كتاب وآراء

مأساة الفتنة العربية وقميص عثمان

كتب في : الاثنين 19 ديسمبر 2016 - 7:39 صباحاً بقلم : مصطفي كمال الأمير

لم تكن القارة البيضاء العجوز أوروبا طوال تاريخها في سلام ورخاء وأتحاد كما هي الآن

 

كما لم تكن أمة العرب طوال تاريخها  بهذا العجز والتشرذم والفتنة كما هم اليوم

 وهي ليست صدفة بل نتيجة عمل وخطط خبيثة يجب التوقف عندها لدراستها لمعرفة الأسباب والنتائج .

في تاريخ أوروبا القديم وعلي أرضها تقاتلت شعوبها وقبائلها السلافية والجرمانية والأيبيرية والمجرية والفلاندرز وقبائل الغال بفرنسا والسيلتك وقبائل الفايكنج من الشمال وأيضا الأغريق والرومان

تقاتلوا جميعا في مراحل مختلفة في حروب دامية بدائية ووحشية

ثم خلال أزمنة عصور الظلام للعصور الوسطي في الدولة الدينية  ثم عصر النهضة بأِيطاليا وطبقة النبلاء ثم الثورة علي الملكية والدم الأزرق والجهل والخرافة

ثم أكتشاف الفحم والعالم الجديد في أمريكا وثورة البُخار والثورة الصناعية وأكتشاف الطاقة الجديدة من الكهرباء .البترول.القطار والسيارات ثم الطائرات ثم حرب هتلر لنقاء العرق الآري لألمانيا

وصولا لثورة المعلومات الرقمية وبعد تبلور الحضارة والفكر بوجوب وحتمبة الإتحاد تحت علم وعُملة واحدة مع السياسات المالية والخارجية برئاسة البلجيكي كلود يونكر الحاكم الرابع  لأوروبا وبعد أزالة ورفع الحدود بين دولها للعبور لمُستقبل الوحدة.

بينما نحن غارقين في الفتنة ونتقاتل في حروب مذهبية وقبلية وحدودية وضعها الإستعمار الأوروبي في بلادنا عند أحتلاله لها .

والآن ظهور هنري ليفي والأمريكي اليهودي برنارد لويس.بخرائط للتقسيم الجديد لبلادنا وبعدما ضيعنا فرصة الأتحاد العربي وحلم القومية العربية بعد الإستقلال وجلاء الأستعمار الأوروبي وبداية الإحتلال الإسرائيلي والأمريكي وموت القومية العربية بموت جمال عبد الناصر بعد هزيمة ونكسة1967بعدما تآمروا عليه لوأد وقتل الوحدة

 

فكما ذكرنا أن أوروبا لم تكن أبدا موحدة كما هي اليوم فكل دولها أما أحتُلت أوأِحتَلت بعضها البعض ولكنهم تناسوا مرارة الماضي القديم والجديد والحواجز الثقافية والدينية والسياسية ليصلوا للهدف الكبير بأنهاء آخر الحروب فيما بينهم بعد الحرب العالمية الثانية

 ثم مانراه اليوم من رخاء وأتحاد مايزيد عن 25 دولة أوروبية كنتيجة لبداية مُتدرِجة للأتحاد الأوروبي بعدد محدود من الدول المؤسسة له

مع انضمام وأستيعاب الأعضاء الجدد ماعدا تركيا؟ تم خروج بريطانيا مؤخراً في إشارة عكسية )

هذا الاتحاد يعمل

في منظومة جادة وصارمة يتم فيها تداول دوري سنويه للرئاسة بحسب الترتيب الأبجدي للدول بالأضافة الي الذراع العسكري للغرب حلف شمال الأطلسي المعروف بالناتو

وبعد تفكيك حلف وارسو للمعسكرالسوفيتي وتوحيد ألمانيا جارة سويسرا لتبقي المحايدة الوحيدة بأوروبا لمئات السنين وهي المحاطة بأكبر دولها ألمانيا فرنسا وأيطاليا

 

.أما المئات من باباوات الفاتيكان في روما وبعد مباركتهم للحروب الصليبية علي بلادنا في الشام وفلسطين ومصر وفشل الدولة الدينية بمحاكم التفتيش وصكوك الغفران

وأيضا فشل الصليب في توحيد أوروبا دينيا وسياسيا

بل توحدت أوروبا للمصالح السياسية والرؤية الثاقبة لساستهم ومفكريهم الوطنيين والمخلصين لبلادهم فقاموا ببنائها علي العلم والعدل والعمل والأنتاج ولتفاوت مقياس الغني في المجتمع البشري

 

