تقارير
«قميص النبي» في مسجد الحسين.. كنز روحي لا يقدّر بثمن

في قلب القاهرة القديمة، وتحديدًا داخل مسجد الإمام الحسين، يقف الزائر مشدوهًا أمام إحدى أندر وأشرف المقتنيات الدينية في العالم الإسلامي، قميص منسوب إلى النبي محمد ﷺ، محفوظ بعناية وسط جو من القداسة والهيبة.
ما يثير الدهشة ويأسر القلوب أن هذا القميص تفوح منه رائحة عطرة تشبه رائحة الروضة الشريفة في المدينة المنورة، كما يشهد بذلك كل من اقترب منه. إنها حكاية روحانية تفوق الوصف، تجمع بين عبق النبوة، وتاريخ العترة الطاهرة، وكرامة الزمان والمكان.
- رائحة الروضة الشريفة
في مسجد الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما، الواقع في شارع الأزهر بالقاهرة، تحتفظ مصر بكنز روحي لا يقدَّر بثمن، يُقال إنه قميص من قمصان النبي محمد ﷺ، محفوظ في غرفة المقتنيات الشريفة داخل المسجد، والتي تُفتح نادرًا في المناسبات الدينية العظيمة، كليلة النصف من شعبان، ومولد النبي الشريف.
القميص محفوظ في صندوق زجاجي محكم الإغلاق، يُغطّى بغطاء من الحرير الأخضر المطرز بآيات قرآنية، ويحيط به عبق لا مثيل له، كثير من الزوار والمشايخ الذين سُمح لهم بمشاهدته عن قرب، أقسموا أن رائحته تشبه تمامًا رائحة الروضة الشريفة في المسجد النبوي، تلك الرائحة التي لا تُنسى، والتي لا تشبه أي عطر أرضي.
من الفاطميين إلى رحاب الحسين
ويقال إن هذا القميص الشريف نُقل إلى مصر في عهد الفاطميين، ضمن مجموعة من المقتنيات التي أُحضرت من المدينة المنورة، ووُضعت في رعاية الأزهر والأئمة العلويين، ثم نُقلت لاحقًا إلى مسجد الإمام الحسين، الذي يعدّ أحد أبرز مقامات آل البيت في العالم الإسلامي.
يحاط القميص الشريف برعاية دائمة، ويتم تعطيره دوريًا بمزيج من العطور النادرة، احترامًا لمقامه الشريف، وتُتلى حوله آيات من القرآن الكريم، وتُرفع أكف الدعاء في صمت ووقار.. ويعتبر كثير من الصوفية والمحبين أن زيارة قميص النبي ﷺ في مسجد الحسين هي رحلة روحانية خالصة، لا تقل شأنًا عن زيارة المدينة المنورة، بل يعتبرونه امتدادًا نورانيًا لها في قلب القاهرة.
- جسر بين السماء والأرض
ولا يُعرف على وجه التحديد إن كان هذا القميص من ملابسه اليومية ﷺ أو أحد قمصانه التي ارتداها في المعارك أو المناسبات، إلا أن الشعور الطاغي عند رؤيته لا يتوقف عند مادة النسيج، بل يمتد إلى ما يمثله من أثر، وسيرة، ونور من سيرة خير البرية.
قميص النبي ﷺ في مسجد الحسين ليس مجرد قطعة قماش، بل هو رمز للوصال، ومصدر للإلهام، وجسر بين السماء والأرض، يقف أمامه المحبّون دامعي العيون، تتمازج مشاعرهم بين التقديس والاشتياق، وكأن أرواحهم تعانق نسمات من المدينة، وتستنشق عبير النبوة، إنها حكاية لا تنتهي، محفورة في قلب كل من زار الحسين وشهد هذا الأثر الشريف، الذي ما زال يهمس بأن الحبيب ﷺ بيننا بنوره، ورائحته، وسيرته العطرة.