حوادث

تعرف على حكم الإدارية العليا بخصوص حجة ثبوت الجنسية المصرية

كتب في : الثلاثاء 07 يناير 2020 - 8:01 مساءً بقلم : رشا الفضالى

أرست المحكمة الادارية العليا – دائرة توحيد المبادئ – مبدأ قضائيا حول مدى اعتبار شهادة الميلاد أو المستخرج الرسمي منها، وكذلك أية وثائق أو مستندات أخرى مثل بطاقة الرقم القومي ، أو شهادة المعاملة العسكرية أو الإعفاء منها حجة على ثبوت الجنسية المصرية لمن يحملها من المواطنين، أياً كان تاريخ صدورها.

صدر الحكم برئاسة المستشارمحمد حسام الدين رئيـس مجلس الدولة ، وعضوية المستشارين توفيق الشحات ، عبد الرحمن عثمان ، عادل عزب ، الدكتور محمد أبو العنين ، أحمد حامد ، محمد حجازي ، حسن عبد العزيز ، سعيد خليف ، عادل بريك ، الدكتور سمير عبد الملاك نواب رئيس مجلس الدولة .

 

وقضت المحكمة بأن شهادة الميلاد أو المستخرج الرسمي منها، وكذلك أي وثائق أو مستندات أخرى مثل بطاقة الرقم القومي ، أو شهادة المعاملة العسكرية أو الإعفاء منها تعد حجة على ثبوت الجنسية المصرية لمن يحملها من المواطنين، أيًا كان تاريخ صدورها، ما لم يثبت خلاف ما ورد بها، وذلك على النحو المبين بالأسباب، وأمرت بإحالة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة الإدارية العليا للفصل فيه.

 

قالت المحكمة في حيثيات حكمها إنه من حيث إن المادة (6) من دستور جمهورية مصر العربية الصادر عام 1971 (الملغى) كانت تنص على أن “ الجنسية المصرية ينظمها القانون” وأن المادة (32) من الدستور الصادر عام 2012 (الملغى) كانت تنص على أن “ الجنسية المصرية حق، وينظمه القانون”، وأن المادة (6) من الدستور الحالي الصادر عام 2014 تنص على أن ” الجنسية حق لمن يولد لأب مصري أو لأم مصرية، والاعتراف القانوني به ومنحه أوراقاً رسمية تثبت بياناته الشخصية، حق يكفله القانون وينظمه. ويحدد القانون شروط اكتساب الجنسية.

 

ومن حيث إن المشرع تنفيذاً لأحكام الدستور أصدر القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية ، والذي يبين من استعراض نصوصه أنه ينظم أحكام الجنسية بحسبانها رابطة قانونية وسياسية بين المواطن المصري والدولة على نمط منضبط يجعل من انتساب المواطن لدولته مركزاً تنظيمياً يكتسبه المصرى من أحكام الدستور والقانون مباشرةً إذا ما توافرت في حقه الاشتراطات التي أوجبها الدستور والقانون، دون أن يكون للمواطن أو السلطة القائمة على إثبات الجنسية دخل في اكتسابها أو ثبوتها في حقه، ومن ثم يجب على السلطة المختصة الاعتراف بحق المواطن في التمتع ب الجنسية المصرية متى تحققت من قيام حالة من الحالات المنصوص عليها في هذا القانون التي تسوغ تمتعه بها.

وأضافت " ومن بين تلك الأحكام، ما تنص عليه المادة (21) منه، في مجال إثبات التمتع بالجنسية، من أن ” يعطى وزير الداخلية كل ذي شأن شهادة ب الجنسية المصرية مقابل أداء رسم لا يجاوز خمسة جنيهات وذلك بعد التحقق من ثبوت الجنسية ويكون لهذه الشهادة حجيتها القانونية ما لم تلغ بقرار مسبب من وزير الداخلية ..."

