كتاب وآراء

جوازة وجنازة في الإجازة

كتب في : الجمعة 14 يوليو 2017 - 1:50 مساءً بقلم : مصطفي كمال الأمير

 

أثناء إجازة سريعة الي مصر قبل عامين حضَرت زفاف الأخت الصغيرة المقام علي ضفاف النيل بالقاهرة ورأيت الأقارب والمَعارف بعد سنوات طويلة من الغياب وبعد ظهورعلامَات الزمن علي الوُجوه وبعد أن كَبُر الصَغير وهَرِم الكبير، 
وقد شغلتهم هموم الدنيا وصراع الحياة عن الأصُول وصِلة الرَحم والتراحم

فهُم رُبمَا لايتقابلون إلا في المُناسبات حُزنا أو فرحا في موسم التزاوج والأفراح في نهاية الربيع وبداية الصيف 
ولذلك أسباب كثيرة منها نهاية السنة الدراسية للطلبة 
وعودة المغتربين بالخارج وأسباب أخري قديمة منها نهاية موسم الحصاد وبيع المحصول من القصب والأقطان والغِلال للفلاَح في مصر
التي هي بالأساس دولة زراعية تنتمي لحضارة النهر وكانت تعتمد علي فيضان النيل من كل عام لجَلب الطمي من أعالي النيل في بداية جديدة للربيع لخصوبة الأرض والأنسان والزمان 
وأن تحل عليهم البرَكة والرحمة لأنجاب ذرية صالحة الهدف الأساسي من الزواج لتأسيس الأسرة النواة الرئيسية للمجتمع في مناخ صحي مبني علي الثقة والأِحترام والمودة والرحمة وحفظ الأعراض والأنساب

وهنا لنا أن نتساءل عن فشل زيجات عديدة في مراحلها الأولي وأثناء الزواج وتنامي ظاهرة أرتفاع نسبة الطلاق السريع مبكرا بسبب تدخُل الأهل والجيران 
حتي زملاء العمل فيما لايعنيهم وتفشي وباء الجَهل وقلة الوعي بحقوق وواجبات الزوجين والمشاركة في المسئولية و ارتفاع سقف التوقعات والطموح عن الاحتياجات والقدرات الفعلية للزوجين
لاسيما للأشياء المظهرية والتفاخر والتباهي والتقليد الأعمي للآخرين بالأصرار علي صعود الجبَل بقفزة واحدة ضد طبيعة الأشياء بدلا من التدرج في النمو بأجهزة كمَالية للترفيه يمكن شراؤها عند الحاجة 
فأصبحت الأجيال والحياة الجديدة أكثر تعقيدا وذكاءا 
لكنها أقل طاعة ورضَا وقناعة بأرزاقنا وقبول بمبدأ التطوير وثقافة العِلم والعمل.

أَما الجنازة فكانت لأحد الأنساب وهو رجُل فاضِل أتم واجبه تماما تجاه أبناءه وأحفاده وقد حان وقت الرحيل بعد ما عاني من المرض العُضال طويلا
فَعذب وتعَذب وجاءني خبر وفاته أثناء وجودي بالمستشفي لعمل فحص شامل وتحاليل طبية ولله الحمد كانت كلها أيجابية عضويا 
لكن ضغوط الحياة والقلق والتوتر وارهاق النفس فوق أحتمالها 
أما المتوفي رحمَه الله فقد تمت أجراءات الغُسل وصلاة الجنازة والدفن سريعا.

وخلال ساعات ذهبنا الي المقابر لدفنه ورأيت جثمانه ملفوفا بالكفن الأبيض بعدما فاضت روحه فاستسلم لقدر الله للدخول في حياة البرزخ في ظلمة قبره فتأثرت بشدة وجالت بخاطري مشاعر وشجون لم أجدها عند الآخرين علي كثرتهم بعدما تحجرت قلوبنا وعقولنا في مصر وفشلت ثورتي 25 يناير2011 ثم 30 يونيو2013 في بناء أو أصلاح الأنسان المصري وضميره

بل زادت الأمر سوءا بعدما خرج المارد الشرير من قمقم الثورة
فلم يحقق الأماني الطيبة بل أخرج العفاريت الأخري من عِقالها

وهنا قصة تلخص الحكاية أنه أثناء سفر الأشقاء من مصر وأمريكا وأوروبا في السيارة بعد أن تعطلت بهم في الصحراء وتقطعَت بهم السبل 
وأثناء بحثهم عن الماء والمأوي عثروا علي المصباح السحري فخرج لهم المارد عارضا تحقيق أمانيهم بشرط أعطاء الشقيق ضِعف ماسأل أخوه واتفقوا جميعا علي ذلك

فبدأ الأوروبي طلب سيارة وثروة من المال ففعل المارد وأعطي أخاه الضِعف وذهبا فَرِحين 
وتلاه الأمريكي فطلب طائرة وثروة من المال ففعل المارد وأعطي أخيه أيضا الضِعف وذهبا سعداء 
ثم جاء المصري بعدما سأله المارد عن أمنيته فأخذ يفكِر مَليا وبعد تفكير عميق طالب المارد بغَباء بأن يفقأ أحدي عينيه !! حتي يكون أخيه أعمي تماما علي مبدأ أن الأعور في بلد العميان مَلِك

وهي قصة مُعبرة تدل علي مدي كُرهِنا وظلمنا لأنفسنا وهو سر بُؤسِنا وتخلُفنا عن الأمم الأخري وعلي عكس ما أمرنا به دين الأسلام (حِب لأخيك ماتحب لنفسِك ) 
مع مئات بل الآلاف من خُطب الجمعة والتي نسمعها في حياتنا ولانعمل بها أبداَ إلا قليلا 
ولاثبات أننا نجيد صُنع الأزمات والمشاكل ولا نجيد حَلها مع عِناد وجدل عقيم لتبرير واقعنا المرير والغير قابل للإصلاح حاليا حتي اشعار آخر 
فأنا بطبعي واقعي أميل للتفاؤل بحذر مع الأخذ بالأسباب المنطقية وقيام كل منا بدوره فِعلا بجدية بدون خِداع للنفس أو للغير 
لأننا ربما أصبحنا شعبا فرعونيا مستبدا يبحث ويحلم بالحاكم العادل

بداية الصفحة