحات.
فمصر مليئة بالكفاءات الطبية والجراحية التي يمكنها المنافسة وسد احتياجات مواطنيها دون الحاجة للسفر لاجراء نوعيات معينة من الجراحات.
خاصة وأن المشروع يلاقي الدعم الكامل من الدولة التي تتحمل نيابة عن المواطن جميع النفقات الخاصة بالإجراءات الجراحية من بداية القيام بالفحوصات والتحاليل اللازمة قبل الاجراء الجراحي، فقد بلغت التكلف الفعلية للمشروع منذ بدايته لليوم 8 مليار جنيه مصري، من نفقة الدولة، والتأمين الصحي، كما ساهم البنك المركزي، وبعض مؤسسات المجتمع المدني في تمويل المشروع أيضا.
من الإنجازات التي تحسب لادارة المشروع في عام 2021 المشاركة الفعالة من جميع القطاعات وتنمية دور الجهات المتعاقدة بجانب وزارة الصحة والمستشفيات الجامعية حيث مثل ما تم في مستشفيات القوات المسلحة 
50% من اجمالي ما تم التعامل معه في ذات القطاع منذ بداية المشروع وكذلك المستشفيات الخاصة مثلت 53 % من اجمالي ما تم التعامل معه في ذات القطاع من بداية المشروع وذلك لتوسيع قاعدة المشاركة لأكبر عدد من مقدمي الخدمة مع متابعة جودة الاجراْت

حيث يشارك بالمشروع عدد 421 مستشفى، تشارك أمانة المراكز الطبية بحوالي 52 مستشفى، والجامعة تشارك ب 54 مستشفى، وقد تم التنسيق لتعاون الهيئة العامة للتأمين الصحي للمشاركة في المشروع والتي تشارك حاليا ب 29 مستشفى وجاري زيادة العدد، كذلك الجيش والشرطة كذلك القطاع التعليمي، ويشارك القطاع الخاص ب 185 مستشفى في الوقت الحالي
كذلك تمكنا من رفع معدلات الأداء في القطاع العلاجي حيث مثل 45 % من اجمالي ما تم التعامل معه في ذات القطاع والذي يشارك بعدد لا يقل عن 67 مستشفى موزعة على جميع أنحاء الجمهورية.

 قما قمنا بتوسعة رقعة الأماكن التي يتم توفير الخدمة الخاصة بالمشروع فيها، مما أدى لتقليص وقت انتظار المريض منذ تسجيله الطلب على الموقع والذي لم يعد يتجاوز خمسة أيام.
من أكثر المعوقات التي قابلها المشروع هي اسناد اعداد كبيرة من الحالات على جهات بعينها وفى الغالب اكثر من السعة الاستيعابية للمستشفى وتوفر اماكن شاغرة في مستشفيات أخرى مما ترتب علية زيادة فترة انتظار المريض من اجل اتمام الاجراء
فى اغسطس 2021 تم الاتفاق وسرعة استجابة الهيئة العامة للتامين الصحي لوضع اليه لعدم اسناد الحالات على مستشفيات متخطيه السعات الاستيعابية و تم الاتفاق علي ان يكون التوزيع مركزي من الغرفة.
وأن للغرفة الحق في التعامل مع الحالات المسددة على النظام المميكن في حالة تخطي القدرة الاستيعابية الفعلية الشهرية للمستشفيات أو تأخير الحالات لمده تزيد عن أسبوعين، ويكون ذلك مع مراعاة التعامل من الأقدم الي الأحدث لضمان عدم تأخير الإجراءات.
كما تم التركيز على الجراحات ذات الطبيعة الخاصة ورفع معدلات الأداء بها مثل القساطر الطرفية وبعض جراحات أورام المخ، والقلب المفتوح في الأطفال
كذلك تم رسم خريطة صحية لجراحات الأورام، بالتنسيق مع أمانة المراكز الطبية والمعاهد التعليمية والمستشفيات الجامعية، لضمان حصول المواطن على العلاج الكيماوي فيما بعد الجراحة في المحافظة التي ينتمي لها لتوفير مشقة السفر عليهم.

