عالم

انتخابات غير مسبوقة في الكونجرس الأمريكي.. واشنطن على أعتاب تغيير شامل

كتب في : الأحد 20 نوفمبر 2022 - 2:16 مساءً بقلم : المصرية للأخبار

 

مخاوف من كسب الجمهوريين لثقة الناخب الأمريكى

دينس روس: انتخابات التجديد النصفى للكونجرس الأمريكى لن يكون لها تأثير كبير فى صياغة وتسيير السياسة الخارجية

جيمس زغبى: لا أعتقد أن الجمهوريين سيتخلون عن أوكرانيا.. لكننى أرى أنه يجب إيقاف الحرب

د. بول سالم: السياسة الخارجية ثابتة.. والتأثير الوحيد سيكون على أوكرانيا وموقف الحزبين متقارب من روسيا

د. طارق عبد الحميد: الجمهوريون سيقفون من أوكرانيا موقفا مختلفا.. ويتجهزون لانتخابات الرئاسة المقبلة

إيلى يوسف: غالبية التقديرات تشير إلى احتمال نجاح الجمهوريين فى استعادة السيطرة على مجلس النواب أما مجلس الشيوخ فغير محسوم

تأتى انتخابات التجديد النصفى للكونجرس، فى مشهد عاصف تسوده توترات دولية وأزمات طاحنة، ناهيك عن تحديات فى الداخل الأمريكى، أثرت قطعًا على شعبية الرئيس الأمريكى جو بايدن فى عامه الأول، وما إن بدأ فى تصحيح المسار، حتى بدت مخاوف حقيقية على مستقبل الديمقراطيين السياسى.

ففى حالة سيطر الجمهوريون على إحدى غرف الكونجرس، فإن نافذة الإنجازات التشريعية سوف تُغلق أمام الرئيس لبقية فترة رئاسته، وسيتم تفسير أى نتيجة سلبية للديمقراطيين فى الانتخابات، على أنها علامة على الضعف السياسى المستمر، وقد تتجدد الدعوات من أجل مرشح ديمقراطى آخر يخوض سباق الرئاسة فى عام 2024، وفى الوقت ذاته تعزيز فرص عودة دونالد ترامب، الرئيس الأمريكى السابق، لصدارة المشهد من جديد.

بينما حاول الرئيس جو بايدن التقليل من شأن تلك الانتخابات، محفزًا الناخبين والدفع بآمال حزبه قدمًا، حين قال أمام حشد فى شيكاغو: "أنا لا أعتقد مطلقا أننا فى ورطة، أعتقد أننا سنفوز حقا"، محذرا من أنه "إذا خسرنا الكونجرس ومجلس الشيوخ، فسيكون أمامنا عامان مروّعان"، و"أن الديمقراطية على المحك"، لتبقى الصورة فى حالة غيوم حتى تتضح كاملة مع انتهاء الاقتراح فى تلك الانتخابات التكميلية.

الأمر لن يقتصر فقط على صراع بايدن والجمهوريين، بل على توجهات السياسة الخارجية الأمريكية فى حال نجح الجمهوريون، فهل سينعكس ذلك على سياسة واشنطن تجاه الشرق الأوسط؟ وما مصير الدعم الأمريكى لأوكرانيا، خصوصا مع تحذيرات الرئيس الأمريكى من أن وصول الجمهوريين يعنى أن المساعدات المقدمة لكييف، فى طريقها للتوقف، كما أنه أثير تساؤل آخر حول مصير التوتر الدائر الآن بين واشنطن وحلفائها فى الشرق الأوسط، فى أعقاب قرار أوبك بلس بخفض الإنتاج النفطى.

صياغة السياسة الخارجية

يؤكد دينيس روس المستشار السياسى الأسبق للرئيس أوباما، إن انتخابات التجديد النصفى للكونجرس الأمريكى، لن يكون لها تأثير كبير فى صياغة وتسيير السياسة الخارجية بشكل عام، حيث تشكل الرئاسة والجهاز التنفيذى السياسة الخارجية وتديرها، بل ستتأثر السياسة المحلية لأن الكونجرس يسيطر على السلطة المالية، ويمكن للكونجرس أن يؤثر على مبيعات الأسلحة والمعاهدات، والقدرة على منع كليهما بشكل فعال، وأضاف قد ينقسم الجمهوريون حول مسألة استمرار الأسلحة والدعم الاقتصادى لأوكرانيا، لكنه الآن يفضل معظم أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين استمرار الدعم.

