كتاب وآراء

أثار دكرنس تعاني من خطر الإندثاروخاصة ' تل بله '

كتب في : الأربعاء 01 فبراير 2017 - 6:38 مساءً بقلم : حكيم حلاوة

الدولة ممثلة في وزارة الأثار تتعامل مع التلال الأثرية على انها (كوم تراب) يجب الخلاص منه بعد التنقيب
مدير هيئة أثار الدقهلية التل خاضع للوزارة وليس ملكاً للدولة ونحتاج لتغير القوانين والتشريعات لضم التلال والمناطق الأثرية لأملاك الدولة
المدير العام لإدارة الحفائر بالمجلس الأعلى للآثار التل ليس ملك المجلس الأعلى للآثار، وانما خاضع للمجلس، أى انه ملك لأهالى و يتم تنقيب داخل التل وتصفيته من الأثار قبل الاستغلال من قبل المالك طبقاً لقانون الأثار
يعتبر التراث الحضاري المعماري وغيره على اختلاف أنواعه وأشكاله مبعث فخر للأمم واعتزازها ودليلاً على عراقتها وأصالتها، ومعبّر عن الهوية الوطنية وصلة وصل بين الماضي والحاضر، ومن المؤسف أن يكون ذلك التراث عرضةً للضياع والهدم والتبديد، وبالتالي الاندثار والإهمال المتعمد الذي تسبب في تلفها وخرابها أو عن طريق التهرّيب إلى الخارج، واليوم نسعى من خلال هذا التحقيق الصحفي تصليط الضوء على تل اثري من اهم التلال الأثرية في منطقة الدلتا لإنقاذ ما تبقي من جسم التل الذي يعد شاهد على عدت حضارات هامة تصل حلقات التاريخ القديم بعضها ببعض .‏
يعد “تلة بله” الواقع على بعد 2 كيلومتر من مدينة دكرنس، والذي يشغل مساحة 22فدان هي كل ما تبقى من مساحتة الإجمالية التى كانت تصل الى 80 فدان في فترة زمنية ليست بالبعيدة، وذلك بعد أن اقتطعت الدولة لنفسها منه نحو 55 فدانا لبناء مؤسساتها الخدمية بعد التنقيب واستخراج أثار العاصمة القديمة لأقليم الدلتا، وذلك للنقص الحاد في أراضي أملاك الدولة، ولعدم وجود ظهير صحراوي للمدينة، وقد كان التل قبل اعتدائات الأهالي المستمرة، بستقطاع اجزاء من مساحتة، لبناء المنازل او لزيادة مساحة الأرض الزراعية، و بجانب التنقيب العشوائي عن الأثار من قبل اللصوص ونباشي القبور، عبارة عن متحف مصغر لتراكمات أكثر من عصر فرعوني ، ويظل هذا الصراع المحتدم حول أحقية الدولة والأفراد في ثرواة تاريخية لا تقدر بثمن .
معاينة الموقع علي الواقع تكشف حجم الخراب الحادث به الآن، أحجار أثرية متناثرة، بيوت تعدت علي التل، أطفال يلعبون الكرة بين حفر التنقيب، وآثار حفر غير احترافي بكل المساحات، دون سور يحرم الاقتراب، أو تواجد إداري لوزارة الآثار.

