كتاب وآراء

الدكتور محمد عبد الستارالوزير المخلص والعالم المقاوم الذي حارب التكفير وفضح التزييف بسوريا

كتب في : الاثنين 02 يناير 2017 - 11:42 مساءً بقلم : الفنان التشكيلي عيسى يعقوب

 

في كل الملمات والمصاعب والأهوال والأزمات التي يتعرض لها أي بلد عبر مراحل التاريخ دائماً تقع على عاتق العقلاء مهمة تنوير الناس بكل ما آتاهم الله من علم ومن هداية بحيث يرشدون الناس إلى طريق الصواب، فكيف إذا ما كانت هناك أزمة فكرية ألمت بأمة ما وامتطت عقول بعض أبنائها السذج والأغبياء أفكار بهيمية حيوانية شيطانية رمت بهم في متاهات ووديان جاهلية الجاهلية،.. بكل تأكيد هنا دور علماء الدين لا يقل فاعلية عن أي دور آخر في إرشاد النفوش وهداية العقول،.. وبالطبع أقصد هنا ما حدث على الساحة السورية من محاولة لنشر تطرف ديني ولأفكار غريبة لم تكن موجودة أساساً تدعو إلى القتل والتكفير والظلم والتهجير والسلب والنهب هذه الأفكار الخارجة تماماً عن كل الأديان ولا علاقة لها بحقيقة الدين الإسلامي الحنيف، ولا بمبادئه السمحاء التي تدعو إلى المحبة والتعاضد والتعاون،.. وبالطبع كان لعلمائنا الأجلاء في هذه الأزمة دور لا يمكن لأي متابع في هذا العالم إلا أن يشيد به.. لقد كان دوراً مقاوماً ليس بأقل من دور أي مجاهد ومناضل حقيقي في ساحة المعركة... وأنا من المتابعين جداً ولقد رأيت ما رأيت من استشرافات وأنوار العلامة الجليل سماحة الشيخ الشهيد الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي رحمه الله، ورأيت ما رأيت من استشرافات وأنوار سماحة المفتي العلامة الشيخ الجليل أحمد بدر الدين حسون أطال الله في عمره، إلى استشرافات وأنوار سماحة الشيخ الدكتور محمد عبد الستار السيد وزير الأوقاف أطال الله في عمره... كيف أثبتوا أنهم الجند الأوفياء للوطن ولقائد الوطن... وأثبتوا أنهم العلماء الأوفياء للدين الصحيح وللفكر الإسلامي الصحيح فكانوا الأفاضل حقاً وحقيقة بما قدموا وما فعلوا.. فنعم العلماء هم ونعم القادة للدين، ونعم القدوة لأمثالنا نحن الذين نمشي على هذه الأرض ببركتهم وببركة علمهم وبركة إرشادهم وهدايتهم، وإنني أنا العبد الفقير مهما وصفت مكانتهم لن أستطيع لأنهم أكبر وأعلى وأسمى من أن يكون لعبد فقير مثلي رأي بمثل هؤلاء العلماء الأجلاء الكبار... إلا أنني ومن مقامي كصاحب قلم وجدت أنه من واجبي أن أقول كلمة حق أعتقد أنها وأومن بأنها ستسجل لي بإذنه تعالى في اللوح المحفوظ يوم العرض الأكبر... وبهذا أكون قد أرضيت ضميري الإنساني والوطني والديني.. وقد خصصت تسليط الضوء في مقالتي هذه على جزء بسيط من تصريحات وأقوال سماحة الدكتور محمد عبد الستار السيد وزير الأوقاف في هذا الشأن حيث أكد في عدد من تصريحاته بأن تغلغل التطرف الإسلامي في المجتمع ليس تقصيراً من الوزارة في إرساء دعائم الإسلام الحقيقي وبأن الحديث عن الفكر الإسلامي وعن انعكاساته على المواطنين في أي بلد من البلدان العربية والإسلامية، لا يتعلق بعمل مؤسسة أو عمل وزارة، وإنما يتعلق بمجموعة من العوامل التي يكون من ضمنها عمل هذه المؤسسة، ولكن هي ليست كل العوامل المؤثرة في تكوين الوعي الديني في المجتمع.. موضحاً أن التطرف والغلوّ والتشدد موجود منذ حركة الخوارج، أي منذ ما يقارب 1400 عام، فما حدث على حد تعبيره هو فكري وتاريخي يتعلق بأمة ولا يتعلق ببلد بحد ذاته، ومع ذلك فإن وزارة الأوقاف والسادة العلماء، ومعاهدها الشرعية وأساتذتها بحسب تأكيده كانت لهم رؤية أكثر وضوحاً لحجم المؤامرة، وقاموا بدور كبير في سبيل منع انتشار هذه الأفكار القاتمة؛ فمنذ اللحظة الأولى للأزمة قام الخطيب الأول في سورية الشهيد العلامة البوطي رحمه الله، وكبـار العلماء في كل الخطب والمحاضرات والندوات، بإيضاح هذه الفتنة والمؤامرة التي تحاك على سورية... وقال إن لدينا ما بين 50 إلى 60 ألف داعية وخطيب مسجد، فإذا وجد لدينا 100 منهم مثلاً خرجوا عن صحيح الدين، كما حدث في بقية القطاعات ممن أغرتهم الأموال واشتريت ذممهم، والعلماء والخطباء فئة من فئات المجتمع يجري عليهم ما يجري على غيرهم من الناس، ويمكن أن يكون منهم من هو مرتبط بتنظيمات سياسية، وقد يكون هناك ارتباط بجماعة الإخوان المسلمين التي لها تاريخ دعوي أسود ودموي في سورية، فهذا لا يعني أن عمل الوزارة فاشل، كما أن هناك ناحية مهمة تفوت الكثيرين وهي أن السادة العلماء ليسوا موظفين، وإنما هم دعاة، يعتبرون أنفسهم أنهم يبلّغون رسالة.... وأشار إلى أن جامع العثمان شهد لقاءات مع الآلاف من الخطباء والداعيات في الدعوة الإسلامية العامة والنسائية، كلها كانت تقول كلمة الحق، وخلال الأزمة استشهد 63 خطيب جامع و3 مديري أوقاف، مشيراً إلى أن الخسارة الكبرى كانت بفقدان شهيد المحراب الدكتور البوطي، هذا كله كان بغرض إسكات الصوت الحقيقي للإسلام كما أنزله الله؛ موضحاً أن الأكثرية الساحقة من السادة العلماء والمشايخ إلى جانب الوطن، ولعبوا دوراً إيجابياً في فضح الأفكار السوداء التي أريد لها التغلغل في مجتمعنا... وبالنسبة لعمل الوزارة قال: لا يمكن القول إن أي مؤسسة أو أي إنسان أدى دوره على أتم وجه؛ لأن الوطن أغلى وأكبر من الجميع، طبعاً الوطن بحاجة دوماً إلى المزيد من العطاء والأمل، والدين له قدسية خاصة في نفوس الشعوب، وبالتحديد العرب، والعاطفة الدينية تلعب دوراً مهماً وكبيراً، وبالتالي نحن عندما قلنا إنها فتنة كنا نعني ما نقول؛ لأن ظاهر الفتنة غير حقيقتها، وهي غرّرت بقسمٍ من العوام، وضلّلتهم تحت هذه الأفكار المطروحة... موضحاً بأننا نخوض معركة كبيرة مع أشرس فكر غريب عرفه الإسلام وهو الفكر الوهابي المدعوم بأموال البترودولار، والذي تقف خلفه الولايات المتحدة الأمريكية والصهيونية العالمية، فبروز الخلل هو نتيجة المؤامرة، وليس هو الذي أدى إلى المؤامرة...

