أخبار عاجلة

مصر توجه صفعة قوية 'للكونجرس' الأمريكي

كتب في : الجمعة 30 ديسمبر 2016 - 12:12 صباحاً بقلم : جمال مبروك محمد

على مدار عقود عانى الأقباط المصريون، كما عانت جميع الفئات المصرية، من الاضطهاد الناتج عن تراجع ثقافة التسامح والتعايش، واستغلال الأنظمة الحاكمة ورقة الفتن الطائفية لإلهاء الشعب عن أزماته، لذا أنشئت الهيئة القبطية الأمريكية في 1972، على أيدي ثلاثة من أقباط المهجر هم شوقي كراس وحكيم سرجيوس ود. رائف مرقص والمهندس أرميا لاوندي، للدفاع عن حقوق الأقباط المصريين المتعرضين للاضطهاد، وأصدرت الهيئة مجلة «الأقباط» التي توقف إصدارها بعد وفاة شوقي كراس أول رئيس للهيئة.

 

وكافحت الهيئة منذ انطلاقها، من خلال وسائل الإعلام الأمريكية المختلفة وتنظيم الندوات والتظاهرات، لتوصيل قضية الأقباط إلى العالم وتقف في وجه اضطهادهم، لكنها لم تدعُ يومًا إلى إسقاط الدولة أو تدخل أية جهة أجنبية لتحسين أوضاع الأقباط داخل مصر. وكذا لم يتخذ الأقباط داخل مصر هذا المنحى الذي لجأت إليه الكثير من الفئات المضطهدة الأخرى.

 

وفي عهد حكم الإخوان المسلمين، اعتذر الأنبا مرقس أسقف شبرا الخيمة ورئيس لجنة الإعلام بالكاتدرائية عن لقاء المرشحة الرئاسية السابقة هيلاري كلينتون في 2012، وقت أن كانت وزيرة للخارجية الأمريكية، اعتراضًا على تدخل الولايات المتحدة في الشأن الداخلي المصري ودعم الأحزاب الإسلامية، مثل «النور» السلفي و«الحرية والعدالة» الإخواني؛ وهو الموقف الذي رافقه فيه سياسيون مصريون أقباط.

 

وفي السنوات الأخيرة سعت الهيئة إلى اتخاذ موقف مناصر للدولة المصرية في أزماتها، في الوقت الذي تقف فيه الولايات المتحدة طرفًا ضالعًا في هذه الأزمات أحيانًا. ففي سبتمبر الماضي أصدر رئيس الهيئة عادل نجيب بيانًا باسمها يدعو جميع «المواطنين المصريين الشرفاء» في الولايات المتحدة إلى استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتجمع للترحيب به أمام فندق «بالاس هوتيل» بالعاصمة نيويورك، وكذلك أمام مبنى الأمم المتحدة حيث يلقي كلمته باسم مصر. وخصصت الهيئة حافلات لنقل المواطنين من أمام كنائس محددة للمشاركة في الترحيب بالرئيس ودعمه.

 

ومن جانبه انتقد نجيب المهاجمين لموقف الكنيسة الداعم للرئيس في تلك الزيارة، ورأى في تصريحات لصحيفة «وطني» القبطية أن هذه الزيارة تمثل مصر دوليًا، ولا يجب أن يتم استغلالها للهجوم على الرئيس المصري، لا سيما أن جماعة الإخوان المسلمين «تتلقى تمويلًا ضخمًا وتقوم بحشد كبير للإساءة لمصر»، كما ظهر في تظاهرات رفعت شعار رابعة الشهير للإخوان تزامنًا مع الزيارة.

ورغم اندلاع أزمات مدوية نالت من أقباط مصر قبل أيام من الزيارة، مثل حادث تجريد سيدة مسيحية من ملابسها في مشاجرة بالمنيا، وما وصفه نجيب بـ «ضعف تطبيق القانون» بهذا الشأن، إلا أنه رأى أن الوقت غير مناسب لإثارة تلك الأزمات «في مؤتمر يمثل اسم مصر ضد تيار إرهابى يسعى لإحراجها».

 

وأضاف نجيب للصحيفة أن الهيئة ستعقد مؤتمرًا اقتصاديًا قبل يوم من كلمة السيسي في الأمم المتحدة، في مدينة نيوجيرسي، يضم رجال أعمال مصريين وعددًا من رجال السياسة وأعضاء مجلس النواب المصري، لبحث كيفية تحسين الاقتصاد المصري وتشجيع الاستثمار، وإزالة المعوقات الداخلية والإجراءات الروتينية من أجل رفع الاقتصاد، والعمل على تنظيم رحلات لمصر تستهدف الوصول إلى مليون سائح مصري يعيش في الخارج.

