ثقافه وفنون

السينما الإيرانية تسرق الأضواء في المهرجانات العالمية

كتب في : الأحد 15 فبراير 2015 بقلم : رشا الفضالى

وعرضت أيضا أفلام جديدة أخرى في مهرجان فجر السينمائي في طهران هذا الشهر.

وبالرغم من الضغوط التي مورست على صناعة السينما في ظل حكم الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، وبدء تراجعها تدريجيا، فإن الأفلام التي عرضت في هذين المهرجانين تتحدث بشكل مستفيض عن الوضع الحالي لصناعة السينما في إيران.

 

لقد منعت السلطات الإيرانية بناهي من ممارسة الإخراج لمدة عشرين عاما في عام 2010 بعد أن أعلن دعمه لمحتجي المعارضة عقب الانتخابات الرئاسية الإيرانية المتنازع عليها.

ورغم هذه القيود وحظر عرض أفلام بناهي في إيران، فإنه استمر في العمل سرا إذ تمكن من تهريب أفلامه لتصل إلى الجمهور في الخارج.

وصور بناهي آخر أفلامه "تاكسي" بكاميرا سرية داخل سيارة تاكسي، وقدم من خلالها رؤية ودراسة للحياة في إيران.

ومن الشائع الاستخدام المشترك لسيارات التاكسي كإحدى وسائل النقل العام في إيران، وكانت الأحاديث العابرة الي قد يتبادلها الغرباء داخلها واحدة من جوانب الحياة المتعارف عليها في طهران.

ترويعالعديد من الأفلام الأجنبية ضمن الأفلام التي تعرضها دور السينما الإيرانية، لكنها على الأرجح خضعت لمقص الرقيب والتحرير

في فيلمه الجديد، يستغل هذه الفرصة تماما.

وتلتقط الكاميرا السرية، التي وضعها بناهي في التاكسي، أحاديث الركاب من جميع فئات المجتمع إذ عبروا بشكل تلقائي عن آرائهم بشأن مجموعة من القضايا بدءا من عقوبة الإعدام والشريعة، وحتى سجن فتاة إثر محاولتها حضور مباراة الكرة الطائرة، مخصصة للرجال في طهران.

واحدة من آخر ركاب التاكسي، الذي كان يقوده بناهي بنفسه، كانت السيدة نسرين سوتوده وهي محامية في حقوق الإنسان وأم لطفلين، وأفرج عنها مؤخرا في منتصف فترة العقوبة الصادرة ضدها بالسجن 11 عاما.

ومنعت سوتوده أيضا من ممارسة المهنة، وأبلغت بناهي بأن السلطات تنوي على ما يبدو ترهيبهما معا.

وقالت: "يريدون منا أن نعرف أننا نخضع للرقابة، إنهم يجعلون أفضل أصدقائك ألد أعدائك".

ولم ينته الفيلم بعبارات الإشادة الختامية التي تصدر عن أبطاله من أجل حماية هويتهم إذ ظهر بيان على الشاشة يؤكد أن الأفلام التي تسمح بها السلطات المعنية هي الوحيدة التي تحتوي على عبارات إشادة للأبطال المشاركين فيها.

وتمثل هذه رسالة تحدي للسلطات التي منعت أيضا بناهي من مغادرة البلد أو التحدث لوسائل الإعلام.

ولم يشارك بناهي في فعاليات مهرجان برلين هذا العام، لكنه حاز على الجائزة الكبرى للمهرجان وهي "الدب الذهبي".

محامية حقوق الإنسان نسرين ستوده كانت واحدة من ركاب التاكسي الذي صور فيه بناهي فيلمه الحائز على جائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين

لكنه قال في بيان قبل وقت قصير من بدء المهرجان إنه سيواصل عمله في صناعة الأفلام مهما كان الثمن لأن ذلك يجعله "يشعر بأن الحياة تدب فيه".