مدينة منديس وميناؤها الهام.
هنا كانت مدينة منديس الفرعونية التي تسمي بها فرع مندثر من نيل مصر،كانت منديس ميناء نهري في عصور الأسرات من 21 إلى 30 الفرعونية، حيث بدأت الكشوف الآثرية بالمنطقة منذ عام 1828، وقدكشفت آخر البعثات عن مدينة فرعونية كاملة، مناطق للسكن، وجبانتين للموتى، جرى إهمالها جميعاً، وتعرضت للتخريب العنيف خلال العصر الروماني واليوناني، وبقي منها حاضرا أربع مقابر كاملة بالجبانة الجنوبية، احتوت على حلي وفخار وتماثيل من البرونز والحجر وقطع من الحديد وإشارات لحملات انتقام أو حروب أهلية وثورات شعبية، حيث وجدت آثار مخازن للسلاح القديم و حالات مرض بالجذام بين رفات المومياوات الموجودة، كذلك عظام آدمية محروقة، فيما ضمت الجبانة الغربية مقابر عائلة مالكة، تضمنت تابوتا من الديوريت، مومياء ذات قناع وجه من التركواز، ومشغولات جنائزية.
احتوي الموقع ايضا بقايا معبد، يحمل اسم شاشناق الاول وكتل جرانيت محفور عليها اسم الاله بتاح الفرعوني وشتملت المكتشفات ايضاً تماثيل “لجحوتي”، و”أوزير”، و”الكوبرا”، برأس أدمية، وتماثيل من البرونز للتمساح، الذي كان ينشط في الفرع المنديسي.
وتؤكد الاكتشافات تبعية مدينة “رو -نفر” موضع تل “بله” إلى مدينة “منديس” من خلال كشف سمكة الدولفين “محيت”، رمز المقاطعة 16 ومركزها تل” الربع”، وكانت مدينة “رو -نفر”، المدينة التجارية التي ينقل منها احتياجات “منديس” من واردات، أو صادرات إبان العصر المتأخر؛ لوقوعها على الفرع المنديسي شمال تل” الربع”.
وكشفت أيضا اسفل المصطبة المشيدة من الطوب اللبن داخل المنطقة الأثرية عن مقبرتين من الحجر الجيرى على شكل تابوت الدفن ومغطيتان بألواح من الحجر الجيرى و أنه كشف بالمقبرة الأولى عن مومياء مغطاه بطبقة من الكارتوناج مطلى بالذهب عليها نصوص هيروغليفية من بينها خرطوش الملك (واح ايب رع باسماتيك الأول) وكانت المومياء فى حاله سيئة جدا، وذلك لتأثرها بارتفاع نسبة الرطوبة المحيطة بها والتى أدت إلى تفحمها كما تم العثور على 300 تمثال من الفيانس بعضها مكسور متاثرًا بالرطوبة عليها كتابات هيروغليفيه إلى جانب الكشف عن الأحشاء ملفوفه بلفائف كتانية موضوع فى منتصف الصندوق و أن المقبرة الثانية تحتوى أيضا على صندوق بداخله تماثيل بلغ عددها 286،من العصر المتأخر حيث عثر بها من قبل على آثار ترجع إلى عصر الأسرات من الأسرة 22 حتى الأسرة 26 ومازال العمل مستمر ببعثة مصرية تتبع وزارة الآثار وفريق أثرى متخصص من بينهم أخصائي ترميم ومتخصصون فى دراسة العظام.
أكد المدير العام لادارة الحفائر بالمجلس الأعلى للآثار ايمن عشماوي أن تل “بله” ليس ملك المجلس الأعلى للآثار، وانما خاضع للمجلس، أى انه ملك لأهالى و يتم تنقيب داخل التل وتصفيته من الأثار قبل الاستغلال من قبل المالك طبقاً لقانون الأثار، علماً بأن التل من اكثر التلال فى الدلتا التى تتم به الحفائر بصورة علمية منظمة وموثقة.
وأضاف ان الموقع الألكترونية أو الحملات المجتمعية غير ملمة بشكل دقيق وكافي بالمشاكل او النزاعات الشخصية حول التل مما يوقعها فى مغبة تدمير تل أثرى بدلاً من الحفاظ عليه فقد تم أستغلال بعض الحملات المجتمعية لمصالح شخصية وليس للحفاظ على الموقع الاثرى.
وتابع على الجميع ان يفهم الفرق بين الموقع الخاضع لوزارة الآثار والموقع المملوك للوزارة، لأنها سوف تفسر وتوضح الكثيرمن الحقائق، على انه تقصير او تهاون من قبل الوزارة فاستغلال اجزاء من الموقع يتم بعد اخلائه من الآثار و يتم تسليمة الى الأملاك الميرية وليس لمدي الملكية فهذة الامور يتم الفصل فيها في المحاكم والوزارة تتعامل مع الدولة وليس افراد.
قال محمد صلاح “محام”ان تل بله من أهم الأماكن الأثرية في منطقة الدلتا ويجب الحافظ علية من اي انتهكات او سرقة في ظل انتشار تجارة الأثار بشكل جنوني ومنع اي محاولات للتنقيب بشكل عشوائي من قبل اللصوص والتي تهدد سلامة بنيان التل واختفاء اجزاء كبيرة من المساحة المتبقية ولان طمس معالم التل تعد جريمة في حق التاريخ والاجيال القادمة .
وأشار الى ضرورة الاهتمام بجميع التلال الأثرية ،التي لا تعوض والموجودة داخل نطاق مركز دكرنس ، مثل تل” بله “الواقع على حدود المدينة وتل “البويب” الموجود في قرية المحمودية وتل “اشمون” الذي يتعرض لانتهاكات جثيمة من قبل اهالي قرية اشمون الرمان من بناء مقابر للأهالي القرية فوق جسم التل .
ويقول محمد العدل(اعمال حرة) عند زيارتي للتل في الأعياد وبلأخص عيد الربيع اشاهد انتهاكات واهمال رهيب من قبل الأهالي من صعود التل بالعربات والدراجات النارية والتكاتك وترك مخلفات الطعام فوق التل في غياب الرقابة من الجهات المسؤولة ما يسبب تدمير لاماكن التنقيب واختفاء وتأكل الحوائط اللبنية التي كانت من معالم التل في السابق .
ويضيف على الجهات المعنية والمسؤولة إنشاء سور يحيط بالتل من جميع الجوانب وتحديد مدخل واحد للصعود للتل مع اقامة بوابة حديدية لمنع اي متسلل من الدخول للحفاظ على ماتبقي من معالم أثرية .
خالد مصطفي (يعمل بالسياحة) يصف الأمر بالمهزلة ويقول عند زيارتي للتل لكي اتعرف على أثر من اهم الأثار التي توثق لتعاقب ثلاث حضارات تراكمت داخل هذا التل العجوز القابع في وسط الزراعات لم ارى اي شئ يدل على ان هذا الموقع أثري ، لقد كانت صدمتي كبيرة لم اتخيل حجم الاهمال والتقصير وقلة الوعي بهذا المكان الهام .
وأشار الى عدم وجود لوحة إرشادية توضح تاريخ التل والفترة الزمنية لوجودة ونبذة عن الحضارات المتعاقبة على المنطقة واهم الأثار المستخرجة من باطنه.
وطالب بوضع التل على الخريطة السياحية للمحافظة وتنظيم رحلات للطلاب مدارس دكرنس لمعرفت تاريخ المنطقة ،ووضع سياج لحمايت ما تبقي من التل واستغلاله في زيادة دخل المدينة عن طريق دفع رسوم لدخول المنطقة الأثرية مع وضع الكتل الحجرية وما تبقي من تماثيل في معرض زجاجي لحمايتها من العوامل الجوية .
ويرى أشرف العلامي (موظف)ضرورت الاهتمام بالمنطقة بشكل كامل وعمل حملات توعية من جانب وزارة الأثار، لأهالي قرية التل للحفاظ على ماتبقي منه ، واستغلاله في ايام العطلات والأعياد كمزار سياحي هام، والاستعانة بطلاب كلية الأثار والسياحة في إرشاد الزوار، وشرح تاريخ التل وما يحتوية من آثار هامة تعد شاهداً على تاريخ دول وممالك ازدهرت واندثرت لاسباب غير معلومة في هذة البقعة من الأرض،حيث ساهمت في تكوين حضارة ضخمة عاشت الاف السنين.
ويأكد علاء سعد (تاجر) ان الدولة ممثلة في وزارة الأثار تتعامل مع التل على انه “كوم تراب” على حد تعبيرة،يضيف وهي اكبر معتدي على المناطق الاثرية بدعو عدم وجود اراضي بور اواملاك دولة لأقامة مرافق وخدمات حكومية.
ومن جانبه قال سالم البغدادي مدير هيئة اثار الدقهلية أن التل خاضع لقانون حماية الآثار 117 لسنة 1983 وتعديلاتة بالقانون 3 ، 61 لسنة 2010 وقد صدر لة قرار وزارى بالإخضاع للآثار برقم 10 لسنة 1961 وجاء فى نص القرار الوزارى أن العقاري كامل مساحة التل مملوكة لورثة عبد المجيد البياع بعقد مسجل مشهر بسجل بالمنصورة سنة 1954 .
وأشار إلى أن وزارة الآثار ليست مسئولة عن الملكية إلإ أن القرار الوزارى رقم 10 لسنة 1961الصادر بضرورة إخضاع هذا التل لقانون حماية الآثار إعترف فى نصة أن هذا التل مملوك لعائلة عبد المجيد البياع ، علما بأن الآثار ليست طرف فى أى نزاع ينشب على الملكية ويقتصر دورنا على الجانب الآثرى والفنى، عندما يقرر مالك التل أو أحد ورثتة الإنتفاع بجزء من ملكة المسجل يتم عرض كامل مستنداته على ا لوزارة وبعد موافقتها تتم إجراء حفائر بالمسطح المراد إستغلالة، وذلك بناءاً على موافقات وقرارات الجهات الآعلى، وفى هذة الحالة لجنة قطاع الآثار المصرية فى الآراضى الخاضعة ، بينما فى الآراضى المملوكة للوزارة لا يتم إجراء أى حفائر إلا بموافقة اللجنة الدائمة للآثار ، وبعد دراسة متأنية.