وقد أكد سماحة الدكتور السيد أكثر من مرة أن لعلماء الدين الدور الأكبر في محاربة الفكر التكفيري عبر مشروع فضيلة والمنظومة الأخلاقية وفقه الأزمة والوحدة واللحمة الوطنية ونشر الكلمة الطيبة والموعظة الحسنة بما يسهم في ترسيخ الأمن والاستقرار في الوطن... وأوضح أن علماء الدين لعبوا دوراً مهماً في الدعوة إلى وحدة الصف والإصلاح وتفويت الفرصة على المتآمرين على سورية من خلال الكلمة الطيبة والتوعية فكانوا درعاً حصيناً للوطن وأبنائه، مشيراً إلى أن رسالة المساجد هي رسالة محبة وعبادة والدعوة للدين الإسلامي الصحيح لا كما يفعل من يدعون الإسلام وهو منهم براء... موضحاً أن هناك من يخلط بين التدين والعلم بالدين وشتان بين التدين الذي يطالب به كل مؤمن وبين عالم الدين الذي هو علم اختصاص وله أهله ولذلك لا يصح لمدعي العلم أن يقوموا بالعمل الدعوي مشدداً على أن ممارسة العمل الدعوي لا بد أن تقتصر على أهل الاختصاص ممن تخرج في كلية الشريعة أو المعاهد الشرعية التابعة لمعهد الشام العالي للعلوم الإسلامية والمدارس والمؤسسات التعليمية الرسمية... ودعا من يدعون مكافحة الإرهاب والتطرف من الولايات المتحدة الأميركية والعالم الغربي وغيرهم إلى تغيير طريقتهم ووقف دعمهم لمدعي الإسلام تحت مظلات سياسية مختلفة والتي أدت إلى ظهور ما سمي الداعشية وغيرها من المتطرفين... مؤكداً أننا في سورية انتصرنا على المؤامرة ببطولة جيشنا العربي السوري وهمة علمائنا ولن يستطيع المتآمرون القضاء على عروبتنا وإسلامنا مهما استخدموا من عملاء يحملون فكر الخوارج وأشار إلى دور وزارة الأوقاف في تفعيل مشروع فضيلة والمنظومة الأخلاقية وفقه الأزمة للوقوف في مواجهة من يستهدفون وطننا وديننا الإسلامي الحنيف بالاختراق الفكري...

ولا بد هنا قبل الختام أن أذكر أن بالفعل وزارة الأوقاف وبإشراف سماحته أطلقت خلال أحد مؤتمراتها مشروع فضيلة الهادف إلى نشر الفضيلة بالكلمة الطيبة، كما وضعت أسس فقه الأزمة في مواجهة الفتنة والمنظومة الأخلاقية لتكريس القيم الوطنية.... وفي الختام لا من الإشارة إلى أن الدكتور محمد عبد الستار السيد هو من مواليد طرطوس عام 1958 حائز على إجازة في الاقتصاد والتجارة وشهادة الدكتوراه بالدراسات الإسلامية "أصول الفقه" من جامعة دمشق.. وقبل أن يكون وزيراً للأوقاف عمل مديراً لأوقاف محافظة طرطوس وبعدها مفتياً للمحافظة، ومن ثم معاوناً لوزير الأوقاف للشؤون الدينية، وله العديد من المؤلفات والدراسات الدينية وألقى العديد من المحاضرات الدينية والاجتماعية وشارك في الكثير من المؤتمرات الإسلامية.

[email protected]

00963947318103

بداية الصفحة