 

ومع تحرك الهيئة في الولايات المتحدة انطلق وفد قبطي إنجيلي من القاهرة لدعم السيسي في نيويورك، وأصدر المكتب الإعلامي للطائفة الإنجيلية بمصر بيانًا أوضح فيه تواصله مع قيادات إنجيلية أمريكية رفيعة المستوى، لدعم مصر في تلك «المرحلة الدقيقة»، ووصلت إلى الدعوة لتخصيص الأحد الموافق وصول السيسي إلى الولايات المتحدة للصلاة من أجل نجاح الزيارة، ودعم مصر في شتى المجالات.

 

واستمر أقباط مصر في دعمهم للدولة أمام وفد أوروبي جاء في نوفمبر الماضي، وناقش مع الكنيسة الأرمينية آليات تجديد الخطاب الديني والتسامح والتعايش المشترك، وأكد الأب جبريل وكيل مطرانية الأرمن الكاثوليك بمصر أن الأرمن يعيشون بسلام بداخلها ويتمتعون بحقوقهم ويمارسون شعائرهم الدينية، وأن الكنيسة تتمتع بعلاقات طيبة مع رئيس الجمهور والدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر.

 

وأشار الأب جبريل في حديثه للوفد إلى أن مصر كانت من أولى الدول التي فتحت أبوابها لاستقبال الأرمن الهاربين من مذابح الإبادة الجماعية، التي استهدفتهم بها الدولة العثمانية في بدايات القرن الماضي، كما شهدت وصول الأرميني نوبار باشا إلى منصب وزير الدولة في عهد محمد علي، حيث كان الأرمن يشاركون في كافة مناحي الحياة.

 

ولم تهدأ التحديات التي من شأنها أن تشجع الأقباط على لاوقوف ضد الدولة والمطالبة بتدخل خارجي أو دعم من أية جهة، بعد تدمير وحرق أكثر من 70 كنيسة بعد فض اعتصاميْ الإخوان في ميدانيْ رابعة العدوية والنهضة، وحوادث الفتنة الطائفية الرافضة لتولي أقباط مناصب عليا كمديري مدارس، حتى استهداف الكنيسة البطرسية بتفجير دامٍ في ذكرى المولد النبوي الشريف، واختطاف الصيدلي أمير موريس إسحاق من قبل ملثمين مجهولين في أسيوط، وكتابة عبارات التهديد داخل بعض الكنائس مثل «هتموتوا يا مسيحيين».

 

ورغم ذلك رفضت الجهات القبطية المختلفة، بشكل قاطع، مشروع القانون الذي قدمه ديف تروت العضو الجمهوري بمجلس النواب الأمريكي «الكونجرس»، تحت اسم «قانون المساءلة المتعلق بالكنائس القبطي»، والذي يطالب وزير الخارجية الأمريكي بتقديم تقرير سنوي إلى الكونجرس بشأن جهود ترميم وإصلاح الممتلكات المسيحية التي تعرضت للإتلاف من قبل عناصر متطرفة في2013.

 

المشروع أشار إلى أن 78 كنيسة ومبنى مسيحي تابع لها تعرضوا للإتلاف، ووعد الرئيس السيسي بترميمها، فقامت المؤسسة العسكرية المصرية بترميم 26 منها، فيما تم ترميم 23 مبنى آخر من نفقات خاصة للمواطنين، بينما يبقى 29 مبنى بلا ترميم حتى الآن. وتمت مناقشة المشروع في الدورة 114 للكونجرس ثم إحالته إلى لجنة الشئون الخارجية به، ومن المتوقع مناقشته في يناير المقبل.

 

وأعلن رئيس الهيئة القبطية الأمريكية رفضه القاطع لهذا المشروع، مؤكدًا أن الأرقام الواردة به غير صحيحة، وأن الرئيس والقوات المسلحة قاموا بدور كبير في ترميم 90% من الكنائس المتعرضة للإتلاف، وجاري تشطيب المراحل الأخيرة بها لتسليمها في يناير. ورأى نجيب أنه «لا تفسير لمثل هذا المشروع فى هذا التوقيت، فى وقت تقوم فيه الدولة بعملها فى ترميم الكنائس».

 

واتخذ مجلس كنائس مصر نفس النهج في الرفض التام للمشروع، حيث أكد في بيانه أن «الوحدة الوطنية المصرية فوق كل اعتبار ولا نقبل المساس بها»، وأن الدولة تقوم بالدور المطلوب منها.

 

هدية الأقباط لمصر في عيد الميلاد.. «رفض مشروع الكونجرس» يكلل مواقفها الوطنية

بداية الصفحة