الأدب

قصة قصيرة بعنوان'ابتسامة جدي'

كتب في : السبت 12 مارس 2022 - 12:01 صباحاً بقلم : حنان فاروق العجمي

 

اعتدتُ الاستيقاظ مبكرًا بالساعة السادسة صباحًا حيث يعلن نور الشمس الخافت عن بداية يوم جديد

أفتح النافذة بهدوء لأتنسم عبير زهور الياسمين المائلة على نافذتي لا تُطاوع غصنها كأنما تقترب لِتُقَبِّل خدي

على استحياء وتُلقي عليَّ تحية الصباح صباح الياسمين يا ياسمين

جدي هو مَنْ صَمَّم تسميتي بهذا الاسم فقد أحب كثيرًا طيلة حياته زراعة الزهور والنباتات

هو مَنْ قام بزراعة ياسمينتي السحرية ذات التحية الصباحية المُطلة عليها شرفة غرفتي

كان يقول لي دائمًا كلما سقيت الشجرة بحب سأبتسم لكِ من السماء وأكون سعيدًا ، وكلما كبرت الشجرة بالحب كبرت معها وازدانت حياتك بالأفراح واتسع قلبك ليَسع العالم كله

كلمات جدي خلاصة خبرات حياته التي عاش فيها مُتنقِّلًا يسافر برحلاته المكوكية بين البلدان فقد زار العديد من البلاد شغفه الشديد والعجيب للسفر لم ينته لآخر يوم من عمره ودعنا فيه مسافرًا إلى ماليزيا وهناك أصيب بنوبة قلبية وتوفي على إثرها ، كنت صغيرة بالثالثة من عمري ولكنني حزنت حزنًا شديدًا لِتَعلُّقي الشديد بِجدي الحبيب

كنا نجلس سويًّا لنلعب تحت شجرة الياسمين فيمسك يدي ويقطف لي زهرة ياسمين ويضعها بخصلات شعري ويبتسم ويقول لي ستكونين فتاة ناجحة بحياتك فأنت ذكية وقوية وكنت بمنتهى السعادة وقتها لما يقوله جدي لي ولكن لأنني فضولية بعض الشيء كنت أسأله وكيف تعلم يا جدي أني قوية ، وحينها قال لي :-

اصعدي على كتفي سأجعلك تتسلقين شجرة الياسمين فإن تشبثت بها جيدًا واستطعت الصعود دون أن تقعي وقتها ستعلمين أنك قوية ، هكذا كان يُحمسني ويشد من أزري ،وبالفعل صعدت فوق أكتافه ووضعت قدمي على جزع الشجرة واحتضنتها بذراعي حتى لا أقع كما قال لي جدي

حينها أدركت أني قوية وأستطيع فعل أي شيء إذا صممت وقمت بالتنفيذ

لم أنس يومًا كلمات جدي لي ولا ابتسامته المختفية تحت شواربه الوقورة وعيناه اللامعة الواثقة بي والداعمة

آهٍ يا جدي الحبيب لو كنت معي اليوم سأكون أسعد فتاة بالدنيا ، إنه يوم تخرجي من الجامعة طبيبة بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف ،سوف يستيقظ الجميع بعد قليل استعدادًا للذهاب لحفل تخرجي ، أبي ، وأمي، وإخوتي

كم أفتقدك يا جدي ليتك هنا معي ...لا لن أبكِ فأنا قوية كما قال لي جدي، وقد أصبحت طبيبة، ومسؤولة وهناك مَنْ يحتاجون مساعدتي ،لن أتوقف عن العناية بالشجرة سأُنفذ وصية جدي سأروي ياسمينتي وسنكبر كل يوم سويًّا

طرق على باب الغرفة ... أجابت ياسمين نعم نعم آتية

إنه صوت أمها خلف الباب تقول ....يا ياسمين أسرعي لتناول الفطور والاستعداد للذهاب لحفل التخرج الجميع بانتظارك على مائدة الإفطار يا حبيبتي

أجابت ياسمين نعم يا أمي الحبيبة سآتي على الفور

نظرت ياسمين إلى السماء ...إنه وجه جدها

شعرت بالفرح الشديد ونادت جدي جدي ....

اختفى وجه جدها من أمامها ونزلت الدموع على وجنتيها لتغرقهما

مسحت دموعها واتجهت نحو باب الغرفة لتفتحه وتذهب للإفطار فالجميع ينتظرها ،وكانت على يقين أن وجه جدها بابتسامته الحنونة لن يتركها مدى الحياة وسيظل يمدها بالدفء والقوة دائمًا

بقلم الأديبة/حنان فاروق العجمي

بداية الصفحة