أخبار مصر

أهالي النوبة يهدّدون بـ 'تدويل ' قضيّتهم ضد الدولة

كتب في : الجمعة 09 ديسمبر 2016 بقلم : نادر مجاهد

قال موقع “المونيتور” الأمريكي إنه في تطوّر غير مسبوق لقضيّة أهالي النوبة والنزاع القائم مع الدولة لسنوات وعقود طويلة لإعادة توطينهم، دشّن عدد من الشباب والتكتّلات النوبيّة حملة تحت مسمّى “طرق الأبواب” بهدف جمع توقيع من جميع أهالي النوبة المقيمين في محافظة أسوان ومختلف محافظات الجمهوريّة لرفض إجراءات الحكومة في طرح أراضي النوبة بمنطقة توشكى للاستثمار، التي أعلنت عنها في 18 من أكتوبر الماضي، والبدء في اتّخاذ إجراءات قانونيّة لتدويل القضيّة واللّجوء إلى التحكيم الدوليّ، إذا استمرّت الحكومة في “تجاهلها” للنصّ الدستوريّ الذي يبيح عودتهم إلى أراضيهم وموطنهم الأصليّ مرّة أخرى.

وأشار الموقع، في تقرير له، إلى أن قضيّة أهالي النوبة تعود إلى عام 1964، عندما أغرقت مياه السدّ العالي أثناء بناؤه أكثر من 60 قرية نوبيّة، وقرّرت الحكومة آنذاك تهجير قرابة الـ135 ألف نوبيّ من قراهم، إلى صحراء جرداء بالمحافظة لا توجد بها زراعات أو أي سبل للمعيشة، على أن يعودوا إليها فور الإنتهاء من بناء السدّ. وظلّ حلم العودة إلى قراهم وموطنهم الأصليّ يطاردهم لعقود طويلة، إلى أن شرعت الحكومة في بيع أراضيهم للاستثمار المباشر. الأراضي تم تخصيص جزء منها للبيع للمزارعين المصريين، والجزء الآخر للمستثمرين المصريين والعرب والأجانب.

وطرحت الحكومة خلال الفترة الماضية، وتحديداً في 18 من أكتوبر الماضي، أراضي في منطقة توشكى، التي تقع ضمن مناطق حقّ العودة لأهالي النوبة طبقاً للمادة 236 من الدستور، للاستثمار المباشر والزراعة، ضمن المرحلة الأولى لمشروع المليون ونصف مليون فدّان الذي طرحه الرئيس عبد الفتاح السيسي.

ويأتي ذلك في الوقت، الذي أصدرت فيه هيئة مفوّضي الدولة في محكمة القضاء الإداريّ تقريراً قانونيّاً طالبت فيه برفض الدعوى القضائيّة رقم 35413 لسنة 68 قضائيّة، التي طالبت بإصدار حكم قضائيّ بإلزام الحكومة بإعداد قانون لإعادة توطين أهالي النوبة في قراهم القديمة على ضفاف بحيرة ناصر مرّة أخرى، ليحبط أيّ آمال تتعلّق بالعودة مرّة أخرى.

وفي خطوة تصعيديّة، قام الأهالي بتنظيم مسيرة حاشدة، في 5 من شهر نوفمبر 2016، تحت عنوان “قافلة العودة”، انطلقت من أسوان إلى منطقة توشكى، وقرّروا الإعتصام فيها إلى حين تنفيذ مطالبهم التي تتمثّل في تفعيل المادّة 236 من الدستور، وتوقّف الحكومة عن بيع أراضيهم للاستثمار.

وتنصّ المادّة 236 من الدستور المصريّ على وضع وتنفيذ خطّة للتنمية الإقتصاديّة والعمرانيّة الشاملة للمناطق الحدوديّة والمحرومة، ومنها مناطق النوبة، وأن تقوم الدولة بتنفيذ مشاريع تُعيد سكّان النوبة إلى مناطقهم الأصليّة وتنميتها بمشاركة سكّانها الأصليّين وتعمل الدولة على وضع وتنفيذ مشروعات تعيد سكان النوبة إلي مناطقهم الأصلية وتنميتها خلال عشر سنوات، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون.

وفي محاولة لتهدئة الأهالي وفض اعتصامهم توجه وفد برلماني مكون من 12 نائب، في 22 من الشهر ذاته، إلى مقر اعتصامهم بمنطقة توشكى بمحافظة أسوان، بهدف الإستماع إلى مطالبهم، ونقلها إلى السلطة التنفيذية ومحافظ أسوان، لحل هذه الأزمة المتفاقمة، ووقف عمليات التصعيد المستمرة .