بينما يرى الدكتور جيمس زغبى، مؤسس ومدير المعهد العربى الأمريكى، أن انتخابات التجديد النصفى للكونجرس، تأتى فى ظل حالة من اللا مبالاة فى العلاقات الأمريكية مع الحلفاء القدامى، منذ وصول بايدن، والتى وصلت إلى مرحلة الجمود بعد قرار بخفض إنتاج النفط، متابعًا: قد أكون مخطئًا، لكننى فى الواقع لا أعتقد أنه سيكون هناك أى تغيير كبير فى العلاقات الأمريكية العربية، حيث كان هناك عدد من المرات التى أعلنت فيها الإدارات الأمريكية "إعادة تقييم"، وبعد قليل من الهدوء، عاد كل شىء إلى طبيعته، فكلا الحليفين يستفيدان من العلاقة والمصالح وفى النهاية تفوز،  بالإضافة إلى ذلك، فى العالم متعدد الأقطاب الجديد الذى نعيش فيه لا تريد الولايات المتحدة دفع الحلفاء بعيدًا.

وتابع زغبى بالقول: بعد قولى هذا، لطالما كنت مهتمًا بالعداء الموجود بين الليبراليين لبعض الحلفاء العرب، وموقف "إنهم أغنياء ويمكننا كسب المال"، وفى كل الأحوال ما زلت لا أعتقد أنه سيكون هناك تغيير جذرى فى العلاقة.

وحول تصريحات بايدن، عن تخفيض حجم المساعدات لأوكرانيا فى حال نجاح الجمهوريين، قال: أعلم أن الجمهوريين يستخدمون هذا كقضية انتخابية "لماذا ننفق هناك، وليس هنا؟"، لكننى لا أعتقد أنهم سيتخلون عن أوكرانيا إذا فازوا، أشعر أننا يجب أن نتحرك نحو تسوية ـ وليس حربًا عقابية لا نهاية لها لن ينتصر فيها أحد، فهذه الحرب ، التى بدأتها روسيا وهى المخطئة، تلحق الضرر بأوكرانيا وروسيا وأوروبا والعالم.

اللوم على بايدن غير منصف

وأوضح أنه ستكون هذه انتخابات متقاربة للغاية، سيحقق فيها الجمهوريون بعض المكاسب، ولا أعتقد أنه من العدل إلقاء اللوم على بايدن، حيث إن هناك حالة مزاجية قبيحة فى البلاد ناتجة عن العديد من العوامل وهى: الاقتصاد (وليس خطأ بايدن، لأن هناك قوى تعمل فى جميع أنحاء العالم تسبب هذه المشاكل)، وكذلك السخط العام للعديد من الأمريكيين الذين يعانون من الاضطراب الاجتماعى، والاقتصادى والثقافى، والتغيرات فى البلاد (مرة أخرى ليس خطأ بايدن فهذه التغييرات والمزاج المضطرب الذى أوجدوه قبل رئاسته)، أضف إلى ذلك الحزبية القبيحة واللئيمة، التى أوجدها الجمهوريون الذين استغلوا الخوف وانعدام الأمن بل عززوا العنف والكراهية.

وحول ما إذا نجح الجمهوريون فى كسب ثقة الناخب الأمريكى، وحققوا الأغلبية، هل سنشهد تغييرًا فى السياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط؟ يرى الدكتور جيمس زغبى، أن مواقف الحزب الجمهورى تجاه الشرق الأوسط تتشكل من اليمين الدينى، وبالتالى فإن التغييرات الوحيدة التى يراها هى تغييرات سلبية.

أما الدكتور بول سالم، رئيس معهد أبحاث الشرق الأوسط بواشنطن، فيرى أنه إذا نجح الجمهوريون، فمن المؤكد سيكون لذلك تأثير على السياسة الخارجية، لكنه ليس كبيرا جدا ولا سيما سياستهم تجاه الشرق الأوسط، لعدة أسباب، يأتى أبرزها أن السياسة الخارجية بشكل عام ترسمها السلطة التنفيذية برئاسة رئيس الجمهورية، ودور المجلس النيابى لديه نفوذ حينما يتعلق الموضوع بإنفاق مالى، وهذا يمكن أن يؤثر على المساعدات لأوكرانيا، لأن هذا يتطلب موافقة الكونجرس لأنه يتعلق بالإنفاق، لكن فى معظم القرارات الأخرى "الأمنية والعسكرية وعقوبات أو رسم سياسات"، بشكل عام تعود إلى رئيس الجمهورية وبايدن لا يزال لديه عامان من الحكم.

