أخبار مصر

ضريبة ' الدروس الخصوصية ' تثير الجدل | مدرسون: موافقون.. وخبراء: قرار غريب

كتب في : الثلاثاء 01 فبراير 2022 - 6:56 مساءً بقلم : محمود العطار

 

 حالة واسعة من الجدل انتشرت عقب مطالبة مصلحة الضرائب المصرية مراكز وأباطرة الدروس الخصوصية بالتوجه لأقرب مأمورية للإخطار أو فتح ملف ضريبي، فبدأ المدرسون والأهالى والمختصون أيضا فى الدخول فى حالة من النقاش الواسعة حول جدوى هذا الإعلان وآلية تطبيقه على عمل غير مقنن من الأساس.. فشهدت منصات التواصل الاجتماعى حالة من التخمينات حول ما يمكن أن يكون الهدف من وراء هذا القرار، أو كيفية استقبال أصحاب المراكز له، وفى هذا التحقيق ترصد «الأخبار» آراء أطراف من النقاش المدرسين والخبراء وأخيرا مصلحة الضرائب لحسم هذا الجدال.

بدأ الأمر حينما طالبت وزارة المالية مراكز الدروس الخصوصية، بالتوجه إلى مأمورية الضرائب التى يقع فى نطاقها المقر الرئيسى للنشاط لإخطارها أو لفتح ملف ضريبي، وذلك سواء قاعات أو جمعيات أو شقق أو عن طريق التدريس عبر الوسائل الإلكترونية وغيرها، سواء مملوكة أو مؤجرة (مراكز رئيسية وفروعها).

وطالبت الوزارة أباطرة الدروس الخصوصية بإخطار المأمورية بذلك سواء كان لديه ملف ضريبي، أو أن يقوم بفتح ملف ضريبى جديد لهذا النشاط، وذلك فى موعده أقصاه شهر من الآن.

وأضافت فى تدوينة عبر الصفحة الرسمية للوزارة على الـ «فيسبوك»: «عمالقة الكيمياء وأساطير الفيزياء على مستوى الجمهورية.. لازم تتوجه لمأمورية الضرائب الواقع فى نطاقها المقر الرئيسى للنشاط خلال شهر من دلوقتي».

وكانت هذه التدوينة بمثابة الشرارة التى أطلقت جدالات واسعة بين رواد الـ»فيس بوك» سواء مدرسين أو خبراء خاصة أنه يعاقب بالقانون المصرى كل من يتورط فى قضية التهرب الضريبى بالسجن من ثلاث إلى خمس سنوات.

طريقة المحاسبة

أما عن طريقة المحاسبة الضريبية لمراكز الدروس الخصوصية فهناك طريقتان، وفقا لما أعلنته مصلحة الضرائب، وهما الخضوع لضريبة الأرباح التجارية والصناعية، أو الخضوع لضريبة قطعية إذا دخل نشاط الدروس الخصوصية ضمن نشاط المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

فإذا اختار المركز أو (الممول) الطريقة الأولى وهى ضريبة الأرباح التجارية والصناعية، فهى تفرض على صافى الربح، أى الناتج من خصم إجمالى المصروفات من إجمالى الإيرادات.

وإذا كان الممول على هيئة شركة (شخصا اعتباريا) يتم احتساب الضريبة بنسبة «.5 مباشرة، وإذا كانت المنشأة فردية يتم احتساب الضريبة تصاعديا.

وفى حالة كان صافى أرباح المنشأة أقل من 15 ألف جنيه سنويًا، تعفى المنشأة من الضريبة، أما من 15 إلى 30 ألف جنيه فتُفرض ضريبة بنسبة %2.5، ومن 30 إلى 45 ألف جنيه بنسبة 10%، وإذا كان صافى الربح أعلى من 45 إلى 60 ألفا فيفرض ١٥ %، ومن 60 وحتى 200 ألف ١٥ %،  وما فوق 200 ألف جنيه وحتى 400 ألف جنيه تخضع بنسبة ٢٢٫٥ % ، وأخيرا ٢٥% لأكثر من 400 ألف جنيه.

