الأدب

بين الواقع والأسطورة والخيال

كتب في : الأربعاء 13 سبتمبر 2023 - 10:53 صباحاً بقلم : حنان فاروق العجمى

 

قد تأتي الأيام بما لا تشتهي الأنفس

وتأتي الرياح بما لا تأمل السفن

وخُرِقََت السفينة لتغرق لأمر يعلمه الله تعالى

"وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا"

كما ورد بالقرآن الكريم (الكهف:82) على لسان الخضر

وسيدنا الخضر عليه السلام الذي رافقه سيدنا موسى عليه السلام وتَعَلَّم منه... فكان الخضر رجل صالح عابد لله قبل أن يهبه الله العلوم الدنيوية وكان له كرامات منها أنه حين يجلس على أرض يابسة تخضر وتُزهِر

ورُوِيَ عن النبي "إنما سُميَ الخضر لأنه صلى على فروة بيضاء فاهتزت تحته خضراء "

لا تتعجب من أحوال وفتن الدنيا ولا تَقَلُّب وجوه البشر فكلها أقدار قد قدَّرها الله وله حكمة في ذلك وعلم الغيب عنده، يضع في طريقك حجرا لا لتتعثر به وإنما لينقذك من شيء آخر لا تعلمه إن كُنت قد تَخطَّيت هذه العثرة، لا تعلم من أي درب قد نجاك وحفظك، أو ربما قد ابتلاك ليختبرك، ويرى مدى صبرك وإيمانك ليجازيك بما صبرت عليه فاعقلها وتوكل واحتَسِب،

"واصبر لحُكم ربك فإنك بأعيننا وسبِّح بحمد ربك حين تقوم" [الطور:٤٨]

ومن ابتلاءات الله للبشر كثرة العواصف والزلازل والأعاصير والبراكين والظواهر الطبيعية التي تجعلك تتفكر في خلقه وعظمته فهو مَن قال للشيء كُن فيكون، قد يُرسل عاصفة مدمرة ربما برياح شديدة لتذروا الرياح بعضا من الآفات والفيروسات الضارة التي قد تودي بحياة الإنسان والحيوان والنبات على الأرض قد تكون أشد بأسًا من خطر الرياح نفسها وقد يرسل عاصفة أو إعصارا ما ليُنذر ويُحذِّر ويردع الإنسان عن المعاصي والعودة لتقوى الله سبحانه المُنزَّه عن كل نقص، فلا تغضب أيها الإنسان، ولا تظن أن الله بغافل عما يعمل الظالمون وأن مشيئته تعالى هي التي تُنَفَّذ

" إنه لا يُفلح الظالمون " [الأنعام:٢١]

باختلاف الظلم الواقع وظلم الإنسان لأخيه الإنسان والحروب البيولوجية والطمع، والجشع، وانتشار الفساد في الأرض والجرائم البشرية كالقتل واستباحة الأعراض، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي أسوأ استخدام لنشر الرذيلة والانحلال الأخلاقي عبر التطبيقات المستخدمة وكارثة الذكاء الاصطناعي واستغلاله بشكل غير مقبول وضار بمجتمعاتنا كافة وخلق شخصيات وهمية من شخصيات حقيقية وواقعية لكن بصورة مخالفة للواقع لبث مفاهيم ومبادئ لأصحاب المصالح للقضاء على المُثل العليا والأديان وحرب إبادة لكل ما يُفيد البشرية والرجوع لعصور الجهل والإظلام، ولكننا لا نغفل أيضًا الإيجابيات للذكاء الاصطناعي واستخدامه في مشكلات التغير المناخي التي تواجهنا وذلك مثلا بإمكانية معرفة أزمات التغذية التي تواجه بعض الدول الإفريقية قبل حدوثها لمُجابهتها كما أفادتنا الدكتورة "ميرسي لونغاهو " عالمة التغذية بأبحاثها في مجال سوء التغذية وهي من المشاكل المعاصرة التي تواجه أفريقيا

ونموذج آخر العالمة "كيتي أودتشي " التي ساهمت أبحاثها في مجال الكمبيوتر والجغرافيا في تطوير البنية التحتية ومواجهة التحديات البيئية والصيد الجائر في جنوب إفريقيا والحفاظ على البيئة

ومن حسنات الذكاء الاصطناعي أيضا استخدامه في مساعدة المكفوفين وفاقدي البصر عن طريق استخدام التجارب الصوتية ثلاثية الأبعاد ليستطيع كفيف البصر التعامل مع العالم الخارجي الذي لا يراه باستخدام بعض التطبيقات التي تمكنه من التفاعل مع كل ما هو حوله

وعلى الجانب السلبي تجد خطورة الذكاء الاصطناعي في خلق عالم افتراضي وإيجاد شريك حياة أو شريكة حياة افتراضية مما يهدد بمحاولة القضاء على البشر وإيجاد بدائل أخرى تهدد الحياة البشرية وتنهي العلاقات الإنسانية والسؤال المطروح هنا ماذا ستفعل أيها الإنسان مع هذا التطور التكنولوجي الرهيب وإيجابياته وسلبياته أهو خير أم شر ؟

وهل تستطيع معه صبرا ؟

في الواقع كل شر يكمن داخله بعض من الخير إن أعملت عقلك وتفكَرت في كيفية التعامل معه وعدم الاستسلام وكيفية تسخير الأوضاع لصالحك دون تعريض نفسك للهلاك والضرر، لسنا في عهد المعجزات والأنبياء والرسل ولكنهم تركوا لنا نبراس حياة ودروس ودستور ننهجه لنستطيع العيش في المستقبل الذي هو بيد الله، سعيك في الدنيا واجتهادك وجدك مكتوب عليك وثمرته النجاح إن استطعت توظيف ذكائك وحكمتك وعقلك في المكان والموضع والوقت المناسب فلا مطلوب منك التقوقع ولا الجمود الفكري ولا ينبغي عليك الجموح بأفكارك سعيا وراء المستحيل والمجون ولكن مطلوب منك الاعتدال والتَّدَبُّر والإيمان القوي بأن للوجود خالق وللكون قوانين خاصة وأنت مخلوق وجزء من هذا الكون يعلم ماهيته وصنعه الله فقط فأنت مُسَيَّر لمشيئة الله ومُخَيَّر في أفعالك وأقوالك لأنك علمت ورأيت ما كان من السابقين من خير وشر ورسالات سماوية وتعاليم لا تستطيع أن تحيد عنها ففي النهاية هناك حساب وثواب وعقاب فلم نُخلق عبثا ولم يرسل الله الأنبياء ابراهيم ونوح وداود وكل الرسل وخاتمهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بدون هدف وفائدة ولكن ليعلمنا أنه واحد أحد وبيده كل شيء ونحن عباده خلقنا للعبادة ولنُعمِّر الأرض لا لنُدمرها ونقضي على الآثار البشرية فيها.

بداية الصفحة