أخبار مصر
الذكاء الاصطناعي في قلب مدارس مصر.. طموح الرئيس السيسي الذي حققته وزارة التربية والتعليم

قبل خمس سنوات من الآن، وتحديدا في شهر ديسمبر من عام 2021، كانت سعادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بالغة، عندما زار جامعة كفرالشيخ وتفقد كلية الذكاء الاصطناعي ووجد فيها شبانا وفتيات شغوفون بدراسة هذا المجال الجديد في التعليم المعاصر، وأعرب وقتها، عن آماله في أن يتم التوسع بدراسة الذكاء الاصطناعي كي تصبح مصر في قلب خريطة العالم المتقدم، وقال للشباب: "لا تترددوا في دراسة الذكاء الاصطناعي، لأنه المستقبل الحقيقي".
اليوم، وبعد خمس سنوات من حلم الرئيس، أصبح الذكاء الاصطناعي في قلب المنظومة التعليمية بالمدارس، متخطيا كونه مجرد كلمات توضع على استحياء في المناهج الدراسية بالصفوف المختلفة، بل صار مادة أساسية في المرحلة الثانوية، وجزءا من تركيبة المناهج، إما في صورة مفاهيم أو عبارات أو دروس أو تقنيات تُستخدم في العملية التعليمية شرحا ودراسة وتقييما، لينتقل الطلاب من مجرد القراءة عن الذكاء الاصطناعي، إلى دراسة واحتراف الذكاء الاصطناعي.
قرأ الوزير محمد عبداللطيف وزير التربية والتعليم، المشهد مبكرا، وتحرك نحو تحقيق أمنيات الرئيس وتكليفاته للحكومة.. وخلال فترة وجيزة، أصبح لدى مصر منظومة تعليمية لا ينقصها سوى التوسع في تطبيق الذكاء الاصطناعي من خلال شراكات تبادلية مع كبرى الدول المتقدمة في التعلم الرقمي، وأقوى نظم العالم في الذكاء الاصطناعي.
كانت اليابان هي المحطة الأساسية.. وبعد أن نجح الوزير محمد عبداللطيف في تمرير نظام البكالوريا داخل البرلمان، ووضع مادة الذكاء الاصطناعي كجزء من المرحلة التمهيدية في البكالوريا، تعاقد مع كبرى المؤسسات اليابانية (كويرو) لتوفير محتوى محترف يليق بما تحلم به الدولة المصرية لشبابها في المرحلة الثانوية بدراسة الذكاء الاصطناعي، وتحقق المراد، وأصبحت تلك التقنية جزءا من تركيبة نظام البكالوريا.
ليس هذا فحسب، بل إن الوزير عبداللطيف، قرر التعاون مع اليابان في ابتكار منهج رياضيات عالمي للصف الأول الابتدائي، ليكون نواة لتعليم الصغار في المراحل التعليمية التصاعدية، مبادئ ومفاهيم الذكاء الاصطناعي بمحتوى عالمي للرياضيات، خاصة وأن اليابان تحتل المرتبة الأولى عالميا في تقييم منهج الرياضيات، لتحصل مصر على تلك الميزة متخطية أقرانها في الإقليم والمنطقة.
حتى باقي الصفوف الدراسية الأخرى. لم تقف وزارة التعليم عاجزة، أمام تطعيم مناهجها بمفاهيم الذكاء الاصطناعي، تمهيدا لتدريس هذا العلم مستقبلا كمنهج مستقل، كي يكبر الصغار على أحدث ما وصل إليه العالم في الذكاء الاصطناعي، وبدلا من أن ينخرط الطلاب داخل كليات تقليدية، لا مستقبل لها، من الطبيعي أن تكون ميولهم نحو ما هو معاصر، مثل الرقمنة وعلوم البيانات والذكاء الاصطناعي وعلوم الفضاء والروبوتات.