 

كما أن من بين الأحكام التي تضمنها القانون رقم 26 لسنة 1975 المشار إليه في تنظيمه للجنسية المصرية، ما تنص عليه المادة (24) منه – قبل تعديلها بإضافة فقرة ثانية لها بالقانون رقم 22 لسنة 2012 – من أن ” يقع عبء إثبات الجنسية على من يتمسك ب الجنسية المصرية أو يدفع بعدم دخوله فيها”، حيث ألقى المشرع بموجب حكم هذه المادة – قبل تعديلها – على من يتمسك ب الجنسية المصرية أو يدفع بعدم الدخول فيها عبء إثبات ذلك، إذ لم يكن يكفى في إثبات الجنسية أو التنصل منها ظهور الشخص بمظهر المتمتع بها وبمظهر ينبئ عن عكس ذلك، ولو تأكد ذلك بأوراق رسمية صادرة من جهات إدارية ما دامت هذه الأوراق بما تضمه من شهادات ووثائق ومستندات لم تعد أصلاً لإثبات الجنسية، ويدخل في ذلك ما يصدر منها طبقاً لأحكام قوانين الأحوال المدنية، وجوازات السفر، وتشريعات الأحوال الشخصية، والخدمة العسكرية، وقوانين التعليم، ومباشرة الحقوق السياسية، إذ تقتصر حجيتها على إثبات ما أعدت له، فيما عدا الجنسية، لأن ما يثبت فيها بشأن الجنسية يكون بناء على إقرار صاحب الشأن دون أن تجرى الجهة الإدارية تحرياتها في شأن صحتها وحقيقتها، فضلاً عن أن قوانين الجنسية المتعاقبة، ومن بينها القانون الحالي – قبل تعديله بالقانون رقم 22 لسنة 2012- لم تتخذ هذه المستندات والوثائق والشهادات دليلا على ثبوت الجنسية لمن يحملها.

 

ومن حيث إن المشرع بموجب القانون رقم 22 لسنة 2012 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 174 لسنة 2005 بتنظيم الانتخابات الرئاسية والقانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية أضاف فقرة ثانية إلى المادة (24) من القانون رقم 26 لسنة 1975 المشار إليه، تنص على أن ” ومع مراعاة عدم الإخلال بالقواعد العامة للإثبات الواردة في القانون رقم 25 لسنة 1968 بشأن الإثبات في المواد المدنية والتجارية أو أي قوانين أخرى تعتبر شهادة الميلاد أو المستخرج الرسمي منها حجة في إثبات الجنسية المصرية لمن يحملها من المواطنين وكذلك أي وثائق ومستندات أخرى تمنحها الدولة للمواطن مثل بطاقة الرقم القومى أو شهادة المعاملة العسكرية أو الإعفاء منها طبقاً للقانون”.

وأوضحت المحكمة أنه قد جاء هذا التعديل على ما يبين من مضبطة الجلسة الثامنة والستين من مناقشات مجلس الشعب بجلسته المنعقدة بتاريخ 7 /5 /2012، لدى مناقشة مشروع القانون رقم 22 لسنة 2012، لمواجهة الصعوبات الشديدة التي كانت تكتنف في أحيان كثيرة إثبات التمتع ب الجنسية المصرية وفقاً لأحكام القانون رقم 26 لسنة 1975 المشار إليه- قبل تعديله- عن طريق إثبات توافر شروطها المنصوص عليها في القانون، واستحالة هذا الإثبات في أحيان أخرى مردها إلى ضرورة إثبات إقامة الأصول وأصول الأصول في مصر عن طريق تقديم مستندات تثبت ذلك يرجع تاريخها إلى مدد زمنية تقارب المائة عام، سواء لعدم وجود دليل على إقامة الأصل أو أصول الأصول في مصر أو أيضاً لعدم صدور أي تصرف عنهم خلال فترة إقامتهم في مصر، ومؤدى ذلك أن الغرض من حكم هذه الفقرة هو التيسير على المواطنين الذين يحملون الشهادات والوثائق والمستندات التي أشارت إليها في إثبات جنسيتهم المصرية بحسبان حملهم لها، والحالة هذه.