تناقض داخلى وتوافق فى السياسة الخارجية

وتابع بول سالم: من المهم أن نعرف أن الحزبين بأمريكا، مواقفهما متناقضة فيما يتعلق بالسياسة الداخلية كموضوع الضرائب، الهجرة ، الإجهاض، الجرائم والتعاطى مع ملف الأمن الداخلي، الحدود، أما بالنسبة للسياسة الخارجية لا نرى تناقضا كبيرا مقارنة بالتناقض الداخلى، أما فيما يتعلق بالملفات العالمية الكبرى مثل الملف الروسى، فالحزبان مواقفهما متقاربة، حتى أن موقف الحزب الجمهورى بشكل عام، يتوافق مع سياسة بايدن بدعم أوكرانيا والوقوف بوجه روسيا، حيث إن موقف الحزب الجمهورى اختلف فى عهد بايدن عن عهد الرئيس ترامب، حيث لا تزال هناك أقلية بالحزب غير متحمسة للمساعدات الضخمة لأوكرانيا، لكن لا يزالون أقلية بالحزب الجمهورى، لكن من الممكن أن نتوقع فى حال تفاقمت الأزمة الاقتصادية بالولايات المتحدة، فمن الممكن فى حال فوز الجمهوريين فلن يتم قبول الإنفاق الكبير لبايدن تجاه أوكرانيا، لكنه بشكل عام، فإن مواقف الحزبين تجاه روسيا ليست متناقضة كثيرا، وكذلك بالنسبة للصين والشرق الأوسط، حتى إسرائيل، وكذلك فيما يتعلق بإيران، فالحزب الديمقراطى أدرك أن المسار السلمى الدبلوماسى مع إيران أصبح مقطوعا، وهذا يشبه موقف الحزب الجمهورى.

فيما يتعلق بالتوترات مع بعض الحلفاء العرب، يقول رئيس معهد أبحاث الشرق الأوسط بواشنطن: إن هناك بعض من التقارب فى الرؤى بين الحزبين، ولا سيما بعد قرار أوبك، فهناك استياء جمهورى من هذا القرار وينتابه قلق من العلاقات الخليجية - الروسية، والعلاقات الخليجية - الصينية، لاسيما وأن هناك قناعة تامة بالعلاقات الإستراتيجية بين أمريكا ودول الخليج، لكن هذه العلاقة يشوبها تحديات وتوترات حقيقية والحزبين أصبحوا بنفس الموقف تقريبا.

وبالرغم من أن بول سالم، يرى أن الانتخابات التكميلية لن تؤثر بشكل كبير على مسار العلاقات الأمريكية - الشرق الأوسطية، فإنه يتوافق مع الرأى الآخذ بأن فوز الجمهوريين، سيعرقل مسار إدارة بايدن الديمقراطية لأسباب سياسية داخلية، فالجمهوريون لا يريدون لهذه الإدارة أن تنجح أو أن تحقق إنجازات تضفى نتائجها على الانتخابات الرئاسية فى 2024، فالحزب الجمهورى لديه غاية داخلية وهى إضعاف إدارة بايدن بأكبر قدر خلال العامين المقبلين عبر مجلس الشيوخ، لأنه يستطيع عرقلة تسمية السفراء والمسئولين بمناصب عليا بالإدارة، فمجلس النواب يستطيع أن يفتح تحقيقات بأى قضية، وهذا كله يلهى ويضعف الإدارة الأمريكية بشكل عام.

لكنه فى الوقت ذاته، يرى أن ثمة خلافا قائما بين الحزبين فيما يتعلق بالسياسة الخارجية تجاه الشرق الأوسط، ألا وهو ملف التغير المناخى، حيث إنه بالنسبة لإدارة بايدن فهذا ملف عالمى أولى ومهم وله أولوية كبرى، بينما الحزب الجمهورى ليس لديه جدية فى التعامل مع قضية مواجهة التغير المناخى.

طالما أن بايدن سيظل رئيسًا فلا تغيير يذكر، هكذا لخص المستشار السياسى ديفيد بلوك، حديثه حول ما إذا سنشهد تغييرا فى سياسة أمريكا إذا وصل الجمهوريون، كما أنه لا يرى تأثيرا لهذه الانتخابات على العلاقات السعودية - الأمريكية، لكنها من الممكن أن يكون لها تأثيرا على ملف أوكرانيا، حيث إنه يجب أن يوافق الكونجرس على الإنفاق على أوكرانيا، أما تغيير السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، فإنه مرتبط أكثر بالانتخابات الرئاسية.

