الأدب

قراءة تحليلية في قصيدة 'لو ينطق الحجر ' للأديب والشاعر طه صلاح هيكل

كتب في : السبت 12 فبراير 2022 - 9:45 مساءً بقلم : حنان فاروق العجمى

 

لو ينطق الحجر

عبر آلاف السنين

لن ترسو على شاطئي

سوى زفرات من أنين

حروف تتوهج

ثم تخبو

فلا ترى

سوى سرابا في كل حين

ومعان

من مفردات خبت جذوتها

من عمق التوق للحنين

يضع يراعه على

أول سطر في القرطاس

يتألق بشتعل يتوهج

ثم يلوذ الصمت في سجنه رهين

فيرى السكون حوله

فجأة يتحول إلى صخب

ضجيج من الألم صلب لايلين

مكبل بالأغلال

حالة من اللاشيء

تنتاب التفكير الباكي الحزين

صمت مطبق بداخلي

يشجب يندد ولا يستل السكين

أرى خيوطا من أمل

سرعان ما تتلاشى

تطلب النجاة

فيصيبها الردى المتوغل

في الوتين

سكون بين صخب الوجود

وصراع داخل العقل

يحتوى الكون منذ آلاف السنين

نظرة تتمرد

في غيابات الجب

الكل يتصارع

مع ذاته

مع ذكرياته

مع ماضيه

وحاضره فلا يستكين

ينسى

أو يتناسى

لافرق يذكر

ورموز

يصرعها الهوى

ومسلّمات أضحت لعبة في يد الغلمان كحشرجة الشياطين

بعد أن كانوا

للعيان

للكيان

رموزا

ودواء وترياقا من الياسمين

الكل يسلم لليأس الكفن !

فلم يعد هذا القلب قلب إنسان،

ما أقساه كالحجر

ما نفعه الحذر

والآن الآن يحتضر

يسلم راية المثالية

ليلهو بين ماض من الجراح

وآت لم يلمع في عينه ضوء الصباح

هل ينتصر؟

أم يحتضر؟

أم يسدل الستار

ألا بئس القرين

ألا بئس القرين

طه هيكل

يستهل الشاعر قصيدته بذكاء لا نظير له بجملة

لو ينطق الحجر، وكأنه ترجي، وتمني شيء يصعب حدوثه فالجماد لا ينطق ، ولا يحرك ساكنا تعبيرا

عن حالة اليأس وزفرات الأنين القابعة داخل الصدر المصاب بالوهن واصفا لنا مشاعر إنسانية، وغضبة روح يكاد الحجر ينطق من هولها، وحزن عميق تنطق حروفه صارخة تكاد تعترف بصورة ماجن حانق، ولكنه خلف القضبان قابع مستكين

مشاعر ثورة داخلية يفور الدم كبركان داخل جبل صامت لا يتزحزح عن مكانه صمت مميت، واستسلام لقدر يعلن الهجوم، ولكن الحروف، والمفردات تقف أمامه عاجزة

لا تجرؤ على الحراك، ولا تستطيع إعلان الحرب حيث استخدم الشاعر تعبير" لا يستل السكين "

تعبيرا عن العجز عن ذبح الآلام، والتغلب عليها في مشهد تقديم القرابين من أجل الخلاص، وسرعان ما ينتقل الشاعر انتقالة سريعة، وكأنها عودة الروح من غيابات الجب، وبصيص من شعاع أمل كان يتمنى دوما إشراقه ليشُق ظلام ليله، والنجاة

من ليل بهيم، ولكن هيهات يصرخ العقل معلنا كفاك تمردا أيها الصامت قليل الحيلة

تُكبلك الذكريات، وتستسلم للأنات

ما عاد هناك مكان للرموز، والمبادئ، والمعتقدات كلها أوهام، وسادت أفعال الشياطين ويبقى صراع القلب، والعقل إلى أبد الآبدين، وتبقى الذنوب طالما سلمت لشر القرين، وينهي الشاعر قصيدته تعبيرا عن غضبه

بترديد ألا بئس القرين

ويسدل الستار على صراع لا نهاية له

بين ماض، وحاضر لا انتصار فيه لأي منهما، بل صمت مطبق كجاثوم على الصدر لا إفاقة منه

نص حزين يعبر عن الآلام الإنسانية، وأنين الروح

قدمت النقد التحليلي، والقراءة

الأديبة والشاعرة /حنان فاروق العجمي

بداية الصفحة