وأضاف وبعد إنتهاء الحفائر على نفقة صاحب الأرض فى الأراضى الخاضعة تشكل لجان فنية عديدة لمعاينة الحفائر، والتأكد من أنها تمت على الوجة الأكمل وبأسلوب علمى، لتقرر بعدها على تسليم المسطح الذى تمت به الحفائر لمالك الأرض ، الذى نشترط علية عند الأستغلال أو التجريف بوجود أثرى أو أكثر لمراقبة عمليات الاستصلاح، وفى حالة وجود شبة أثرية فى موضع ما يتم رفع الأمر للقطاع لإعادة تنقيب الجزء المشكوك فية.

وقال ان كل الآثار المنقولة يتم تسجيلها فى سجلات خاصة وحفظها بمخازن الوزارة المؤمنة ألكترونياً وتحت الحراسة المسلحة على مدار الساعة ، والمئات من مكتشفات الدقهلية وخاصة تل “تبللة” تم إختيارها ونقلها فعلا للعرض فى المتحف المصرى الكبير بميت رهينة.

وأكد على عدم امكانية اى شخص او جماعة من الاقتراب من أى موقع بزمام محافظة الدقهلية حيث أن جميع المواقع يتم حراستها على مدار الساعة رغم أها جميعا وعددها نحو 27 موقعا أثريا مواقع مفتوحة ووسط الأراضى الزراعية وتتعرض لمخاطر جمة

بداية الصفحة