مما أدى الى خفض مدة انتظار المريض منذ تسجيله الى خمس أيام فقط في أغلب التخصصات، ولا يتعدى ال 15 يوما في بعض التخصصات.
وبذلك نضمن سرعة الاستجابة فان لم تتوفر الخدمة في مستشفيات وزارة الصحة، يتم اسناد المهمة لاحدى المستشفيات التابعة للمؤسسات المشاركة أو القطاع الخاص، مع مراعاة محافظة المريض السكنية.
كما وصل المعدل اليومي للحالات التي يتم اجراء الجراحة لها، ما بين 1600 الى 1800 حالة يوميا، 
ولا يعتبر أهم انجا هو فقط زيادة أعداد المنتفعين من المشروع، ولكن الإنجاز الأكبر والأهم كان كيفية وضع سياسات وإجراءات من شأنها أن تحظى على رضاء المنتفعين أثناء وبعد تلقي الخدمة، وهو ما كان شاغلنا الشاغل منذ البداية.
فبالاضافة الي توفير خط ساخن لتلقي شكاوى المواطنين وتوفير فريق متابعة على قدرة عالية من الجودة للتعامل مع تلك الشكاوى، وتتبع إجراءات حلها،

كان هناك اهتمام باجراءات تحويل المواطنين بدقة، حيث يتم مراعاة تغير رأي المريض بعد الاتصال به تليفونيا وتحويله بناء على رغبته أو اخطارات من المستشفيات المحولين اليها أو من خلال اخطار ممثلي الجهات بالغرفة عن الحالات التي ترغب في الاجراء في مستشفى بعينها وتقدموا بطلب للمجالس الطبية المتخصصة أو حضر المريض أو أحد ذويه الى مقر غرفة قوائم الانتظار لطلب ذلك بعد التأكد من الغرض من التحويل، حتى لا يكون انسياق وراء بعض الأطباء ضد مصلحة المريض، فحسب توصيات اللجان العلمية بالمشروع يفضل استكمال الإجراءات اللاحقة لنفس المريض في نفس المستشفى التي قامت بتقديم الاجراء الأول ويتم الاسناد بالتحويلات بناءا على سرعة التعامل مع الحالات المسندة وسرعة الاجراء وكفاءة مسئولي نظم المعلومات في التواصل مع فريق العمل بالغرفة ودقة التسديد بالحالة الصحيحة على النظام الإداري.

كذلك يتم اسناد الحالات الى الجهات، بعد التأكد من فريق الجودة وبناءا على التقارير المقدمة منهم، عن تلك الجهة، من حيث عدم تحصيل أي رسوم من المريض أثناء التعامل معه، وحسن المعاملة، وعدم تكبد المريض لأي أعباء إدارية من شأنها تعطيل الاجراء الجراحي، أو تكليفه مشقة هو في غنى عنها، كذلك التأكد من كفاءة الخدمات المقدمة وعدم تعرضه لأي مضاعفات.

 كذلك فان للطفل نصيب غير هين في الاهتمام في هذا الملف، فقد تم ادخال تخصص العيوب الخلقية للأطفال على سبيل المثال زراعة القوقعة، وهنا يأتي الدور الغير مألوف على الأسماع، أن يكون هناك اهتماما لا يقتصر فقط على الاجراء الجراحي، ولكن أيضا تتم متابعة المريض لمدة عامين بعد الاجراء الجراحي للتأكد من حصوله على جلسات التخاطب والبرمجة للوصول للاستفادة القصوى من الزرع وهذا يساعده كثيرا في جعله مواطنا فعال في المجتمع.
كما أن للأطفال الأولوية في عمليات الرمد الخاصة بزرع القرنية. كذلك العمليات التي تحتاج لمهارة عالية وقضاء فترات طويلة في الرعاية المركزة، مثل عمليات القلب المفتوح للأطفال، دراسة الكهروفسيولوجي، واستئصال أورام المخ والغدة النخامية
كما تم مؤخرا التنسيق مع مستشفيات جراحة قلب الأطفال بالهيئة العامة للتأمين الصحي لرفع السعات الاستيعابية بتلك الوحدات، كما تم ادخال تخصص قلب الأطفال في مستشفى قلب دمياط، بالإضافة للتعاون مع مستشفى مجدي يعقوب بأسوان.

في النهاية، كان التحدي الأكبر والأهم بالنسبة لي، وللمشروع بشكل عام، هو وضع خريطة صحية كاملة لجميع أنحاء الجمهورية، يتم من خلالها التوزيع العادل للخدمات الصحية في جميع المحافظات وتوفير أماكن العلاج المجهزة والتي تتناسب والكثافة السكانية بالمحافظة، وتوفير الكوادر البشرية المدربة والمتميزة، لاتمام جميع الإجراءات المسجلة على قوائم الانتظار الجراحية للمستشفيات، كذلك مدهم بجميع الأجهزة والمستلزمات الطبية وغير الطبية، لضمان سرعة تقديم الخدمة، وتقديمها على مستوى عال من الجودة، تتناسب وحجم الجهد المبذول من ناحية، وأهمية تلك المبادرة الوطنية، من ناحية أخرى، والتي تهدف لصالح صحة المواطن المصري، وتزيد من شعوره بالانتماء، لمستقبل أفضل للوطن بأفراد أصحاء.

**************************** 

الدكتور/ كريم سلام 
المنسق العام لمشروع قوائم الانتظار ووكيل مديرية الشئون الصحية بالقاهرة
 

بداية الصفحة