ثقافه وفنون
الذكرى الـ30 لرحيل الشيخ إمام.. وقائع المغامرات والمقاومة مع «الفاجومي» وقصة حبه لصوت الشيخ محمد رفعت | فيديو

يوافق اليوم السبت 7 يونيو 2025 الذكرى الـ30 لرحيل الشيخ إمام عيسى، الذي اشتهر بلقب "مغني الشعب"، وقدم حالة خاصة بمصاحبة رفيق عمره الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم.
- ظاهرة نادرة
يُعد الشيخ إمام ظاهرة فنية وثقافية نادرة في التاريخ الفني العربي، فلم يسبق لموسيقي أو مغنٍ أن كرّس حياته وفنه للدفاع عن القضايا وعمّا يؤمن به، إلى الحد الذي فعله الشيخ إمام، الذي صنع ظاهرة فريدة خلال مسيرته.
ونستعرض أبرز محطات الشيخ إمام في ذكراه الـ٣٠
ولد الشيخ إمام، واسمه الحقيقي إمام محمد أحمد عيسى، في عام 1918، في قرية أبو النمرس بمحافظة الجيزة لأسرة فقيرة، وكان أول من يعيش لها من الذكور.
أصيب في السنة الأولى من عمره بالرمد، وفقد بصره بسبب الجهل واستعمال الوصفات البلدية في علاج عينيه.
في رصيده الفني غنى مجموعة من الأغاني تحولت لأيقونات، أشهرها "مصر يامه يا بهية"، و"يا مصر قومي وشدي الحيل"، و"يا فلسطينية والبندقاني رماكم"، و"جيفارا مات"، و"فاليري جيسكار ديستان"، و"رجعوا التلامذة"، و"حاحا"، و"تل الزعتر"، و"يا حبايبنا".
- البداية مع القرآن
اتجه الشيخ إمام في طفولته لتعلم القرآن الكريم، ثم احترف الإنشاد الديني.
أشتهر بالأغنيات السياسية، مثل "مصر يامه يا بهية"، و"يا مصر قومي وشدي الحيل"، و"يا فلسطينية والبندقاني رماكم"، و"جيفارا مات"، و"فاليري جيسكار ديستان"، و"رجعوا التلامذة"، و"حاحا"، و"تل الزعتر"، و"يا حبايبنا".
- استعادة سيرته في مئويته
رئيس جمعية "محبي الشيخ إمام"، سيد عنبة، قال في الاحتفال بمئوية ميلاد الشيخ إمام عيسى في معرض القاهرة الدولي للكتاب، منذ سنوات: "إن هذا الفنان الضرير أدى دوره نحو وطنه بما يفوق كثيراً المبصرين، وإنه جسّد صلابة وعناد الشعب المصري في مواجهة عثرات الزمان. فلم يمنعه فقد البصر من أن يكون مواطناً فاعلاً في الحياة، وأن يتخذ لنفسه أسلوبه الخاص في التلحين والغناء، منطلقاً من أرضيته الدينية الخصبة، حتى أصبح رائداً لما يمكن أن نسميه موسيقى الرأي وغناء الرأي. فقد بدأ الشيخ إمام حياته قارئًا، وتعلم المقامات الموسيقية على يد أستاذه الشيخ درويش الحريري، الذي احتضنه ورعاه مدة تقترب من 20 عاماً، ثم تعلم وأجاد العزف على العود، وأبدع من الألحان، عددًا وقيمةً، ما يضعه في مصاف كبار الملحنين. كما أنه أضاف إلى فن التلحين الكاريكاتيري والتلحين التراثي إضافات واضحة، ناهيك عن أنه تميز بقدرة هائلة على مسرحة الكلمات وأدائها بشكل يجعلها مجسدة للمعنى تمامًا".
وتقوم جمعية "محبي الشيخ إمام" بدور كبير في توثيق تراثه، وتهدف الجمعية إلى الحفاظ على التراث الموسيقي للشيخ إمام، كما تهتم به بوصفه قارئًا للقرآن الكريم. وقد قامت الجمعية برقمنة قراءاته المسجلة، كما تُعنى بالشيخ إمام بوصفه دارسًا للمقامات وملحنًا وصاحب إنتاج موسيقي مميز، وكونه النصف الفني من الثنائي الخالد مع الشاعر أحمد فؤاد نجم.
- سلسلة تلفزيونية ناجحة
وقدّم المخرج شريف المغازي سلسلة حلقات تليفزيونية وثائقية عن مسيرة حياة الشيخ إمام عيسى، منذ بداياته الأولى وحتى نهاية حياته. وقد حققت تلك السلسلة نجاحًا كبيرًا بعد أن استطاعت توثيق التراث المنسي لرفيق الفاجومي ومغني الشعب "إمام عيسى"، ونجحت في نقل أجواء حياته في "الغورية"، حيث عاش هناك في منزل سعد الموجي، ولحّن وقدم أجمل أغانيه.