الأكثر من ذلك. أن وزارة التربية والتعليم خلال حقبة الوزير محمد عبداللطيف، لا تخطط فقط لاقتصار هذا العلم على طلابها، بل توظيف الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في تحسين المنظومة التعليمية من خلال تسخير تقنيات متطورة لتصميم المحتوى التعليمي وتقديمه بأساليب تتناسب مع احتياجات الطلاب الفردية، وإن كانوا من ذوي الهمم الذين يضعهم الرئيس السيسي في مكانة استثنائية.
كما تخطط الوزارة لتوظيف الذكاء الاصطناعي في مساعدة المعلمين على الانتقال من الأساليب التقليدية المستخدمة داخل الصفوف الدراسية إلى تطبيق أساليب حديثة قائمة على تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ويظهر ذلك بشكل جلّي، في ما أقدمت عليه مديرية التربية والتعليم في الجيزة، وفق بيان رسمي صادر عنها، عندما قررت الاستفادة من تجربة مدارس الحسام المتكاملة التي كانت سباقة في توظيف الذكاء الاصطناعي في التحضير والتدريس والتقييم، وتقديم المحتوى التعليمي بشكل مبتكر، بعيدا عن التقليدية والحفظ والتلقين، خاصة بعد أن تقرر الاستعانة في هذه المدارس بكل ما يرتبط بالذكاء الاصطناعي في التدريس وتحضير الدروس وتحفيز الطلاب واستخراج نواتج تعلم مبتكرة ومحترفة لكل درس، وكانت النتيجة أن كل معلم يقدم الشرح لتلاميذه بطريقة سهلة وبسيطة وبشكل يضاهي ما هو مطبق في مدارس العالم المتقدم، وهي التجربة التي أعلنت مديرية الجيزة تعميمها على مدارس المحافظة.
هذا ما ينشده الوزير، وحققته بعض المدارس على الأرض، مثل الحسام التي ستعمم تجربتها على مدارس الجيزة، وما لم يكن يحدث ذلك، لولا أن هناك قيادة سياسية طموحة تأمل في أن يكون لدى مصر منظومة تعليمية محترفة، وليست منعزلة عن العالم، وما كان ليحدث أيضا لولا أن وزير التربية والتعليم شخصية متفتحة ولديها شجاعة التطبيق والتغيير وإرادة تحسين جودة التعليم واستحداث آليات معاصرة لتطبيق التقنيات الرقمية في ضوء الذكاء الاصطناعي، وتوظيفه قولا وفعلا، في المنظومة التعليمية.
والمفاجأة، أن الوزير محمد عبداللطيف يخطط فعليا، لتوظيف الذكاء الاصطناعي في ما هو أبعد من مجرد مناهج دراسية، بل إن هناك توجها لاستخدام التقنيات الحديثة في تقييم تحصيل الطلاب وتحليل نتائجهم بدقة مع تقديم توصيات تعليمية مخصصة تراعي الفروق الفردية للتلاميذ، وتحديث المناهج الدراسية بشكل سريع لتكون مواكبة للتطورات المتسارعة في المعلومات والمعرفة، كي لا تكون مصر منعزلة أو بعيدة عن ملاحقة العالم المتقدم.
والأكثر من ذلك، وتحقيقا لما هو أبعد من تنفيذ رؤية السيد الرئيس، فإن هناك توجها غير مسبوق داخل الوزارة، باستحداث منصات تعليمية مدعمة بالذكاء الاصطناعي، لتضرب المنصات الخصوصية في مقتل، وبدلا من أن يدفع الطلاب وأسرهم مبالغ مالية للتعلم بطريقة تقليدية، ستكون لدى الوزارة منصات مبتكرة بالذكاء الاصطناعي، للشرح والتوضيح والدردشة الآلية والتزود بالمعلومات الخاصة بكل درس، مع التقييم المستمر للطالب، متى احتاج إلى معرفة مستواه في درس، أو مادة، أو غير ذلك، المهم أن ينتقل من التعلم التقليدي إلى المعاصر، مما يعزز الحافز والحماس لدى الطلاب ويزيد من انخراطهم في التعلم، ويربطهم بشكل فعال بالذكاء الاصطناعي الآمن.