رأى المحلل السياسى الدكتور طارق عبد الحميد، ربما يختلف قليلا عما طرحه نظراؤه، حيث إنه يرى أنه سيكون هناك محاولات للتغيير خصوصا مع دول الخليج، لكنه لن يعيد العلاقات كما كانت، لأن هناك ماردا جديدا فتح طريقه هو الصين وروسيا، وبدا أن هناك احتمالية انضمام بعض دول الخليج إلى المجموعة الاقتصادية، لروسيا والصين وساوز أفريكا والبرازيل، ومجموعة البريكس، فهناك نظام عالمى جديد يتشكل، والاتجاه الأمريكى للحرمان من الأسلحة، سيدفع أمريكا  للتراجع لكسب ود الخليج، وستكون هناك مرونة مع بعض هذه الدول فيما يتعلق بالأسلحة كمحاولة لإعادة العلاقة كما كانت، لكنه إذا استحوذ الجمهوريون على أغلبية الكونجرس، ستكون هناك محاولة لكسب ود السعودية وتقليل الحدة بمنحهم الأسلحة المتفق عليها مع الولايات المتحدة بسبب إدارة بايدن. 

ويرى أنه فيما يتعلق بتصريحات بايدن، عن تخفيض حجم المساعدات لأوكرانيا فى حال نجاح الجمهوريين فى انتخابات الكونجرس، قال: هذا غالبا ما سيحدث لأن كثيرا من الجمهوريين، كانوا ينتقدون إدارة بايدن لإسرافها الزائد لإنفاق الأموال والسلاح لأوكرانيا، لكن فى نهاية الأمر كان أغلبيتهم يوافقون على هذه الاتفاقيات لصالح أوكرانيا، لكن بوجود روح جديدة فى الكونجرس، وغالبا سيكونون من الأمريكيين الأوائل وليس الجمهوريون التقليديون الموافقون على دعم أوكرانيا، وهم ليس من السهل إقناعهم أن تستمر أمريكا فى دعمها لأوكرانيا بهذه الصورة، لأن الناخب الأمريكى فى فلوريدا مثلا: بعضهم رفع علم أوكرانيا خلال فترة الأمطار والفيضانات لتوصيل رسالة طلبا للدعم لفلوريدا من الحكومة الفيدرالية، كما يهتم بأوكرانيا، وبالتالى فالقادمون للكونجرس من الجمهوريين سيتخذون كل القرارات التى فى صالح المواطن الأمريكى، حتى يضمنوا أن المرحلة المقبلة تكون لصالحهم لحصد مقعد الرئاسة.

 

فيتو رئاسى

إيلى يوسف المحلل السياسى، قال: إنه حتى الآن تشير غالبية التقديرات إلى احتمال نجاح الجمهوريين فى استعادة السيطرة على مجلس النواب، فى حين أن السيطرة على مجلس الشيوخ غير محسومة، فإذا احتفظ الديمقراطيون بسيطرتهم على مجلس الشيوخ، سيتمكن الرئيس بايدن من متابعة تنفيذ أجندته المتعثرة على أى حال، بسبب هشاشة هذه السيطرة فى الأصل، فالديمقراطيون يواجهون "تمردا" من عضوين فى مجلس الشيوخ، يميلون للتيار المحافظ فى الحزب، وأطروحاتهم أقرب إلى الجمهوريين، ويمثلان ولايتين يسيطر عليهما الجمهوريون فى الأصل، وبرغم ذلك، وحتى ولو نجح الجمهوريون فى الانتخابات النصفية، فلا زال الرئيس يحتفظ بسلطات واسعة، تمكنه من تجاوز المعارضة الجمهورية بأوامر تنفيذية، يطلق عليها أحيانا "الفيتو" الرئاسى، الذى لا يمكن تجاوزه إلّا بتصويت أغلبية 60 صوتا من أعضاء مجلس الشيوخ، وهذا أمر متعذر فى ظل تقاسم الحزبين مناصفة مقاعد مجلس الشيوخ.

المحلل السياسى لا يرى كذلك، ثمة اختلاف جوهرى قد يطرأ على سياسات واشنطن تجاه منطقة الشرق الأوسط، لأنه وبرغم الاختلافات بين الجمهوريين والديمقراطيين، لكنها اختلافات شكلية، وفى ظل قرار إستراتيجى اتخذه الحزبان، يعتبر المنطقة بأنها لم تعد أولوية فى السياسة الخارجية الأمريكية، لمصلحة التنافس مع الصين، والتركيز على منطقة المحيطين، الهادئ والهندى، وهو ما عادت وأكدته الإستراتيجية الأمريكية التى نشرت قبل نحو 10 أيام، وأظهرت عدم وجود تغيير فى تلك الأولوية.   