مصلحة للجميع

عقب سرد إعلان وزارة المالية وطريقة المحاسبة تواصلنا  مع عدد من المدرسين لمعرفة رؤيتهم حول هذا الأمر فأكدت ناهد خالد، مدرسة لغة إنجليزية، أن الضرائب بشكل عام هى مصلحة للجميع سواء الأفراد أو الدولة، فمن جهة الدولة تأخذ حقها فيما يدار فى المجتمع ومن جهة أخرى يمارس الأفراد عملهم بحرية، لكن فى نفس الوقت يدفعون ما عليهم من واجبات..

وأضافت أن أغلب المهن التى تتربح حاليا بشكل كبير تدفع ماعليها من ضرائب وآخرها الضرائب التى تفرض على «اليوتيوب»، لذا فلا مانع من الأساس فى أن تدفع مراكز الدروس الخصوصية ما عليها.. وأوضحت أنه بالرغم من أنها لا تعمل فى أى مركز للدروس الخصوصية، لكن الطلاب بشكل عام وأولياء الأمور لن يستغنوا عن المراكز التى أصبحت أمرا واقعا، وسواء دفع المركز ما عليه أم لا لن يهتم الطالب فما يريده هو المعلومة الدراسية، لذا فالأولى بالفعل تحصيل الضرائب منهم.

تقنين الأوضاع

أما «ص.د» ، مدرس أحياء، فيشير إلى أن القرار بالرغم من وضوحه إلا أن الهدف منه غير مفهوم، فكيف لمدرس أو لصاحب سنتر أن يذهب بنفسه لمصلحة الضرائب لفتح سجل ضريبى وهو يعلم أنه من الممكن فى لحظات أن يتم القبض عليه.

ويشير إلى أن المدرس لا يرغب فى الأساس فى إعطاء دروس لإنه إذا وجد فصلا دراسيا نظيفا وعددا مقبولا من الطلاب، بجانب مرتب مجز، سيوفر وقته ومجهوده لأسرته التى أصبح لا يراها كثيرا بسبب بحثه عن الرزق بين مجموعات الدروس الخصوصية، وهو أمر لا يعمله الكثيرون.

وأضاف أنه حتى لو قرر المدرس عدم العمل فى أى سنتر أو إعطاء درس خصوصي، فإن أولياء الأمور لن يرضوا بذلك لأن حصص المراكز أو المنزل أصبحت عادة وضرورة لديهم ولا يقتنعون بحصة المدرسة فقط خاصة فى ظل كورونا وعدم التزام الطلاب جميعهم فى الحضور.

ويؤكد مدرس الأحياء الذى فضل عدم ذكر اسمه، أن المدرسين جميعا لا مانع لديهم أن يدفعوا ضرائب مثلهم كغيرهم بشرط أن يتم التصالح معهم وأن يتم تقنين الدروس حتى إذا تم تغيير مسماها لانها لم تعد خصوصية، فالحضور تعدى ال 100 طالب فى المراكز، فهى الآن حصص مفتوحة وليست خاصة.

رؤية شاملة

أما خبراء الاقتصاد فكان هناك اختلاف فى الرأى حول أهمية هذا القرار فترى د. لميس العربي، مدرس الاقتصاد بالجامعة المصرية الصينية، أن هناك رؤية شاملة تتبعها الدولة حاليا تخص الشمول المالي، الذى تحاول من خلاله مؤسسات الدولة المختلفة أن تحدث عملية تضمين لكافة الأنشطة الاقتصادية غير الرسمية الموجودة داخل الدولة، وهذا بدوره يؤدى إلى قراءة المؤشرات الاقتصادية بشكل أفضل وأكثر جدوى.. وأضافت أن هذه العملية تؤدى إلى التعرف على النشاط الاقتصادى داخل الدولة والدخل القومى بشكل محدد، وهنا تظهر أهمية تضمين نشاط مثل الدروس الخصوصية لإن له تأثيرا كبيرا على هذه العملية، وأوضحت قائلة :» إذا نظرنا إلى عدد مراكز الدروس  الخصوصية فى كل منطقة وإلى عدد العمالة بداخلها وكم المكاسب التى  يربحها شهريا، فكل ذلك يفيد فى قياس المؤشرات الاقتصادية للدولة بشكل واضح وحقيقى و التى من ضمنها مؤشرات الدخل القومي».