ولأن رؤية السيد الرئيس لم تقف عند حد الطلاب فقط، وشملت أيضا حلما خاصا بالمعلمين وإمكانياتهم، لم تغفل وزارة التعليم في عهد محمد عبداللطيف ذلك الطموح الرئاسي، وأصبحت تتحرك في مسارات عديدة، محلية ودولية، لتوفير تدريبات محترفة للمعلمين على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، لدعم إمكانياتهم وتوفير الوقت والجهد لهم، بما يجعلهم يركزون بشكل أكبر على التدريس وتقليل التركيز على الإدارة، بما يزيد إنتاجية المعلم عبر استكشاف أساليب جديدة ومبتكرة ودمجها في العملية التعليمية، وهو ما بدأ يتحقق فعليا في بعض المدارس فعليا.
وما يُعجّل من التوسع في تطبيق الذكاء الاصطناعي في التعليم المصري أن الوزير محمد عبداللطيف، يؤمن بكثرة التقييمات كأداة للوقوف على مستويات الطلاب وتحسين مهاراتهم، لذلك يرغب في استخدام الذكاء الاصطناعي تدريجيا لخلق تجارب تعليمية تفاعلية وجذابة، وبينها تسهيل عملية التقييم التي تُعتبر من أكثر العمليات استهلاكا للوقت في العملية التعليمية، ومع الذكاء الاصطناعي، يمكن إجراء الاختبارات والتقييمات بدقة وكفاءة عالية، مع تحليل البيانات التراكمية للتقييمات السابقة، مما يمنح المعلم رؤية شاملة حول أداء كل طالب ومدى تقدمه.
وأصبح الذكاء الاصطناعي في المدارس اليابانية، التي تأسست بعد زيارة السيد الرئيس إلى اليابان عام 2016، جزءا أساسيا من العملية التعليمية، من خلال تطبيق برنامج متخصص في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT) والبرمجة لطلاب الصفين الرابع والخامس الابتدائي بالمدارس المصرية اليابانية، ويستهدف تعلم أساسيات البرمجة بطريقة تطبيقية سهلة وممتعة، تساعد على ترسيخ الفهم والإبداع لدى الطلاب، ويبدأ تنفيذه اعتبارًا من العام الدراسي المقبل 2025/ 2026، فضلا عن إطلاق برنامج حديث لدعم مادة الرياضيات (SPL) لجميع طلاب المدارس المصرية اليابانية، والذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تحليل مستوى كل طالب بشكل فردي، مع تحديد نقاط القوة والضعف وتقديم دعم مخصص يضمن تحسين الأداء الأكاديمي بفاعلية.
تنسجم كل هذه الخطط والتوجهات التي تتحرك فيها وزارة التربية والتعليم، مع مستهدفات الدولة نحو التنمية المستدامة كأحد برامج رؤية مصر 2030، بما يجعلها رائدة عالميا في مجال الذكاء الاصطناعي، من خلال تمكين الطلاب من اكتساب مهارات نوعية تؤهلهم للتفاعل مع العصر الرقمي، وهو ما سبق وأكد عليه الرئيس السيسي، بحرصه على المضى قدما نحو التميز فى صناعة الذكاء الاصطناعى لكى تكون مصر منارة فى هذا المجال فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا ولتعزيز دورها كمساهم فاعل فى الساحة الدولية.
ولأن ما يعني كل أسرة مصرية، أن يكون لدى أولادها منظومة احترافية تضاهي ما هو مطبّق عالميا، فإن ما كان يطمح إليه السيد الرئيس أصبح واقعا، لأن مصر تستحق.. وبحكم أن وزارة التربية والتعليم أصبح لديها عداءً لكل ما هو تقليدي وقديم وعقيم، صار الذكاء الاصطناعي في المنظومة التعليمية المصرية أمرا واقعا لم تصل إليه بلدان عربية وإفريقية كانت يوما ما، تحتل مراتب متقدمة عن مصر في تصنيفات تعليمية عالمية، حتى صارت مصر تسبقها، بمناهج دولية، وتقنيات احترافية معاصرة، بإرادة قيادة سياسية طموحة، ووزارة تعليم غير تقليدية.