 

ومن حيث إن المادة (99) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 تنص على أن “القرينة القانونية تغنى من قررت لمصلحته عن أي طريقة أخرى من طرق الإثبات، على أنه يجوز نقض هذه القرينة بالدليل العكسي ما لم يوجد نص يقضى بغير ذلك”، ولما كان من المقرر في هذا الشأن أن القرائن هي النتائج التي يستخلصها القانون أو القاضي من واقعة معلومة لمعرفة واقعة مجهولة، وطبقاً لذلك فإن القرائن نوعان: قرائن قضائية يستنبطها القاضي من ظروف الدعوى، وقرائن قانونية، وهي التي يستنبطها المشرع، ويتضمنها نص القانون.

 

ويترتب على القرائن في الحالتين نقل عبء الإثبات من الواقعة المتنازع فيها التي يكون إثباتها متعذراً أو صعباً إلى واقعة أخرى قريبة منها، وينعتها البعض بالإثبات غير المباشر، إذ يقصد منها الوصول، عن طريق الاستنتاج، إلى حقيقة مجهولة، فليست القرينة في الحقيقة سوى “علاقة” يمكن بتفسيرها أن تكشف عن الواقعة المجهولة التي يراد إثباتها، لأن وجود هذه العلاقة لا يتفق إما بصفة عامة وإما في خصوص الدعوى، مع عدم وجود هذه الواقعة الأخيرة. كما أنه من المقرر أن القرائن القانونية نوعان: أولهما قرائن غير قطعية أو بسيطة وهى التي يجوز إثبات عكسها، وثانيهما قرائن قطعية أو مطلقة، وهى التي لا يجوز إثبات عكسها. والأصل في القرينة القانونية أنها غير قاطعة وتقبل إثبات العكس، والاستثناء هو أن تكون قاطعة لا تقبل إثبات العكس، وهو ما يلزم لتقريره ورود نص خاص بذلك.

 

وترتيباً على ذلك، فإن الحجية التي أضفاها المشرع بموجب حكم الفقرة الثانية من المادة (24) من القانون رقم 26 لسنة 1975 المشار إليه على شهادات الميلاد أو المستخرج الرسمى منها، وأي وثائق أو مستندات أخرى تمنحها الدولة للمواطن مثل بطاقة الرقم القومى أو شهادة المعاملة العسكرية أو الإعفاء منها طبقاً للقانون، في مجال إثبات الجنسية المصرية لا تعدو أن تكون قرينة قانونية بسيطة على التمتع بالجنسية، وهى قرينة لم تكن مقررة لهذه الشهادات والوثائق والمستندات، بذى قبل، لأنها ليست معدة في الأساس لإثبات الجنسية، حسبما سبق ذكره، وبذلك يصير حاملها من المواطنين متحللاً من عبء إثبات تمتعه ب الجنسية المصرية الذى يفرضه عليه نص الفقرة الأولى من المادة ذاتها، أخذاً بالحالة الظاهرة لصاحبها، ومن ثم فإنه يجوز قانوناً إثبات عكس هذه القرينة، عملاً بحكم المادة (99) من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية المشار إليه، ونزولاً على الأصل العام المقرر في هذا الخصوص، والذى يقضى بأن كل دليل يقبل إثبات العكس، إذ وردت الفقرة الثانية من المادة (24) السالفة الذكر خلواً من النص على اعتبار القرينة القانونية التي قررتها في مجال إثبات التمتع ب الجنسية المصرية قرينة قاطعة لا تقبل إثبات العكس.

 

ومن حيث إن نص الفقرة الثانية من المادة (24) من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية المضافة بالقانون رقم 22 لسنة 2012 فيما يقرره من إضفاء الحجية على شهادات الميلاد أو المستخرج الرسمي منها وأي وثائق أو مستندات أخرى تمنحها الدولة للمواطن مثل بطاقة الرقم القومى أو شهادة المعاملة العسكرية أو الإعفاء منها طبقاً للقانون في مجال إثبات الجنسية المصرية لمن يحملها من المواطنين، ورد بصيغة العموم، إذ لم يقصر المشرع مجال إعماله على ما يتم إصداره من هذه الشهادات أو الوثائق أو المستندات بدءاً من تاريخ العمل بحكم الفقرة المشار إليها، كما أن المشرع بموجب القانون رقم 22 لسنة 2012 الذى أضاف تلك الفقرة لم يشترط توافر ضمانات معينة في الشهادات والوثائق والمستندات المذكورة حتى تتمتع بالحجية التي أضفاها عليها في مجال إثبات الجنسية، ومن ثم فإنه يستوى في مجال إعمال حكم تلك الفقرة أن تكون هذه الشهادات أو الوثائق أو المستندات صادرة قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 22 لسنة 2012 في 21 /5/ 2012 أو بعد هذا التاريخ، غاية الأمر أنها لن تكتسب هذه الحجية إلا بدءاً من هذا التاريخ أو من تاريخ إصدارها – أيهما لاحق –.

