كتاب وآراء
نطفه مولد النور في رجب

ولما أراد المولى جل وعلا أن يتم نوره العظيم ويصطفي خليله الحميم ، أمر جبرائيل الأمين أن يأتي بطينته المباركة الطاهرة من الروضة الشريفة المنورة ثم طاف بها جنات النعيم وغمسها في أنهار التنسيم ، فحل ما حل بالجنة من السرور والصفا وصار الماء كالعسل المصفى ، ثم وقف بها بين يدي المولى جل وعلا فسال منها عرق أطيب من المسك الأذفر وأعظم منه رائحة وأعطر ، فخلق الله من ذلك العرق نور كل نبي ورسول وولي فجميع الأنبياء الكرام نورهم من نور المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام .
اللهم صل وسلم وبارك عليه
ثم أودع النور البهي الساطع الجلي في ظهر سيدنا آدم عليه السلام وبه فضل على سائر العالم ، وأوصى الله تعالى آدم بالمحافظة عليه وألا يودعه إلا في أحب الخلق لديه ، وخرت الملائكة لآدم سجوداً إلا إبليس كان عنيداً ، فصار النور ينتقل من ظهور الآباء ذوي الكرامات إلى بطون الأمهات الطاهرات ، حتى وصل إلى الأبوين الكريمين القرشيين الشريفين عبد الله وآمنة الطاهرة ذوي المزايا الجليلة الفاخرة ، ولما آن الأوان وجاء الوقت وحان ، سطع نور المصطفى عليه السلام في وجه آمنة بنت الكرام ، ومن الإله عليها ووهب وحملت به في رجب .
اللهم صل وسلم وبارك عليه
وفي ليلة حمله جاد الرحمن بالمنة فأمر رضوان بفتح أبواب الجنة ، ونودي في السماء وصفاحها والأرض وبطاحها ، أن النور البهي الذي منه النبي ، يستقر الليلة في بطن أمه المؤمنة السيدة آمنة ، وكانت قريش في جدب وضيق من العيش ، فاخضرت الأرض وحملت الأشجار وابتهج الكون وازدادت الأنوار ، وأتاهم الرفد من كل مكان وأصبحوا في هناء واطمئنان ، وقد أنطق الله دوابهم ونكس سرر ملوك الدنيا وأصنامهم ، وهنأ ملكوت السموات والأرض بالبشارات وبسيد السادات ، ودخل النور إبتهاجاً بسيد الأكوان في كل مكان ، وقد عم الخير وزال الشر ، وأذن الله للشمس أن تزداد نوراً وللنساء أن يحملن ذكوراً ، وسميت هذه السنة بسنة الفتح والابتهاج لما أغدق الله من الخير والسرور والنور الوهاج ، وكان الحبيب يسبح الملك المعبود وهو في بطن أمه بين الأحشاء والجلود ، وأمه تستمع ذلك بأذنها وتحمد الله تعالى على ما وهبها .