وأكد بأنه "لا شيء يمكن أن يمنعني من صناعة الأفلام لأنه حينما أتعرض لأقصى أنواع الضغط، فإنني أتواصل مع قرارة نفسي. وفي هذه الفضاءات المغلقة وبالرغم من القيود، فإن ضرورة الإبداع تصبح أكثر من مجرد رغبة ملحة".

قضايا صادمة

وبالعودة إلى مسقط رأس بناهي في طهران، انتهت للتو أعمال مهرجان فجر السينمائي السنوي الذي يستمر عشرة أيام.

ويحظى هذا المهرجان، الذي يقام للاحتفال بذكرى الثورة الإسلامية عام 1979، بشعبية كبيرة في قائمة المناسبات الثقافية في طهران ويعرض أفلاما لمخرجين إيرانيين ودوليين.

ويجب أن تحصل جميع الأفلام المعروضة في المهرجان على موافقة الجهات الرقابية، ومنذ الثورة تُفرض قواعد صارمة على ما يمكن عرضه على الشاشة، ويجب على الممثلات ارتداء الحجاب ولا يمكنهن الغناء أو الرقص، ويمنع عرض مشاهد الحب والقضايا السياسية الحساسة.

وتخضع الأفلام الأجنبية للرقابة أيضا في إيران. وبإلقاء نظرة سريعة على قائمة الأفلام التي عرضت في طهران في فبراير/شباط يتبين أن دور السينما تعرض العديد من أفلام هوليوود الحالية من بينها "الصبا" و"فتاة غائبة" و"بين النجوم"، بل وحتى فيلم "المقابلة، لكنها جميعها على الأرجح حُذِفت منها المقاطع التي لا ترضى عنها السلطات قبل العرض.

وبالرغم من القيود المفروضة على صناعة السينما، فإنه ظهر في إيران بعض المخرجين العالميين خلال الثلاثين عاما الماضية، والعديد منهم كان ظهوره الأول في مهرجان "فجر" السينمائي، من بينهم عباس كياروستامي الحائز على العديد من الجوائز، وأصغر فرهادي الذي فاز بإحدى جوائز الأوسكار عن فيلم "الانفصال" عام 2012.

مهرجان فجر الإيراني في طهران يتمتع بشعبية جماهيرة كبيرة في إيران

المثير للدهشة، أن برنامج الأفلام السينمائية لهذا العام ناقش بعض القضايا الصادمة في إيران.

ويروي فيلم "عصر الجليد" للمخرج مصطفى كيايي قصة بائسة لإدمان المخدرات، وفي فيلم "اعترافات عقلي الخطير" يلقي المخرج هومان سيادي الضوء على مجموعة من الشباب الإيرانيين الذين يحاصرهم الاكتئاب والجريمة.

وهناك فيلم آخر طال انتظاره وهو "بيت الفتاة" للمخرج الإيراني شاهرام شاه-حسيني، ويبرز الفيلم الذي يضم فريقا مذهلا من الممثلين الشباب قضية شائكة وهي الضغوط التي تتعرض لها الفتيات في إيران في هذه الأيام، ويتطرق بصورة غير مباشرة إلى العذرية وممارسة الجنس قبل الزواج وزنا المحارم.

وأحد التطورات التي منحت بالتأكيد دفعة قوية لصناعة السينما الإيرانية كانت إعادة افتتاح "بيت السينما"، وهي النقابة الرئيسية المعنية بصناعة السينما في إيران.

أغلقت "دار السينما" لنحو عامين خلال عهد الرئيس السابق أحمدي نجاد، لكن سمح لها بالعمل مرة أخرى في عام 2013.

ويقول مراقبون إن هيئة "دار السينما" تساعد في تحسين جودة وانفتاح السينما الإيرانية.

لكن حتى المخرجين البارزين يواجهون مصاعب بل وأحيانا يواجهون المستحيل من أجل الحصول على موافقة الأجهزة الرقابية على أفلام تناقش قضايا مثيرة للجدل.

بداية الصفحة