- حب الشيخ محمد رفعت
حفظ "الشيخ إمام" القرآن الكريم على يد الشيخ عبد القادر ندا، رئيس الجمعية الشرعية بأبي النمرس، وكانت له ذاكرة قوية. وكان حلم والده أن يكون ابنه شيخاً له صيت، ولكن الفتى الصغير كان له رأي آخر، عندما جذبته نفسه إلى مواسم الأفراح والحج وسط الحريم، ليسمع غناءهن وأهازيجهن، فأصبح الشيخ إمام عيسى يمتلك أذناً موسيقية في وقت مبكر من حياته.
كان الشيخ إمام عيسى من محبي الاستماع للشيخ محمد رفعت، بعد أن تعلق قلبه بصوته. وفي إحدى زياراته لحى الغورية بوسط القاهرة، قابل مجموعة من أهالي قريته بالمصادفة، فأقام معهم لفترة وامتهن الإنشاد وتلاوة القرآن الكريم، قبل أن تلعب المصادفة لعبتها الكبرى معه مرة أخرى، عندما التقى بالشيخ درويش الحريري، أحد كبار علماء الموسيقى، وخطف الشيخ إمام قلب الحريري من اللحظة الأولى، ليقرر الرجل المخضرم أن يعلمه ويفتح له الطريق.
سار الشيخ إمام خلف الشيخ الحريري في كل جلسات الإنشاد والطرب، فبدأ اسمه يتردد بشدة، وعرفه كبار المطربين والمقرئين مثل الشيخ محمود صبح، والفنان زكريا أحمد.
التقى الشيخ إمام بزكريا أحمد في منتصف الثلاثينيات عن طريق الشيخ درويش الحريري، وكان ذلك اللقاء نقطة تحول في حياة الشيخ إمام، حيث استعان به الشيخ زكريا في حفظ الألحان الجديدة التي يقدمها لكوكب الشرق، واستشارته في نقاط الضعف بها، ليتحول الشيخ إمام إلى مستشار لزكريا أحمد. لكن الشيخ إمام بدأ في تسريب بعض الألحان الخاصة بأم كلثوم قبل أن تغنيها، وهو ما أغضب الشيخ زكريا أحمد، فقرر الاستغناء عنه. هذا ما دفع الشيخ إمام لتعلم العزف على العود بهدف أن يقوم بالتلحين.
- اللقاء مع الفاجومي
المحطة الفاصلة في حياة إمام عيسى جاءت في عام 1962، عندما التقى الشيخ إمام بأحمد فؤاد نجم، رفيق دربه وصديق أيامه التاريخي. بدأت شراكتهما الفنية بأغاني "أنا أتوب عن حبك أنا؟"، ثم "عشق الصبايا"، و"ساعة العصاري"، وهي الأغاني التي صنعت أولى خطواتهما على طريق الشهرة. توسعت فرقتهما لتضم عازف الإيقاع محمد علي، وأصبح الثلاثة يشكلون فرقة للتأليف والتلحين والغناء.
- الفاجومي والشيخ.. وحدة في الوجع والمقاومة
ربطت الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم علاقة روحية وفكرية نادرة، جمعت بين شاعر مشاكس لا يعترف بالخطوط الحمراء، ومغنٍ كرس صوته لقضايا الوطن والمهمشين. لم تكن العلاقة بينهما مجرد تعاون فني، بل كانت شراكة نضالية يومية، عانا فيها من السجن والملاحقة والمصادرة والمنع، لكنهما لم يتراجعا عن موقفيهما. كان كل منهما يتكئ على الآخر، فالكلمات الثائرة لنجم وجدت صداها الكامل في صوت الشيخ إمام، بينما لم يكن إمام ليغني إلا ما يؤمن به.
- حكاية لا تموت
بقيت ثنائية "الفاجومي والشيخ" حاضرة في الوجدان المصري والعربي، كأيقونة للحرية، ما زالت أغانيهما تردد في كل مكان ضد البربرية الصهيونية التي تحاصر الشعب الفلسطيني المقاوم، لتؤكد أن الكلمة يمكن أن تكون رصاصة، وأن اللحن يمكن أن يكون سلاح ضد الطغيان والبربرية، عاشا ببساطة، وماتا ببساطة، و تركا ميراثًا من الصدق والجرأة لا يُنسى، جعل منهما ذاكرة حية لحكاية شعب، ومقاومة أمة ضد العدوان.