 

الأمن مقابل الاستقرار

أما عن العلاقات مع الحلفاء فى الخليج، فقال إن حالة "الفتور"، ليست تغييرا جوهريا فى العلاقات، والتوتر الحالى لا يمثل انسدادا، لكن الديمقراطيين يسعون لاستغلال هذا التوتر لمصالح انتخابية، لطالما شهدت العلاقات توترا فى مرات عدة، أشهرها الحظر النفطى الذى فرضته السعودية خلال حرب 1973، لكن مما لا شك فيه أن المعادلة السابقة التى كانت تنظم العلاقة بين البلدين، التى كانت تقوم على "الأمن مقابل الاستقرار"، قد تغيرت، مع تغير موقع ودور وإمكانات السعودية ودول الخليج عموما، وهو ما قد يفرض على الولايات المتحدة معادلة جديدة، تقوم على الأخذ فى الاعتبار المصالح والمخاوف العربية عموما.

وبحسب إيلى يوسف، فإن المساعدات الأمريكية والسياسات المتبعة تجاه الأزمة الأوكرانية، صدرت بتوافق من الحزبين، مثلما أن التلويح بإعادة النظر فيها، صدر أيضا فى الآونة الأخيرة من الحزبين، على خلفية التداعيات الاقتصادية والتضخم وارتفاع الأسعار جراء الحرب الأوكرانية، فى محاولة للتودد إلى الناخبين الغاضبين، وهناك ضغوطا تمارس من أجل التمهيد لأرضية مناسبة لبدء مفاوضات جادة لحل سلمى، بعدما تمكن الجيش الأوكرانى بدعم أمريكى وغربى، من إجبار روسيا على التراجع، ليس فى حربها مع أوكرانيا فقط، بل على المستوى الإستراتيجى، فيما يعتقد إستراتيجيو الحزبين، الديمقراطى والجمهورى، أن "المكابرة" التى يبديها الكرملين، ومحاولته إثارة الرعب فى صفوف المدنيين عبر تكثيف ضرباته على البنية التحتية المدنية، لن تغير فى مسار الحرب، فى الوقت الذى تعانى فيه روسيا من عجز إستراتيجى فى المخزون العسكرى، والفوضى اللوجستية، لذلك يدعون إلى تقديم مخرج يحفظ "ماء وجه"، روسيا، ويدفعون نحو التقليل من المساعدات، ووضع حد لتداعيات هذه الحرب، لكن الأمر إذا واصلت روسيا حربها، فلا اعتقد أن أيا من الحزبين سيقف موقفا مترددا فى مواصلة تقديم الدعم لأوكرانيا، بمجرد انتهاء الانتخابات، مهما كانت نتيجتها.

واختتم حديثه بالقول إنه لا علاقة لسياسات إدارة بايدن، أو أى إدارة أمريكية، سابقة ولاحقة، بتقرير نتائج الانتخابات النصفية، حيث تؤكد الإحصاءات، أن حزب الرئيس يخسر دوما الانتخابات النصفية، خصوصا انتخابات مجلس النواب، فى حين أن مجلس الشيوخ غالبا ما كان محط صراع غير محسوم، وهو ما يشير إلى أن الشعب الأمريكى سعى على الدوام إلى الحفاظ على التناغم بين طرفى السلطة التنفيذية، البيت الأبيض ومجلس الشيوخ، ومن أصل 20 انتخابا نصفيا، خسر حزب الرئيس 18 منها، لا بل إن الكثير منها، حصل فى ظل أداء اقتصادى قوى للرئيس ولحزبه، هذا ما حصل فى انتخابات عام 2000 و2006 و2014 و2018، فى حين أن باراك أوباما تم التجديد له فى انتخابات 2012، فى ظل اقتصاد سيىء، وكان هناك دائما تفسيران لأسباب خسارة حزب الرئيس الحاكم لتلك الانتخابات: الأول أن الناخبين، خصوصا ناخبى الحزب الحاكم، لا يتوجهون إلى صناديق الاقتراع بنفس الحماسة والكثافة لدى ناخبى حزب المعارضة، الذين عادة ما يكونون متحفزين للانتقام من خسارة حزبهم انتخابات الرئاسة قبل سنتين، ثانيا، هناك كتلة المستقلين، التى غالبا ما تتأرجح بين الحزبين، وتتطلع دائما إلى موازنة السلطة فى واشنطن، وهو ما يعكس حرفيا رغبة المؤسسين الأوائل الذين صاغوا الدستور الأمريكى، بما يمنع تحول الرئيس إلى "ملك"، فى ظل السلطات الواسعة التى يمتلكها.

بداية الصفحة