كتاب وآراء

نصرالله واستشعاره بالازمة .

كتب في : السبت 18 فبراير 2023 - 9:53 مساءً بقلم : حسين عطايا

 

لم يكن خطاب نصرالله بالامس ، والذي يُعتبر عالي السقف وفيه تهديد وبعض الوعيد ، مبني إلا على استشعار بثقل الازمة التي باتت فعالة في بيئته الشيعية الحاضنة ، وبذلك يعلم نصرالله وحزبه ، أن هذا الامر سيضعه في مواجهة حتمية مع بعض بيئته ، وهذا الامر سيؤثر عليه حالياً وسيُضعفه مستقبلاً ، اكثر مما هو الحال حالياً .
اليوم حزب الله يمر بأزمة وجودية ، ترهن قراره الحاضر والمستقبلي ، في موضوع الرئاسة والحكومة التي ستنتج عنه ، وبالتالي لم يعُد مرتاحاً على وضعه كما كان في بداية عهد ميشال عون ، فالعملة الوطنية تهاوت بقدرٍ غير مسبوق ، والاقتصاد بحالةٍ حرِجة جداً حتى باتت بيئة حزب الله اللصيقة تُعاني الامرين في مواضيع الطبابة والتغذية وغيرها من ضروريات الحياة ، وهو لايملك الامكانيات لتسوية اوضاع كل الشيعة ، فهو بات محكوماً ، بتسوية اوضاع مُحازبيه وقلة قليلة من المقربين ، وبالتالي هذا الوضع يترك أثراً سيئاً جداً على البيئة الشيعية والتي يعتبرها حزب الله ملعبه الاساسي والحامية له نتيجة بعض التعاطف الذي لازال موجوداً تجاه تلك الكلمة السحرية " المقاومة " والتي لها أثراً في الوجدان الجنوبي والشيعي خصوصاً ،  وبالتالي هذا الامر لاشك يؤرق كثيراً قيادة حزب الله ، خصوصاً على مسافة قصيرة من انتخابات بلدية قد تحصل في ايار .
لذلك ، اتى خطاب الامس عالي السقف خصوصاً ،  اتخاذه صفقة التهديد للامركي حامي وكافل الترسيم الحدودي البحري وانسياب النفط والغاد من إسرائيل لاوروبا .

لهذا   استعمل هذا الامر نصرالله في خطابه بالامس حيث لامس نقاط الضعف الامركي والتي يُشعرُها بالريبة لما يُشكله هذا الامر من خطر على الكيان الاسرائيلي والذي يمر ايضاً بأزمة قانونية ووجودية غبر مسبوقة .
إذاً ، خطاب نصرالله بالامس مبنيٌ اساساً على استشعاره بالريبة مما يحصل من خطوات ونتائج مُرتقبة عن التحرك العربي والامريكي مع الفرنسي .
فقد تكون التسوية الرئاسية قريبة قاب قوسين وادنى وقد تطول لشهرين وهذا متوقف  على حركة الداخل اللبناني وما يحتمله من حِراك وحوارات بالواسطة بين حزب الله وبقية الاطراف ، مما يجعل التسوية تمر على البارد او يضطر اللاعبون العرب والدوليون على تحمية الوضع وتإزيمه اكثر مالياً وحياتياً يمس المواطنين بحياتهم فيدفعهم للتحرك بالشارع وقد تكون شرارة الامس مُجرد بروفا عما ستحمله الايام والاسابيع القادمة من تحركات .

حيث اصبحت مؤسسات الدولة اللبنانية مُتهاوية وشبه مفككة ومُتحللة  ولم يبقى سوى مؤسستين هما المؤسسة العسكرية وقوى الامن الداخلي ، وما المعونة الامركية لهاتين المؤسستين سوى عينة من ان الدولة اللبنانية شبه مُتحللة ولم يبقى منها سوى الجيش وقوى الامن الداخلي ، وبالتالي يعتمد عليهما في ضبط الشارع ولملمته بعد بعض الفلتان ليُعاد النظر بهدوء من كل الرؤس الحامية التي بدأت تلين ومنها رأس نصرالله والذي يستشعر بخوف حقيقي مما هو آتٍ في الايام والاسابيع القادة .على قولة المثل اللبناني ، " يا أزمة اشتدي تنفرجي " .

بداية الصفحة