عالم

استطلاعات الرأي.. الناخب الأقوى في سباق 'البيت الأبيض'

كتب في : الجمعة 28 اكتوبر 2016 بقلم : نادر مجاهد

بالرغم من كون استطلاعات الرأي العام ليست جزءا من القواعد والقوانين التي تحكم الانتخابات، لكنها أضحت محركا للعملية الانتخابية في العقود الأخيرة، سواء كانت صادقة أو كاذبة.

 

وتطلع الاستطلاعات المرشحين السياسيين على صورتهم في عيون الأشخاص المستطلعة آراؤهم مقارنة بمنافسيهم، وعلى القضايا المهمة في أذهان الناخبين.

 

كما تجري وسائل الإعلام مثل الصحف وقنوات الأخبار، استطلاعات للرأي العام وتنشرها لإعطاء المواطنين فكرة عن وضع مرشحيهم المختارين، والقضايا والسياسات التي يتحمسون لها مقارنة بخيارات غيرهم.

 

وهيمنت منظمة أو منظمتان كبيرتان فقط منذ 50 عاما على استطلاعات الرأي العام. أما اليوم، في عصر الأخبار الفورية وشبكة الإنترنت وقنوات الأخبار على مدار الساعة، فإن مصادر متعددة تقدم نتائج استطلاعات الرأي العام بصورة منتظمة.

 

تاريخ استطلاعات الرأي

 

في عام 1824، شهدت الولايات المتحدة أول استطلاع سياسي وأجرته الجريدة المحلية في هاريسبيرغ بولاية بنسلفانيا. لكن الاستطلاعات المستقلة لم تصبح مصدرا لوسائل الإعلام في تغطيتها الإخبارية للحملات الانتخابية إلا في الثلاثينات من القرن الماضي، بحسب مكتب الإعلام الخارجي في وزارة الخارجية الأميركية.

 

وبحلول السبعينات من القرن الماضي، كانت دوائر الأخبار في شبكات التلفزيون الرئيسية الثلاث (أي بي سي، سي بي إس، إن بي سي) تقدم استطلاعاتها الخاصة حول الانتخابات الرئاسية، وبعد ذلك في انتخابات الولايات الهامة والكونغرس الأميركي.

 

وباتت معظم وسائل الإعلام منفردة أو باشتراك أكثر من وسيلة، تجري استطلاعات الرأي بصورة متكررة وقد تتعقب الرأي العام حول المرشحين والقضايا على أساس يومي أو أسبوعي، بحيث تكون حيادية ومستقلة.

 

استطلاع الخروج من الاقتراع

 

وتشكل استطلاعات رأي الناخبين الخارجين من الاقتراع  جزءا من الانتخابات الأميركية منذ سبعينات القرن الماضي.

 

وتعد نتائج استطلاعات الخروج أهم لحظة في العملية الانتخابية كونها أقرب مؤشر على تحديد الفائز قبل انتهاء فرز الأصوات وإعلان النتيجة بشكل رسمي.

 

نفوذ الاستطلاع

 

وتكمن سطوة وتأثير استطلاعات الرأي خلال الحملات التمهيدية بشكل كبير، فيمكن أن تؤدي نتائج استطلاع في تغيير قواعد دعم أحد المرشحين من جانب جماعات المصالح، فهم على أية حال لا يريدون دعم مرشح خاسر بل وقد تدفع مرشحين للانسحاب.

 

كما تؤثر الاستطلاعات على السلوك الانتخابي، فيمكن أن يتراخى الناخبين إذا اعتقدوا أن مرشحهم فائزا لا محالة، مما يؤثر على نسبة التصويت وقد ينتهي بفوز المرشح المنافس الذي حرص مؤيديه على الإدلاء بصوتهم لشعورهم بالخطر.

 

وقد حذرت المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون أنصارها من الثقة الزائدة بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي حفاظها على تقدمها الواضح على منافسها الجمهوري دونالد ترامب قبل أسبوعين على الانتخابات المقررة في الثامن من نوفمبر.

 

وفي المقابل، حاول المرشح دونالد ترامب من التقليل من الاستطلاعات والتشكيك فيها وفي الجهات القائمة عليها، ودعا أنصاره إلى التركيز على التصويت وعدم الالتفات للاستطلاعات التي تجرى عبر الهاتف.

نتائج صادقة؟

 

تواجه مصداقية الاستطلاعات تحديا كبيرا، فهي لا تعبر بدقة عن آراء الناخبين وإن كانت تعطي مؤشرات مهمة بشأن سير الانتخابات.

 

وأكبر مثال على عدم دقة الاستطلاعات هو ما حدث في الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين في ولاية ميتشغان في مارس الماضي، حين أجمعت كل استطلاعات الرأي على احتمال فوز كلينتون على منافسها بيرني ساندرز،  لكن العكس تماما ما حدث واكتسح ساندرز تمهيديات الولاية بفارق كبير.

 

وما زال الجدل دائرا في بريطانيا حول فشل استطلاعات الرأي في توقع نتيجة الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي، إذ كانت كل الاستطلاعات حتى اليوم السابق على يوم الاستفتاء تتوقع تقدما واضحا لمعسكر البقاء في الاتحاد الأوروبي على معسكر الخروج، لتأتي النتيجة عكس كل نتائج استطلاعات الرأي.

 

وتبرر كبرى الشركات في ذلك القطاع عدم دقة توقعاتها بعوامل خارجة عن إرادتها، إلا أن الوسائل الحديثة التي تلجأ إليها لتقليل التكاليف، مثل الهاتف والبريد الإلكتروني لها دور في ذلك الفشل لعدم دقتها، حسب ما يقول كثير من خبراء قياس الرأي العام.

 

والعدد الكبير للمستطلع أراءهم لا يقلل من هامش الخطأ، بل على العكس ربما يزيده إذا لم يكن ممثلا لكافة الشرائح المستهدفة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وجغرافيا.

بداية الصفحة