 

ويدعم ذلك أن هذا القول هو الذى يتفق وعلة إضافة حكم تلك الفقرة إلى المادة المذكورة كما يدعم ذلك، ما هو مقرر من أن القانون بوجه عام يحكم الوقائع والمراكز القانونية التي تتم تحت سلطانه أي خلال الفترة ما بين تاريخ العمل به وإلغائه، وهذا هو مجال تطبيقه الزمني فيسرى القانون الجديد بأثره المباشر على الوقائع والمراكز التي تقع أو تتم بعد نفاذه، ولا يسرى بأثر رجعى على الوقائع أو المراكز التي تقع أو تتم قبل نفاذه إلا بنص صريح يقر هذا الأثر الرجعى، فإذا تناول القانون الجديد أمراً معيناً وحدد شروطه ولو كانت هذه الشروط مرتبطة بوقائع سابقة على تاريخ العمل به، فليس في تطبيق أحكامه على هذا الأمر من تاريخ العمل به ما يمثل أثراً رجعياً للقانون، ومقتضى ذلك هو الإعمال لقاعدة الأثر المباشر للقانون، مادام أن هذا التطبيق لن يتم إلا من تاريخ العمل به ولا يرتد إلى تاريخ سابق على ذلك.

 

فسريان القاعدة القانونية من حيث الزمان له وجهان، وجه سلبي وهو انعدام الأثر الرجعى للتشريع، ووجه إيجابي هو أثره المباشر. ولا جدال أن إعمال القاعدة المشار إليها منوط بأن تكون الواقعة أو المركز القانوني لصاحب الشأن قد اكتملت عناصره واستوفى شرائطه في ظل القاعدة القانونية التي تحكمه، فإذا لم يتحقق ذلك بأن ظلت الواقعة أو المركز القانوني في طور التكوين ولم تكتمل بعد إلى أن لحق القاعدة التي يخضع لها تعديل يمس عنصراً أو أكثر من عناصر هذه الواقعة أو المركز القانوني فإنها تخضع لسلطان القاعدة الجديدة، حيث لا يكون صاحب الشأن قد اكتسب حقاً ذاتياً من القاعدة القديمة قبل التعديل يسوغ له التحدى به وليس في ذلك إعمال للرجعية من قريب أو بعيد، بل أنه مؤدى التطبيق الصحيح لقاعدة الأثر المباشر للقانون. الأمر الذى من مؤداه أن حكم الفقرة الثانية من المادة (24) من القانون رقم 26 لسنة 1975 المشار إليه، يسري بدءاً من تاريخ العمل به في 21/5/2012 على الآثار المستقبلية للشهادات والوثائق والمستندات المشار إليها الصادرة قبل هذا التاريخ.

 

وبناء على ما تقدم، فإن شهادة الميلاد أو المستخرج الرسمي منها، وكذلك أي وثائق أو مستندات أخرى التي منحتها الدولة للمواطنين مثل بطاقة الرقم القومى، أو شهادة المعاملة العسكرية أو الإعفاء منها تعد بدءاً من تاريخ العمل بالقانون رقم 22 لسنة 2012 حجة في إثبات الجنسية المصرية لمن يحملها من المواطنين، أيًا كان تاريخ صدورها، ما لم يثبت خلاف ما ورد بها، بحسبانها قرينة قانونية على التمتع بالجنسية تقبل إثبات العكس

بداية الصفحة