كتاب وآراء

احزان الصقور

كتب في : الأربعاء 05 يونيو 2019 - 12:32 صباحاً بقلم : صموئيل العشاي

الزحام الشديدة بطريق الاوستراد تسبب فى وصولنا حوالى الساعه الحادية عشر  والرابع مع ان العزاء ينتهى فى تمام الحادية عشر ، دخلت مهرولا ومعى صديقيا الدكتورمحمد صالح هاشم عميد التدريب بأكاديمية السادات و الصديق الدكتور مصطفي الشربينى امين حزب الحرية، فى الوقت الذى يهم الجميع بالانصراف، دلفت مباشرتا الى الفريق محىى الوسيمى صائد الجواسيس لاعزيه فى وفاة زوجته ورفيقة عمره وأم أولاده، تشرفت والتقيت الراحلة قبل عامين عندما ذهبت الى الوسيمى لمنزله بمناسبة عيد ميلاده، قدمت زوجته السيدة زينب الحامولي تورتة الآيس كريم ، ورغم انى مسكر ( عندى سكر ) ولكنى أكلت ما قدم لى، السيده الراحلة تصنعها كأمهر شيفات المحلات الكبرى، وشكرتها.

كنت خلال الشهريين الماضيين علمت من الصقر ان زوجته تم نقلها الى مستشفي وادى النيل وانها تتلقي العلاج بالعناية المركزة، كنت اقول له هولع لها شمعه بالكنيسة، يبتسم الصقر رغم ما به من اوجاع، الى ان فوچئت باتصال من وحيد المصرى يقول لى عزى الفريق، قلت له اوعا تقول  ( طنط ) ، لم أصدقه، سألته من قال لك اجاب انه اتصل بالفريق وهو الذي ابلغه بالخبر، كذبت الاتصال وعلى الفور بحثت على اسم الوسيمى واتصلت به، فجأنى منكسر وحزين وباكى، قلت له هل ما أخبرت به حقيقيا وتمنيت ان يقول لى ان المتصل لم يفهم كلامه وان رفيقة عمره لا تزال على قيد الحياة بالعناية المركزة و يحاول الطاقم الطبي علاجها.

أجابني الوسيمى بان قضاء الله قد نفذ وانه لا مفر من قضاءه، لم اعرف كيف اعزيه وما هى الجمل المناسبة مع شخصية بهذا الحجم، وماذا اقول لرجل دوخ اجهزة مخابرات خلفه، عجزت الكلمات وصمت، وقال لى عندما ياتى ابنى صلاح سوف يتوالى الترتيبات الخاصه بالدفن والجنازة والعزاء وحجز المسجد.

 سلمت على الصقر  فى مدخل قاعة الفردوس تلك القاعه التى حضرت فيها قبل ٦ أعوام جنازة اشهر مدير للمخابرات المصرية اللواء عمر سليمان، يا الله ست سنوات وفى رمضان توفي الاثنان ، سليمان فى بداية الشهر وزوجة الوسيمى مع ليلة القدر، نظرت الى الصقر لاعزيه ولكن هربت منى الكلمات، وتحجرت على شفتاى الحروف لم انطق سوى بجمله واحدة" ربنا يصبرك ".

نظر الصقر الي يمينه ابنه السفير صلاح الوسيمى، وقال له الصحفي صموئيل العشاي، رحب بى سيادة السفير بحرارة شديدة، ورحب بى اقراب رئيس الامن القومى اﻻسبق، قدمت لهم صديقاى الشربينى وهاشم ، وجلس ثلاثتنا.

فى احد الايام ًسألتنى زوجتى، عن فيلم إعدام ميت عندما قال ضابط المخابرات الاسرائيلي لضابط المخابرات المصرى، بلغ محىى الصراع لم ينتهى، قالت هل الفريق محيي هو ضابط المخابرات المصرية،  وقالت  قلت لها سوف اسأله، وفى اول اتصال هاتفي بيننا سالته فضحك وراوغنى كثيرا فى الإجابة، وبصعوبه وتحت إلحاح  قال لى " نعم فى الفيلم استخدموا الاسماء الحقيقيه، ولكنى لم أقم بالمهمه إنما زميل اخر "، ضحكت وقلت له هكذا ضباط المخابرات المصريه كلا ينسب عمله لزملاءه. لم التفت الى هذه الجملة ولكن زوجتى لاحظتها وهى التى لم تلتقي بالفريق الوسيمى سوى فى الكنيسة عندما حضر الفريق خصيصا  لصلاة الإكليل، وسلم على فى نهاية الفرح واخرج ظرف به مبلغ مالي كبير وقال لى " دى نقطتك يا عشاى "، يومها حضر اللواء نبيل صادق وكيل الجهاز وتلميذ الوسيمى على جهاز المشي لانه خرج من المستشفي من عمليه كبرى فى ساقيه وأصر على حضور فرحى. 

يا الله لم أجامل الفريق كما جاملنا وعندما تاتى المجاملة تكون فى موقف صعب كهذا، انت فقط يا الله من تستطيع ان تلهمه الصبر على رحيل رفيقة حياته ونجاحته، يا الله ذهبت إليك روح زوجته بعد ان كافحت معه فى رحلة الحياة، كان الوسيمى  يؤمن الوطن، وكانت هى تؤمن له يومه، وتربي له ابناءه، اى عبارات عزاء يا الله لن تفيد فى مصابه الجلل ولكنك انت فقط من تمسح الاحزان وتهب السلام والطمئنينه، عوضه يا ملك الكون على قدر حبه لمصر التى انت قلت انه مبارك شعبي مصر ، وادخلوها أمنيين، الرجل الذى قضي عمره يؤمن مصر .. فصبره على الفراق.

بداية الصفحة