بدون جدوى

على النقيض يرى د. إيهاب الدسوقي، رئيس قسم الاقتصاد فى أكاديمية السادات للعلوم الإدارية، أن هذا القرار يعد أحد القرارات الغريبة التى لا تتضح الجدوى من تطبيقه، مؤكدا أنه كيف يمكن أن يتم فرض ضريبة على نشاط ممنوع مزاولته وغير قانونى من الأساس.

وأشار إلى أنه حتى إذا التزم أصحاب مراكز الدروس الخصوصية بالتقدم لفتح ملف ضريبي، فهنا على وزارة المالية بعد تحصيل مبلغ الضريبة منه أن تقوم بالإبلاغ عنه لأنه ممارس غير قانوني، وبالتالى فالعملية غريبة شكلا ومضمونا، مؤكدا أن هذا القرار لن يجد مستجيبا له من أصحاب المراكز أو المدرسين لأنه لن يقوم بتسليم نفسه بيده، فهو على علم كبير بأنه مخالف، وبالتالى فهذا القرار غير ذى جدوى ولن يتم تحقيق أموال من ورائه بأى شكل من الأشكال.. وأضاف من جهة أخرى أن المدرس أو صاحب المركز فى حالة عدم تقدمه لفتح الملف الضريبى خلال شهر ، وفقا للقرار، سيكون على سبيل المثال متهربا، لكنه من الأساس مخالف بإعطائه الدروس الخصوصية، فمن الأولى ضبطه كمخالف للقانون قبل الحكم عليه بأنه متهرب.

من جانبه اشار الدكتور حمدى عرفة استاذ الادارة الحكومية والمحلية بكلية الادارة بالجامعة الدولية  استياءه من انتشار مراكز الدروس الخصوصية  التى تستنزف مليارات من جيوب الغلابة 

وأضاف عرفة بقوله : مراكز الدروس الخصوصية  تقتلع من جيوب المصريين ما يقرب من ٣٣ مليار جنيه سنويا فى ظل ان متوسط مرتبات المواطنين فى مصر تصل الى 2000 جنيه فقط حيث يوجد ما لايقل عن اكثر من١١٢٣٤   مركزا  للدروس الخصوصية منتشرين فى 27 محافظة حيث يصل متوسط دخل عدد كبير من هذه المراكز الى  30 مليون جنيه سنويا على الاقل وهناك بعض المناطق الراقية فى المدن الجديدة يصل الساعة بها الى ٢٥٠ جنيها  خلال مدة الدرس الخصوصى اليومى الذى يصل الى ساعتين وتصل فى المناطق الشعبية الى 50 جنيها مصريا حيث انه لابد من زيادة مرتبات المدرسين لكى يتم محاسبتهم على كل تقصير حيث ان مرتباتهم ضعيفة  وتتراوح فى المتوسط العام من  2000 جنيه مصرى ومديرى المدارس تصل مرتباتهم الى 2400 جنيه فقط بعد ان امضوا اكثر من 25 عاما فى الخدمة. 


مجرد تذكير

جاءت تصريحات سعيد فؤاد، مستشار رئيس مصلحة الضرائب، لتنهى هذا الجدل القائم، فقد تبين أن هذا الإعلان ليس بالجديد وأنه مطبق بالفعل وتم تحصيل الضرائب من هذه المراكز العام الماضى أيضا، فوفقا لما أكده فى تصريحات صحفية فإن هذا الإعلان ماهو إلا «إعلان تذكيرى»، مؤكدا أنه لم يتم استصدار قانون جديد لإلزام مراكز الدروس الخصوصية بفتح ملفات ضريبية، موضحًا أن القانون المطبق فعليًا يُلزمها بذلك، فيما كان الهدف من الإعلان هو تذكير تلك الجهات لعدم وقوعها تحت طائلة التهرب الضريبى.

وأشار فى تصريحاته إلى أن الحصيلة الضريبية لنشاط الدروس الخصوصية فى العام المالى الماضى بلغت 850 مليون جنيه، وأنه سيتم تطبيق الضريبة هذا العام بأثر رجعى حال اختيار الممول طريقة المحاسبة وفقًا لضريبة الأرباح التجارية والصناعية، أما إذا طلب الخضوع للضريبة كمشروعات صغيرة ومتوسطة فسيتم إعفاؤه من التطبيق بأثر رجعى، وتطبيق الضريبة من تاريخ إخطاره وذلك وفقًا لحجم إيرادات النشاط.

بداية الصفحة