وفي 30 من نوفمبر الماضي، التقى المهندس شريف اسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، وفد من الأهالي، والنائب ياسين عبد الصبور، عضو مجلس النواب عن محافظة أسوان، في محاولة لحل الأزمة، والتأكيد على الأولوية التي منحتها الدولة والرئيس السيسي لأهالي النوبة في تملك الأراضي والاستثمار في المناطق التي طرحتها الدولة ضمن مشروع المليون ونصف فدان .

وبعدها بأيام قليلة، وتحديداً 3 من شهر ديسمبر الجاري، تقدم الأهالي بمذكرة، تحمل مطالبهم، إلى الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، شرطاً لإنهاء الازمة، تتمثل في الوقف الفوري عن طرح كراسات الشروط الخاصة بمنطقة توشكى ضمن مشروع المليون ونصف فدان، وتفعيل المادة 236 من الدستور، وإصدار قانون إنشاء الهيئة العليا بإعادة توطين وتعمير وتنمية بلاد النوبة وإلغاء القرار الجمهوري رقم 444 لسنة 2014 الذي اعتبر 110 كيلومتراَ من أراضي النوبة منطقة عسكرية، بما يخالف الدستور .

وقال رئيس الإتّحاد النوبيّ العام السابق هاني يوسف في تصريحات صحافيّة، على هامش مؤتمر لقيادات النوبة “إذا استمرّت الحكومة في تجاهلها لنا، فلا خيار أمامنا في هذه الحال، إلاّ طريق واحدة، وهي التقاضي الدوليّ أمام المحكمة الدولية بإعتبارنا من الشعوب الأصيلة.”

ومن جهته، قال رئيس الإتّحاد النوبيّ عضو اللّجنة التنسيقيّة لقافلة العودة النوبيّة محمّد عزمي، في تصريحات خاصّة لـ”المونيتور”: “لم نترك باباً واحداً لتحقيق العدالة إلاّ وطرقناه، تعرّضنا للتمييز والاضطهاد، الحكومة هجّرتنا من أراضينا، أقمنا العشرات من الدعاوى القضائيّة، وعود كثيرة أخدناها ولم تنُفّذ، نظّمنا المئات من المظاهرات والمسيرات السلميّة، قدّمنا شكاوى إلى رئيس الجمهوريّة ورئيس الوزراء حتّى جاء دستور عام 2014، ليؤكّد حقّنا في العودة إلى أراضينا التي سلبت، ومع ذلك، تخالفه الحكومة وترفض تطبيقه ولا نعلم السبب، ولا نعلم أيضاً لماذا يتجاهل البرلمان الدستور، ويرفض إقرار قانون تنظيم العودة إلى أراضينا”.

أضاف: “لم تكتف الدولة بتجاهل الدستور، وإنّما انهالت القرارات التي تهدم نصّ الدستور، من بينها القرار الجمهوريّ رقم 444 الذي اعتبر جزءاً من أراضي النوبة - 110 كلم- منطقة عسكريّة، وهي منطقة نوبيّة تقع فيها 27 قرية، وتعدّ هذه المنطقة من أفضل المناطق النوبيّة، من حيث الزراعة، وهذا القرار يتعارض مع الدستور المصريّ الذي أباح لنا حقّ العودة إلى أراضينا، وطالبنا بإسقاط هذا القرار الجائر على حقوقنا.”

وأكّد محمّد عزمي في تصريحاته أنّ النوبيّين يرفضون الانفصال عن الدولة، وأنّ لجوءهم إلى تدويل القضيّة سيكون مع الدول التي عقدت مصر معها إتفاقيّات دوليّة، يقصد أن هناك اتفاقيات وقعت عليها مصر مع دول أخرى، تقتضي بمنع التمييز العنصري وأشكال التمييز المختلفة، مثل الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري التي وقعت عليها مصر عام 1965، معتبراً أنّ هذا الأمر لجأ إليه النوبيّون حتّى يحقّقوا العدالة، ويستردّوا حقوق الأقليّات التي ظلمتهم الدولة ورفضت الإعتراف بهم” .

وأختتم تصريحاته لـ”المونيتور قائلاً”: “عند انتهاء المهلة المحدّدة للحكومة، سنبدأ في تدويل القضيّة دوليّاً، أملاً في العودة إلى أراضينا التي هجّرتنا منها الحكومة”.

بداية الصفحة