فمثلا مجتمع البادية يقاس بعدد رؤوس الأبل والماشية ومجتمع الأقطاع بعدد الأفدنة والعبيد وجودة الأراضي ومجتمع النفط بعدد آبارالنفط ومجتمع الأنتاج بعدد المصانع

أما مجتمع العلم والحريّة والحضارة فالمقاييس في جودة الحياة للصحة والتعليم والبيئة والعدالة لحقوق الأنسان وعدد الجامعات والعلماء والفائزين بجائزة الفريد نوبل مخترع الديناميت وبعد أختراع الخوارزمي عالم الجبر لخانة الصفر وقعنا فيه نحن الآن وأصبحنا أمة الصفر الكبير!!

 

ومنا من يطالب بعودة الخلافة الأسلامية لحُكم عالمنا الإسلامي اليوم

وهو هدف نبيل ويدغدغ المشاعر لكنه غيرمتاح الآن واقعيا وعقليا ومشروط ببعثة نبينا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين مُجدداَ!!

وهنا السؤال من هو الخليفة الصالح المنتظر

وكيف سيتم أختياره وماهي مدة حكمه

وأين مقر دار الخلافة في قطر أو دمشق.بغداد.القاهرة أم مكة والمدينة

 

لماذ إذن لم يتولي شيخ الأزهر قيادة مصر خلال ألف عام منذ إنشائه لإعلان دولة الخلافة وتطبيق شرع الله كما يدعي تجار الذين والدم حالياً

والدليل أنهم يهدمون حصن الأزهر الذي لو فرضنا جدلاً قبولنا بمبايعة إمامه الأكبر خليفة للمسلمين فإن الإخوان والسلفيين سوف يكونا أول من يرفضونه ويعارضونه !!!

تاريخيا قام شيوخ الأزهر بمباركة القادة الغير مصريين لحكم مصر كما فعل العز بن عبد السلام مع الأفغاني محمود قطر المنتصر علي التتار في عين جَالُوت

كذلك أيضاً فعل الشيخ عمر مكرم مع العسكري الألباني محمد علي باشا

 

ولكي لاننسي فأن الصحابة الكرام (فما بالنا نحن) قد تقاتلوا لخلافهم حول من يصلح كخليفة للمسلمين بعد الخلافة الراشدة 30 سنة لسادتنا أبوبكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان بن عفان وعلي ابن ابي طالب

 وقتل الحسين في كربلاء بعد تولي أخيه الحسن الخلافة لعدة أشهر وبعد أغتيال الخلفاء الثلاثة  عمر بخنجر ابو لؤلؤة المجوسي ( مزاره في ايران ) ثم عثمان بعد الفتنة والثورة عليه ثم قتل " عبد الرحمن بن ملجم للخليفة الرابع والأخير علي بن ابي طالب

 

ثم ذبح الخليفة عبد الله بن الزبير في مكة وضرب الحجاج بن يوسف الثقفي الكعبة بالمنجنيق لتثبيت حكم معاوية وبنو أمية

حتي قيام ثم سقوط الدولة العباسية علي يد التتارالمغول منذ ثمانية قرون وأنتهاء الخلافة الأسلامية في 1258م ثم حكم الأتراك حتي 1917

ثم زرع شوكة أسرائيل في قلب وخاصرة العرب لأستنزاف وأعاقة أي وحدة عربية أسوة بباقي العالم كماتوحدت أمريكا بعد الحرب الأهلية فقد توحدت دول آسيا والأتحادالروسي وأمريكا اللاتينية فأنه لم يتوحد العرب بعد ؟

فمنا المفتي بالصلاة ثم الوضوء بعدها

 ويقرر بأنه علينا أن نشرب الهواء أو أن نتنفس الماء !!!

فأن وضع ألف نظرية أسهل من تطبيق نظرية واحدة علي أرض الواقع

وأسوأ مافي الأمر هو مرارة الأختيار بين رأسين أحداهما من حجرالجبس والثانية من الرز باللبن ااابيض

أي بين الإفراط والتفريط

وبعدما نجحت أوروبا في وضع النهاية السعيدة لشعوبها فشلنا نحن ونتخبط بنهايات مفتوحة لأسوأ الإحتمالات بخيارات قاسية ومؤلِمَة لتقرير المصير المريرلأيتام ولئام العرب ونفاق الأعراب بعدما كانوا أعزة كراما بالإسلام

والحل الوحيد الآن هوالإسراع فورا بالوحدة بمن حضرعربيا وأسلاميا بخطي قوية واثقة بالله وبأنفسنا كما أمُرنا وأعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا.

بداية الصفحة